الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعاية الإعلامية

كوسلا ابشن

2022 / 4 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يحتل الاعلام مكانة مؤثرة في الصراع السياسي والايديولوجي,الذي يدور بين القوى المتناحرة و المتصارعة من أجل تحقيق أهداف هذه الجهة أو تلك. كما يعد الإعلام آداة مؤثرة في الخيارات و القرارات السياسية و آداة أكثر تأثيرا على الناس في جلب التأييد و التضامن مع هذه الاطروحة أو مع نقيضها, أو العكس آداة في تشويه و تقزيم هذا الطرف أو ذاك من القوى المتصارعة.
مع ثورة الاتصالات و المعلوماتية يتمتع الاعلام السلطوي خصوصا, بكل الامكانيات المتوفرة و الوسائل المتاحة للدعاية الرجعية التضليلية و الظلامية, و الدعاية للثقافة الإستهلاكية و للإستلاب الثقافي. ومع هذا التطور التيكنولوجي أصبح بإمكانية السلطة السياسية التجسس على المعارضين و معرفة بياناتهم الخاصة و إبتزاز المعارضين و شراء الذمم و خوض الحملات الإعلامية ضد الخصوم و الأعداء. في الوقت الذي يتمتع الإعلام السلطوي الإستبدادي و الإمبريالي من الإمكانيات المالية و اللوجيستية للدعاية اللاأخلاقية, يتعرض الاعلام الحر للحواجز و العراقل و المضايقات و التوقيف و التخريب و تهديد كوادره, لمنعه من آداء دوره التنويري و التثقيفي و التحرري.
أثناء الحروب تكون طبيعة الإعلام هي الدفاع عن القوى المتحاربة, كل على حدة, و نقل آراء هذه القوى المتصارعة و تبريراتها و أهدافها. و للأهمية السياسية و الإيديولوجية للإعلام, تلعب الدعاية الإعلامية في الحرب الدور المحوري و الكبير في جلب تأييد و تضامن البلدان و حكامها و شعوبها مع هذه الجهة أو تلك. و في مهمة كسب الحلفاء و التضامن يلعب الإعلام الحربي سواء دوره الموضوعي في نقل أحداث الحرب بواقعية و موضوعية, أو العكس يلعب الإعلام دوره اللاأخلاقي في تزوير الحقائق و نسج الإختلاقات و الأكاذيب في التعاطي مع أحداث الحرب, فالإعلام الحربي ليس له حدود توقفه لكسب التعاطف و التضامن الدولي الرسمي و الشعبي.
المتتبع للحملة العسكرية الروسية ضد أوكراينا, يلاحظ الحملة الإعلامية المغطية لأحداث الحرب سواء للدعاية لصالح الروس أو للدعاية لصالح أوكراينا. هذه الدعاية الإعلامية المتخذة في شكلها العنفي و اللاأخلاقي يتحكم فيها عامل السياسية و عامل الإيديولوجية, فالروس يتهمون القيادة الأوكراينيا بالنازية و العمالة للغرب و أمريكا, و أوكراينا تتهم الروس بالتوسع الإستعماري و إقتراف جرائم الإبادة الجماعية للشعب الأوكرايني.
لقد تجند الإعلام و معه مجموعات متخصصة في التلاعب بالأخبار ( الذباب الإلكتروني), نشطة ولها شعبية, تبث رسائلها بلغات متعددة تساند الطرف الروسي, وفي الطرف الآخر نجد مجموعات آخرى تساند الطرف الأوكرايني. و الهدف من رسائل الذباب الإلكتروني هي الدعاية الإعلامية على المستوى العالمي لفبركة الأخبار و التلاعب بالمشاهد التصويرية, لكسب التأييد لروسيا و حملتها العسكرية (الحملة الخاصة), و إقناع العالم بضرورتها لحماية الناطقين باللغة الروسية من بطش النازيين الأكراينيين,أو على العكس تقوم المجموعات الآخرى بالدعاية لكسب تأييد العالم لأوكراينا و التضامن مع شعبها و مساعدتها بالسلاح لمقاومة روسيا المعتدية و وقف طموحها الإستعماري.
في هذه الحرب الإعلامية التي تستخدم فيها كل الوسائل الحديثة لإيصال الأخبار و المعلومات و الصور و الأفلام على حسب تصور و رأي الناشر, ويستقبل المشاهد و السامع و القارئ هذه المعلومات على مقاس أطراف الحرب, سواء كان الطرف روس أو أوكرايني. الكثير من التقارير و الأخبار غير صحيحة, وكم من مشهد مروع كان مجرد تمثيلية أمام الكميرا, لينقل للمشاهد على أنه مجزرة إرتكبها أحد أطراف الحرب. أثناء الحرب فأمر طبيعي للإعلام بالتصرف باللاأخلاقية.
في الواقع, وما هو مقتنع به, هو أن هناك مؤامرة لعسكرة المنطقة بإرسال المزيد من الأسلحة الحربية على شكل مساعدات عسكرية, لإدامة زمن الحرب وإضعاف القدرات الإقتصادية للطرفين, و قد يتم في الآخير التدخل العسكري "الأممي", وطبعا بعد الحرب ستتدفق الإستثمارات الغربية و الديون المالية من المؤسسات البنكية العالمية. أما الآن فالحرب أثرت على إقتصاديات العالم وقد تؤدي الى أزمات إقتصادية و إضطرابات سياسية. الملاحظ أن الإعلام الغربي حاليا يتجنب الحديث عن كل المشاكل الإقتصادية والإجتماعية و السياسية الداخلية, ليلفت نظر الناس الى ما هو خارجي, الى ما يسميه بأهوال الحرب في أوكراينا, و الإعتداءات الهمجية الروسية و الإبادات الجماعية, و قد يكون في بعض الأقوال و المشاهد شيْ من الحقيقة, لكنه ليس الحقيقة الكاملة.
يقول لينين في الدعاية التضليلية:" لقد كان الناس دائما وسيبقون دائما في السياسة ضحايا الخداع من قبل الاخرين وانفسهم,مادموا لم يتعلموا وراء العبارات,والتصريحات و الوعود الاخلاقية و الدينية و السياسية والاجتماعية ان يميزوا مصالح هذه الطبقات وتلك" (المؤلفات الكاملة,المجلد23, ص47 ).
الإعلام الغربي لا يتحرك إلا لضامن مصالح تجار الحرب, وعلى الشعوب الغربية المحبة للسلام التنديد بهذا الإعلام التضليلي و الإحتجاج عن مواقف الحكام الداعمة للحرب و المطالبة بوقف الحرب و البدء في محادثات السلمية لإنهاء الحرب و أسبابه الحقيقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر