الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصدور العارية، خالد رشيد الزبدة

مهند طلال الاخرس

2022 / 4 / 21
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الصدور العارية خالد رشيد الزبدة، كتاب من ادب السجون والمعتقلات يقع على متن 231 صفحة من القطع المتوسط وهو من اصدارات وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله بطبعته الاولى سنة 2020.

الكتاب يصنف في ادب السجون والمعتقلات، وتنبع اهميته من كونه يوثق ويؤرخ لنضالات الحركة الاسيرة، اضافة الى تقديمه انموذجا لاستمرار النضال في فترة الاسر؛ فالاسير في هذه الحالة جزء لا يتجزء من نضالات شعبنا الفلسطيني؛ لكن طرق نضاله ووسائله تختلف من مرحلة لاخرى، فالاسير هنا كمن ينقل البندقية من كتف الى كتف،او ينتقل من معركة لاخرى.

هذا الكتاب يوثق لجزء مهم من سيرة ونضالات الحركة الاسيرة داخل السجون بقلم احد رواد وصناع التجربة، وهو بهذا المعنى شهادة على العصر، بالاضافة لكونه توثيق وتسجيل للتجربة، وكونه وثيقة جرم وادانة للمحتل وادواته، عدا عن اهميته في فضح الممارساته السادية والفاشية من قبل المحتل بحق المعتقلين، هذا بالاضافة الى عديد المواقف والمحطات والتجارب التي يسلط الكاتب الضوء عليها، الانسانية والوطنية واوجه التضامن والتكافل والتعاضد واوجه المواجهة والمجابهة المتعددة مع السجان.

في هذا الكتاب نجح خالد الزبدة بتقديم خلاصة تجربة الاعتقال بمضامينها النضالية والانسانية بما يضمن كتابة وتدوين صفحات النضال المشرقة للحركة الاسيرة، والتي تنبع اساسا من وجود الاحتلال، وما يرفق ادواته القمعية من قهر وتطويع واذلال في المعتقلات، اضافة الى تسجيله اهم محطات ومواقف مجابهة السجان وتحديه ، بالاضافة الى كل ما يظهر بطولات الحركة الاسيرة وكان الكاتب شاهدا ومطلعا عليها، وفي احيانا كثيرة احد ابطالها.

في الكتاب احداث وتفاصيل قد تبدو غير ذات اهمية لمن لم يعشها او لمن لم يدرك واقع الاسر ولم يتلمس مصاعب الحركة الاسيرة او يقترب من اهتماماتها.

في هذا الكتاب سيرة ذاتية خاصة للمناضل الزبدة يتداخل فيها الخاص مع العام، وبحيث تتماها قصص الصمود الفردية مع قصة النضال الجمعي للشعب الفلسطيني، لكن يبقى ما يميز كل حكاية عن الاخرى مقدار ذلك الاثر الذي ينجح كل اسير بطبع التجربة الخاصة به ونقلها للاخرين وكأنهم يشاهدون تضحياته الان، او كمن يشتمون رائحة عرقه وعذاباته في تلك الايام.

عن هذا الكتاب يقول المناضل الزبدة : "يحتاج شبابنا وشاباتنا لمثل هذه المذكرات للاستفادة منها ما أمكن ليتحصنوا بها أثناء مواجهة جلاديهم، وفي مواجهة ظلام المعتقلات وعذاباتها، وقد تناولت بعضاً من شؤون الأسرى وأوضاعهم في مختلف المراحل التي مرت بها الحركة الوطنية الأسيرة".

هذا الكتاب يأتي ضمن سلسلة من الاصدارات دأبت وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله على اصدارها ونشرها وتعميمها إيمانا منها بأهمية توثيق رواية الكفاح والنضال، اذ ارتأت وزارة الثقافة منذ تأسيسها أن تولي أهمية خاصة لمخطوطات أسرانا البواسل في "سلسلة أدب المعتقلات" بمطبوعات تحمل همهم الإنساني والنضالي والوطني، ساعية بلك إلى توثيق محلحمة نضالهم اليومي، شاهدين قائمين على مواصلة النضال والثبات، من خلال أعمالهم التي سجلها عديد الأدباء من أسرانا لاذين أبدعوا بكتاباتهم كما أبدعوا في نضالهم.

في الكتاب اشخاص ومواضيع ومواقف ومعارك شتى، لكن نجح الزبدة بتسليط الضوء على اهم رواد تلك التجربة، اضافة لتسليطه الضوء على اهم المفارقات والمحطات المفصلية، فعلى سبيل الاشخاص يقدم الزبدة نموذجين كان لهما حضور لافت في كل المراحل والمعارك والأزمات، وهما: الشهيد الأسير عبد القادر أبو الفحم، القائد في قوات التحرير الشعبية/ جيش التحرير الفلسطيني، وقد أصيب بعدة رصاصات في مختلف أنحاء جسده ووقع في الأسر، وخاض أول إضراب للأسرى عام 1970 ورفض محاولات منعه من المشاركة في الإضراب، رغم تدهور حالته الصحية في الأيام الأولى، وكانت النتيجة المؤلمة استشهاده في اليوم الخامس.

النموذج الثاني، القائد عمر القاسم، المناضل الثوري صاحب مشروع انتقال قيادات وكوادر إلى الأراضي المحتلة وتنظيم المقاومة من الداخل، على طريقة أرنستو جيفارا والبؤرة الثورية، لكنه أسر بعد أن نفدت ذخيرته أثناء عملية الانتقال عبر نهر الأردن إلى فلسطين ، وصاحب التحدي الشهير لاحمد جبريل.

اما عن استعراضه وتوثيقه لبعض ابرز المحطات المفصلية في تجربة الاسر فتبرز للعيان قصة التحرر من الاسر وصفقات المبادلة لاسيما تلك المسؤولة عنها الحبهة الشعبية القيادة العامة التابعة لاحمد جبريل، تلك الواقعة التي امتنع فيها جبريل عن ادراج اسم القائد عمر القاسم ضمن قوائم الاسرى المحررين ولذلك قصة تبوح بها صفحات الكتاب 207 و 208.

اضافة لتلك الصورة المخزية التي رافقت الطائرة التي تقل الاسرى المحررين سواء في ليبيا او سوريا او الاردن تلك الاحداث المؤلمة والمشينة والتي تبوح بها الصفحات من 193ولغاية 207.

هذا الكتاب وهذه الشهادة وما سبقها وما سيتلوها من شهادات تجسيد حي لمقولة ادوارد سعيد :" لكل فلسطيني حكاية، وعلى كل فلسطيني ان يكتب حكايته للذاكرة والتاريخ"، وهذا ايضا ليس ببعيد عما ذهب اليه محمود درويش حين قال:" من يكتب حكايته يرث ارض الكلام ويملك المعنى تماما".

ادوارد ودرويش كلاهما كانا قد انتبها باكرا لقيمة واهمية الذاكرة ودورها في التاريخ واثرها على صناعة المستقبل، فقد كانوا يدركون سلفا تلك الحكمة القائلة:"إذا أردت أن تلغي شعبا تبدأ بشل ذاكرته التاريخية ثم تشوه ثقافته وتجعله يتبنى ثقافة أخرى غير ثقافته، ثم تلفق له تاريخا آخر غير تاريخه وتعلمه إياه. عندئذ ينسى هذا الشعب من هو ومن كان وتندثر معالم حضارته وبالتالي ينساه العالم ويصبح مثل الأمم المنقرضة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خسائر بشرية وتعليق للدراسة ..فيضانات عارمة تجتاح عمان


.. اليونان: إيقاد شعلة دورة ألعاب باريس 2024 في أولمبيا القديمة




.. إيقاد شعلة دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024 في أولمبيا الق


.. الدوري الإنكليزي: بـ-سوبر هاتريك-.. كول بالمر يقود تشيلسي لس




.. الصين: ما الحل لمواجهة شيخوخة المجتمع؟ • فرانس 24 / FRANCE 2