الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انقلاب الرياض كانقلاب صنعاء صناعةٌ خارجية 4/1

منذر علي

2022 / 5 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الانقلاب الجديد في الرياض يوم الخميس، 7 أبريل سنة 2022 كالانقلاب القديم في صنعاء يوم الأحد 21 سبتمبر سنة 2014. ثمة تغييرٌ في المكان والزمان، ولكن ليس هناك تغيير في المضمون. إذ مع وجود التباين الظاهر بين الانقلابيين، إلا أنَّ ما يوحدهم هو أنَّ انقلابيهما رجعيان في جوهره، يعبران عن تزاوج وثيق بين القِوَى الخارجية العدوانية التوسعية الماكرة وأدواتها الداخلية الرخيصة والتافهة. إنهما فعلان انقلابيان رجعيان نُفذا بذرائع مختلفة، لغاية واحدة وهي السيطرة على اليمن.
**
انقلاب 21 سبتمبر 2014 أتى بعد انتفاضة شعبية عارمة. الانقلابيون حينئذ تذرَّعوا بالجرعة والتدخل الأمريكي، ومكَّنوا الحكومة الإيرانية من السيطرة على الحكم في صنعاء. والانقلابيون في 7 أبريل سنة 2022 أتوا بعد سلسلة من المعارك الدامية في عدن وأبين وشبوة وسقطرى، وعدد من الانقلابات الصغيرة ضد الشخصيات الوطنية، أمثال أحمد عُبيد بن دغر، ورمزي محروس، وأحمد الميسري، وعبد العزيز جباري، وصالح الجبواني، ومحمد صالح بن عديو. الانقلابيون في أبريل الجاري تذرَّعوا بالإخوان المسلمين، ومكَّنوا السُّعُودية والإمارات من السيطرة على الحكم في عدن.
***
الإيرانيون وأتباعهم استغلوا توقَ الرئيس علي عبد الله صالح في العودة إلى السلطة، ورغبته الجامحة في الانتقام من خصومه ولاسيما من أولئك الذين طوحوا به سنة 2012، فاستغلوا نزوعه الانتقامي وتطلعه إلى السلطة فتظاهروا أنهم تناسوا أحقادهم عليه، فسعد الرئيس صالح بذلك وظنَّ أنه رقص مرة أخرى على "رؤوس الثعابين". وهكذا، أغروه بالمشاركة معهم في الانقلاب سنة 2014، فوافق وشاركهم في الانقلاب ثم غدروا به وقتلوه شر قَتْلةٍ في 4 ديسمبر سنة 2017.
***
والسعوديون خدعوا الرئيس عبد ربه منصور، و جرجروه وهو، بقميص النوم، إلى الرياض، وهناك أسكنوه في قصر مزوَّد بأجهزة التنصت والكاميرات الخفية، وحوَّلوه إلى مجرد جثة متحركة، وطلبوا منه أن يُنفذ ما يُطلب منه، فكان طوع بنانهم في أغلب الأحيان، ولكنه في أحيان قليلة كان يقاوم بالتردد في تنفيذ طلباتهم، وحينما شعر السعوديون أنه يتردد ويناور ويتمهل، ضاعفوا الضغط عليه، عبر تقليص جماعته و الاهتمام بالجماعات المناهضة له وتمكينها من السيطرة على مفاصل الدولة ، فنتج عن هذا النوع من الضغط: الاكتئاب والنوم ، فضاقوا به ذرعًا ولم يعد في مقدورهم أن يتسامحوا مع مقاومته التي تجلت من خلال التردد والتململ والاكتئاب والنوم ولذلك حاولوا أن يسحبوا صلاحياته بشكل كامل.
***
لقد ذهب الأمير بنفسه إلى مخدعه في منتصف ليلة الأربعاء 6 أبريل، أيقظه من نومه، وطلب منه أن يخلع شرعيته ويَلْبِسها خصومه، أو بالأحرى يَلْبِسها “حمران العيون" الذين لا يعرفون التردد والتململ والاكتئاب والنوم ويسهرون الليالي حرصًا على مصالح الأشقاء في السُّعُودية والإمارات.
في البَدْء تململ الرئيس وأقترح على الأمير الانتظار إلى الغد، والصباح رباح، وحاول أنْ يعود إلى النوم، ولكن الأمير ابتسم بسخرية، وعوضَ أن يوافق ويغادر، جلس الأمير فوق السرير، بجانب الرئيس وَطَلب منه أنْ يمنح كامل صلاحياته "لحمران العيون"، وعليه أن يوقع على وثيقة التنازل دون تردد، الآن وفورًا!
نظر الرئيس بذهول يُمنةً ويُسرةً، فلم ير أحدًا من أقاربه أو معاونيه، ولكنه رأى السفير محمد آل جابر، وحشد من رجال الأمن السعودي، بوجوههم المتجهمة، وهم يقفون بثبات خلف الأمير، ثم تطلَّع الرئيس يائسًا إلى وجه الأمير المتصلب، ونفذ الأمر ووقَّعَ. وبذلك تنازل الرئيس اليمني مُكرهًا عن رئاسة الجمهورية اليمنية، كما كان قد تنازل مكرهًا في صنعاء عشية سبتمبر 2014. وقَّعَ الرئيس اليمني عبد ربه منصور على وثيقة التنازل في الرياض، مع كثير من الأذلال وقليل من التململ، ثم عاد إلى النوم. وبعد بضع ساعات قُرِئَ البيان رقم 1 وبدا للكثيرين كأنه ثمرة إيجابية للعصف الفكري، Brainstorming، الذي نجم عن جهد المتحاورين في الرياض الذين ثرثروا كثيرًا في الاجتماعات، ولكنهم لم يشاركوا في الانقلاب، و عند قراءة البيان رَقْم 1، كانوا يغطون في نوم عميق مثل رئيسهم "السابق" الذي عاد إلى النوم عقب التوقيع على التنازل.
***
وحينما استيقظ قلة من الوفود في صباح الخميس الباكر، يوم 7 أبريل وجلسوا كعادتهم لتناول السَّحُور، علموا بالأخبار من النادل المصري الظريف في المطعم، مصطفى الشناوي الذي شرح لهم ما جرى قبل منتصف الليل وبعده، ثم اختتم حديثه باللهجة المصرية، قائلًا: "مبروك عليكو الرئيس الجديد، يابشاوات!”، فاستحسنوا المجاملة، واستبشروا خيرا و واصلوا التهام الطعام. أما الأغلبية من الوفود فكان وضعهم مختلف، هناك من لم يستيقظ مبكرًا لتناول السَّحُور، لأنهم، لم يصموا لاعتبارات صحية، ولم يكونوا، في ظل الانفتاح الحضاري القائم في عهد الأمير الشاب، في حاجة للتظاهر بالصوم خَشْيَة غضب المطاوعة، كما كان عليه الحال في الماضي القريب . وهناك الذين يصومون ولكنهم لم يستيقظوا للسحور لأنهم كانوا يشعرون بتلبك، أي بعصف معوي، Upset stomach ، أكثر شدة من العصف الفكري الذي دار في قاعات الحِوار، وقرروا أن يصوموا على الطوى، من باب زيادة البركة، فسمعوا بالقرارات "التاريخية" من قناتي العربية والحدث، وتوهموا أن القرارات حدثت بفعل عصفهم الفكري، ومثل سابقيهم، استبشروا خيرا!
***
وبذلك يكون الإيرانيون والسعوديون والإماراتيون قد أحكموا سيطرتهم على اليمن عبر الأدوات المحلية والمجالس السياسية المُصنَّعة على مقاساتهم. ذلك أنَّ المجلس السياسي الأعلى في صنعاء مكوَّن من شخصيات أقل تنافرًا، ولكنها وهذا هو الأهم، متلائمة في ولائها في خدمة سيِّدهم في طِهران، ومجلس القيادة الرئاسي الجديد في الرياض، مثل سابقه، مكوَّن من شخصيات متنافرة، بل شديدة التنافر، ولكن أعضاء المجموعة الموزعون في ولائهم للخارج ، بنسب متساوية، منسجمون في خدمة سادتهم في الرياض وأبو ظبي.
***
لم أكن من المعجبين بالرئيس عبد ربه منصور، لا سيما بعد لجوئه إلى الرياض عقب الانقلاب عليه في 21 سبتمبر 2014، وتسويغ العدوان السعودي والخليجي على اليمن وخضوعه للابتزاز الخليجي، وانصياعه لتوجيهات النظام السعودي، وأضعافه للدولة اليمنية ومساهمته في صناعة الفساد والخراب سواء بالمساهمة المباشرة، أو بالتواطؤ، أو بالتهاون، أو بالصمت، وعجزه عن إدارة الدولة في أصعب مرحلة في تاريخ الوطن. ومع ذلك، لم أفرح لعزله من السلطة في الرياض من قبل الحكام السعوديين والإماراتيين. لقد شعرتُ، كيمني، بالإهانة، أنْ يُعزل رئيس يمني شرعي من قبل الحكام السعوديين وفي عاصمتهم. كنتُ آمل أنْ يتم عزل الرئيس اليمني الشرعي المنتخب، عبد ربه منصور، وفقًا للدستور اليمني، وأن يكون العزل في اليمن، وليس في الرياض، وأن يكون العزل من قبل الشعب أو ممثلي الشعب اليمني، وليس من قبل الحكام السعوديين والإماراتيين.
للحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخبز يعيد بارقة الأمل الى سكان غزة | الأخبار


.. التصعيد الإسرائيلي الإيراني يضع دول المنطقة أمام تحديات سياس




.. العاهل الأردني: الأردن لن يكون ساحة معركة لأي جهة وأمنه فوق


.. هل على الدول الخليجية الانحياز في المواجهة بين إيران وإسرائي




.. شهداء وجرحى جراء قصف قوات الاحتلال سوق مخيم المغازي وسط قطاع