الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرابطة موقف واِنجاز / الجزء الاول

عقيل الواجدي

2022 / 5 / 5
الادب والفن


الرابطة موقف واِنجاز


قراءة في الحراك الأدبي لمدينة الناصرية
المتمثل برابطة الشعر والقصة 1995 – 2001


المسؤولية تُحتم أن نحفظَ لحقبة زمنية مشرقة بدورها ما يَحفظُ ألَقها حين وجدنا تداخلاً للألوان حَدَّ الاِبهام، وحين وجدنا أنه لا اسهلَ على المرء أنْ يتقنَّع بوجوهٍ شتى، وأن التاريخَ الذي كنّا نظنه لا يرحمُ ها نحن نجده طيّعاً، أياديهم الملوَّثة عادت لتكتبه من جديد، فالتاريخ طَوعُ المتزلفين والمتسلقين والمزيِّفين، حتى تضحى كل اشراقةٍ نَسْياً مَنسيّا، فكان لابد من حفظ تاريخ هذه الحقبة التي تمتلك على سموّها ونزاهتها وتجرّدها من الأدلة ما لا تملكُ سواها، الشخوص والأدلة، هما أهم ركيزتين اعتمدناهما ونحن نفتح آفاق المرحلة الممتدة من 1995 ولغاية 2001 والمتمثلة بمكوّنٍ تَعدّى أن يكونَ رابطةً أدبية فحسبْ ، تؤدي دورها الادبي، بل هي الصفحة البيضاءُ التي نتغنّى فخراً برؤوسٍ شامخة اِنّا لم نمنحِ العواصف التي كانت تتناوشها ولو لَحْظة انحناء.
الرابطة التي أعلنت تمردها العلني من خلال عدم تمجيد أعضائها للسلطة ونأيها عن الاحتفاء بأية مناسبة على مدى ست سنوات من عملها رغم كل الضغوطات التي مُورستْ على أعضائها كفيل اَنْ تحظى بالإجلال والتقدير، واقل ما يمكن ان نقدمه هو توثيق لتلك المرحلة بصدق وحيادية واَمانة لأنها تمثل جزءاً من حياة شخوص يتصدرون المشهد الثقافي العراقي وجزءاَ من تاريخ مدينة هي الحاضنة للمئات من الأسماء الكبيرة في الوسط الثقافي والفني في العراق، إنها الناصرية، وحسب المرء فخرا إنه من الناصرية( ).
ومن أجل توثيق تلك المرحلة استندنا على ادلة مخطوطة مُوثقة من اُدباء مشهود لهم بإمكانياتهم الأدبية كونهم من اعلام الادب العراقي وبنزاهة اقلامهم، ادباء عاصروا تلك المرحلة وشهدوا كل الظروف التي أحاطت بها – الرابطة - وكيف ثبتت مقاومِة كل من أراد تغيير بوصلة اتجاهها، لكنَّها حافظت على خطها المنحاز للمهتضمين والمظلومين من الشعب، كانت صوتهم حينما خَرَسَت الأصوات، وتاريخهم الذي لا يمكن تزييفه.
وإن كان من ثناء فلكل من مَدّنا بحرف في سبيل انجاز مشروعنا هذا وفي مقدمة هؤلاء الأستاذ علي الشيال رئيس اتحاد ادباء ذي قار، والأستاذ الشاعر عباس ريسان العسكري لمتابعته المستمرة.

الادب، موقف
بنظرةِ متأملٍ الى سلوكياتِ مجتمعٍ ما، تصلُ الى يقينٍ اِنَّ الانتماء التاريخي لأيّ مجتمعٍ قائمٍ الان، لا حقيقة له، فهذا التفاوتُ الذي يصل حدّ التناقض يثير علامة استفهام لا تصمد كثيرا امام إجاباتٍ هي ما يترجمهُ هذا المجتمعُ من سلوكٍ وقِيمٍ ومفاهيمٍ ومتبنّياتٍ تَشي جهاراً إنما هو – المجتمع - خليط غير متجانس الاّ من استثناءات تكاد تفصح عن نفسها كما تفصح الشمس عن ضوئها بإطلالتها، وقد يتجلّى هذا بوضوح في المجتمعات التي تنتمي الى عِرْقِها وبيئتها لتجدَ تلازماً لا ينفك، وآصرةً لا تنقطع، ولا تعدُّ كل هذه مِيزات ٍ حَسنة مالم تنتمي الى انسانيتها.
ولا نحتاج الى كثير من عناء لنكتشف أن الجنوب العراقي أحد أهم الاستثناءات الجغرافية الذي تَرسَّخَ في مجتمعه اثرُ تاريخه وبيئته بما يُشعرُ افراده بالفخر، فهم وَرَثة حضارة أضاءت الدنيا بأول حروفها( ) وَشنّفت القلوب قبل الاسماع برقيق عزفِ قيثارِها ( ) وانصفتْ الانسان بِعَدْلِ قوانينها( ) وَرَنّمت بالشعر( ) اُولى عواطفها.
يقول الدكتور محمد حسن علي مجيد الحلي: يكاد يُجمعُ مؤرخو الأدب والباحثون على أن الأدب هو ابن البيئة أو هو نتاج تفاعل الأحداث معها. فهو يصطبغ بألوانها ويتأثر باتجاهاتها ومن ثم يؤثر فيها، ويؤكد العلم الحديث هذه الحقيقة حتى يجعل البيئة تنازع عامل الوراثة في أثره( ).
وبما ان قراءتنا ستنحصر عن حالة متفردة اِمتاز بها الانسان الجنوبي عما سواه وهي ظاهرة المجتمع المثقف، الثقافة التي تجلَّت عبر الأزمنة بشخوصٍ تَعدّوا كونهم حالة فردية الى ظاهرة تتسم بها المجتمعات، فهم نتاج الدواوين التي تُعَدُّ المدرسة الأولى لتنشئة جيل يحمل من المفاهيم والسلوكيات الراسخة والتي تُعَدُّ عُرفا لا يمكن تجاوزه تحت أي ظرف.
فبناء الشخصية ما هو الّا نتاج مجموعة لَبِناتٍ تأتلفُ ما بينها لتنهض بالفرد مؤسِّسة لملامح شخصيته من عاداتٍ وميولٍ ومعتقداتٍ وأفكارٍ وقدراتٍ وذكاءٍ ومواهبٍ ذاتية، فربما اجتمعت كل هذه في شخصية فمنحته التميّز أو تفرَّدت عند البعض فحظي بالشخصية الواثقة، وامتلاك الأشخاص لذات الصفات ليس بالضرورة أن يجعلهم متشابهين، وهذه من أهم سمات التطور البشري الناتج عن بيئة واحدة، حتى وإن كانوا متأثرين بذات البيئة لكنّهم بلا شك سيتفاوتون في الكثير من المزايا، تماما كما السحابة التي تفيض بمائها على ارض محددة فانك بلا شك ستكتشف أن ما انبتته الأرض لم يكن بقامة واحدة. لذا فإن أهم صفات الانسان الجنوبي وما تميز به هو التفوق العاطفي على بقية صفاته، ولاشك أن أثر البيئة واضح في منح هذه الصفة بما يمتاز به الجنوب عما سواه من سعة بأرضه يتخللها الماء بأنهاره التي يضمها النخيل بين خافقيه، واهواره الجميلة التي تنثر الرحابة في الصدور، لذا نجد الانسان الجنوبي أميلَ الى الصبر والقناعة بما هو فيه غير مُتكلفٍ في طموحاته المادية على العكس تماما من خياله الواسع الذي لا يحدّه اَمدٌ فكأنما يعوِّض ذلك بهذا. فكانت البيئة هي الملهمة والمؤسسة للوعي في الشخصية الجنوبية مرتكزة على إرثٍ وعُرف عشائري تميز في الاعم الاغلب عما سواه برهافة الحس الإنساني فأثمر الشعراء الفطريين والمطربين الذين تستشعر الحنين والشجن في أصواتهم، فهم فروعا سوامقَ للجمال الذي أفاء بظلّه على مدى قرون متوالية، تفيء اَغصانها بعضا على بعض، ناهيك عن أثر الدين والمعتقدات والطقوس التي يؤمن بها والتي كان لها الأثر الأكبر في تقويم سلوكيات الفرد الجنوبي، فجعلته أميلَ الى العطف منه الى القسوة، والى التسامح منه الى الضغينة.
واذا أردنا أن نضع المثال الأقرب فيمن حملَ كل هذه الصفات – ومن غير عنصرية – نجد أن الناصرية بمجموعها كمحافظة هي الأنسب لأِسقاط كل الفرضيات لتكون الناصرية واقعا. فقد أكد الواقع حقيقة لا لَبْسَ فيها، أن الفن متأصلٌ في الأرواح حتى نتيقَّن بما لا يقبل الشك أن الناصرية – مثال للجنوب – لا يكاد يخلو فيها بيت على الاطلاق من مثقف أو كاتب أو شاعر أو فنان أو أي مهتم بالثقافة. لكن هذه الميزات لا يمكن أن نعدّها حصانة من أن ينحرف المثقف أو الكاتب من أن تمرَّ به الكثير من امراض الكتّاب فتجده يخرج عن اِطار الإنسانية وإن اِدّعاها، والشواهد مما لا يمكن اغفالها، فحين يكون الادب هو الغاية ستتجذر في الروح الأنا لتلتمس لنفسها العذر أينما وقفت، فلا محذورات ولا محظورات للأنفس التي تسعى لتحقيق ذاتها من غير استحقاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في