الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاريخ كخزّان للخرافات

حسن مدن

2022 / 5 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لتاريخ من حيث هو أحداث ومعارك وصراعات وانتصارات وهزائم أمر تمَّ في الماضي.

التاريخ لا يعيد نفسه، وإن فعل فإن ذلك يكون على شكل حال من حالين: المأساة أو السخرية، حسب المقولة الشهيرة.

الحدث الجديد، وإن تشابه مع واقعة تاريخية مماثلة، حتى لو جرت في المكان نفسه، هو حاضر، وليس تاريخاً، أو للدقة فإنه يصبح تاريخاً بعد أن يصبح خلفنا، فالحدث الجديد مرّ عبر ملابسات وتفاصيل أخرى غير تلك التي جرى بها نظيره في الماضي، حتى وإن كان من بين هذه الملابسات العظة من الدرس التاريخي، بمعنى تحاشي تكرار الأخطاء التي حدثت فيما سبق، أو تكرارها ببلاهة.

لكن نظرة على واقعنا العربي الراهن تحملنا على الإحساس بأننا لا نعيش في الحاضر، في القرن الحادي والعشرين، إنما في قرون غابرة يفترض أنها انقضت بما لها وما عليها، لكنها تعود إلينا بقوة حين نمعن النظر في الشعارات والبرامج وطرق التعبئة والنفير للحروب والاقتتال.

حتى أنماط العيش التي انقرضت منذ قرون تعود بقوة غير معهودة، حتى لتخال أن الزمن استدار دورة كاملة نحو الوراء، أو أن ما عشناه نحن والأجيال الأسبق منا من ولوج في التحديث لم يكن سوى برهة أشبه بالحلم، سرعان ما انقضت أو تلاشت، لنصحو مجدداً على الواقع المرير، كأن الزمن كفّ عن الحركة، وآثر البقاء حيث هو، في الماضي.

رغم ذلك يجب تبديد هذا الشعور، فلا نصدق أننا في الماضي وإنما في الحاضر، ما يتطلب الإيمان بمقولة إن التاريخ لا يعيد نفسه إلا في صورتين: المأساة أو السخرية، فالمعارك الدائرة رحاها اليوم هي معارك بين أبناء اليوم، تحركها مصالح ومنافع دول وجماعات بعضها بيننا، وبعضها تفصله عنا فراسخ، ولكن لها في هذه المنطقة المنكوبة حسابات تجعلها محرك خيوط اللعبة، من وراء الستار تارة، وعلانية تارات أخرى، ما دام وقود هذه المعارك الطاحنة هو أجساد بني جلدتنا بصرف النظر عن أي مذهب أو عقيدة آمنوا بهما.

في حال مثل هذه يلعب التاريخ دور خزان الخرافات الذي لا ينضب في تغذيته للأوهام اللازمة كي يبقى أوار هذه المعارك ملتهباً.

كأن التاريخ هنا يلعب معركة الحاضر، لأهداف غير تلك التي جرت في الماضي، مهما تشابهت التفاصيل.

مخاطباً مواطنيه الألمان، الذين كانوا يرون أنفسهم أعلى شأناً من الفرنسيين والإنجليز، كتب كارل ماركس في مؤلفه الشهير «رأس المال» في لهجة تقريع: «تاريخكم خرافة». وليس تاريخ الألمان وحده ما يعج بالخرافات، وإنما تاريخ كل الأمم، ولعلنا نمثل حالاً نموذجية لذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التاريخ خزان للخرافات
سهيل منصور السائح ( 2022 / 5 / 9 - 12:45 )
ولا زلنا نتلقى معوماتنا عن شئون دنيانا من ذالك الخزان لان الذين صنعوا ذالك الخزان هم قدوتنا في كل شيء لذى ترانا نتقاتل لاجلهم علما ان لا علاقة لنا بهم الا بما يخدم البشرية ان وجد مايخدم اليشرية في عهدهم. اخي الكريم لا زلنا نتقاتل على من احق بالخلافة علي ام ابي بكر. فان قلت ابا بكر فانت ناصبي وان قلت علي فانت رافضي. ولا تسى يا اخي ان كل الاعمال الارهابية التي جرت بينهم اصبحت هويتنا نتبجح بها ورضي الله عن القاتل والمقتول وكلاهما في الجنة. والانكى من كل هذا ان اعلامنا لا زال يحدثنا عن خرافات لا اصل لها في ميزان العقل والمنطق ونحن نصدق ما يقال لان المحدثون هم اصحاب العمآئم البيضاء او السودا او الخضراء الذين يتلقون وحي البخاري والكليني ومنهم آيات الله االذين لا يجوز الاستخفاف بهم لان ما يلقونه على مسامعنا هو و حي يوحى. اخي الكريم. ما افلحت امة تقلد الموتى وتتقاتل لاجهم استنادا على خرافات لا صحة لها. شكرا لك.

اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام