الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرادة الأفراد والإرادات العليا

حسام علي

2022 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لو قدر لأي إنسان أن يولد بمعزل عن الحياة التي يحياها البشر، فمن المؤكد أنه سوف ينمو ويتطور، تبعاً للحريات التي فطر عليها، وحالات التعبير عن إرادته ستكون بشكل مخالف تماماً عما لو تعايش وسط أي مجتمع كان، خاصة لو يكون المجتمع خاضعاً لمنظومات وقوانين وضعت أساساً لجعل أي انسان يتقولب داخل قوالب أطلق عليها مسميات عدة، حدّت من حرياته وتحركاته طيلة حياته، ليتم على أساسها، في الخفاء على السذج، ضمان تبعية الأفراد داخل بوتقة الإرادات العليا أو سلطة الحاكم الأعلى.
ما يعني، أن الأفراد في كل الأحوال والظروف، هم ليسوا مخيرين في التعبير عن أغلب أنشطتهم أو ميولهم أو أفكارهم، أي أنهم مجبرون ومضطرون، في أوقات استثنائية، الى التغاضي أحياناً كثيرة عن التعبير بآرائهم ورغباتهم أو المطالبة بتوضيحات وتفسيرات حياتية قد تطرأ على البال مثلاً، لئلا ينظر على أنهم خارج السرب، وربما يتم إتهامهم ومحاسبتهم.
على هذا الاساس، سيحرص هؤلاء الأفراد على القيام بأعمال تناسب فقط، وجهات نظر الإرادات العليا وتتلاءم مع غاياتها على أمل الفوز بــــ الموعود من جوائز ومكافآت أو أحياناً بمسميات وشعارات وهمية لا تغني ولا تسمن. بل أن ذات الأفراد سيتحركون طيلة حياتهم بمشيئة الراعي المتمثل بمنظومات جشعة تأسست لأجل مصادرة الأفكار والحريات.
بطبيعة الحال، أن الارادة العليا، لا يعني أنها تتمثل في شخصية واحدة أو شخصيتين، أو أنها ربما تتمثل في رمز واحد أو رمزين، بل هي تتمثل في كونها نظام سياسي متشعب جداً ومتجذر وهي تعتمد على نظام له أسس موضوعة بإحكام وقوانين أعدت طبقاً لطبيعة سلوكيات المجتمع المختار ومستوى وعيه.
أي يمكن القول أن الإرادة العليا وجدت لفرض حالة أخرى من الهيمنة والسيطرة، لأجل ضمان إدارة المجتمع لبلوغ المشيئة دون خدوش مع عدم السماح لتشكيك الأفراد بما يهيئ لبناء فكري جديد قد يشكل في المستقبل خطوة في طريق كشف حقيقة مسارات وأهداف الارادة العليا، خاصة الوكلاء والوعاظ الذين أخذوا على عاتقهم مهمة توسيع وترسيخ حظوظ دوائر سلطة الارادة العليا في المجتمع.
لذلك، وما دام أن الأفراد سوف يصبحون أداة طيعة تنفذ ما تمليه عليهم الارادة العليا، فأنهم دون شك سيقومون بواجباتهم على أتم وجه ودون تقصير يذكر حتى وإن كانت دون رغبة كاملة منهم، أي، أن حالة الابداع سيصيبها الشلل، وربما تصبح أمراً غريباً أو حالة مرفوضة اجتماعيا، بادعاء أنها تخالف منطق الإرادة العليا، وهنا قد يعاقب المبدع في أي مجال تفكري، بالتكفير والهلاك، حسماً للجدال.
ولأجل عدم السماح أكثر للإرادات العليا أن تحقق كامل غاياتها على حساب الأفراد، ما على الأفراد سوى تعزيز أواصر العلاقات المتبادلة عبر إجراء اتفاقات مبرمة وخاصة، يكون الالتزام بها، ضرورة حتمية، لتأسيس وتنظيم قواعد جديدة لمجتمع مدني خالٍ من حالات التسلط، بل مجتمع تسوده قوانين التراضي والاتفاق وتبادل الآراء. وهذا لن يتم، ما لم يتمتع كامل الأفراد بوعي وإدراك عاليين، بالحقوق الفردية أولاً واستيعابهم لمفهوم المواطنة، ثانياً، أي للأفراد الحق، شرعا قانوناً، بالمشاركة في كل امور وشؤون الدولة، حتى ما يتعلق بوضع بنود الدستور وضرورة كشفها امام الجميع لتأييدها من قبل الشعب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت