الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبونا عيروط، إصلاح الخطاب الديني

مجدي مهني أمين

2022 / 4 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يوافق السابع من أبريل الذكرى السنوية لرحيل الأب هنري يوسف عيروط مؤسس جمعية الصعيد للتربية والتنمية، أكاد أذكر وأنا طفل أني لمحته في ردائه الكهنوتي لمحة سريعة وهو بمكتب وكيل مدرسة الآباء اليسوعيين بالمنيا، لعله كان زائرا للمدرسة وقتها، وتختفي الصورة ويأتي الرحيل بعدها بسنوات، ليعلنوا عن حفل تأبين للأب عيروط، كنت وقتها بالصف الثالث الإعدادي، الحقيقة لم أكن وقتها أعرف معنى الكلمة، تأبين، الحفل كان بالكنيسة الملحقة بالمدرسة، وذهبت كي أعرف وأسمع عن هذا الكاهن.

تكلم الكثيرون وتأثرنا وقتها بالحديث عن الأب عيروط، أهمهم بالنسبة لي كان القس صموئيل حبيب، مؤسس الهيئة القبطية الإنجيلية، ورئيس الطائفة الإنجيلية فيما بعد، وتمر أيام وسنون عديدة كي أجد نفسي يعمل في جمعية الصعيد، أي وجها لوجه مع مؤسسة أبونا عيروط، وهي المؤسسة التي تعمل في قرى الصعيد من خلال 38 مدرسة، هذا بالإضافة لأكثر من مائة مركز تنموي يقدمون خدماتهم في مجالات مكافحة الأمية وترقية المرأة والصحة والثقافة.

كان الأب عيروط سابقا لعصره حين بدأ الاهتمام بالتعليم والتنمية مع هذه القرى النائية بصعيد مصر، ولعل ما أهله لهذا الدور هو اهتمامة الكبير بالفلاح المصري، حتى انه أعد أطروحة لنيل درجة الدكتوراة كانت عن الفلاح، تلك الأطروحة التي نشرها في كتاب يحمل نفس العنوان،"الفلاحون".

ولا شك في أن الأب عيروط كان يعبر، من خلال مدارس الجمعية، عن تضامنه مع الفلاح، وعن رغبته في انتشاله من ظروف الفقر والحرمان من خلال التعليم، ولكنه أيضا كان يعبر عن امتنانه للفلاحين، فهم ليسوا فقط مَن يزرعون ويقدمون لنا الغذاء، بل هم مَن حافظوا وحملوا لنا ثقافة شعب، ومن هنا نجد أن مشروع أبونا عيروط في خدمة الصعيد لا يأتي من باب الإحسان بل من باب الامتنان لهذه الفئة التي حملت لنا هويتنا وثقافتنا.

وقد استطاع الأب عيروط أن يحشد العديد من الطاقات، من متطوعين ومتطوعات، كي يساهموا في دعم مشروع الجمعية، ثم جاءت الفترة التالية كي يتولى ا. أمين فهيم قيادة الجمعية، وهي الفترة التي انخرط فيها العديد من الكفاءات كي يعملوا كامل الوقت في الجمعية بروح تطوعية.

وبالعودة للأب عيروط، سنجد أن انخراطه في مجال العمل التنموي، هو وغيره من القيادات الدينية -كالقس صموئيل حبيب، والأنبا أثناسيوس مطران بني سويف- قد قدَّم، وقدَّموا جميعا، من خلال مبادراتهم، رؤية عملية في إصلاح الخطاب الديني، رؤية توحد بيننا في العمل لخدمة كل الناس دون تمييز، كما أنها رؤية تحررنا من الخوض في مفاهيم تفرِّق بيننا، تلك المفاهيم التي قد تدعوا البعض في حالات انغلاقهم القصوى إلى نبذ وقتل من يختلف مع معتقداتهم. مثلما نرى ونسمع كل يوم.

لقد عاد، وعادو جميعا، في مبادراتهم لجوهر الرسالات السماوية التي تدعونا للتضامن مع الإنسان، والحفاظ على مقومات الحياة.

- كل سنة وانت طيب يا أبونا عيروط، كل سنة وانت طيب؛ أنت وكل القادة روادنا في إصلاح الخطاب الديني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س