الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تطور الاخلاق في إطار الأنماط أو التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية للبشرية .....

غازي الصوراني
مفكر وباحث فلسطيني

2022 / 4 / 25
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية




إن الرؤية المنهجية التي استند إليها الفكر النقدي في المسألة الأخلاقية ، تدلنا أن المذاهب الأخلاقية ما هي إلا أحداث اجتماعية بذاتها ، هذا ما أكد عليه " ماركس " الذي ميز أربعة أنماط كبيرة للعلاقات الاجتماعية في التاريخ العالمي تتناسب معها أربعة أنماط كبيرة للأخلاق:
النمط الأول : ( المشاعية ) وهو نمط العلاقات الطبيعية العشائرية ، والقبلية القائمة على قرابة الدم ، واللاطبقية عند الإنسان البدائي .
النمط الثاني : ( العبودي والإقطاعي ) وهو نمط علاقات التبعية الشخصية ، علاقات السيطرة المباشرة والخضوع . وتبرز هذه التبعية بشكلها الأبسط والأكثر قوة في نظام الرق الإقطاعي ، ويتميز هذا النمط بنوع خاص من الأخلاق يبرز صرامة عدم المساواة الاجتماعية بين الناس " العبودية ، وتبعية الرق " ، (والمعروف أن هذا النمط لم تعرفه مجتمعاتنا العربية إلا بالمعنى الجزئي فيما يتعلق بشكل النظام الإقطاعي ، وان كان في جوهره قد حمل الكثير من أوجه التشابه السياسية والأخلاقية في سياق علاقة أشباه الإقطاعيين العرب بالفلاحين والأجراء) .
- فقد تشكلت في المجتمعات العبودية والإقطاعية تصورات الناس الأخلاقية واختلطت عفوية الناس في هذه المجتمعات بالرؤية الأخلاقية للطبقات الحاكمة بما يعزز دورها وهيمنتها.
- وفي هاتين التشكيلتين ، أو ما يسمى بالعصور الوسطى، نسبت الأخلاق إلى الأديان وبما يتفق مع مصالح الطبقة السائدة ، وذلك عبر العديد من الفلاسفة (ابيقور ، وافلوطين ، واوغسطين ،والمدرسة السكولائية ، وروجر بيكون وتوما الأكويني ثم الأخلاق البروتستينية (مارتن لوثر وكالفن) .
النمط الثالث : الرأسمالية : وهو نمط علاقات التبعية المسيطرة على أفراد غير تابعين أو احرار في بيع قوة عملهم ، مستقلين ذاتياً من الناحية الحقوقية وتشكل هذه العلاقات عمليات الاستغلال الرأسمالي ، والأخلاق المسيطرة في المجتمع هي الأخلاق البرجوازية .
إن الأخلاق الجديدة – في المجتمعات الرأسمالية ، عبرت بوضوح عن المصالح الفردية للبورجوازية وشكلت أداتها الفكرية في تدعيم سيطرتها ، وهي تنطلق من أن الملكية الخاصة هي ماهية الإنسان الاجتماعي ، كما تنظر إلى نشاط رجال الأعمال على أنه مغزى الحياة البشرية وهدفها ، وترى فيه معيار كرامة الفرد وحب الرفعة والعدالة التي تعني هنا المنفعة المتبادلة ، أما الحرية فهي تعني حرية المنافسة الرأسمالية شرط لحرية الفرد .
والحقيقة أن جوهر الأخلاق البورجوازية يقوم على الفردية والأنانية، أنها أخلاق لا تعترف ، في العلاقات بين الناس ، إلا برابطة واحدة هي المصلحة العارية ، والمنفعة الخاصة والكسب الشخصي ، أنها الأخلاق التي تبرر الحروب وكراهية البشر ، وان الحق دائماً إلى جانب القوة ،كما يتبدى نفاق الأخلاق البورجوازية بالدعوة إلى "حقوق" الشخصية " وحريتها " التي يروجون لها اليوم في إطار حقوق الإنسان والديمقراطية وهي كلها تركز على الحقوق بالمعنى الفردي الرأسمالي وليس بالمعنى المجتمعي، ضمن سقف المصالح الإمبريالية المعولمة في المرحلة الراهنة ، وليست المنظمات غير الحكومية في بلادها الأم سوى واحدة من الآليات التنفيذية المروجة " لأخلاق " البورجوازية الليبرالية المعولمة في عصرنا ، إنهم يتحكمون في مقدرات شعوب وطننا العربي ويسلبون مواردنا ويقدمون الدعم لأنظمة الاستبداد في بلادنا في موازاة دعم هذه المنظمات التي تتحدث عن الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية في بلادنا ضد أنظمة القمع والاستبداد التي أقاموها .. وهنا تكمن المفارقة !!
إن الوعي الأخلاقي البورجوازي ، بتبريره الرأسمالية مضطر لتبرير العيوب والرذائل الناجمة عنها ، وهو يعتبر أن الإجراءات اللاأخلاقية شيئاً مقبولاً ، وضرورياً أحياناً ، أنه يتدنى إلى مستوى الكلبية cynicism التي تحتقر آداب وثقافة المجتمع وقيمه الروحية والأخلاقية .
- فالمعروف إن البرجوازية بعد استيلائها على السلطة ، تسعى إلى ممارسة الحلول الوسط ليس فقط في السياسة بل و أيضاً في الأخلاق سواء عبر تحالفها مع بقايا الأرستقراطية أو إقامة أية تحالفات غير أخلاقية لكبح الحماس الثوري للجماهير ، هذه الصورة تتجلى بوضوح في بلدان وطننا العربي في التحالف الراهن لقوى البرجوازية الكومبرادورية والبيروقراطية الذي يعبر عن حالة الانكفاء نحو الأساليب الاستبدادية القديمة أو التوتاليتارية في إطار التخلف والتبعية و التطور المشوه.
النمط الرابع : الاشتراكية : التي ترث كل ما هو إيجابي في التجربة الأخلاقية للبشرية ، وتقوم على القطيعة النهائية مع أخلاق عدم المساواة الطبقية وعبودية الإنسان للإنسان ، وهي تستدعي حوافز إنسانية جديدة للتطور الأخلاقي للمجتمع والشخصية الاجتماعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة


.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا




.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي