الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحليل النفسي وتطبيقاته المعرفية 6

طلال الربيعي

2022 / 4 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الحوافز والدوافع
حسب Mackay أن "نظرية التحليل النفسي هي قبل كل شيء نظرية حوافز-دوافع" (ص 6).
Motivation And Explanation : An Essay On Freud& Philosophy Of Science
Mackay, Nigel
-مقالة حول فرويد وفلسفة العلم-
https://www.biblio.com/book/motivation-explanation-essay-freuds-philosophy-science/d/1160710374
آخرون ادلوا بتعليقات مماثلة في أن "نظرية التحليل النفسي في مبادئها, بمعنى ما، كل نظرية التحليل النفسي هي نظرية دوافع. في الواقع، ما يشار إليه بـ "الحتمية النفسية" في النظرية الفرويدية هو أكثر دقة عندما تسمى الحتمية التحفيزية. بعد كل شيء, لا ينبغي لأحدنا أن يكون محللا نفسيا ليؤمن بفكرة ان، مثل الأحداث الجسدية ،كل الأمور النفسية لها مسبباتها ودوافعها. كل ما يحتاجه المرء هو حتمية صارمة. إن مساهمة التحليل النفسي الأكثر تميزًا في مبدأ الحتمية النفسية هي الادعاء بأن جميع السلوكيات ذات المعنى (بخلاف، على سبيل المثال، الافعال الانعكاسية) تسببها الرغبات والدوافع .تشكل التقارير التحفيزية الجوهر الأساسي لفهم الذات والآخرين وتفاعلاتنا مع الآخرين. نحن نفهم السلوكيات من خلال دوافعنا وأهدافنا ونوايانا ورغباتنا وأسبابنا او تلك التي تتعلق بالآخرين. في الخطاب العادي، فإن أكثر الطرق شيوعًا لفهم أسباب السلوك، لا سيما عندما يتخذ السلوك هدفا محددا، هو عن طريق ربط السلوك بالهدف المقصود منه في الواقع.

في أن نفكر في السلوك باعتباره فعلا يوجب علينا النظر على الفور في السبب أو الدافع للفعل- الهدف الذي كان ينوي تحقيقه. افتراض أن كل سلوك معقد - سلوك معقد بدرجة كافية لاعتباره فعلا, له حوافزه او دوافعه, هو افتراض مشترك بين علم النفس الشعبي (Stich 1983) ونظرية التحليل النفسي.
Stich S: From Folk Psychology to Cognitive Science. The Case against Belief
-من علم النفس الشعبي إلى العلوم الذهنية. الدعوى ضد الإيمان-
https://mitpress.mit.edu/books/folk-psychology-cognitive-science

تعريف الدافع-الحافز
يمكن تعريف السلوك المُحفز على أنه أي سلوك مقصود لتحقيق غاية أو غرض معين. يمكن فهم هذا السلوك على أنه يشكل فعلًا. لذلك، لا يوجد فعل بلا هدف. إذا كان السلوك بلا هدف، فلن يكون فعلًا- لن يكون هناك غرض أو هدف لهذا السلوك كان ينوي تحقيقه.

منظور التحليل النفسي يحتفظ بهذا التعريف بل ويمتد ليشمل اللاوعي وانكار الأغراض والغايات. وبالتالي يمكن أن تفهم الأعراض العصابية على أنها شبه فعل على الأقل بقدر ما تفهم على أنها هادفة - أي أنها مقصودة (حتى لو كان ذلك بدون وعي) لتحقيق غاية معينة. على الرغم من أن الرغبة، والدافع ، والسبب، والنية لها معاني مختلفة، ولكني أستخدمها هنا بدون تفريق في سياق وصف غايات أو أغراض الفعل.

شرح الدوافع في التحليل النفسي هو امتداد للخطاب العادي عندما يكون السلوك في شكل فعل يبدو انه غير عقلاني وغير مفهوم، نقوم نحن في البحث عن الأسباب والدوافع "الخفية" كوسيلة لتفسيره كي يجعله منطقيًا. طريقة التفكير هذه تمهد الطريق لاعتبار الدوافع والأهداف اللاواعية مفردات مشروعة لفهم السلوك. بهذا المعنى، يمكن أن تفهم نظرية التحليل النفسي على أنها تشكل امتدادًا للخطاب التحفيزي في الخطاب العادي من خلال 1) القبول بالدوافع والأهداف غير الواعية, و 2) ادراج, تحت عنوان السلوك التحفيزي, مجموعة واسعة من السلوكيات (على سبيل المثال، الأحلام، الأعراض العصابية، وزلات اللسان) التي لا يُنظر إليها عادةً على أنها مقترنة بحافز او دافع.

تم اتخاذ هاتين الخطوتين في وقت مبكر من قبل فرويد عندما لم يعتبر الضعف المتأصل في الجسد خلقيا او وراثيا مسؤولاً عن الأعراض الهستيرية, بقدر كونها تعود إلى صراع داخلي في نفس الإنسان. في "دراسات حول الهستيريا"، كما بينت من قبل, اختلف بروير وفرويد مع جانيت في تلك النقطة. في “الذهان العصبي من الدفاع، حسب فرويد, ان انشطار محتوى الوعي هو نتيجة فعل إرادة المريض, وهذا يعني أنه بدأ من قبل بجهد إرادي يمكن تحديد دوافعه. هذا شكل من أشكال الهستيريا التي يشير فرويد اليها باسم "هستيريا الدفاع" التي تحدث عندما يحدث عدم توافق في الحياة الفكرية للمريض, مما يؤدي الى مثل هذا التأثير المؤلم, حيث يقرر المريض نسيانه لأنه ليس لديه الثقة في قدرته على حل التناقض بين تلك الفكرة غير المتوافقة وأناه بوسائل النشاط الفكري. وهكذا، كان مفهوم القمع "حجر الأساس" لدى فرويد في تقديم تفسير تحفيزيً للهستيريا, الذي حدد أيضا ولادة التحليل النفسي. وبذلك كفت الأعراض الهستيرية -وأعراض العصاب في وقت لاحق - في أن ينظر إليها على أنها "لا معنى لها"او "ميكانيكية"و نتيجة الضعف الوراثي.

يفهم أتباع فرويد الآن الأعراض الهستيرية والعصابية على أنها أفعال شبه مدفوعة -كنتاج لدوافع متضاربة تعمل في العقل، على سبيل المثال، الصراع بين الدافع لتجنب القلق والتهديدات للأخلاق والهوية, من ناحية, والدافع لارضاء
رغبات المرء, من ناحية أخرى. تحولت هذه الصيغة المبكرة لأعراض الهستيريا إلى نموذج للدفاع-التحغيز العقلي, حيث يتم فيه التعامل مع كل السلوكيات، بما في ذلك الأفكار والمشاعر والأوهام وما إلى ذلك, ويتم اعتبارها حصيلة لحل وسطًي للنزاع بين الدوافع والقوى المتصارعة في العقل.

هناك خاصية أخرى يجدها المرء في كل من الخطاب العادي والمفاهيم الأكثر رسمية للدوافع - أي وظيفتها في الاستثارة أو التنشيط. هنا لا يتم التركيز على إيجاد هدف محدد أو الدافع لفعل معين. بدلا من ذلك، الافتراض هو, بالإضافة إلى توجيه السلوك في اتجاه معين، ان وجود دافع تحفيزي (على سبيل المثال، الجوع ،الجنس) ينشّط السلوك ويؤدي إلى مستوى مرتفع من النشاط بشكل عام. ينعكس قبول فرويد لهذا الافتراض في تعريفه للدوافع بكونها "محركات-ماكينات" السلوك. فكما اكد فرويد, فقط الرغبة قادرة على تحريك الجهاز النفسي.

هنالك تعليقان بنبغي الإشارة اليهما هنا. أولا، في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، جادل مجموعة من منظري التحليل النفسي بقوة في أن مفهوم الدوافع بالإضافة إلى جميع جوانب ميتاسيكولوجية علم النفس الفرويدي يجب نبذها. واستندت الحجج على عدة أسباب: 1) تناقض الدلائل التجريبية الكبير مع علم نغس فرويد؛ 2) أن المفاهيم الميتاسيكولوجية لعلم نفس فرويد, مثل الطاقة النفسية, هي علمية زائفة؛ و 3) أن ميتاسيكولوحية فرويد يجب أن ترفض على أسس فلسفية- كما يشير عنوان الكتاب
- Metapsychology Is Not Psychology
الميتاسيكولوجي ليس علم نفس-
https://psycnet.apa.org/record/1977-07113-001
الميتاسيكولوجي يفهم هنا بانه المفاهيم النظرية للتحليل النفسي الغير مشتقة من تجارب امبريقية. فرويد والعديد من المحللين النفسيين سيرفضون هذا الزعم بحجة إن عملهم مع المرضى هو عمل امبريقي.
What is Freud s Metapsychology
https://academic.oup.com/aristoteliansupp/article-abstract/62/1/101/1771977?re----dir----ectedFrom=PDF

لذا إن أي تفسير للسلوك البشري, حسب الذين يعيبون على فرويد ميتاسيكولوجيته باعتبارها احدى تفرعات الميتافيزيقيا, المشتق من مصطلحات او مفاهيم غير نفسية ينظر اليه على أنه لا يمت للتحليل النفسي واختزالي.
الاعتراض الثاني: تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من ان الرغبات او الحوافز قد تنشط السلوك الحركي، ولكن الاعتقاد بأنها ضرورية لتحريك العقل (أو الجهاز العصبي) وانه بدون دافع أو رغبة سيكون العقل (أو الجهاز العصبي) هادئًا أو غير نشط هو اعتقاد خاطئ.
لاحظ Adrian منذ سنوات عديدة أن الدماغ ليس خاملًا أبدًا. الدوافع تؤثر على نوعية النشاط العصبي بدلاً من تشغيله أو إيقاف تشغيله. تؤكد الأبحاث الحديثة وجهة نظر أدريان. فمناطق معينة من الدماغ تكون أكثر نشاطًا خلال الحالة "الافتراضية"في أن الدماغ "لا يفعل شيئًا" منه في حالة الانخراط في نشاط هادف. لذلك فيما يتعلق بالنشاط العصبي, العقل أو الدماغ لا يحتاج إلى دافع أو رغبة في تحريكه. إنه في حالة حركة دائمة طالما كان المرء على قيد الحياة.
Adrian ED: Mental and physical origins of behavior, in Yearbook of Psychoanalysis, Vol 3. New York, International
Universities Press, 1947, pp 215–226
"المصادر العقلية والفيزيائية للسلوك"
https://www.abebooks.com/first-edition/Yearbook-Psychoanalysis-Volume-3-1947-
LORAND/1124680399/bd
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة