الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحوش البيت الأبيض و تجويع الأطفال في أفغانستان : إدارة بيدن تتحرّك بحسم ... لتصعّد من الأزمة و العذابات

شادي الشماوي

2022 / 4 / 21
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


وحوش البيت الأبيض و تجويع الأطفال في أفغانستان : إدارة بيدن تتحرّك بحسم ... لتصعّد من الأزمة و العذابات
جريدة " الثورة " عدد 738 ، 14 فيفري 2022
https//revcom.us//en/monsters-white-house-and-starving-children-afghanistan-biden-administration-acts-decisively

إثر عشرين سنة من حرب الولايات المتّحدة للسيطرة على أفغانستان ، يقع سكّان ذلك البلد الذى يعدّ 40 مليون نسمة بين براثن أزمة ماليّة و إقتصاديّة و فلاحيّة مدمّرة تسحق حياة الملايين . و الولايات المتّحدة هي السبب الأساسي في هذه الأزمة وهي لا تحرّك ساكنا لتقديم المساعدة فحسب بل تحول بنشاط دون تقديم الآخرين للمساعدة وهي تسرق تماما بليارات الدولارات من أفغانستان . و قد جاء في جريدة " النيويورك تايمز " عن منسّق للمساعدة الإستعجاليّة التابع للأمم المتّحدة أنّ " جفافا شديدا و تراكم عبء عقود من الحرب تركا أكثر من نصف سكّان [ أفغانستان ] في حاجة إلى المساعدة الإنسانيّة و أغرقا ثلاثة أرباع الأربعين مليون نسمة في فقر مدقع ... و في غياب مساعدة عالميّة ، يواجه مليون طفل أفغاني جوعا حادا و يواجه ثمانية ملايين آخرين في الأفق الجوع و في نهاية المطاف يمكن أن تعمّ المجاعة " . ( أنظروا أدناه ، " أًوات المجاعة " ) .
و فضلا عن ذلك ، يشهد نظام الرعاية الصحّية وضعا يشارف على الإنهيار جرّاء العقوبات التي فرضتها الولايات المتّحدة ضد حكومة طالبان ، و التي لأشهر قطعت تقريبا كلّ المساعدات الإنسانيّة و منها حتّى تلك التي كانت تدار مباشرة من طرف مجموعات مساعدات ( لا تمرّ مساعداتها عبر حكومة طالبان ). (1)
في ألشهر القليلة الماضية ، قامت الولايات المتّحدة بإستعراض - مسرحيّة كبيرة مخفّفة قليلا من تلك العقوبات غير أنّه ثمّة توافق عام على أنّ ذلك قليل جدّا و جاء جدّ متأخّر ليحدث تأثيرا ملموسا على الأزمة المستفحلة . و تتبجّح إدارة بيدن بالمساهمة ب 474 مليون دولار في المساعدة الإنسانيّة في الستّة أشهر الفارطة . و هذه قطرة في مستنقع – تحاول الأمم المتّحدة أن تجمع بسرعة خمسة بليارات من الدولارات كإجراء مؤقّت لتجنّب الكارثة الداهمة . و تجدر ملاحظة أنّه – وفق بيدن ذاته – أنفقت الولايات المتّحدة 3000 مليون دولار يوميّا في محاولة للسيطرة على أفغانستان . و هكذا أنفقت الولايات المتّحدة في يومين من خوض الحرب في أفغانستان أكثر ممّا أنفقته في ستّة أشهر من" المساعدة الإنسانيّة "!
أسباب الأزمة :
لقد تداخلت عدّة عوامل لخلق هذه الكارثة الإنسانيّة المحدقة بما فيها تأثير جائحة كورونا و جفاف حاد متنامى يوجّه صفعات لسكّان الريف – أكثر من ثلثي السكّان . و هذا الجفاف بدوره قد فاقم من سوء التغيّرات البيئيّة التى تتسبّب فيها بالأساس الولايات المتّحدة و أمم غنيّة أخرى .
لكن العوامل الأساسيّة مرتبطة بغزو الولايات المتّحدة و إحتلالها لأفغانستان . وعقب تكبّد الولايات المتّحدة لهزيمة نكراء، وجّهت جهودها إلى خنق حكومة طالبان إقتصاديّا .
أوّلا ، حدث تدمير هائل لا سيما في الأرياف حيث أمطرت القنابل على القرى و دمّرت الحقول و قتلت حيوانات المزارع و إضطرّت الفلاّحين إلى مغادرة أراضيهم فسُجّل نزوح مليون شخص – 700 ألف منهم في السنة الماضية لوحدها .
و في الوقت نفسه ، جلب جيش الولايات المتّحدة مباشرة أو من أجل عملاء حكومة أفغانستان أو في صناعات خدمات متنوّعة كانت تدور في فلك تلك النشاطات . و مع تحطيم الحرب و تشويهها لحياة الفلاّحين و لإقتصاد أفغانستان ، أمست تلك هي مواطن الشغل الوحيدة المتوفّرة .
ثمّ إنسحبت الولايات المتّحدة . و بين عشيّة و ضحاها ، فقد الملايين الذين كانت غالبيّـهم تعيش على حافة الفقر(2) مصدر معاشهم و إنهار الاقتصاد إنهيارا تاما .
و في أوج ذلك ، فرضت الولايات المتّحدة عقوبات صارمة مانعة البلدان و التجاّر الآخرين في العالم من المتاجرة أو المبادلات الماليّة مع أفغانستان و حتّى حاصرت معظم المساعدات الإنسانيّة الموجّهة لأفغانستان . و من ذلك مثال ضغط الولايات المتّحدة التي تتحكّم في البنك العالمي لتجميد 1.5 بليون دولار من المساعدات الماليّة .
و في الأثناء ، كانت الولايات المتّحدة تمسك بقبضتها على ألقلّ على سبعة بليارات من الدولارات تعود ملكيّتها إلى البنك المركزيّ لأفغانستان كانت أودعت في الولايات المتّحدة عبر السنين . و يلعب البنك المركزيّ لبلد ما دورا حيويّا في الاقتصاد فهو لا يوفّر الدعم للبنوك التجاريّة التي يودع فيها الأشخاص المال أو يقترضون منها فحسب و إنّما هو محوريّ في تعديل العملة القوميّة . و في غياب قيام البنك المركزيّ بهذا الدور ، يمكن لكامل النظام البنكي أن ينهار فيخسر أصحاب الودائع كلّ أموالهم و يمكن للعملة أن تعرف عدم إستقرار يؤدّى إلى تضخّم مالي لا يمكن التحكّم فيه .
و لأشهر ، رفضت الولايات المتّحدة إعادة هذه الأرصدة الماليّة إلى البنك المركزي لأفغانستان و لم تقل ما الذى تنوى فعله بها . و بعدُ كان هذا مبعث عدم إستقرار بدرجة عالية . و حسب جريدة " النيويورك تايمز " المؤرّخة في 11فيفري 2022، عملة أفغانستان " إنهارت و إنهارت معها المقدرة الشرائيّة لملايين الناس الذين كانوا بعدُ يعيشون حدّ الفقر فصاروا غير قادرين على شراء ما يكفى مؤونتهم من الغذاء ".
إدارة بيدن تدير السكّين في الجرح و تستحوذ على البليارات :
و تاليا هذا الأسبوع ، أعلن بيدن أنّه كان يعمل على إعادة نصف المبلغ المالي إلى مجموعة من أسر الذين ليهم من قُتل في هجمات 11 سبتمبر التي كانت تطالب بمقاضاة طالبان من أجل الأضرار . و من المشرّف لهم أن أصدر ممثّل منظّمة مختلفة من أسر 11 سبتمبر - أسر 11 سبتمبر من أجل غد سلمي – ردّا مفحما " لا يمكن أن أفكّر في خيانة أسوأ من خيانة شعب أفغانستان من تجميد أرصدة إيداعاتهم و تقديمها لأسر 11 سبتمبر . و بينما تبحث أسر 11 سبتمبر عن العدالة لخسارتها من خلال هذه [ القوانين ] ، أخشى أنّ نهاية الإستحواذ على هذا المال ستتسبّب في مزيد الضرر للأفغانيّين الأبرياء الذين تعذّبوا بعدُ عذابا أليما كبيرا ".
و الجزء المتبقّى من هذا المال المستولى عليه يوصف بشكل ضبابيّ بأنّه سيوجه إلى " صندوق إئتمان ... لدعم حاجيات أفغانستان " – كما لو أنّ على كلّ شخص أن " يصدّق " و سوف " يصدّق " الولايات المتّحدة في سهرها على مصالح الشعب في أفغانستان ! و على أيّ حال ، هذا " صندوق الإئتمان " هذا سيستغرق تنظيمه عدّة أشهر بينما يعانى عشرات الملايين و يموت الكثيرون نتيجة مباشرة جدّا لنهب الولايات المتّحدة لمدّخراتهم .
و تقول " التايمز " إنّ القرار ، قرار مصادرة المال الذى تملكه أفغانستان " سيعرقل أكثر البنك المركزي لأفغانستان وهو بعدُ يعرف شللا : يدرّ معظم رأس مال البنك ... و يجعل حتّى من المرجّح أقلّ أن يقدر البنك على إستئناف جهوده لجعل قيمة عملة البلاد تستقرّ هي و الأسعار ".
أو بكلمات أبسط ، سترتفع أسعار المواد الغذائيّة و غيرها من الحاجيات المعيشيّة لتصبح خارج متناول غالبيّة شعب أفغانستان .
ومثلما قال بوب أفاكيان، هؤلاء الإمبرياليّين " من القذرين والمجرمين الأكثر وحشية ممّا تصوّره الميثولوجيا أو شهدته السجون ". (3)
أصوات المجاعة :
منقول عن " النيويورك تايمز " ، 4 ديسمبر 2021 :
الواحدة تلو الأخرى ، هرولت النساء إلى المصحّة المبنيّة من قوالب طينيّة و ثياب الأطفال الذين أعياهم الجوع ملتصقون بثياب النساء و جلابيبهنّ ذات الألوان الباهتة الرماديّة و الزرقاء و الورديّة .
كانت العديد منهنّ قد قطعت مسافات على أقدامهنّ لأكثر من ساعة ... باحثات بيأس عن أدوية تعيد بعث الحياة في العروق المنكمشة لأبنائهنّ . لأشهر ، كان أكلهم متكوّن يوميّا من وجبة واحدة صارت أندر فأندر مع المحاصيل العجاف و جفاف الآبار و صارت ديون شراء الفرينة من البقّالين خارج السيطرة .
و الآن و الهواء الهشّ أضحى أقسى في برودته ، الوقع كما يلى : يمكن أن لا يظلّ أطفالهنّ على قيد الحياة في هذا الشتاء القارس .
" أنا خائفة جدّا ، سيكون هذا الشتاء أسوأ حتّى ممّا كنّا نتصوّره " قالت للتالك و سنّها 40 سنة . و كانت تمسك بقوّة بإبنتها الكبرى كما لو أنّها تخشى أن تسرق نفسها منها جرّاء الصعوبات التي تعلم أنّها ستواجهها هذا الشتاء .
لم يعد لديّ أسرتها قمح و لا حطب لإشعال النار لتتدفّأ و لم يعد لديها مال لشراء المواد الغذائيّة . و قد أرهقت أسرتها أقرباءهم بطلب المساعدة و الحال أنّ هؤلاء الأقرباء لا يستطيعون توفير الغذاء لعائلاتهم الخاصة . " لا نملك شيئا " .
*****************************************
زرمينا و عمرها 20 سنة إحتضنت طفلها و عمره 18 شهرا بينما كانت إبنتها ذات الثلاث سنوات تقف وراءها ... [ لأشهر ] ظلّت أسرتها على قيد الحياة وهي بالكاد تأكل الخبز و تشرب الشاي – وجبات كانت تترك أمعدة أطفالها تتضوّر جوعا " إنّهم يبكون للحصول على الغذاء . أتمنّى أن أقدر على أن أجلب لهم شيئا يأكلونه لكنّنا لا نملك شيئا " .
لقد نشأ إبن زرمينا ضعيف البنية إثر أسابيع من مرض الإسهال . و كان يحدّق بعينين لا حركة فيهما بإتّجاه الجدار و كانت الممرّضة تنزع لفافة خيط قيس ملوّن و مشفّر يُستخدم لتشخيص سوء التغذية من حول معصم يده الضعيفة و قد وقف الخيط عند اللون الأحمر معلنا سوء تغذية بدرجة شديدة .
*****************************************
في مستشفى مروايز الجهوي ... كان الأطفال يتعذّبون جرّاء سوء التغذية و المرض و كان إكتضاضهم بارزا في الردهة على أسرّة حديديّة . في قسم العناية المركّزة ، كان يسود صمتا رهيبا و لا يقدر الأطفال لضعف بنيتهم جدّا على البكاء و كانوا ظاهريّا كأنّهم في غيبوبة و يتنفّسون بصعوبة و كانت عظامهم ناتئة تحت جلدهم .
" أردت جلبها إلى المستشفى قبل الآن " ، هذا ما قالته رقيّة و سنّها 40 سنة وهي توجّه نظرها إلى إبنتها التي لم يتجاوز عمرها سنة و نصف السنة و تدعى أمينة . " لكنّي لم أكن أملك مالا فلم أقدر على المجيء "... و قد بدأت أمينة في الإنكماش على نفسها - كان جلدها الذى جفّ من الفيتامينات المحافظة على الحياة يحمل رقعا مقشّرة .
هوامش المقال :
1. The February 6 New York Times reports that “Before the U.S.-backed Afghan government disintegrated in August as the Taliban overran the country, the health system relied on international aid to survive. But much of that funding has been frozen to comply with sanctions imposed on the Taliban.”
2. Even before the Taliban takeover, 14 million people, around 35 percent of Afghanistan’s population, faced acute food insecurity before the Taliban takeover, according to the World Food Programme (WFP). Half of all Afghan children under the age of five suffered from malnutrition.
3. From BAsics 3:16
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري


.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا




.. Zionism - To Your Left: Palestine | الأيديولوجية الصهيونية.