الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


همسة اليوم: المعنى الحقيقي -للكبارة-..

محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)

2022 / 4 / 12
التربية والتعليم والبحث العلمي


للأسف عندنا في المجتمعات العربية..
فيه خلط ما بين "الكبر" و"الكبارة"!!
"الكبارة" (الحقيقية) مش معناها طبع متكبر..
فيه فرق طبعا بين "الثقة بالنفس والإعتزار بها"..
إللي بتعتبر من الثوابت الأخلاقية للدين الإسلامي..
و"الكبر" والتعالي على الناس وإحتقارهم (طبع إبليس اللعين)..
الكبارة مش معناها البذاءة..و علو الصوت.. أو سلاطة (قذارة) اللسان..
مش معناها شتم الناس بالأب والأم ومعايرتهم (بما لا ذنب لهم فيه)..
مش معناها التسلط على الناس وفرض الرأي..
مش معناها الضغط على رقاب الخلق (وأقرب الأقربين) للصعود على جثثهم وأشلائهم..
مش معناها تهميش الآخر والتسفيه من قيمته..
مش معناها تضخم الأنا وإن الواحد يبقى ما شايفش حد قدامه وكأن الناس مجرد كلاب ولا تسوى (مع إن ما حدش في الدنيا دي كلها يعرف مين أحسن من مين عند ربنا)..
الكبارة مش معناها إن الواحد يبيع أخوه (إللي من لحمه ودمه) مع أول خلاف..
الكبارة مش معناها إن الواحد يبقى ذوق ومحترم وcute مع كل الناس إلا قرايبه وجيرانه..
مش معناها إن الواحد يخلق المشاكل ويشعل نار الفتنة بين الناس بدل ما يصلح الأحوال ويجبر الخواطر..
الكبارة مش معناها إن الواحد يغلط في الأكبر منه (أو حتى الأصغر منه)..
الكبارة معناها إن الواحد يتنازل شوية ويعتذر عن خطؤه..
علشان إصلاح ذات البين..
علشان التعايش السلمي الآمن مع الآخر..
علشان الأجيال الصغيرة إللي ما لهاش ذنب في أي خلافات قديمة تعيش صح!!
الله يرحم عمنا الكبير "علي حسين زهيري"..
ََويغفرله ويتجاوز عن سيئاته..
كان من أبرز أعيان البداري..
إللي ما جابتش منه إتنين..
أتاه الله المال والولد والأرض و"بسطة في العلم والجسم"..
وكل ما يمكن أن يحلم به المرء من متاع الدنيا الزائل..
كان ليه هيبة تضيع أمامها (وتنحني لها) أعلى الرتب في مركز شرطة البداري..
ولو حضر أي مناسبة (كعادته دائما مع كل الناس - صغيرهم قبل كبيرهم)..
الناس (زي ما لاحظت) كانت تجري جري علشان تسلم عليه..
ويستحيل أي حد كان يجرؤ يعقد حتى جنبه على نفس الكنبة أو الدكة إللي كان يقعد عليها..
مش خوف ولا خنوع أو ذل..
ولكن من شدة المحبة والإحترام لشخص في قامته ومركزه الإجتماعي!!
وبالرغم من كده.. كان شخص خلوق و"متواضع" جدا جدا لأبعد الحدود!!
كنت بأقول دايما لأَولاده (وهما أصدقاء أعزاء حتى الآن):
"أبوكم ده مدرسة.. بنتعلم منه الذوق والأدب والإحترام"..
كان يبقى راكب حماره أو فرسه ويسلم على أصغر عيل في الشارع وهو معدي..
كان رجل بمعنى الكلمة.. ولو تجسدت الرجولة في شخص، لكان هو ذاك!!
كان صاحب مبدأ.. وصاحب موقف.. لااااااااارج لأقصى درجة!!
كان بشوش إجتماعي محبوب..
لما يكلمك، مستحيل ما تبادلوش إبتسامة..
وأنا صغير في إبتدائي وإعدادي (يمكن علشان ولاده كانوا يحكوله عن تفوقي الدراسي) كان دايما يقولي: "يا أستاذ"..
وساعات يشجعني ويقولي: "أنا مراهن عليك تبقى دكتور"..
كان يفتخر بإللي ليه..
وكان مستقرب من الناس كلها.. وأي حد من ريحة الريحة..
كان لينا معزة خاصة في قلبه..
يمكن لإنه كان "صديق عمر" لأحد أعمامي..
ما كانش يحب المشاكل..
وبتاع معايش.. يجري على الزرع إللي عنده..
بمساعدة أولاده..
رحل عن دنيانا من فترة..
بس مستحيل حد يقدر ينساه..
كان ليه فضل على ناس كتييييير..
بس عمره ما من على حد أو عايره..
كان ليه مواقف بطولية (َولا في الأفلام العربي)..
بالرغم من إني ما التقيتش بيه كتير في حياته..
لكني اتعلمت منه كتير قوي..
تعبنا كلنا - الله يرحمه - بأدبه وذوقه ورقيه ودماثة خلقه..
الراجل ده مش ممكن يتكرر!!
تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة