الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تنفيذ الاعدام وتفاهة الاعلام

محمد باليزيد

2022 / 4 / 25
الغاء عقوبة الاعدام


لا يحتاج المرء اية درجة من الذكاء كي يفهم ان الاعلام، اعلام اية حضارة، اية دولة، اي حزب... هو اعلام يخدم بالضرورة وجهة معينة من الثقافة والوعي. تختلف المسالة فقط في درجة "المباشرة/التستر". فالاعلام التابع للجهات المتخلفة او الضعيفة لا يجد حرجا في الذهاب بوضوح ومباشرة الى ما يسعى اليه، بينما الاعلام الخادم للاطراف القوية الواثقة من نفسها يتمتع بقدر كبير من الاستقلالية ويخدم وجهة نظره محاولا ما امكن اظهار الحيادية والعلمية والنزاهة. وهذا ما كنت اعتقده في F24.
في حلقة من برنامج "قالوا لكم"، كان الموضوع هو "تنفيذ حكم الاعدام". خلاصة الحلقة كانت هي:
قالوا لكم ان تنفيذ حكم الاعدام في المحكوم عليهم به يؤدي الى تقلص ذلك النوع من الجراءم والحقيقة ان ذلك يؤدي، عكس ما قالوا، الى زيادة تلك الجراءم."
اول ملاحظة، في نظري، هي ان الموضوع اكبر بكثير من هذا النوع من البرامج، على الاقل لان الوقت المخصص للحلقة قصير جدا.
الصحفية/البرنامج وضعت نصب اعينها اقناع الجمهور بمسايرة "موضى حقوق الانسان" والدعوة الى عدم تنفيذ حكم الاعدام. وهذه الموضى او الفكرة لا عيب فيها ذاتيا ويمكن او حتى يجب مناقشتها. الا ان هزالة/تفاهة الحلقة تتمثل في الحجج التي دعمت بها الصحفية وجهة نظرها.
اهم حجة اوردتها الصحفية هي ما يلي:
"في ولايتين من الولايات المتحدة اجريت دراسة وبعدها كانت النتيجة ان الولاية التي ينفذ فيها حكم الاعدام لم تنقص الجراءم فيها، بل ازدادت."
فهمت انا ان الحجة التي قدمتها الصحفية هي حجة تناسب الجمهور العربي/الاسلامي تماما. لنتذكر ان كثيرا ما نسمع مثل ما يلي: "عالم امريكي توصل بعد الدراسة والتجارب الى الفكرة كذا، التي اشار اليها القران الكريم. مما يدل على صحة القران."
عقدة النقص التي لدينا تجعلنا انه حتى للبرهنة على صحة ديننا، نحتاج الى عقلية عدونا وعدو ديننا!!!؟؟؟
قلت ان الصحفية/البرنامج استغل بالذات نفس الميكانيزم ليقنع، وليس ليبرهن او ليفهم، ليقنع/يوهم الجمهور العربي بالفكرة الهدف.
فالحقيقة ان اقصى ما يمكن ان تصل اليه تلك "التجربة" ان انجزت فعلا هو عدم نقصان الجريمة في الولاية المذكورة وليس ازديادها. لانه، بكل بساطة، ربط ازدياد الجريمة بتطبيق حكم الاعدام لا يعني سوى "اقبال" الناس على الجريمة حيث راوا الاعدام ينفذ. اذا كانت فعلا تلك التجربة قد اقيمت فقد قام بها فريق بحث من البلداء. لماذا؟
اذا اردنا ان ندرس ظاهرة ما ونجرب عليها يجب اولا ان نحدد كل العوامل المحتمل تاثيرها. في حالتنا هذه هناك عوامل مثل (وقد اخطىء في عامل ما): نسبة البطالة، نسبة التمدرس ومستوياته، التعاطي للكحول، بنية وصلابة مؤسسة الاسرة.... كل هذه العوامل يستحسن عزلها/تحييدها كي نقوم بالتجربة. ولانه، في المجتمع، يصعب او يستحيال عزل عامل ما وتحييده، يبقى علينا ان نعرف من من العوامل كان له التحكم في النتيجة التي ظهرت. ففي حالة التجربة المزعومة لا بد ان البطالة مثلا قد ارتفعت او غير ذلك.
لنرجع الان الى جوهر الموضوع: مسالة تطبيق حكم الاعدام، هل تتعارض مع "حقوق الانسان"؟
هنا ساحاول فقط ان اعطي رايي دون الكلام عن نصوص قانونية ومواثيق ليست لي اهلية مناقشتها:
اولا، جريمة القتل، في عصرنا، ليست جريمة واحدة. فهي مستويات.
_ الجريمة الاولى هي قتل شخص لاخر بسبب صراع بينهما، على مال، على ارث على علاقة جنسية، ... وقد يصاحب هذا النية المسبقة او التمثيل بالجثة او.. او. كل هذا يدخل في المستوى الاول.
_مستوى اخر، شخص، واحيانا جماعة، قتل وهو مستعد لقتل المزيد من الناس لانهم يختلفون معه في المعتقد الديني، او لانهم لا يؤيدون النظام السياسي الذي يطمح هو لبناءه، مثلا الحاكمية لله.
مستوى اخر،شخص، او اشخاص، مسؤولون عن نظام سياسي او اقتصادي ادى الى تجويع الناس او مهد الطريق لحرب اهلية قتلت الناس او...
هذه مجرد امثلة، واعتقد ان القارىء سيتفق معي، اذا كنت مدعيا عاما في محكمة، وطلبت للصنف الثاني او الثالث اكثر من تنفيذ الاعدام.
تنفيذ الاعدام في هذه الحالات هو ضد حقوق الانسان وهو ارحم مع هؤلاء المجرمين الذين لا يستحقون ادنى قسط من الرحمة.
لكن، وفي نظري كذلك، هناك مسالتان تفرض علينا التفكير بجدية في تنفيذ الاعدام:
الاولى هي ان هذه العقوبة ليست ككل العقوبات وتنفيذها لا يترك اية فرصة للتراجع اذا، مثلا، وبعد الحكم بمدة ما، ظهرت عناصر جديدة في الملف وقد يتبين ان من ادين وحكم عليه بالاعدام، وربما نفذ فيه، ان هذا مجرد شخص غير محظوظ اجتمعت كل الملابسات لتدينه في حين نجى الفاعل الحقيقي.
المسالة الثانية ان تنفيذ حكم الاعدام يج،ب ان يدان لان هذه العقوبة هي الان عصا بيد كل الانظمة المتخلفة والديكتاتورية ترهب بها شعبها وتتخلص الى الابد من معارضيها بواسطتها. نحن ابناء العالم الثالث، حيث الاوضاع غير مستقرة ويمكن ان نصبح بين عشية وضحاها تحت حكم دكتاتوري، ومنا من هم تحته الان، نحن علينا ان نناضل ضد تنفيذ حكم الاعدام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. States must intensify their efforts to combat climate change


.. شبكات | اعتقال وفصل موظفين من غوغل احتجوا على مشروع نيمبوس م




.. لحظة اعتقال شيف سوري في تركيا


.. محمود عباس يرفض طلبا أميركيا بالتراجع عن تصويت عضوية فلسطين




.. ممثل الصين بمجلس الأمن يدعو للتصويت لصالح عضوية فلسطين الكام