الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكبار لا يموتون... أبو الوليد أحمد عبد الكريم فقدناه وهو مؤمناً بنهضة الأمة العربية...

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 4 / 21
سيرة ذاتية


الفكر لا يموت، فكيف ترثي أحمد عبد الكريم، ولاّدة الأفكار الوطنية البكر التي أضاءت في دنيانا، على امتداد ثمانين عاماً أو يزيد، فقهرت الطائفية والعنصرية والكيانية بالوطنية والعروبة وروح العصر.. والظرف الذي تميّز به أحمد عبد الكريم في حضوره ضابطاً في الجيش العربي السوري، وزيراً اتحاديا في الجمهورية العربية المتحدة، سفيراً لسورية في فرنسا، كاتباً ومؤلفاً كما وفي غيابه.
والثقافة، بمعناها المعرفي الواسع، لا تموت، فكيف تنعى من ثقف مجاميع من متخرجي الجامعات العريقة، فضلاً عن العامة، من القراء الذين يعرفونه بأسلوبه المفرد، وهو من ساهم في تعريفهم إلى أنفسهم وتاريخ أمتهم وقدرتها على تحرير إرادتها وعلى التقدم في اتجاه دور قيادي تستحقه أمتنا العربية بجدارتها قبل موقعها الجغرافي الحاكم، وقبل ثروتها الخرافية إذا ما استخدمتها في صياغة قدراتها لصنع غدها الأفضل؟!
هو دمشق ـ الأميرة، هو حوران، حاديها والمؤذن ليقظتها ونهوضها إلى دورها الاستثنائي في خدمة الأمة العربية، بكفاءات متعددة المجال، في الثقافة والصحافة والسبق إلى معرفة الغرب (والشرق)، وفي الابتكار والتجدد واحتضان المبدعين وتنسيبهم إليها بشرف مساهمتهم في تميزها. بل هو (سورية) الذي يفترض فيه القدرة على أن يتجاوز بدورها جغرافيتها، وبمعارفها، وأن يقوم برسالته المميزة فيخدم حركة الفكر والثقافة في سبيل تقدم وطنه نحو غده الأفضل.
هو «أبو الوليد» الذي استنهض الجماهير وعزز ثقتها بنفسها، فكان حادي الاستقلال مع العروبة لا عنها، ومطلق نفير الثورة الفلسطينية مع التحذير من أن يغلب فن تدبير المال والسلاح النزوع إلى الجهاد من أجل تحرير الأرض المقدسة. هو مقاتل التخلف في ظل التجزئة بالدعوة إلى التقدم بتوحيد قدرات الأمة واللحاق بالعصر واحتلال مكانتها اللائقة بتاريخها.
هو واحد من رواد حركة النهوض العربي في طلب الحرية والاستقلال والوحدة… هو (البعث) من دون حزبه، وهو (القومية العربية) من دون تنظيمها، وهو الوطنية من دون التحزب للمناصب والمواقع القيادية.
وهو الذي يصعب أن تباغته بالمعلومات عن بلد أو تنظيم أو كاتب أو مفكر، فإن داهمته بالتوقيت رد عليك بتعمقه في التاريخ، وأنزل ما حملته إليه في سياقه فألزمك بأن تستمع إليه لتعرف كيف تحلل الحدث وكيف تتوقع التداعيات ولا تباغتك النتائج.
كتب بأقلام كثيرة، وكان القراء يقرأون فيعرفون، فيهنئون صاحب التوقيع ويتلقون شكره مبتسمين.. وفكَّر لكثيرين، وكان يسعده أن تنجح الأفكار من غير أن يتوقف أمام ادّعاءات من نقلها أنهم أصحابها.. عرف العرب بتاريخ صراعاتهم مع أنفسهم ومع جيرانهم ثم مع أعدائهم، ومن خلال فهمه للماضي انطلق يبشّر بمستقبل أفضل، شرط أن يعرف العرب أنفسهم وأن يحسنوا تقدير موقعهم على خريطة الصراع.
عرفتُ أبا الوليد عنما قرأت كتابه (تجربة الوحدة)، الوثيقة التاريخية عن تجربة الوحدة بين مصر وسورية (1958 – 1961) في السبعينات من القرن الماضي.
كان يتطوع في اتحاد الكتاب العرب لتصحيح بعض المعلومات التاريخية أو لترشيد بعض الاستنتاجات والتحليلات بعمق معرفته لأحوال البلاد العربية في ماضيها والحاضر، وأهمية موقعها وبالتالي دورها في العالم. كذلك فقد كتب وأنطق من لا يعرف العربية، وفضح الانعزالية مدمرة الأوطان.
واكبته رئيساً لجمعية الدراسات والبحوث في اتحاد الكتاب العرب وهو يرشدني وينبّهني إلى ما لا يجوز أن أغفله أو أنساه. تعلمتُ من أحمد عبد الكريم الكثير، في السياسة كما في الثقافة، وفي المعرفة بالبلاد والناس… كما تعلمت احترام اللغة وعدم استخدامها فيما يسيء إليها. فهو كان الحوراني السوري من داخل عروبته وليس بالتبرؤ منها، وكان العربي بغير الانبهار بقائد أو حزب، وإن كان أسهم في تأسيس أكثر من حزب وجبهة.
وأعترف بزهو أنني قد أخذتُ منه وعنه الكثير من معارفي عن سورية ومصر ومنزلتها المميزة ودورها الذي لا بديل منه في النهوض العربي لبناء الغد الأفضل، وعن العراق ولبنان والجزائر وصولاً إلى الجزيرة العربية وإمارات الخليج العربي، وعن أقطار المغرب العربي من ليبيا إلى موريتانيا، مروراً بتونس والجزائر والمغرب الأقصى. لقد كان (العارفة)، بمعنى أنه كلي المعرفة بأمور العائلات وأنسابها، أحوال التاريخ السياسي للمنطقة وتقلباته، والانقلابات وصنَّاعها.
أما فلسطين فلقد عرّفني إلى تاريخ نضال شعبها، منذ وعد بلفور وحتى إقامة دولة إسرائيل بالقوة الغربية والتفريط العربي والاختلافات الداخلية، وكان أحمد عبد الكريم (العربي) من دون تجاوز على سورية، والفلسطيني مع الحرص على عروبة الثورة وطهارتها، والقومي من داخل معارضته النظام العربي الواحد!
على أن أعظم ما أخذته عن (أحمد عبد الكريم) هو الوعي بسورية، موقعها الاستثنائي ودورها الخطير عربياً ودولياً، والذي يمكن أن يكون نعمة على العرب إذا ما أفادوا من ميزاتها العديدة والاستثنائية، معتبرين أنها ـ جسر التفاهم بين مشرق الوطن العربي ومغربه، وعقدة الوصل بين العرب في خلافاتهم، وطليعتهم في مسيرة التقدم نحو الغد الأفضل.
وما أقل ما كتب.. كان جمهوره يتابع كتاباته فيتعلم منها ويعرف ما خفي عليه من أسرار واقعها السياسي والتآمر على تقدمها ووحدتها.
كان أحمد عبد الكريم ضابطاً في أول جيش سوري بعد الاستقلال ولأنه كان عضواً في القيادة العسكرية المشتركة مع مصر، أضحى يشكل جسراً للعودة إلى التاريخ السوري، ولكن أيضا إلى العلاقة مع القاهرة لجهة الوحدة والانفصال، كان شاهداً على بعض المؤامرات والأموال التي دُفعت لضرب الوحدة بين مصر وسورية التي سقطت في عام 1961 وحدث الانفصال.‏
ولد أحمد عبد الكريم في قرية موثبين محافظة درعا بتاريخ 12/6/1927. وحين أنهى دراسته في مدرسته الابتدائية بقريته النائية موثبين في محافظة درعا - سورية احتفلت القرية بنجاحه، وحين سافر لمتابعة دراسته في ثانويات دمشق ودعته القرية، وحين أصبح ضابطاً بعد تخرجه من الكلية العسكرية ضمن أول دفعة للضباط السوريين كانت القرية في عرس. ذلك أن قريته لم تكن معتادة على أن يصبح أحد أبنائها ضابطاً في القوات المسلحة السورية، لكن صورة القرية ماتزال محفورة بالقلب بالنسبة له.‏
كانت المدرسة (التجهيز الأولى) تقريباً مرآة الحركة الوطنية بؤرة النضال الحقيقة تجد فيها ميشيل عفلق، صلاح البيطار، جميل صليبا، محمد البزم، جميل سلطان، محمد مبارك ووجيه القدسي، كلهم أعلام، وأساتذة كبار أصبحوا فيما بعد مدرسين في الجامعة السورية. كان الأستاذ يعتبر نفسه مناضلاً ويخصص يومياً قسماً من درسه لشرح المعاني القومية والوضع الدولي.‏
أحب أحمد عبد الكريم أساتذته في ثانوية التجهيز الأولى وكان يحترمهم ويعتبرهم مثله الأعلى، لأنهم يمثلون الحركة الوطنية التي قويت، وبدأ فيها نوع من النضال ضد لاحتلال الفرنسي لسورية. كانوا يوجهون النقد للاحتلال والمحتلين الفرنسيين وكذلك للمسيطرين على الحكم، وهم رجال من طبقة معينة فأدى هذا إلى صدور قرار بتسريح الأستاذ ميشيل عفلق والأستاذ صلاح البيطار، لأنهم كانوا يرفعون شعارات أخرى غير محاربة الاحتلال وتحرير سورية، فالنخبة المثقفة والمسيسة يجب أن تلعب دوراً، وكان التركيز على المحافظات إضافة إلى المدينتين الكبيرتين في سورية دمشق وحلب. كان الدور الأساسي في الحكم خلال تلك الفترة لزعماء دمشق (الكتلة الوطنية) فهؤلاء يعتبرون أنفسهم أصحاب الشرعية في وراثة الفرنسيين في الحكم.‏
* انتسب أحمد عبد الكريم إلى الكلية العسكرية في عام 1945. وتخرج منها عام 1948 ضمن أول دفعة من الضباط السوريين.‏
في عام 1949 سافر أحمد عبد الكريم إلى العراق لإتباع دورة قائد فرقة مدتها ثلاثة أشهر، في ذلك الوقت ظهر في سورية تيار يدفع سورية نحو الاتحاد مع العراق، لكن العراق كان الحكم فيه ملكي وعلى رأسه الأمير عبد الإله وكان يقال عنه إنه رجل فاسد، أتى في ظروف صعبة على العراق بسبب الدخول في حلف بغداد، وكان نوري السعيد يتزعم التيار الذي كان يطالب بالاستقلال.‏
* اتبع أحمد عبد الكريم دورة الأركان في (كلية الأركان) بباريس، 1953 - 1954. تولى أحمد عبد الكريم في عام 1954 قيادة سرية البادية وكان هدفها مراقبة الحدود السورية وتوجيه القبائل باتجاهات سياسية داخلية، خلال عمله مع شيوخ تلك القبائل وصلته حقيبة مليئة بالنقود من الملك سعود، حملها إليه الأمير فواز الشعلان زعيم عشائر الرولة في سورية فما هي صحة هذه الراوية وما هي أسباب تلك الرشوة السعودية آنذاك.‏
ترتبط هذه القصة بالاستحقاق الرئاسي في سنة 1955 والمنافسة على مقعد (رئاسة الجمهورية) في سورية. حيث كان لحزب الشعب أكثرية برلمانية ورشح الدكتور ناظم القدسي للرئاسة، ولما أراد تأسيس ائتلاف بين القوى اليمينية لدعم هذا المرشح الذي يعتبرونه مرشح الاتحاد مع العراق، انقسمت الكتلة الوطنية إلى قسمين: قسم منها شكل الحزب الوطني، وقسم آخر انضم لحزب الشعب، وتخلوا عن شكري القوتلي. في حين كان حزب البعث واليسار والكتلة الديمقراطية يدعمون خالد العظم. في البداية كان الجيش يفضل خالد العظم ولكن عندما وجد أن المعركة في المجلس التشريعي في البرلمان ستؤدي إلى فوز المرشح الآخر (ناظم القدسي) رحب الجيش بأن يعود شكري القوتلي من مصر.‏
وكان أحمد عبد الكريم مسؤولاً عن قوى البادية، والبادية السورية تعني حوالي خمسة عشر أو عشرين نائباً في البرلمان السوري، فعندما نقل لهم (وجهة نظر) أن الجيش والقوى الديمقراطية لا تمانع بدعم شكري القوتلي للرئاسة، والخيار بين مرشح يؤيد قيام حلف بغداد المشروع الاستعماري الجديد، والمرشح الذي يقف في وجه حلف بغداد، لذلك كان موقف القوات المسلحة في ذلك الوقت ليكن شكري القوتلي، ونجح شكري القوتلي رئيساً للجمهورية. هذا الموقف رحبت به السعودية. وعندما قام الأمير فواز الشعلان بزيارة أحمد عبد الكريم قال له أنا أحضرت لك هدية من جلالة الملك سعود ثمن بيت لأولادك، حين ذاك أجاب أحمد عبد الكريم هدية الملك مقبولة لكن أنا لست بحاجة لها وأفضل أن تختار من يستحقها وموقفي من موضوع انتخاب رئيس الجمهورية هو موقف قيادة الجيش السوري.‏
كشفت قيادة الجيش والمخابرات السورية أن هناك محاولة من الملك سعود للتدخل للحيلولة دون قيام الوحدة بين مصر وسورية عن طريق انقلاب عسكري. تقدم السعودية (مليون) جنيه إسترليني لعبد الحميد السراج لقاء قيام انقلاب عسكري في سورية وعرقلة قيام الوحدة بين مصر وسورية.‏
اجتمعت لجنة القيادة وطلبت رفع المبلغ لمليوني جنيه إسترليني، وخلال أربعة وعشرين ساعة قامت المملكة العربية السعودية برفع المبلغ لمليونين، واجتمعت لجنةُ القيادة المؤلفة من ثلاثة وعشرين ضابطاً في القوات المسلحة السورية لاتخاذ القرار بشأن ذلك. وصل شيك بمليوني جنيه إسترليني ووضع في المصرف المركزي، وكلفت لجنة القيادة الضابط أحمد عبد الكريم أن يحمل هذا الشيك للرئيس جمال عبد الناصر. طار أحمد عبد الكريم إلى القاهرة وسلم الشيك للرئيس جمال عبد الناصر شخصياً. وأثبت الضباط السوريون آنذاك - جزء كبير منهم على الأقل - والشعب السوري أنهم كانوا متحمسين للوحدة بقدر أو ربما أكثر من حماسة الرئيس جمال عبد الناصر نفسه ومستعجلين على قيام الوحدة أيضاً.‏
* أنهى أحمد عبد الكريم خدمته في القوات المسلحة السورية برتبة عقيد ركن عام 1958.‏
* عين وزيراً للشؤون البلدية والقروية في أول وزارة بعد قيام الوحدة بين سورية ومصر وقيام الجمهورية العربية المتحدة عام 1958. ثم وزيراً مركزياً للشؤون البلدية والقروية في القاهرة في بداية عام 1959 - 1960.‏
وبدأ مرحلة إعجاب بشخص الرئيس جمال عبد الناصر، ثم انقلب أحمد عبد الكريم على الرئيس جمال عبد الناصر بعد أن كان شديد الإعجاب به، ونموذجاً لأولئك الضباط السوريين الذي آمنوا بالوحدة ولم يقبلوا أن يصبحوا مجرد طبقة ثانية في المؤسستين السياسية والعسكرية أثناء الوحدة. وحين عاد حزب البعث العربي الاشتراكي وتحالف مع الناصريين كان أحمد عبد الكريم مرة ثانية ضحية التحالف ففرضت عليه الإقامة الجبرية بتهمة التعامل مع العراق وقبض أموال من العراق.‏
* عين في مرحلة الانفصال وزيراً للإصلاح الزراعي والشؤون الاجتماعية والعمل عام 1962.‏
* شغل أحمد عبد الكريم منصب سفير الجمهورية العربية السورية، في يوغوسلافيا 1969 - 1971. ثم سفيراً للجمهورية العربية السورية في فرنسا 1971 – 1977. ثم رئيس البعثة السورية إلى اليونسكو في عام 1972، وسفيراً معتمداً لدى الحكومة السويسرية الفيدرالية في برن.‏
حاول أحمد عبد الكريم في كتابه بعنوان: (يوميات دبلوماسي عربي غداة حرب حزيران 1967 وتداعيات حرب تشرين1973)، إعطاء صورة عن انعكاسات الأوضاع العربية المأساوية الناتجة عن حرب حزيران في عام 1967، وأثر ذلك على الدبلوماسية العربية التي فقدت المصداقية والسمعة الجيدة على المسرح الدولي، وكانت معاناة الدبلوماسيين العرب في الخارج من هذه الانتكاسة ومن النزاعات والمزاودات العربية كبيرة جداً.‏
يعرض الكتاب صورة موضوعية عن التطور الإيجابي للرأي العام العالمي الشعبي والرسمي لصالح العرب نتيجة حرب تشرين التحريرية، والأداء والخسائر التي تكبدتها القوات المسلحة السورية والمصرية، وتضامن الدول العربية أثناء الحرب، واستخدام سلاح النفط لأول مرة لمساندة مصر وسورية. وكيف عرفت الدبلوماسية العربية خلال هذه الحرب عصرها الذهبي الذي لم يستمر طويلاً حتى اغتالته اتفاقية كامب دافيد.‏
* أصبح أحمد عبد الكريم عضواً في اتحاد الكتاب العرب في سورية منذ عام 1970. وكان مقرراً لجمعية البحوث والدراسات في الاتحاد.‏
شغل أحمد عبد الكريم منصب رئيس اللجنة العربية السورية العليا لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، وذات يوم صرح أن القافلة التاسعة عشرة المحملة بأكثر من 200 طن من المواد الغذائية المتنوعة هدية من الشعب العربي السوري إلى الشعب الفلسطيني بمناسبة قرب حلول الأعياد (الفطر والأضحى) والميلاد ورأس السنة، هدية بسيطة للشعب الفلسطيني، الذي يعاني الفاقة بسبب الحصار الجائر الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي عليه، وتعبير عن تضامن الشعب العربي السوري ودعمه لكفاح الشعب الفلسطيني الشقيق ونضاله المشروع لاستعادة أرضه وحقوقه وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.‏‏
ترددت كلمة (الانفصال) كثيراً في تاريخ أحمد عبد الكريم فقد انفصل عن قريته ثم انفصل عن الوحدة مع مصر ودفعته الظروف للانفصال عن رفاق الأمس، ولعل الثابت الوحيد في تجربته الغنية والمضطربة في آن معاً كانت مبادئه وزوجته التي أحبها في قريته الوادعة واعتقد الناس أنه سيهجرها بعد أن أصبح ضابطاً مرموقاً لكنه بقي وفياً وعاد إليها طالباً يدها لتبقى هي الأخرى شاهدة على مرحلة هامة من تاريخ سورية بدأت بحلم الوحدة وانتهت بدفن الوحدة والأحلام.‏
تكريم المبدعين ورجال الدولة والوطنيين ظاهرة صحيحة ومطلوبة، فهل نتمكن من تكريم أحمد عبد الكريم؟ ومتى؟‏
اختار «أحمد عبد الكريم» لحظة غيابه، لأنه يرفض أن يصدق أن الأمة قد غابت وامَّحت تماماً وظل يبشر بقرب ميلادها الجديد.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد – جامعة دمشق

سيرة أحمد عبد الكريم:
ولد أحمد عبد الكريم في قرية موثبين محافظة درعا بتاريخ 12/6/1927. شغل الوزير والضابط والسفير السوري السابق أحمد عبد الكريم عدة وظائف أهمها:‏
• انتسب إلى الكلية العسكرية في عام 1945. وتخرج منها عام 1948 ضمن أول دفعة من الضباط السوريين.‏
• اتبع دورة الأركان في (كلية الأركان) بباريس، 1953 - 1954.‏
• أنهى خدمته في القوات المسلحة السورية برتبة عقيد ركن عام 1958.‏
• عين وزيراً للشؤون البلدية والقروية في أول وزارة بعد قيام الوحدة بين سورية ومصر وقيام الجمهورية العربية المتحدة عام 1958.‏
• وزيراً مركزياً للشؤون البلدية والقروية في القاهرة في بداية عام 1959 - 1960.‏
• وزيراً للإصلاح الزراعي والشؤون الاجتماعية والعمل عام 1962.‏
• سفيراً للجمهورية العربية السورية، في يوغوسلافيا 1969 - 1971.‏
• سفيراً للجمهورية العربية السورية في فرنسا 1971 – 1977.‏
• رئيس البعثة السورية إلى اليونسكو في عام 1972، وسفيراً معتمداً لدى الحكومة السويسرية الفيدرالية في بران.‏
• عضو اتحاد الكتاب العرب في سورية منذ عام 1970.‏
• مقرراً لجمعية البحوث والدراسات في الاتحاد.‏
• رئيس اللجنة العربية السورية العليا لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني.‏
توفي ابو الوليد أحمد عبد الكريم منتصف شباط 2020.

مؤلفات وترجمات أحمد عبد الكريم:
أنجز أحمد عبد الكريم العديد من المؤلفات والبحوث والدراسات أهمها:‏
1. فلسطين المحتلة عام 1952.‏
2. العقيدة العسكرية السوفيتية وحرب الأنصار عام 1957.‏
3. تحويل مجرى نهر الأردن ومسألة المياه في فلسطين عام 1960.‏
4. أضواء على تجربة الوحدة عام 1962.‏
5. حصاد سنين خصبة وثمار مره عام 1995.‏
6. نافذة على الدبلوماسية العربية عام 1998.‏
7. ترجم من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية كتب عديدة منها:‏
8. الحروب والحضارات.‏
9. الأمنية الأوروبية (مسألة الدفاع والأمن عن أوروبا الغربية).‏
10. الاستراتيجيات السوفيتية والأمريكية.‏
11. العقيدة العسكرية الفيتنامية.‏
12. الجغرافيا- الإستراتيجية، والجغرافيا - السياسية الكونية.‏
13. حوران في العصر الهيليني والعصرين الروماني والبيزنطي.
14. التنينات ال12- الإمبراطورية (كوريا الجنوبية- تايوان- هونغ كونغ – سنغافورة...).‏
15. رجال المال والمصارف يحكمون العالم.‏
16. ملامح المستقبل أو خطوط الأفق جاك أتالي.‏
17. حرب الخليج الثانية دفعتني للاستقالة - وزير الدفاع الفرنسي عام 1991.‏
18. فن السياسة.‏
19. الإمبراطورية الأميركية.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في حركة الطيران بفرنسا مع إلغاء نحو 60 بالمئة من ال


.. -قصة غريبة-.. مدمن يشتكي للشرطة في الكويت، ما السبب؟




.. الذكرى 109 للإبادة الأرمينية: أرمن لبنان.. بين الحفاظ على ال


.. ماذا حدث مع طالبة لبنانية شاركت في مظاهرات بجامعة كولومبيا ا




.. الاتحاد الأوروبي يطالب بتحقيق بشأن المقابر الجماعية في مستشف