الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطيب صالح كاتباً للمقال

حسن مدن

2022 / 4 / 24
الادب والفن


لم يكن الطيب صالح روائياً فحسب، وإنما كان أيضاً كاتب مقال صحافي متميزاً، والسبب في رأي من تناولوا تجربته هذه يعود إلى موهبته في الكتابة عامة، وإلى أنه ظل قارئاً نهماً يلتهم الكتب التهاماً، بتعبير مواطنه طلحة جبريل .

وإذا اقترنت الموهبة بالمعرفة وسعة الاطلاع فإننا نكون إزاء كاتب مقالة جيد . ستظهر ثقافة الكاتب ومعرفته مبثوثتين في ثنايا ما يكتب من مقالات، هو الذي عرف الآداب الأجنبية بمقدار ما كان متبحراً في الأدب العربي، ومن ذلك ولعه بالمتنبي الذي انعكس في السجال الذي خاضه مع آراء طه حسين حول المتنبي وأبي العلاء المعري .

وكان البروفايل الصحفي الذي أبدع فيه الطيب صالح حصيلة المهارة الوصفية في تجربته السردية، روائياً وقصصياً، وفي الآن ذاته حصيلة ذلك الاطلاع الواسع، الذي جعله "يتفوق على الذين كتبوا هذا الجنس من أجناس العمل الصحفي بقدرته المذهلة في صك الأوصاف بلغة فاخرة وجذابة"، كما قال طلحة جبريل .

سنتذكر ما قاله سلامة موسى عن الخبر المقالي والمقال الخبري، ونحن نطالع مساهمات الطيب صالح في كتابة التقرير الإخباري، كجنس من المقال أجاده الطيب صالح .

ثمة أمر مهم يتصل بموقف الطيب صالح من الحياة والناس والمجتمع، فالمقالة الأنيقة، المثقفة، وحتى المفكرة للرجل، القائمة على العناية بجمال اللغة وسلامتها وتكثيفها، لم يمنعه من الانخراط الواعي والشجاع في مناقشة هموم الوطن، وما أدل على ذلك من مقالته الشهيرة: "من أين جاء هؤلاء الناس"، التي دخلت تاريخ المقالة السياسية في السودان .

"من أين جاء هؤلاء الناس؟ أما أرضعتهم الأمهات والعمات والخالات؟ أما أصغوا للرياح تهب من الشمال والجنوب؟ أما سمعوا مدائح حاج الماحي، وود سعد، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي وأحمد المصطفى؟ أما قرأوا شعر العباسي والمجذوب؟ أما سمعوا الأصوات القديمة، وأحسوا بالأشواق القديمة، ألا يحبون الوطن كما نحبه؟ إذاً، لماذا يحبونه وكأنهم يكرهونه، ويعملون على إعماره وكأنهم مسخرون لخرابه؟" . ثم يختم "من أين جاء هؤلاء الناس، بل مَن هؤلاء الناس؟" .

ألا يذكرنا هذا النص البديع بقول محمود درويش: "ألا تحفظون قليلاً من الشّعر كي توقفوا المذبحة؟/ ألم تولدوا من نساء؟ ألم ترضعوا مثلنا/ حليب الحنين إلى أمّهات؟/ ألم ترتدوا مثلنا أجنحة/ لتلتحقوا بالسّنونو/ وكنّا نبشّركم بالرّبيع، فلا تشهروا الأسلحة!"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة