الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السابع عشر من نيسان في كل عام عيد الجلاء

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 4 / 17
السياسة والعلاقات الدولية


في مثل هذا اليوم السابع عشر من نيسان ومنذ عام 1946 تحتفل الجمهورية العربية السورية بعيد الجلاء، وهو تاريخ جلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية بعد أن سيطر الاحتلال الفرنسي، على الأرض لأكثر من ربع قرن، بعد حبل طويل من نضال الشعب العربي السوري ومقاومة المحتل الفرنسي، ضد أشكال وممارسات القمع، التي مارسها الفرنسيون وحلفاؤهم. كان وقع الاحتلال الفرنسي ثقيلا على السوريين، الذين قاوموا السيطرة العثمانية للتمتع بالحرية، خصوصاً مع ترافق الاستعمار الفرنسي بجملة من الإجراءات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، التي اتسمت بالقسوة الشديدة، لخنق روح الثورة والاستقلال لدى الشعب السوري، بجانب عملها على نهب خيرات البلاد وثرواتها.
بدأت الثورة السورية الأولى في عام 1922، بقيادة سلطان باشا الأطرش في جبل العرب، حيث قامت السلطات الفرنسية باعتقال المناضل أدهم خنجر، في دار سلطان باشا الأطرش حينما كان غائبا عنه، واندلعت إثر ذلك معارك دامية مع القوات الفرنسية استخدمت فيها فرنسا الطائرات وحقق الثوار فيها انتصارات أذهلت الفرنسيين.
ثم توقفت الثورة لمدة عام، بسبب اتخاذ سلطات الاحتلال الفرنسي إجراءات وحشية ضد السوريين، اندلعت الثورة عام 1925، (بعدما عينت سلطات الاحتلال حاكم فرنسي طاغية، هو الجنرال كاربيه، الذي اتبع سياسة البطش بزعماء جبل العرب ورموزه الوطنية، وعندما أرسل كاربيه جنوده لدار سلطان باشا الأطرش ليطلبوا منه موافاة القائد الفرنسي في السويداء، ألقى أبناء الجبل القبض عليهم، هنا اندلعت الثورة في السويداء مرة ثانية، وتوالت المعارك الطاحنة، وأبيد كثير من الحملات التي حاولت فك حصار).
وفي 1925، أصدر سلطان باشا الأطرش منشوره الشهير إلى الشعب السوري، الذي أعلن فيه بيان الثورة السورية الكبرى ومطالبها وعلى إثر هذا البيان التحقت أحياء الشاغور والميدان في دمشق بالثورة، التي امتد لهيبها لبساتين الغوطة ورياضها، وامتدت الثورة لجميع أنحاء دمشق وجبل العرب وجنوب سورية وحلب والساحل السوري وشمال وشرق سورية، وتوالت المعارك بين الثوار والقوات الفرنسية في مختلف أنحاء سورية.
(عندما وجد الفرنسيون أنهم يخسرون سيطرتهم في سورية، جندوا عشرات الألاف من أبناء شعبهم، ودخلوا في حماية المدرعات والطائرات الحربية، ما مكنهم من قمع الثورة في 1927، وأجبروا الثوار وقادتهم على المغادرة إلى الأردن وفلسطين ومصر).
ورغم توقف الثورات المسلحة مؤقتاً، واصل الشعب السوري نضاله ضد المحتل الفرنسي، سياسيا من أجل الاستقلال، وتشكلت الجمعية التأسيسية، وبدأت أولى جلساتها في 1928 وترأسها هاشم الأتاسي، حيث اقترحت الدستور، الذي صاغته لجنة يرأسها المناضل إبراهيم هنانو، وتألف الدستور من 115 مادة، أبرزها مادة اعتبرت سورية دولة واحدة غير قابلة للتجزئة، وأن نظام الحكم جمهوري برلماني.
(رفضت فرنسا بنود الدستور، وساومت على إلغائها، فيما رفضت الجمعية التأسيسية إلغاء أي منها، مما دفع بسلطات الاحتلال إلى تعطيل الجمعية، وفي 1930 أجرت فرنسا محاولة ثانية للوصول إلى تسوية مع القوى الوطنية السورية، بالإعلان عن دستور جديد يتألف من نفس مواد الدستور القديم، مضافا إليه مادة تقضي بوقف تنفيذ المواد التي تمس صلاحيات الانتداب، ما أدى بالشعب السوري إلى الانتفاض مجددا، وعمت المظاهرات والإضرابات مختلف أنحاء البلاد.
بعدها بسنوات، عندما نجح الملك فيصل الأول (ملك سورية السابق)، والذي كان قد أصبح ملكا للعراق، في عقد معاهدة مع بريطانيا منحت العراق بعض الحقوق في الاستقلال، ما ترك أثرا كبيرا في سورية، وأصبح المطلب الشعبي للحركة الوطنية عقد معاهدة مع فرنسا على غرار المعاهدة العراقية البريطانية، وبعد مفاوضات استمرت 6 شهور، توصل الوفد السوري المفاوض مع الحكومة الفرنسية، إلى عقد المعاهدة المعروفة بمعاهدة عام 1936.
ورغم أن المعاهدة لقيت اعتراضات شتى، بدعوى أنها تعطي صفة شرعية للانتداب الفرنسي، إلا أنه على إثر المعاهدة انعقدت في سورية انتخابات لتشكيل مجلس نيابي سوري، فازت الكتلة الوطنية بأغلبية مقاعده، بعد هزيمة أعوان الاحتلال، ما أثار حفيظة فرنسا، ورفض الموظفون الفرنسيون تسليم سلطاتهم للحكومة المنتخبة، وتردت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن حلت السلطات الفرنسية البرلمان السوري المنتخب، وعاد الاستعمار من جديد).
كانت الحرب العالمية الثانية قد ألقت بظلالها على العالم آنذاك، ودخلت قوات الحلفاء في حرب مع قوات المحور، وشهدت سورية صراعا بين القوات الفرنسية التي كانت تابعة لحكومة فيشي (الموالية للألمان) وقوات حكومة الجنرال ديغول (المتحالفة مع الحلفاء) حيث تمكنت القوات المتحالفة من إخراج قوات فيشي من سورية في 1941، وعلى إثر ذلك أذاع (ديغول) بيانه الشهير الذي وعد فيه سورية ولبنان بالاستقلال وحق تقرير المصير.
وبناء على ذلك، أجريت عام 1942 انتخابات نيابية فازت فيها الكتلة الوطنية، وفي 1943 انتخب شكري القوتلي رئيسا للجمهورية السورية، وتألفت حكومة جديدة برئاسة سعد الله الجابري.
ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية من نهايتها، حاولت فرنسا أن تعيد سيطرتها الاستعمارية على سورية، فاندلعت الاضطرابات في كافة أنحاء سورية، وواجهت فرنسا الاحتجاجات بقوة مفرطة، مرتكبة مجازر ضد المدنيين. خرج آخر جندي أجنبي من الأراضي السورية في 17 أبريل 1946.
المصدر الرئيس للمادة: صحيفة الوفد، الجمعة 17 أبريل 2020.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية