الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النمو المتوقع في اقتصاديات دول العالم والدول العربية خلال عام 2022

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 4 / 25
الادارة و الاقتصاد


يشير تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية للبنك الدولي لعام 2022، إلى أنه بعد انتعاش قوي للنمو الاقتصادي يُقدَّر بنسبة 5.5% في 2021، من المتوقع أن يُسجِّل معدل النمو العالمي تباطؤاً ملحوظاً في 2022 إلى 4.1% الذي يُعزَى إلى الموجات المتواصلة لجائحة فيروس كورونا، وتقليص تدابير الدعم المالي، واستمرار اختناقات سلاسل الإمداد في مختلف دول العالم.
كما شهدت معظم مؤشرات أداء الاقتصاد العربي تحسناً، (إذ ارتفع نصيب الفرد من الناتج في الدول العربية بمعدل 13 % ليبلغ 6375 دولارا في المتوسط ونحو 15445 دولارا بمعيار تعادل القوة الشرائية. ويتوقع تحسن نصيب الفرد من الناتج في الدول العربية ليصل إلى 6612 دولارا في المتوسط العام الحالي رغم ارتفاع عدد السكان من 443 مليون نسمة إلى 452 مليونا خلال الفترة نفسها).
ويؤكد تقرير للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)، أن معدل نمو التجارة الخارجية العربية حقق انتعاشاً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بنسبة 21.7 % لتصل حجمها إلى نحو 2,2 تريليون دولار نتيجة نمو الصادرات العربية بنسبة 31.1 %، وكذلك نمو الواردات العربية بنسبة 12.6 % مع توقعات بارتفاعها خلال عام 2022 لتصل الى نحو 2,4 تريليون دولار. وارتفع مبلغ الاحتياطي العربي من العملات الأجنبية أيضاً ليتجاوز التريليون دولار وهذا يكفي لتغطية الواردات العربية من السلع والخدمات لمدة تزيد عن 5 أشهر.
معدلات النمو في الاقتصادات العالمية:
تتوقع التنبؤات عودة مستويات الانتاج والاستثمار في الاقتصادات المتقدمة خلال عام 2022 إلى اتجاهاتها السائدة قبل حلول الجائحة، وستظل دون هذه الاتجاهات في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية بسبب معدلات التطعيم المنخفضة، وتشديد سياسة المالية العامة والسياسة النقدية، واستمرار تداعيات الجائحة وآثارها.
كما (تشوب آفاق المستقبل احتمالات مختلفة لتدهور الأوضاع منها تعطيلات متزامنة للنشاط الاقتصادي بفعل المُتحوِّر أوميكرون، واستمرار اختناقات جانب العرض، وخروج توقعات التضخم بعيداً عن المستهدف، والضغوط المالية، والكوارث المرتبطة بتغير المناخ، وانحسار مُحرِّكات النمو طويل الأجل. ومع عدم امتلاك اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية لحيز للتصرف من خلال السياسات لدعم النشاط الاقتصادي إذا اقتضت الحاجة، قد تتفاقم مخاطر حدوث هبوط حاد).
يُظهر الشكل رقم 1 أدناه نسبة إسهام الاقتصادات الكبرى والتنبؤ في معدلات نمو الاقتصاد العالمي خلال الفترة 2021-2023، حيث يشير العمود الأول إلى متوسط المساهمة في النمو في فترة السنوات 2015-2019. وتُحتسَب الإجماليات باستخدام الأوزان الترجيحية لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي بمتوسط أسعار الدولار الأمريكي وأسعار صرف السوق في السنوات 2010-2019. كما تشير المنطقة المظللة إلى التوقعات، حيث من المتوقع تباطؤ معدل النمو العالمي في 2022 و2023.
الشكل رقم 1 إسهام الاقتصادات الكبرى في النمو الاقتصادي العالمي

المصدر: البنك الدولي.
(تشير التقديرات إلى أن معدل النمو العالمي سيشهد تباطؤاً حاداً مع تبدُّد آثار الانتعاش الأولية للاستهلاك والاستثمار، وإنهاء العمل بتدابير دعم الاقتصاد الكلي. ويُعزَى جانب كبير من التباطؤ العالمي في الفترة الزمنية التي يغطيها التنبؤ إلى الاقتصادات الكبرى، وهو ما سيؤثِّر أيضا على الطلب في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية).
ويُظهر الشكل رقم 2 أدناه، (نسبة الانحراف المئوية بين أحدث التوقعات والتنبؤات الواردة في إصدار يناير/كانون الثاني من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية. وبالنسبة لعام 2023، تم تمديد خط الأساس في يناير/كانون الثاني 2020 باستخدام النمو المتوقع لعام 2022. وتُحتسَب الإجماليات باستخدام الأوزان الترجيحية لإجمالي الناتج المحلي الحقيقي بمتوسط أسعار الدولار الأمريكي وأسعار صرف السوق في السنوات 2010-2019. تشير المنطقة المظللة إلى توقعات).
الشكل رقم 2 انحراف الناتج عن اتجاهات ما قبل الجائحة

المصدر: البنك الدولي.
من المتوقع أن تشهد معدلات النمو الاقتصادي في اقتصادات الدول الصاعدة والنامية تعافياً أضعف من المتوقع في اقتصادات الدول المتقدمة. والرسم البياني التالي يوضح درجة انحراف الناتج المحلي الإجمالي عن اتجاهات ما قبل جائحة فيروس الكورونا.
المتوقع أيضاً أن تشهد معظم اقتصادات الأسواق الصاعدة والدول النامية تراجعاً كبيراً للناتج بسبب الجائحة، على النقيض من الوضع في الاقتصادات المتقدمة، لذلك لن تكون معدلات النمو الاقتصادي فيها قوية بالقدر الكافي لعودة الاستثمار أو الناتج إلى اتجاهات ما قبل الجائحة في الفترة الزمنية التي يغطيها التقرير في التنبؤ 2022-2023.
معدل نمو الاقتصادات العربية:
قُدر معدل نمو الاقتصادات العربية خلال عام 2021 بنسبة 2.7%، ومن المتوقع أن يقدر هذا المعدل في عام 2022 بنسبة 5.2 %، مقارنة مع معدل نمو متوقع للاقتصاد العالمي بنسبة 5.9 و4.9 % خلال الفترة نفسها، مع بدء تعافي الاقتصاد العالمي بسبب الإصلاحات وحُزم الدعم العربية لمواجهة جائحة «كورونا» التي تجاوزت 340 مليار دولار أمريكي مع نهاية سبتمبر/أيلول 2021، والتي ساعدت على تعزيز فرص التعافي خلال عام 2021.
وتتصدر ليبيا الدول العربية في معدل النمو الاقتصادي خلال عام 2022 حسب تقرير "آفاق الاقتصاد العربي" الصادر مؤخرا عن صندوق النقد العربي. وتضمنت التوقعات نمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.4% خلال العام المقبل، بينما جاءت اليمن بنسبة نمو متوقعة 1.2% وستكون أقل دولة متوقع لها النمو ضمن 20 دولة عربية تضمنها التقرير.
حقق الناتج المحلي الإجمالي العربي خلال عام 2021 نمواً بمعدل 4.4 % ليتجاوز مبلغ 2,8 تريليون دولار، وفقا لتقديرات المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان). ويعود هذا التحسن إلى الانحسار النسبي لتداعيات أزمة جائحة كورونا، والارتفاع الكبير في أسعار النفط، والنمو الذي شهده الاقتصاد العالمي ونموه بنسبة 5.9 % خلال 2021.
للمقارنة مع معدلات النمو في بداية القرن الواحد والعشرين، أشار البنك الدولي في تقريره السنوي الذي صدر بعنوان (آفاق نمو الاقتصاد العالمي والدول النامية لعام 2001) إلى أن معدل النمو في اقتصاديات الدول العربية خلال عام 2001، بلغ نسبة 4.8 في المائة مقابل 2.8 في المائة لعام 2000، أي زيادة بنسبة 2 في المائة نتجت عن تحسن بعض مؤشرات الأداء الاقتصادي للدول العربية، وبخاصة مؤشر إجمالي الناتج المحلي الذي وصل إلى نحو 621 مليار دولار، وكذلك مؤشر زيادة حجم الصادرات لتصل إلى حوالي 165 مليار دولار، مقابل 154مليار دولار واردات، كما تحسن أداء القطاع المصرفي وهياكل الإنتاج، إضافة إلى استمرار الدول العربية في تنفيذ برامج للإصلاح الاقتصادي الهيكلي والمالي وارتفاع عائدات النفط.
صنف تقرير للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات (ضمان)، الدول العربية إلى ثلاث مجموعات حسب معدلات النمو الاقتصادي: المجموعة الأولى - وتضم الإمارات والكويت والسعودية وسورية وسلطنة عمان وقطر والبحرين واليمن والسودان والجزائر. المجموعة الثانية - وتضم مصر والأردن وتونس ولبنان. المجموعة الثالثة - وتضم ليبيا والمغرب وموريتانيا.
يلاحظ تفاوت معدلات النمو المتوقعة في الدول العربية حيث ستقفز إلى حوالي 5 في المائة في معظم دول مجلس التعاون الخليجي وتزداد من 4% في دول المغرب العربي، والنمو المتوقع في الجزائر يصل لحوالي 4.3% بزيادة 1% مقارنة بالعام الماضي.
هل تنجح الدول العربية في السيطرة على معدلات التضخم في اقتصادياتها؟ حيث من المتوقع أن ستزداد معدلات التضخم في مصر والكويت والسعودية والأردن وتونس ومعظم الدول العربية.
مازالت معظم دول مجلس التعاون حريصة على مواصلة الإصلاحات الهيكلية التي أقرتها العام الماضي 2000 لتعزيز القطاعات الحكومية، ومنح القطاع الخاص دوراً أكبر للمساهمة في المشروعات التنموية وتهيئة المناخ لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية خاصة في المجالات الجديدة كالسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. علاوة على الاتجاه لخصخصة بعض القطاعات والسماح للقطاع الخاص بالاستثمار في قطاعات خدمية كالكهرباء والاتصالات.
يؤدي ارتفاع أسعار النفط حالياً، وانتعاش حركة النشاط الاقتصادي والإنتاجي في الدول العربية المصدرة للنفط إلى دعم أوضاعها المالية على المستويين الوطني والخارجي. كما ارتفعت قيمة رؤوس أموال المشروعات المشتركة لدول المجلس وتوزعت على مشروعات كبيرة في مختلف المجالات الحيوية كالتجارة والمقاولات والصناعة والخدمات المالية والزراعة. كما ارتفع حجم التجارة الخارجية لدول المجلس والتجارة البينية.
تبرز أهم الأولويات أمام التحديات التي تواجه الاقتصادات العربية في عام 2022 تبني التدابير التي من شأنها تعزيز مصادر الأموال اللازمة لدعم التعافي الاقتصادي، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل للسكان. إضافة إلى تبني سياسات كفيلة بمواجهة المخاطر المشتركة التي تواجه الاقتصادات العربية، ومن أهمها دعم قدرة الحكومات العربية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومواجهة المخاطر المرتبطة بارتفاع مستويات المديونية والهشاشة المالية، والوفاء بالالتزامات الدولية خاصة في مجال خفض انبعاثات الكربون.
وتجدر الإشارة إلى الخطوات الاقتصادية التي اتبعتها دول المجلس خاصة فيما يتعلق بتسريع البرنامج الزمني لقيام الاتحاد الجمركي، وتوحيد التعريفة الجمركية والاهتمام بالاستثمار في مجالات الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الإلكترونية. فضلاً عن السعي لاستحداث آليات تتولى تسوية المنازعات التجارية، والانضمام المدروس والمتريث لمنطقة التجارة العالمية وفق معايير وضوابط وقواعد تراعي مصالح وخصائص الاقتصاديات الخليجية، بالإضافة إلى الحرص على تعزيز استقرار أسعار صرف العملات الوطنية.
الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري
كلية الاقتصاد - جامعة دمشق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنتاج مصر من القمح يكفي لسد 50 % من احتياجاته السنوية | #مرا


.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 20-4-2024 بالصاغة




.. سفير غير معروف.. المعارضة في فنزويلا تختار مرشحها لمنافسة ما


.. أسعار النفط العالمية تقفز بأكثر من 4% بعد الهجوم على إيران




.. دعوات في المغرب لا?لغاء ا?ضحية العيد المقبل بسبب الا?وضاع ال