الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يظلمك الإعلام (الحجاج بن يوسف الثقفي نموذجاً )

يوسف حاجي

2022 / 4 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كانت العرب في جاهليتها وحتى بعد مجيء الإسلام تولي أهمية بالغة إلى الشعراء سواء كانوا من أبناء القبيلة أو من الوافدين عليها إما طمعا في مدحهم لها أو إتقاء شر ألسنتهم؛فكتب التاريخ تسجل بعض الأحداث التي لعب فيها الشعراء دورا حاسما فعلى سبيل المثال بائع الخمر السوداء مع الشاعر الذي أنقذه من الخسارة، شاهد على أن شاعر كان يرفع بلسانه من يريد ويحط من يريد، فالحطيئة الشاعر الذي لم يسلم أحد من لسانه فهج أمه وزوجته ونفسه.
قديما استغلت السلطة والمجتمع الشعراء لكونهم الأداة الإعلامية الأكثر شهرة، لتحقيق ذات الأهداف، دفاعا عن القبيلة أو الحط من شأن القبائل/الأشخاص المنافسين، فضلا عن دعم خطاب وأفكار وأيديولوجية السلطة إعلاميا بين الجماهير.
ولا يذكر اسم جرير والفرزدق إلا ويرد على الخاطر تلك الأهداف السالفة التي تحققت على أيديهما، بالافتخار بقبائلهما والانتقاص من الآخر، ومدح السلطة الأموية ممثلة في الولاة والخلفاء، واشتهر بينهما نمط من الشعر يسمى بـ"النقائض"، والنقائض لون من ألوان الهجاء، وهو الفن القديم في الشعر العربي الذي يحط من شأن الآخر، ويستصغر مكانته، ويبين مثالبه، ويكشف عيوبه.
وفي عصرنا الحالي نكتفي بذكر مقولة منسوبة لوزير الإعلام الألماني جوزيف جوبلز وزير الإعلام النازية- اعطيني اعلام بلا ضمير اعطيك شعب بلا ضمير - لتدرك دور الإعلام في التأثير على العقول وتوجيهها وتمرير بعض الرسائل لها من خلاله.
فلولا أبو تمام وقصيدته الشهير "فتح عمورية" لما سمع أحد بالمعركة، فعمورية في نهاية هي مدينة فقط ولا يحتاج فتح مدينة من المدن في ذلك العهد أن يهرق لأجله الحبر الذي أهرق لفتح عمورية فالعرب كانت تفتح دول وتزيل مماليك ولكن غياب الآلة الإعلامية حال دون تطاير خبرها كما تطاير خبر فتح عمورية في مشارق الأرض وغربها .
فالحجاج بن يوسف الثقفي، الأمير الذي كرس حياته لخدمة الإسلام والبيت الأموي وأيديولوجيتهم غابت أو غُيبت عن عمد عنه الآلة الإعلامية من الناحية الإيجابية جعلته مذموم مع أنه السبق في تلبية دعوة المرأة التي استغاثة به وصرخة بأعلا صوت واحججاه، واحججاه، فكان رده عليها: لبيك، حيث كلَّف قُتيبة بن مُسلم بِفتح بلاد ما وراء النهر كما كلَّف صهره وابن عمِّه مُحمَّد بن القاسم بِفتح إقليم السند.هذا من الناحية الشرقية أما من الناحية الغربية فقد بلغت فتوحاته إلى حدود بلاد الغال غربا ؛ ومع كل هذا وذاك تم تهميشه إعلاميا فلم نجد شاعر تغنى بقوته ورباطة جأشه كما كانوا يفعلون مع غيره من الملوك والأمراء مع أنهم في الحقيقة لم يكونوا أهلا لذلك، فكل الفضل في توسيع رقعة حكم بني أمية يعود له، فكان سيفهم الذي أخمدوا به نار الفتنة الداخلية، وعرابهم في صرف أعين الناس عن ما يدور خلف أسوار القصر وداخل جدران البيت الأموي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها


.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24




.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل


.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة




.. مصر تنفي تقارير إعلامية أميركية بأنها ناقشت مع إسرائيل خطط ا