الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصل الشر هو الرأسمالية.. ولكن على القوة الثورية العمل على أن تصنع التاريخ

خليل اندراوس

2022 / 5 / 7
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



على الماركسيين في عصرنا الحالي، وخاصة الذين يحبون الاستشهاد بماركس مستمدين منه فقط أحكامه على الماضي، أن يتعلموا ويستفيدوا ويجددوا من خلال معرفتهم التطورات الحاصلة في مجتمعنا الحاضر، ومن خلال الفهم الثوري الملتزم للماركسية، أن يعرفوا وسائل وطرق صنع المستقبل، عندها فقط تستطيع الأحزاب الاشتراكية والشيوعية أن تضع أمام الطبقة العاملة إمكانيات إحداث التغيير الثوري في المجتمع، وأن هذه الطبقة التي تكون الغالبية في المجتمع الرأسمالي تستطيع وقادرة على "مهاجمة السماء" كما قال ماركس. وكان يعني بأن النضال الطبقي لا يمكن أن يلقى النجاح دائمًا، فقد يحدث الفشل ويتكرر، ولكن على القوة الثورية أن تجدد المحاولة دائمًا لكي تستطيع أن تصنع التاريخ.


وهذا ما ذكره في البيان الشيوعي حيث ذكر بأنّ تجربة بناء الاشتراكية قد تفشل مرة أو أكثر ولكن تنتصر في النهاية، ولذلك فشل بناء الاشتراكية في روسيا يجب أن لا يدفع بالماركسي الحقيقي على ترك سلاحه الفكري بل أن يطوّره بما يتلاءم ومستجدات الحاضر على مستوى عالمي ومحلي. فتفاوت التطور الرأسمالي بين هذه الدول أو تلك، بين هذا المجتمع أو ذاك، يفرض على الأحزاب الثورية أن تتبع تكتيكا واستراتيجية يتلاءمان مع التطور الخاص لهذا المجتمع ولكن يتوافق مع التطوّر العام للإنسانية، كتب ماركس يقول: "قد يكون من السهل جدًّا صنع تاريخ العالم لو كان النضال لا يقوم إلّا ضمن ظروف تؤدي حتمَا إلى النجاح". ففي عصرنا الحاضر، حيث يسيطر الاعلام الغربي، الرأسمالي، هناك ممارسة مدروسة، تهدف إلى وضع نهاية للإعلام الحر الثوري التقدمي. لقد كتب إغناتيو راموني عن الولايات المتحدة "هذه منشأة إعلامية تكسو المعمورة كنسيج العنكبوت"، تستغل منافع ترقيم الاشارات وتطالب بمد شبكات تشمل جميع خدمات الاتصال، وتساعد خصوصًا على ربط ثلاثة ميادين تقنية ببعضها البعض، الكمبيوتر، الهاتف والتلفزة التي تتوحد في وسائل الاتصال المتعددة والانترنت.
هذا هو السبب في أن الولايات المتحدة (المنتجة الأولى للتكنولوجيات الحديثة ومقر أهم الشركات العالمية للاتصال تضع من أجل عولمة الاقتصاد الحر والسوق الحرة وزنها كله في كفة ميزان، لكي تصل إلى أن تفتح كل من البلدان حدودها ليغطيها "نهر الاعلام الحر" "(الرأسمالي، العدواني والاستهلاكي)، وسائل الاتصال والتسلية للولايات المتحدة الأمريكية".


من هذا المنطلق، مهم جدًّا الحفاظ على الوعي والفكر والاعلام الحر الثوري التقدمي من خلال استغلال التطور العام لتكنولوجيا الاتصال ومن خلال المحافظة على الفكر الماركسي، وربطه بمستجدات التطور الانساني، ومن خلال ممارسة النشاط السياسي الطبقي المثابر في ظل فهم العلاقة القائمة بين الديمقراطية بوجه عام والرأسمالية.
الظروف التي يستحيل فيها على الطبقات المظلومة أن "تحقق" حقوقها الديمقراطية هي في ظل الرأسمالية ظروف عادية لا حالات منفردة، بل تظاهرة نموذجية. وانتخابات الولايات المتحدة الأخيرة هي أكبر مثال على ذلك. فأي تغيير في السلطة بين كلا الحزبين المتنافسين لن يغير شيئًا بالنسبة لوضع الفقر والبطالة والتمييز العنصري الذي يعاني منه المجتمع الامريكي لأن كلا الحزبين في النهاية يمثل طغمة رأس المال العسكري والمالي في أمريكا.

ولكن الماركسي الحقيقي في هذه الظروف عليه أن لا يقول اذًا لا داعي إلى الديمقراطية أو لا داعي إلى المجتمع المدني العَلماني أو إلى الجمهورية.
هذا الموقف خاطئ فالماركسي الحقيقي يعرف بأنّ الديمقراطية لا تقضي على الاضطهاد الطبقي، ولا تفعل غير أن تجعل النضال الطبقي أكثر اتساعًا وسفورًا وحدّة، وهذا بالذات ما نريده، وبقدر ما يكون نظام الدولة، أي دولة، أوفر ديمقراطية بقدر ما يتضح للعامل أنّ أصل الشر هو الرأسمالية وليس الحرمان من الحقوق. وبقدر ما تكون المساواة في الحقوق بين القوميات أتم وأكمل (ولن تكون كاملة بدون حرية الانفصال وتقرير المصير)، وبقدر ما يتضح للعمال من أبناء الأمة المظلومة أنّ السبب يكمن في الرأسمالية وليس في الحرمان من الحقوق.


بقدر ما تكون حرية الطلاق أتم وأكمل، بقدر ما يتضح للمرأة أن مصدر "عبوديتها البيتية" هو الرأسمالية وليس الحرمان من الحقوق وهكذا دواليك.
من هنا فالنضال المرحلي للقوى الديمقراطية الثورية في العالم العربي يجب أن يتركز، حول ترسيخ القيم الديمقراطية العَلمانية ومحاربة كل المفاهيم السلفية الرجعية من خلال فصل الدين عن الدولة، لأن على الماركسي أن يقتنع بأنّ هذه الردة الدينية الحاصلة في المجتمع العربي هي موجة عابرة تعكس الظروف الصعبة والاضطهاد الذي يعيشه الانسان العربي.


فكما كتب ماركس "ان التشدد الديني هو من ناحية تعبير عن تشدد حقيقي موجود في الحياة وهو من جهة أخرى احتجاج على هذا التشدد. انه تنفس المخلوق المضطهد، هو روح عالم بلا قلب واحساس بالأوضاع الاجتماعية القاسية التي لا تمتلك أي إحساس". من هنا دور الماركسي، النضال من أجل تحقيق جميع الحقوق الديمقراطية وحتى لو كانت نسبية في ظل النظام الرأسمالي وتربية الجماهير الواسعة وتجنيدها بروح هذا النضال.
فالانتقال إلى الاشتراكية كمرحلة تاريخية جديدة للتطور الانساني مستحيلة بدون الديمقراطية بمعنيين:


1- "لا يمكن للبروليتاريا أن تقوم بالثورة الاشتراكية اذا لم يهيئها لذلك النضال من أجل الديمقراطية.
2- لا يمكن للاشتراكية الظافرة أن تصون انتصارها وتقود البشرية الى اضمحلال الدولة، بدون تحقيق الديمقراطية الكاملة، وبدون التقارب والاندماج الطوعي الكامل بين الأمم".

فحيوية كل أمة، ودورها التاريخي، وفعاليتها الايجابية في بناء حضارة إنسانية متقدمة ومنفتحة على حضارات الشعوب الأخرى، تتناسب طردا إيجابيا مع طابع ومستوى وعي الذات القومي بالمعنى الواسع للكلمة.


ولكن في المجتمع الطبقي، كل طبقة ترسم مناهج ومفاهيم، وأساليب سياسية متغايرة في تربية وعي الذات القومي. الطبقة الرأسمالية الاستغلالية، تعمل دائما على تشويه وعي الذات القومي، بحيث يسهل عليها تقديم مصالح الطبقات الاستغلالية الأنانية، وغير الإنسانية، والمتوحشة، على أنها مصالح قومية، تعني الأمة بأسرها، ولكن هذا التشويه لا ينسجم مع المصالح القومية الحقيقية، بل يخونها ويهمشها وحتى ينفيها أمام المصالح الطبقية لرأس المال.


فالطبقة الاستغلالية من خلال وسائل الإعلام، والأطر السياسية التي تحتلها، وفلاسفتها، ومنظروها تخلق الأجواء الشوفينية، العدوانية عند هذه الأمة أو تلك بهدف التحكم بعمليات إدراك الأمم، وفي رسم سياستها استنادًا إلى مشاعر العصبية القومية العنصرية وهذا ما يحدث في أمريكا، وخاصة إسرائيل ربيبتها.

وتمثل العصبية القومية، أي استبدال وعي الذات القومي بالوعي الشوفيني، أداة لا بديل لها في تشكيل النزعة الكونفورمية البرجوازية. وهذا ما يحدث الآن داخل المجتمع الأمريكي والإسرائيلي، من حيث تعميق المفاهيم العنصرية والشوفينية والعدوانية، وتحولها الى مفاهيم وأنماط حياتية تعكس نمو وانتشار، وعمق، الوعي الشوفيني الجماعي لكل من المجتمع الأمريكي والإسرائيلي.
وينبغي التأكيد على أن أيديولوجي البرجوازية يستغلون النقص في معالجة المشكلة النظرية الخاصة بالعلاقة بين وعي الذات القومي وبين النزعة القومية، أفضل استغلال.

استمرار هذه السياسة سيؤدي في النهاية إلى كارثة قومية، ليس فقط لدى الشعوب المعتدى عليها (أفغانستان والعراق، وفلسطين ولبنان، إيران وسوريا واليمن) بل أيضًا إلى كارثة قومية إسرائيلية أمريكية، تغير الخارطة السياسية العالمية. لذلك من واجب كل محبي السلام في العالم وخاصة في اسرائيل، طرح البديل الانساني الوحيد لكل شعوب المنطقة وهو السلام العادل فسلام الشعوب بحق الشعوب.

ولكن على القوى التقدمية الحقيقية وخاصة من يحمل الفكر الثوري التقدمي الماركسي اللينيني، أن تعتمد فقط على النهج والفكر والمشاعر القومية التي تعكس المصالح القومية الحقيقية، من خلال تحرير وعي الجماهير الشعبية الواسعة وخاصة الطبقة العاملة، من ثقل، وتشويهات العصبية القومية الشوفينية البرجوازية الكبيرة منها والصغيرة.
فالوعي الذاتي القومي لا يعكس المصالح القومية الحقيقية لهذه الأمة أو تلك إلا عندما يتحرر هذا الوعي من مشاعر العصبية القومية، ويتشبع بروح النظرة الأممية الإنسانية.

المراجع:
1-بصدد الكاريكاتور عن الماركسية وبصدد "الاقتصادية الامبريالية"- لينين.
2- ضد التحريفية دفاعا عن الماركسية- لينين.
3- ما هي العولمة- اولريش بك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اصل بداية الحضارة الانسانية المرفهة الدمقراطية الر
المتابع ( 2022 / 5 / 7 - 23:52 )
الراءسمالية التي ابتداءت بالثورة العلمية والتكنولوجية المدعومة بالدمقراطية والرفاه والثقافة المليونية -لذالك صارت عدوتها اللدود بلداننا الاسلامية المتخلفه الاتكاليه عدوة العلم والمعرفه والثقافة

اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي