الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب العالميّة الثالثة و البلاهة الخطيرة

شادي الشماوي

2022 / 5 / 5
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


بوب أفاكيان 28 أفريل 2022 ، جريدة " الثورة " عدد 748
https://revcom.us/en/bob_avakian/world-war-3-and-dangerous-idiocy

في عدد من كتاباتيّ الحديثة ، خاصة في مقال هام حديث ( أوكرانيا : الحرب العالميّة الثالثة – خطر حقيقيّ و لن تكون تكرارا للحرب العالمية الثانية " ) ، تكلّمت عن الأكاذيب و التشويهات المتّصلين بالحرب في أوكرانيا – و بالخصوص منها تلك التي تخدم أهداف حكّام هذا البلد الإمبريالي في الحرب في أوكرانيا – و كيف أنّ هذه الأكاذيب و التشويهات تساهم في تشديد خطر حرب عالميّة ثالثة ، شاملة مواجهة عسكريّة مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا و من المحتمل إستخدام أسلحة نوويّة في هكذا مواجهة بنتائج مدمّلرة كامنة و بحتّى إمكانيّةى حقيقيّة لتدمير الحضارة الإنسانيّة. (1)
و هنا لن أحاول تكرار كلّ ما قيل في ذلك المقال بمعنى التحليل الهام و المفصّل جدّا لما يجرى عمليّا في تلك الحرب في أوكرانيا و أهداف الإمبرياليّين من الطرفين المتعارضين و الأخطار الجدّية جدّا التي ينطوى عليها ذلك و حاجة الجماهير الشعبيّة في جميع أنحاء العالم إلى التحرّك من أجل مصالحها الخاصة ، في تناقض مع مصالح الإمبرياليّين من كلا الجانبين. و ما سأتطرّق له هنا هو أصناف محدّدة من البلاهة التي تتجاهل أو تستهين بالمخاطر الفظيعة الناجمة عن مواجهة عسكريّة مباشرة ممكنة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا .
هناك حجّة أنّ حربا بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا في الأساس " ليست قضيّة كبرى " لأنّ الولايات المتّحدة أقوى بكثير و بوسعها بسهولة و بصفة حاسمة أن تلحق الهزيمة بروسيا دون دفع ثمن باهض – على القلّ بالنسبة " لأمريكيّى الولايات المتّحدة " . و كما أشرت إلى ذلك ، ضمن بعض أوساط الشوفينيّين الأمريكيّين السكارى بفكرة القوّة العسكريّة التي لا تقهر للولايات المتّحدة ، الذهاب إلى الإعتقاد في أنّ الحرب ضد روسيا " ليست قضيّة كبرى " إعتقاد سخيف و شنيع حقّا قد شجّعت عليه على ما يبدو الصعوبات التي تعرّضت لها القوّات الروسيّة إلى حدّ الآن على الأقلّ في تحقيقها لأهدافها في أوكرانيا – نظرا في جزء كبير من ذلك إلى الذخيرة الكبيرة من الأسلحة التي مدّت بها الولايات المتّحدة / الناتو الحكومة في أوكرانيا . (2)
لكن هناك واقع حيويّ في علاقة بكلّ هذا : في هذه الحرب حيث غزى الإمبرياليّون الروس أوكرانيا من جهة و من الجهة الأخرى ، يدعم الإمبرياليّون الأمريكان ( و "حلفاؤهم " من الناتو ) و يسلّحون تسليحا ثقيلا أوكرانيا – كلا الجانبان بعمق على " الكسب " في هذا الوضع . فمن ناحية ، الإمبرياليّون الأمريكان هدفهم و ما يعنيه " الكسب " الضروريّ بالنسبة إليهم هو إلحاق الهزيمة بروسيا في أوكرانيا و بالتالى بدرجة معبّ{ة إضعاف روسيا و قدرتها على تحدّى المكانة الهيمنيّة للإمبرياليّة الأمريكيّة في العالم . و بالنسبة إلى الإمبرياليّين الروس ، هدفهم هو تحديدا تحدّى هيمنة الولايات المتّحدة و هدفهم المفتاح و المباشر هو منع أوكرانيا من الإلتحاق بالناتو و ضمان أن لا تصبح أوكرانيا جزءا من " حصار " الولايات المتّحدة / الناتو لروسيا القائم بقدر كبير ( بعدد من البلدان القريبة من أو عمليّا موجودة على حدود روسيا أعضاء في الناتو ). و كلّ طرف من الطرفين مصمّم بجدّية على تحقيق أهدافه و قد إنخرط الطرفان بجديّة في حرب بحثا عن تحقيق تلك الأهداف ، (بروسيا تخوض مباشرة حربا في أوكرانيا و الولايات المتّحدة / الناتو الآن و بصفة غير مباشرة تشارك في هذه الحرب ) . و هذا يعنى أنّه طالما أنّ هؤلاء الإمبرياليّين المتنازعين هم الذين يحدّدون الإطار ، ما من طرف منهما بوسعه التراجع ( مجدّدا ، طالما أنّ هؤلاء الإمبرياليّين المتنازعين ، و طالما لم تتحرّك الشعوب في أنحاء العالم بفعاليّة جماهيريّا بما من شأنه أن يدفع الأشياء نحو إطار مختلف يمثّلأ مصالحها هي في تعارض مع مصالح هؤلاء الإمبرياليّين من الجانبين ) .
إن لم يتراجع أيّ طرف من الطرفين ، مذا سيحصل حينها ؟
إن لم يرجّح أيّ طرف من الطرفين في هذا النزاع بين الإمبرياليّين التراجع و القبول بالهزيمة ، ماذا ستكون تبعات ذلك – و بالأخصّ ، ماذا سينجم عمليّا عن تحوّل الولايات المتّحدة / الناتو إلى المشاركة المباشرة في هذه الحرب مع روسيا ، هل سيؤدّى إلى قيام روسيا بتراجعات جدّية ؟ هل سيقول بوتن / الإمبرياليّون الروس ببساطة " حسنا ، كسبتم ، نستسلم و نعود أدراجنا و ننسحب منهزمين إلى روسيا " ؟ هل يرجّح ايّ شخص يفكّر تفكيرا جيّدا حقّا أن يحصل هذا تماما ؟ لا ، في هكذا وضع ، من المرجّح أكثر بكثير أن يصعّد بوتن / الإمبرياليّون الروس الحرب و من الممكن جدّا مستخدمين في ذلك الأسلحة النوويّة . و من المرجّح أكثر ( و أوّلا ) أن يستعلموا القنابل النوويّة الأشدّ فتكا إلى جانب " الأسلحة النوويّة التكتيكيّة " و قد لا يستخدمونها في أوكرانيا فحسب بل أيضا في أراضي بلدان تابعة للناتو تشترك في الحرب ( و لا يستبعد أن لا تشمل البلدان القريبة من أوكرانيا فقط بل كذلك البلدان الأوروبيّة الغربيّة كفرنسا وألمانيا و المملكة المتّحدة ).
هذا من ناحية ، و من الناحية ألخرى ، ماذا لو – على عكس توقّعات الشوفينيّن الأمريكان – ماذا لو تبيّن أنّه في الحرب المباشرة مع روسيا ( و لجوء روسيا حينها إلى التعويل على كمّ أكبر بكثير من قوّاتها في هذا النزاع ) لم تُبلى الولايات المتّحدة / الناتو البلاء الحسن و على ألقّل تحبط مساعيهما بلإلحاق الهزيمة الحيويّة بالقوّأت الروسيّة ، أو يعرفان حتّى تراجعات جدّية هما نفسهما ؟ هل سيعترف الحكّام الإمبرياليّون لهذه البلاد – و هذه البلاد هي البلاد الوحيدة التي إستعملت عمليّا الأسلحة النوويّة و لم تقرّ أبدا بانّه كان من الخطأ القيام بذلك – هل سيعترفون ببساطة بانّهم أخفقوا في هزم روسيا و يقبلون بنهاية تعكس ذلك ؟ هل يرجّح أيّ شخص أنّ الأمر سيكون كذلك ؟
لا ، " ديناميكيّة " الحرب المباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا ستؤدّى على ألرجح إلى سيرورة يتواصل خلالها التصعيد و كلا الطرفان لا ينويان -أو حقّا لا يقدران على – التراجع حين يواجه هذا الطرف أو ذاك بأفق هزيمة ما في هذه الحرب .
الحرب النوويّة " قضيّة كبرى " أفق فظيع حقّا
و بهذا نبلغ أصنافا أخرى من البلاهة ( و عمليّا الجنون الخطير ) بشأن أفق حرب مباشرة بين الولايات المتّحدة / الناتو و روسيا : الفكرة الشيطانيّة حقّا القائلة بأنّه إذا جدّ تبادل هجمات نوويّة بين الطرفين المتنازعين في هذه الحرب ، فإنّ ذلك لن يكون " قضيّة كبرى " – أو على الأقلّ سيكون ذلك منحصرا في " الأسلحة النوويّة التكتيكيّة " التي أجل ستتسبّب في أضرار فعليّة لكن ليس في شيء فظيع يحذّر منه " الجزوعون " ( و هذه الحجّة تقدّم عمليّا بعض الناس المجانين بجدّية و الذين على ما يبدو " قد فقدوا عقولهم " ! ).
أوّلا و قبل كلّ شيء ، حتّى الأسلحة النوويّة التكتيكيّة نفسها ستتسبّب في دمار هائل ليس للمقاتلين على أرض المعركة وحسب و إنّما أيضا و بصورة أوسع بكثير ستتسبّب في عذابات إنسانيّة رهيبة و في دمار البيئة . و أبعد من ذلك ، للأسباب المتحدّث عنها أعلاه ، ذات الديناميكيّة التي ستؤدّى إلى إستخدام الأسلحة النوويّة التكتيكيّة في المصاف الأوّل ستؤدّى عندئذ على ألرجح لإستخدام أسلحة نوويّة أقوى حتّى - و حتّى الإمكانيّة الحقيقيّة لهكذا هجمات نوويّة الموجّهة ضد " البلدان المنبع " إلى المنافسين الأساسيّين في هذا النزاع ، روسيا و الولايات المتّحدة . إذا شعُر أحد الجانبين أو الجانبان في هذا النزاع أن اللجوء إلى ألسلحة النوويّة التكتيكيّة ضروريّ تكسب ميزة حاسمة في هذه الحرب – أو لمنع تراجع غير مقبول أو هزيمة فعليّة – عندئذ المنطق نفسه يمكن أن يدفع الأشياء إلى أبعد من مجرّد الأسلحة النوويّة التكتيكيّة ، بإتّجاه إستخدام أتمّ للأسلحة النوويّة الإستراتيجيّة ، و حتّى لإمكانيّة هجمات نوويّة مباشرة ضد " البلدان المنبع " للمتنازعين الأساسيّين ( بكلمات أخرى ، تبادل الهجمات النوويّة بين الولايات المتّحدة و روسيا مستهدفين مباشرة كلّ واحدة منهما " وطن " الأخرى ) ، و هذا بدماره و إشعاعاته النوويّة الشاملة " عرضيّا " للعالم قاطبة قد يفضى إلى دمار الحضارة الإنسانيّة .
هذه الديناميكيّة بأكملها يجب تغييرها راديكاليّا بصفة إستعجاليّة – خدمة لمصلحة الإنسانيّة و ليس مصلحة الإمبرياليّين المتنازعين و المتصارعين .
و كلّ هذا يشدّد على لماذا هو ذو أهمّية حيويّة بالنسبة للجماهير الشعبيّة في هذه البلاد و في غيرها من البلدان المتحالفة معها – و كذلك في روسيا – بالنسبة إلى الشعوب في كلّ أنحاء العالم – أن تستيقظ في النهاية و تماما و تقرّ بالتحدّيات الحقيقيّة و الثقيلة بعمق المعنيّة و تتصرّف وفق مصالحنا الفعليّة – مصالح الإنسانيّة قاطبة : مطالبة بأن تتوقّف هذه الحرب في أوكرانيا و أن تتوقّف مشاركة الإمبرياليّين ( مباشرة أو بصفة غير مباشرة ) من كلا الجانبين في هذه الحرب قبل أن تتسبّب في عذابات حتّى أكبر ليس لشعب أوكرانيا فحسب بل قبل أن تتصاعد بصورة ممكنة لتصبح نزاعا رهيبا أكثر يفرز دمارا و موتا شاملين على مستوى جديد كلّيا و قد تمثّل تهديدا للإنسانيّة ذاتها في وجودها عينه .
هوامش المقال :
1. The major article “Ukraine: World War 3 Is the Real Danger, Not a Repeat of World War 2” is available at revcom.us.
2. See, in addition to the above-mentioned article, “Sean Penn’s Delirious Madness And the Danger of Nuclear War,” which is also available at revcom.us.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة


.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا




.. كلمة مشعان البراق عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتي