الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فهم أحداث العالم المعاصر رهينة بفهم فلسفات-العالمية- الرأسمالية

محمد بوجنال

2022 / 4 / 28
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



لا شك أن الفلسفات الرأسمالية المعاصرة- وكذا سابقاتها- قد أثثت لإقبار مفاهيم من قبيل الصراع والمساواة والعدالة تحت مسميات عديدة كالبنيوية وما بعد البنيوية ونهاية التاريخ وصراع الحضارات وغيرها.وما ذاك سوى منطقها الداخلي المحكوم ببديهية " قبلية الملكية الخاصة والتفوق العرقي ".بهذا المعنى تحايلت على التاريخ والمجتمعات حيث ركزت وتركز على إخفاء بديهيتها وإظهارها مكرا بالمظهر الحقوقي والإنساني أو قل الديمقراطي..إنه المعنى الذي ضمّنته في ما سمته ب"العالمية" التي من داخلها تم بناء الاختلاف الذي ليس سوى بديهية مفهوم"العالمية" بألبسة سموها بفلسفة الاختلاف؛ فلسفة ادعت وتدعي كذبا دفاعها عن الحقوق والمساواة والعدالة. وقد تبدى ذلك على سبيل المثال لا الحصر،في إجراء التجارب على أفغانستان وغزو العراق وتدمير ليبيا وتخريب سوريا والاعتداء على اليمن واغتصاب واحتلال الأراضي الفلسطينية وممارسة كافة أنواع الإجرام بسكانها وهي كلها دول تبنت التصور القومي الحذر؛ وفي المقابل ،كانت وما زالت الحماية للدول الملكية وخاصة منها النفطية حيث تتوفر مادة ضمان ارتفاع نسب فائض القيمة. هذه البديهية ضمّنتها،كما رأينا، الفلسفة الرأسمالية في ما سمته ب"العالمية" التي كانت وما زالت تعرف تطورات؛ومن هنا،وهذا ليس موضوعنا، تزوير التاريخ.فلسفة هذه العالمية الرأسمالية اختلفت وتختلف حسب درجات وحدّة الصراع في التاريخ:العالمية كتنظيم، والعالمية كتجديد،والعالمية كغزو وتفتيت الدول واصطناع الحروب وأشكال الإرهاب.
فما حصل ويحصل اليوم في العالم لا يمكن فهمه إلا باستحضار البديهية الفلسفية للرأسمالية، وإلا سيبقى الاشتغال على مستوى مجمل المثقفين والمؤسسات الحزبية والنقابية ومؤسسات المجتمع المدني اشتغالا من داخل هذه البديهية وبأمر مباشر وغير مباشر من خلال أجهزتها المختلفة وهو الحاصل فعلا وبأشكال متداخلة مكوناتها القوة والدبلوماسية والليونة .؛ فالحدث هو ما يملي شكل العلاقة بين المكونات تلك حيث أحيانا يمكن استخدام القوة،وأخرى الدبلوماسية،وثالثة الليونة،وأحيانا أخرى هنّ جميعا.
فالشكل الأول من فلسفة العالمية الرأسمالية انصب على اعتماد النظام والتنظيم الذي اعتبرته أساس شكل الإنتاج الصناعي مرحلة ما بعد الحربين العالميتين؛شكل اعتمد التضامن وفق الصيغة التالية:أسبقية النظام أو التنظيم على الفرد أو قل اعتماد التكنولوجيا كقوة أساسية للتنظيم وممارسة السلطة وتحديد القيم.
أما الشكل الثاني من العالمية كفلسفة رأسمالية،فيتمثل،انطلاقا من ثمانينات القرن الماضي، في استبدال مفهوم التنظيم والنظام بمفهوم الإبداع باعتبار ذلك تطورا تحكمه وتفرضه البديهية لضمان الرفع من نسبة فائض القيمة؛ فتطلب ذلك انقلابا في المجال الاقتصادي والمقاولاتي والمجتمعي تمثل في الانتقال من فلسفة إضفاء الطابع العالمي على الفردية حيث كل فرد يريد أن يكون مثل غيره من حيث القانون وفي نفس الآن متفرّد بفرديته المعترف بها لكونها فريدة وخاصة به.وهذا ما يبرز شعور الفرد بالظلم الممارس عليه في مجتمع ظالم، وفي نفس الوقت قبوله وتكيفه مع الوضع ذاك في حياته اليومية. فهذه الفلسفة أفرزت لاتكافئأ طبقيا لا يحتمل؛لكنها ،في المقابل،ضمنت وحمت حصول غنى الأغنياء في الحدود القصوى والممكنة. أما الشكل الثالث من العالمية كفلسفة رأسمالية فيتمثل اليوم في إطلاق العنان وشرعنة اللامساواة والنهب والحرص على محاربة أحيانا،وعرقلة أحيانا أخرى، كل أشكال الودود الجماعي وإحلال محله الانقسام والتمزق ودعم الاقتتال وتشجيع الإرهاب لاعتبار ذلك وضعا يتطلبه منطق السوق الرأسمالي.لذلك، فالضرورة، كما تتضمنها بديهية الفلسفة الرأسمالية، تقتضي توفير كل شروط ضمان وحماية إيقاع الرفع من نسبة فائض القيمة كاصطناع الحروب،والعمل على نشر الأوبئة الطبيعية والاجتماعية،والاستغلال البشع للشعوب الفقيرة خاصة التي تتوفر على موارد طبيعية غنية واستراتيجيات جيو- سياسية كالعالم العربي، والتحالف ضد كل القوى ذات القدرة على التطور النقيض،باصطناع وخلق مشاكل لها على المستويين الداخلي والخارجي للتخلص من قدرات شعوبها والاستحواذ على ثرواتها؛ ومن هنا الدعم المباشر وغير المباشر للحراك والحركات الاحتجاجية كآلية للتنفيس موظفة في ذلك أجهزتها السياسية والدبلوماسية والعسكرية والإعلامية والتربوية والرياضية.
وبالمجمل،ففلسفة العالمية الرأسمالية بأنواعها الثلاثة، لا يمكن أن تكون سوى التحديد والتعبير عن بديهيتها المتمثلة في " قبلية الملكية الخاصة والتفوق العرقي ". لذا، ففي ظل استمرار هذه البديهية، لا يمكن للعالم والبشرية العيش في اطمئنان ورفاهية وسلام بقدر ما أن عليه انتظار المزيد من الفقر والنهب واصطناع الأوبئة والحروب على نحو ما هو حاصل اليوم.إنها فلسفة فاسدة من أساسها وليس فقط في أحد أطرافها.
بناء على ما سبق،، يستحيل الكلام اليوم عن تحقيق المساواة والعدالة. وعليه، فالكلام عن السلم والمساواة والعدالة يقتضي تدمير بديهية فلسفة العالمية الرأسمالية بالتأسيس لنقيضها المتمثل في : بديهية الشراكة " باعتبارها أساس فلسفة عالمية المشترَك حيث مكوِّنات المجتمع ترتبط دياليكتيكيا بين الغيرية والذاتية وبالتالي تكون الحقوق ثمرة وترجمةَ للالتزامات.ففي فلسفة عالمية المشترَك ينتقل الصراع من صراع ولا مساواة ولا عدالة بين الطبقات إلى صراع ومساواة وعدالة كما تراه وتحدده مكونات الشعوب؛ إنها فلسفة تعني، وبالكاد، تأسيس مجتمعات مشتركة في إطار عالمية مشترَكة نسميها " عالمية فلسفة المشترَك ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا