الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضباب الحرب و وضوحها

شادي الشماوي

2022 / 4 / 8
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


بوب أفاكيان 1 أفريل 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 745 ، 4 أفريل 2022
https://revcom.us/en/bob_avakian/fog-war-clarity-war

" ضباب الحرب " تعبير يحيل على واقع أنّ في وضع الحرب ، تصبح الكثير من الأشياء ضبابيّة . بكلمات بسيطة ، عادة ما يغدو من العسير قول ما يحدث على وجه الضبط .
و في إرتباط بهذا يوجد واقع أنّ الحرب عقب إندلاعها تعرف ديناميكيّة خاصة : الأشياء لا تسير على النحو الذى فجّر فيه الناس حربا ، أو يمسون معنيّين بها ، تنتظر أن تسير . و لهذا معنى ثقيلا في الحرب الراهنة في أوكرانيا وهي حرب لا تعنى أوكرانيا و روسيا فحسب و إنّما كذلك التحالف الإمبريالي ( حلف شمال الأطلسي – الناتو / NATO) الذى تتراّسه
الولايات المتّحدة في " حرب بالوكالة " مع روسيا – مقدّمة كمّية ضخمة من الأسلحة إلى أوكرانيا و خائضة حربا إقتصاديّة ( في شكل " عقوبات " ) ضد روسيا بينما ترفع من " الجاهزيّة " العسكريّة لبلدان الحلف و خاصة منها البلدان التي لها حدود أو هي قريبة من روسيا .
و يعنى هذا وجود خطر حقيقيذّ جدّا – عمدا أم عن غير قصد من هذا الجانب أو ذاك أو من الجانبين – و يمكن لهذا أن يُفضى مباشرة إلى حرب بين روسيا و الولايات المتّحدة / الناتو ، و هذا بدوره يمكن أن يشمل الأسلحة النوويّة حتّى على نطاق سيهدّد البشر أنفسهم في وجودهم عبر العالم .
و هذا سبب وجيه للماذا غزو روسيا ليس فقط عملا عدوانيّا إمبرياليّا غير عادل و إنّما هو أيضا يمثّل خطرا كبيرا و يحمل في ثناياه إمكانيّة تدميريّة واسعة النطاق ، حتّى ابعد من الدمار و العذابات الكبرى التي فرضها بعدُ على أوكرانيا و شعبها. و لهذا تحرّكات تصعيديّة في مشاركة الولايات المتّحدة / الناتو ، و نداءات بالمواجهة العسكريّة المباشرة مع القوّأت الروسيّة ترفع بقدر كبير منسوب هذا الخطر .
و يؤكّد هذا على أهمّية التوجّه الذى شدّدت عليه من بداية هذه الحرب :
" ما يتعيّن علينا الدعوة إليه و بشكل ملحّ الآن ، هو معارضة كلّ المجرمين الإمبرياليّين و قتلة الجماهير الشعبيّة و كلّ الأنظمة و العلاقات الإضطهاديّة و الإستغلاليّة بينما نشدّد تشديدا خاصا على معارضة مضطهِدينا " الخاصّين " الإمبرياليّين الذين يرتكبون جرائما وحشيّة " بإسمنا " و يبحثون عن توحيدنا لدعمهم على أساس الشوفينيّة الأمريكيّة الفجّة التي ينبغي علينا أن نلفظها نبذا صارما و أن نناضل ضدّها نضالا شرسا . " (1)
خدعة ما يسمّى ب " حرّية الصحافة " :
و هناك أيضا طريقة توضّح بها الحرب الأمور – بما في ذلك واقع أنّ الحرب تدفع الناس إلى التصرّف بطرق تجعل واضحة للغاية ما هي نظرتهم و ما هي قيمهم و أين يقفون في علاقة بالقوى و العلاقات الكبرى في المجتمع و العالم .
و من التعبيرات المذهلة أكثر لهذا هي كيفيّة أنّ هذه الحرب و مشاركة الولايات المتّحدة فيها . فلقد كشفت هذه الحرب حتّى بشكل واضح كيف أنّ ما يسمّى ب " حريّة الصحافة " في هذه البلاد ليست شيئا أكثر من أداة دعاية للطبقة الرأسماليّة – الإمبرياليّة . و بوجه خاص ، " وسائل الإعلام السائدة " ( مثل السى أن أن ، أم أس أن بى سى ، النيويورك تايمز ، الواشنطن بوست ) قد بيّنت أنّها قادرة على بثّ بلا توقّف لكلّ فكرة بفظاظة وسائل الإعلام الروسيّة التي يندّدون بها بإستمرار . و بيّن " الصحفيّون " المستخدمون من قبل " وسائل الإعلام السائدة " الأمريكيّة لتغطية الحرب في أوكرانيا و التعليق عليها ، أنّها ليست أكثر من خادمة و مستأجرة متلهّفة و قراصنة و عملاء و ببّغاوات الطبقة الحاكمة . راجعوا بهذا الصدد إلى أيّ حدّ هؤلاء " الصحفيّين " و ما يضمّنونه في " تقاريرهم " يستخدمون تعابير مثل " مصالحنا " و " حلفاؤنا " و " جيشنا " و ما إلى ذلك ، و لا يفصلون مطلقا بينهم و بين الطبقة الحاكمة و حكومة هذه البلاد . و ستعثرون على الكثير الكثير من " حرّية الصحافة " " المستقلّة " و التي ليست مجرّد أداة بيد القوى الحاكمة للبلاد !
و كما وقعت الإشارة إلى ذلك في مقالات على موقع أنترنت revcom. us ، تثار هذه المسألة الآن و بحدّة : أين كانت
هذه " الصحافة الحرّة " عندما غزت الولايات المتّحدة العراق سنة 2003 – وهي جريمة حرب عالميّة " مبرّرة " بكذبة رسميّة بأنّ العراق يملك " أسلحة دمار شامل " و كان متحالفا مع الإرهابيّين الأصوليّين الإسلاميّين مثل القاعدة ؟
دعونى أخبركم أين كانت " الصحافة الحرّة " : كانت تماما إلى جانب الولايات المتّحدة مكرّرة بلا توقّف تلك الكذبة و مهاجمة من فضحوها على أنّها كذب صريح .
أو أين هو الفقضح و الغضب المستمرّين في أعمال هذه " الصحافة الحرّة " الآن بشأن التدمير الرهيب الذى تواصل العربيّة السعودية إقترافه باليمن ، تدمير و موت كبيرين ضحيّتهما خاصة الأطفال ضمن مئات الآلاف من الضحايا الآخرين – بدعم مستمرّ و بأسلحة من الولايات المتّحدة ؟
و مجدّدا ، سأخبركم أين كانت : غاب كلّيا التنديد و الغضب المستمرّين عن أعمال هذه " الصحافة الحرّة " (2).
و كلّ من يحاول فهم الدوافع العمليّة للحرب في أوكرانيا و الأسباب الأعمق و المصالح الأساسيّة التي تدفع القوى على الجانبين المتعارضين – و مقابل ذلك ، ما هي مصالح الجماهير الشعبيّة و ليس فقط البلدان المعنيّة بل في العالم ككلّ – لن يجد ضالته و لن يتوصّل إلى الفهم المطلوب و بدلا من ذلك ، سيحيد الناس عن هذا الفهم جرّاء ما تبثّه وسائل الإعلام " المستقلّة " هذه .
مجدّدا ، إفتضاح الوجه البشع لعدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين :
الحقيقة الجليّة هي أيضا أنّ هذه الحرب قد كشفت أنّ عددا كبيرا جدّا من الليبراليّين و التقدّميّين في هذه البلاد قادرين على أن يكونوا حقّا مقرفين – شوفينيّين أمريكان واثقين بأنفسهم بلا خجل و مساندين و مبرّرين أفعال إمبرياليّت" هم " ؛ متّحدين بغفلة وراء الطبقة الحاكمة لهذه البلاد في نزاعها مع الإمبرياليّة الروسيّة .
و مردّ تصرّف عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين على هذا النحو يمكن أن يوضع ببساطة ، حتّى و إن كان تحليل أعمق لهذا مهمّ أيضا . الواقع البسيط هو أنّ هؤلاء الليبراليّين و التقدّميّين " يتغذّون " من إستغلال الإمبرياليّة الأمريكيّة و منتهى إستغلالها لشعوب العالم ، لا سيما ما يسمّى بالعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ). و مثلما أشرت إلى ذلك آنفا :
" في عدد من أعمالى و عدد من الأعمال الأخرى المنشورة على موقع أنترنت revcom.us بما فيها ورقات بحثيّة لريموند لوتا – " غنائم " " الطفيليّة الإمبرياليّة " يقع تفحّصها : الطريقة التي يقع بها منتهى الإستغلال المفترس لمليارات البشر بمن فيهم أكثر من 150 مليون طفل عبر العالم و خاصة العالم الثالث تمكّن من " مستوى عيش " معيّن و سيرورة إستهلاك بالنسبة للناس في هذه البلاد حتّى و هذه " الغنائم " يتمّ تقاسمها بصورة غير متساوية إلى أقصى الحدود .
و صحيح أيضا – و كذلك من المهمّ تناوله بالحديث – هو البعد السياسي لهذا : الطريقة التي يوفّر بها النهب الإمبريالي الأساسي المادي إستقرارا معيّنا على الأقلّ " في الأوقات العاديّة " في " البلد الوطن " الإمبريالي ( بالولايات المتّحدة كمثال أوّل لهذا ) . و هذا الاستقرار النسبيّ بدوره يجعل من الممكن للطبقة الحاكمة السماح بقدر معيّن من المعارضة و الإحتجاج السياسيّ – طالما أنّ هذا يظلّ ضمن حدود أو على الأقلّ لا يهدّد بصفة لها دلالتها " القانون و النظام " الذى يخدم و يفرض المصالح الجوهريّة لهذه الطبقة الحاكمة ...
هذا قد تخلّلته أوقات من النهوض الكبير – و حتّى أنّ هذا يتمزّق بطرق كبرى الآن – و هذا الاستقرار النسبيّ أثناء فترة ما بعد الحرب العالميّة الثانية ، قائم على الطفيليّة الإمبرياليّة ، قد دفعت و شجّعت بوجه خاص وهم ضمن الفئات الأكثر رفاهيّة ضمن السكّان أنّ هذه البلاد ليست محكومة على أساس الإضطهاد و القمع - وهم بوجه خاص و غالبا بيأس ملتصق بالليبراليّين و التقدّميّين . " (3)
هذا هو الأساس المادي لسقوط عدد كبير من الليبراليّين و التقدّميّين بلهفة في الإنسجام مع تشويه ما المعني في الحرب في أوكرانيا – و بصفة أعمّ في النزاع بين الولايات المتّحدة و روسيا ( أو الصين ) – هو معركة مقدّسة بين " الديمقراطيّة " و " الأوتوقراطيّة " ( أو " الإستبداد " ) ، في حين أنّ في الواقع المعنيّ هو " نزاع بين قوى إمبرياليّة كلّها مضطهِدة بوحشيّة للجماهير الشعبيّة و لا واحدة منها تمثّل أو تعمل من أجل مصلحة الإنسانيّة ." (4)
و الإستنتاج الذى أكّدت عليه قبلا هو :
" ستتطلّب زعزعة هؤلاء الليبراليّين و التقدّميّين أو على الأقلّ أعداد منهم لها دلالتها ، بعيدا عن موقفهم الحقير في مساندة " إمبرياليّتهم " صراعا إيديولوجيّا شرسا لا هوادة فيه لنفرض عليهم مواجهة واقع ما تمثّله عمليّا هذه الإمبرياليّة و ما الذى تقوم به عمليّا في هذا الواقع . و أكثر من ذلك ، سيتطلّب الأمر التقدّم بحركة ثوريّة معتمدة ليس فحسب و إنّما أساسا ضمن الجماهير الشعبيّة التي لها أقلّ بكثير من الحصص من هذه " الثروات " التابعة لهذا النظام الطفيلي و ظروفها الإضطهاديّة القاسية في ظلّ النظام الرأسمالي – الإمبريالي بعيدا بثقلهن أيّة " غنائم " يمكن أن يحصلوا عليها من نهبه للعالم .
مع كلّ هذا ، من الحيويّ الإقرار و العمل على الإقرار بأنّ الوضع في هذه البلاد و العالم كلّه الذى هو بعدُ حادا جدّا يتفاقم بإستمرار و يطرح بالفعل أفق إمّا شيء فظيع أو أيضا شيئا تحريريّا حقّا : ثورة فعليّة في هذا البلد بالذات تكسر قبضة المضطهِدين الرأسماليّين – الإمبرياليّين القويّة على الجماهير الشعبيّة و تضعف القبضة القاتلة لهذا النظام إلى أبعد حدود هذه البلاد ما يبعث بموجات مزلزلة إيجابيّة للإلهام الثوريّ عبر العالم الذى لا يزال اليوم تحت هيمنة الرأسماليّة – الإمبرياليّة بكلّ الفظائع التي يعنيها . " (5)
---------------------------------------------------
هوامش المقال :
1. “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.” This article by Bob Avakian is available at revcom.us.
2. See, for example, the article at revcom.us “THREE QUESTIONS To: Every employee of American news media who cheered for Marina Ovsyannikova, the Russian TV editor arrested for courageously protesting the Ukraine invasion on air.”
3. “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism.” This article by Bob Avakian is also available at revcom.us.
4. “Shameless American Chauvinism: ‘Anti-Authoritarianism’ as a ‘Cover’ for Supporting U.S. Imperialism.”
5. “Imperialist Parasitism and ‘Democracy’: Why So Many Liberals and Progressives Are Shameless Supporters of ‘Their’ Imperialism.”
--------------------------------------------------------------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.


.. القاهرة تتجاوز 30 درجة.. الا?رصاد الجوية تكشف حالة الطقس الي




.. صباح العربية | الثلاثاء 16 أبريل 2024