الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معضلة انتخاب رئيس الجمهورية

سربست مصطفى رشيد اميدي

2022 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


منذ مصادقة المحكمة الاتحادية العليا يوم 27/12/2021 على نتائج انتخابات مجلس النواب المبكرة التي جرت لتارخ 10/10/2021، وعلى الرغم من ان الدستور العراقي قد حدد مواعيد محددة لانعقاد الجلسة الاولى لمجلس النواب، وانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ومن ثم انتخاب رئيس للجمهورية، ليقوم بتكليف مرشح الكتلة الاكبر عددا لتشكيل الحكومة خلال مدة ثلاثين يوما وتقديمها لمجلس النواب للتصويت عليها. لكن للاسف لم يتم تشكيل الحكومة لحد الان لا بل لم يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية حسب احكام الدستور، والسبب واضح هو عدم تحقق نصاب الانعقاد في مجلس النواب لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تستلزم حضور ثلثي عدد اعضاء البرلمان، اي حضور 220 عضوا حسب قرار المحكمة الاتحادية المرقم 16/ اتحادية/ 2022 الصادر بتاريخ 23/2/2022 بعد تفسير المادة 70 من الدستور العراقي بطلب من السيد رئيس الجمهورية. والمعروف ان القوى السياسية المنضوية في الاطار التنسيقي الذي تشكل بعد اعلان النتائج الاولية للانتخابات المبكرة مع بعض القوى الاخرى، ترفض حضور جلسات مجلس النواب وذلك لضمان عدم تحقيق النصاب لانعقاد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، على الرغم من عددا من تلك القوى لديها مرشحين يتنافسون على منصب رئيس الجمهورية، وهذا يدل بان تلك القوى على يقين كامل بان اي من مرشحيها لا يمتلك اية فرصة للفوز بهذا المنصب.
ان موضوع هذه الازمة السياسية ياخذ الان الحيز الاكبر من الاجتماعات الحزبية وتغطية وسائل الاعلام،
وتفاعل منصات التواصل الاجتماعي، حيث اشيع منذ فترة اصطلاح (الانسداد السياسي) للتعبير عن هذه الازمة او المعضلة. وفي الحقيقة هو ليس انسداد سياسي بقدر ما هو تعبير عن المحاصصة الحزبية في تشكيل الحكومات السابقة، ويعبر عن رفض الجميع عدم المشاركة في (تقسيم الكعكة) حسب اصطلاح بعض النخب الحزبية في العراق منذ سنين، وعم استعداد اية جهة للدخول في مجال المعارضة البرلمانية التي هي احدى صفات نظم الحكم التي توصف بكونها ديمقراطية، او على الاقل تتجه في المسار الديمقراطي. وهذا الذي يحدث في العراق ليس بسبب ذاتي نتيجة طبيعة نظام الحكم في العراق الذي هو نظام برلماني، وانما بسبب فعل فاعل هي القوى السياسية التي أفرزتها العملية السياسية في العراق بعد 2003. حيث المعروف انه في نظم الحكم البرلمانية فان القوائم التي تدخل المنافسة الانتخابية سواء كانت منفردة أم بشكل تحالف انتخابي تتشكل نتيجة الاتفاق على برنامج انتخابي، فانها اذا فازت بالمرتبة الاولى في الانتخابات من حيث عدد المقاعد التي تحصل عليها في المجلس النيابي، فان مرشحها يجب ان يكلف بتشكيل الحكومة الجديدة وخلال مدة محددة غالبا ما تكون ثلاثين يوما، والذي يفتح باب الحوار مع كتل نيابية اخرى اذا كان لا يملك النسبة المطلوبة من عدد مقاعد المجلس النيابي لضمان الحصول على النسبة الدستورية المطلوبة للتصويت على تشكيل الحكومة. واذا لم ينجح الشخص المكلف بالحصول على التاييد النيابي اللازم للتصويت على تشكيل حكومته فانه يكلف شخص اخر من نفس الكتلة النيابية او من الكتلة التي تليها لتشكيل الحكومة.
وفي العراق فان نص المادة 76 من الدستور واضح من حيث تكليف مرشح الكتلة النيابية الاكثر عددا بتشكيل الحكومة، لكن عقب انتخابات الدورة الثانية لمجلس النواب في 7/3/2010 وبعد فوز الكتلة (الوطنية) ب 91 مقعدا، حيث كانت الكتلة الاكبر عددا في مجلس النواب، وكان يفترض ان يكلف مرشحها السيد (أياد علاوي) بتشكيل الحكومة، لكن المحكمة الاتحادية قد اصدرت قرارا اعتبرت الكتلة الاكبر عددا ممكن ان تتشكل بعد اجراء الانتخابات، وهذا خلاف طبيعة نظم الحكم البرلمانية وبخلاف مقصد المشرع العراقي حسب اعتقادي الشخصي، لهذا تم تكليف السيد (نوري المالكي) رئيس حزب الدعوة الاسلامية بتشكيل الحكومة. وهذا الامر تكرر بعد انتخابات الدورة الثالثة لمجلس النواب سنة 2014 حيث فازت دولة القانون ب93 مقعدا وكان يفترض ان يكلف السيد (نوري المالكي) بتشكيل الحكومة، لكنه استنادا على نفس تفسير المحكمة الاتحادية فقد استبعد من تكليفه بتشكيل الحكومة، وتم تكليف السيد (حيدر العبادي) بتشكيل الحكومة الجديدة. وهكذا كان الحال بالنسبة لانتخابات سنة 2018، حيث كان يفترض تكليف مرشح كتلة (سائرون) بتشكيل الحكومة، لكن نظرا لوجود احتمال عدم حصول ذلك المرشح على النسبة اللازمة وهي الاغلبية المطلقة لعدد اعضاء البرلمان حسب الفقرة الرابعة من المادة 76 من الدستور، ولهذا تم الاتفاق بين كتلتي (سائرون) و(الفتح) بترشيح السيد (عادل عبد المهدي) لتشكيل الحكومة، والتي تم اسقاط حكومته نتيجة الضغط الشعبي بعد انتفاضة تشرين 2019، والانتهاكات والجرائم التي اقترفت من قبل الاجهزة الامنية ومسلحي الاحزاب الحاكمة بحق المتظاهرين المدنيين الثائرين ضد الوضع السياسي والمعيشي والخدمي المزري.
اما الان فانه يفترض تكليف مرشح الكتلة الصدرية باعتبارها الكتلة الاكبر عددا في مجلس النواب بتشكيل الحكومة الجديدة، خاصة وان لديه تحالف او تفاهم مع اكبر كتلتين نيابيتين من القوى السنية والكردية، لكن نظرا لكون الدستور ينص بان يتم تكليف مرشح الكتلة الاكبر عددا في مجلس النواب من قبل رئيس الجمهورية المنتخب حسب المادة 70 من الدستور، وحيث هنالك عدم امكانية لانعقاد جلسة مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية، خاصة بعد قرار المحكمة الاتحادية المشار اليه اعلاه. ولا يوجد هنالك اي افق لامكانية حضور نواب الاطار التنسيقي لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، حيث يصر قادة احزاب الاطار وحلفائهم على تشكيل حكومة ائتلافية واسعة استنادا الى مبدأ المحاصصة الحزبية التي تم تشكيل الحكومات السابقة على اساسها، علما ان هذه القوى نفسها كانت تنادي سابقا بحكومة الاغلبية، لا بل وصلت احيانا للمطالبة بتعديل الدستور ليصار الى تطبيق نظام الحكم الرئاسي بدلا من البرلماني، لانها كانت تعتقد في حينها انها تضمن الاغلبية الكافية والمريحة في مجلس النواب. لكن بعد حصولها على ما يقارب ثلث عدد اعضاء البرلمان او اكثر من ذلك بقليل فانها تنادي الان بالمبدأ التي سمتها (الثلث الضامن) وهو في حقيقته ( ثلث معطل) للعملية السياسية في البلاد سواء بانتخاب رئيس جديد للجمهورية او تكليف مرشح لتشكيل الحكومة، وهو بدعة طبقت في لبنان سابقا ويطبق الان بنفس الاسلوب والاهداف في العراق.
وحيث انه برزت الان اصوات سياسية وقانونية لتعديل بعض مواد الدستور الغير خلافية، ومن ضمنها دعوة السيد رئيس مجلس القضاء بتعديل المادة 76 من الدستور لتكون بشكل واضح وجلي بان الكتلة الاكبر عددا تعني القائمة الانتخابية التي دخلت المنافسة الانتخابية وفازت باكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب. فاننا نضيف بان يتم تعديل المادة 72 من الدستور، (في حال امكانية ذلك التعديل) بان تكون مدة ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات بدلا من أربع سنوات، وذلك لضمان استمرار العملية السياسية وسلاسة تشكيل الحكومة. حيث انه بمجرد انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، فان استمرار رئيس الجمهورية بمهامه بشكل دستوري فانه سقوم بتكليف مرشح الكتلة النيابية الاكبر عددا التي فازت في انتخابات مجلس النواب بتشكيل الحكومة الجديدة. بحيث لا تدخل العملية السياسية في نفق بعد انتخابات كل دورة جديدة لمجلس النواب، ولايتم تعليق تشكيل الحكومة برغبة ومطالبات القوى النيابية بفرض مشاركتها في الحكومة الجديدة، بل يكون الائتلاف الداعم للحكومة هو الذي يوافق على مبادي البرنامج الانتخابي للكتلة الفائزة في الانتخابات الذي يتحول الى برنامج حكومي بعد تكليف مرشحها بتشكيل الحكومة. وينطبق هذا المقترح على اقليم كوردستان ايضا بان تكوم مدة ولاية رئيس الاقليم خمس سنوات بدلا من اربع لنفس الاسباب اعلاه، حيث يتوقف كل شيء بعد كل عملية انتخابية سواء في المركز او في الاقليم، ويدخل البلاد والعباد في ازمة سياسية ودستورية وحتى اقتصادية ومعيشية ولربما امنية، لغاية الاتفاق الاطراف السياسية التي تختلف على( حصصها) سواء في حكومة الاقليم او في الحكومة المركزية، والتي قد تتفق مؤقتا، ولكن قد لا تتفق او تتراجع عن انفاقها بمجرد اختلاف الظروف السياسية، ويتحمل المواطن العراقي كل تبعات هذه الاختلافات او الاتفاقات. لانه لا يعقل ان ترهن ارادة الناخبين اللذين شاركوا في الانتخابات، وصوتوا لجهات محددة استنادا الى حرية التعبير عن الراي التي ضمنها الدستور العراقي، ان ترهن الاتفاق والتوافق او الاختلاف هذا على المحاصصة الحزبية في تشكيل الحكومة ومؤسسات الدولة العراقية او في الاقليم، ويدخل البلاد في ازمة سياسية خانقة ولربما فوضى لا تحمد عقباها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة