الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترجمة رافعة للأدب – مدرسة -وجيه أسعد- أنموذجاً

شاهر أحمد نصر

2022 / 5 / 10
الادب والفن


(نص المداخلة التي ألقيت في ندوة تكريم أستاذ علم النفس والأديب المترجم وجيه أسعد في المركز الثقافي بطرطوس بتاريخ 10/5/ 2022)
الريف خير وجمال ونقاء... وأغلب من ينشأ ويتربى في الريف يكتسب من طبيعته، وفضائه الرحب، وغنى خيراته ميزة العطاء، فيرى أنّ قيمة الشيء تكمن في مقدار، ونوع ما يعطيه... ويُعدّ الأستاذان: المحامي "محمد الفاضل" (1919 (1977- علاّمة القانون ومفخرة سوريا في مجال الحقوق(1)، وأستاذ علم النفس التربوي وعلم الاجتماع "وجيه أسعد"، ابنا "عين الجاش"، من ريف طرطوس، وريف سوريا الأصيل، خير مثالٍ على الإبداع والعطاء.
المترجمون جنود مجهولون، و الأستاذ وجيه أسعد واحد من أولئك الجنود المجهولين، الذي تجلى عطاؤه في كنزٍ من الترجمات(2) لا يُقَدّر بثمن، ولا سيما، ترجمته للمعجم الموسوعي في علم النفس في ستة مجلدات الصادر عن وزارة الثقافة بدمشق عام 2001، وترجماته لعشرات الكتب والمقالات المهمة في علم النفس، وفي النظريات الفنية والأدبية، التي تُعد زاداً غنياً لكل كاتب، وباحث، ومهتم في هذه الميادين... كأنّه ينفذ مهمة، أو واجباً وضعه أمام نفسه لإغناء المكتبة العربية بهذه العناوين الغنية، التي تهمّ القارئ العادي والمختص والأديب معاً...
سأحاول في هذا البحث تسليط الضوء على عدد من الكتب التي ترجمها الأستاذ "وجيه أسعد" والنظريات والأفكار التي تضمنتها، لتبيان أهميتها، وديمومة فائدتها.
يُعدّ كتاب "رواية الأصول وأصول الرواية"، تأليف "مارت روبير"، الصادر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق عام 1987، واحداً من أغنى الكتب في مجال الدراسة الأدبية، الذي يستثير القارئ دوماً، ويدفعه إلى البحث والتساؤل؛ من هنا تأتي أهمية نقله إلى العربية، "على الخصوص أنّ النص العربي بمستوى النص الفرنسي بياناً ودقة"، كما يقول الدكتور أنطون مقدسي(3).
وتتجلى أهمية هذا المرجع الأدبي، في أنّه فضلاً عن تعريفنا الممتع بأهم الروايات العالمية بدءاً من روايتي (دون كيشوت)، و(روبنسون كروزو)، وصولاً إلى روايات بلزاك، وفلوبير، يعرّفنا، أيضاً، بعلاقة الأدب والفن بعلم النفس... وفي مقدمة ترجمة هذا الكتاب يلخص المفكر الحر "أنطون مقدسي" الفكرة الأساسية التي تعالجها المؤلفة، وتتوسع فيها قائلاً: "ثمّة رواية تتكون عفوياً في ما يشبه أحلام اليقظة مع التكوين الأول للإنسان، هي النواة الأولى لكلّ رواية ممكنة. إنّ هذه الروايات هي بالنتيجة إعادة، أو استعادة حلم الطفولة بأشكال لا تنتهي... والروائي هو شاهد متميز على استمرار التخيل الأول في حيواتنا التالية، كما أنّ كلّ كتابة هي استمرار رغباتنا الأولى المكبوتة في مستقبلنا..."(4) في البدء كانت الأسطورة: بالأسطورة تصور الإنسان وجوده، تخيله (صعّده في لغة التحليل النفسي)، ثم قاله، فجعل منه حكاية، ومن جديد صاره اتحد به. والأسطورة صارت رواية... وكل أسطورة هي حكاية خلاص، روايةُ عمرٍ ينشد الخلاص.
أما خصائص الرواية الحديثة، فهي:
أولاً، حرية التأليف والأسلوب. ثانياً، فرادة الشخص... ثالثاً، الواقعية، بالأحرى جعل القارئ يعتقد بأنّ الشخوص وجدوا حقاً، وأنّ ما قاموا به من مغامرات وقعت حقاً.(5)
قيمُ الرواية هي قيمٌ الفن. والكتابة هي امتلاك العالم؟ وليس غرض الرواية تحليل الحياة النفسية – الاجتماعية للكشف عن ثغراتها، كما قيل عن الكوميديا الإنسانية إنّها عرت المجتمع البرجوازي، ومهدت السبيل بذلك لتقويضه، ليس غرضها الإصلاح ولا التوجيه العقائدي أو الأخلاقي وغيرهما. وإذا كان ثمة شيء من ذلك فهو من جملة وسائل السرد، أو من مستلزماته في وقت من الأوقات. ليس غرضها مضافاً إليها من الخارج وإنما هي الغرض الذاتي لكل كتابة أدبية أو فلسفية، أقصد المعرفة من حيث إنها القوة الأنجع في بناء المجتمع والوجود الإنسانيين وجعلهما، مبدئياً، أكمل وأجمل مما هما عليه. وبتعبير أدق فاق الأدب والفلسفة... ومن أبعاد الوجود الإنساني، وهذا، من حيث هو إنساني، غاية بذاته.(6)
"تكمن قيمة أي عمل، ولا سيّما الأدبي، أو الفني في مقدرته على تبديل المتلقي، فإذا شعرت بعد قراءة عمل فني أنّك أصبحت غيرك قبل قراءته، وأنّ ثروة جديدة أنارت ذهنك، وجعلت عالمك يتسع ويزداد إرهافاً، وإشراقاً، وتحضراً؛ فاعلم أنّ هذا عمل فني حقيقي ناجح، وإذا رغبت أن تتبدل فاقرأ عملاً ناجحاً".
وتلك هي واقعية الأدب: مقدرته على معرفة الواقع وإعادة بنائه: إنّه مزيد من الوجود إن صح التعبير، وما تبقى، ومنه الالتزام بواقعية أيديولوجية ما، وغير ذلك فهو محدوديةٌ في النظر وتشوّشٌ في الرؤية... فالرواية في التحليل النفسي هي مجموع الاستيهامات (شيء من التخيل) والصور التي يبتدعها الروائي وبها يستعيد، على شكل غير مباشر، استيهامات وصور أقدم كانت في حينها الصدى الأول للرغبات المكبوتة والتعبير الأقرب إليها.
ومن المفيد، بل من الضروري، لكلّ روائي، وشاعر مهتم بكتابة الملاحم الشعرية، معرفة أنّ "أصل الرواية - كما يراه "دني ده روجمون"- هو اكتشاف الإنسان قدرية الحبّ التي تجعله يتجاوز الفروق الطبقية والعرقية والدينية وقيمها، والقيم كلها، ليقيم بين ذكر وأنثى علاقة وجودية الحبّ رابطها الوحيد، وذلك أياً كان الثمن الذي يدفعه طرفا العلاقة. وربّما أنّ ثأر المحبين الأمضى والأعنف هو الذي تصوره أصحاب الحبّ العذري، أي تقويض المجتمع في جذوره البيولوجية بالامتناع عن العلاقة الجسدية. والرواية أي رواية، إن هي إلا الصراع بين قوتين لكل منهما جبروتها: الحبّ والمجتمع، وما المناصب والثروة والألقاب والأوسمة... سوى وسائل للحبّ أو بدائل عنه".(7)
تذكرنا وجهة النظر هذه، برأي "باختين" الذي يرى "أنّ الجنس الأدبي يُبعث ويتجدد في كلّ مرحلة جديدة من مراحل تطور الأدب، وفي كلّ عمل أدبي فردي في حياة هذا الجنس. ولذلك فالعناصر الأدبية الأرشيفية القديمة المحافظة على ذاتها في الجنس الأدبي، ليست ميتة، بل حية أبدياً، أي عناصر أدبية أرشيفية قديمة قابلة للتجدد. يعيش الجنس الأدبي في الحاضر، ولكنّه يتذكر دائماً ماضيه، وتطوره، وبدايته. الجنس الأدبي - هو ممثل الذاكرة الإبداعية خلال عملية التطور الأدبي. ولذلك يكون الجنس الأدبي بالتحديد قادراً على تحقيق وحدة واستمرارية هذا التطور من دون تقطع. هذا هو سبب ضرورة الارتقاء إلى مستوى منابع الجنس الأدبي لفهمه فهماً صائباً".(8) وهذه إشارة إلى أنّه ينبغي للأديب أن يتعرف إلى منابع النقد والنظريات النقدية في كل جنس أدبي قبل خوض غماره.
ويقودنا الحديث عن علاقة الرواية والفنون بعلم النفس إلى كتاب "التصعيد دروب الإبداع" ترجمة الأستاذ وجيه أسعد الصادر عن وزارة الثقافة بدمشق عام 1996، الذي كنت أود لو أضيفت كلمة "التسامي" إلى العنوان لأنّ: Sublimation بالإنكليزية، و Сублима́ция بالروسية- تعني التسامي أيضاً، فضلاً عن أنّ "مفهوم التصعيد (التسامي) يُطبق في النقد التحليلي النفسي على الأعمال الأدبية والفنية.
يعالج هذا الكتاب مسائل (العادات السلبية لدى الفرد، كالنزعة إلى الاستعراء، والتلصص، والسادية، والمازوخية) وسبل استخدامها، ويقدم الإجابة عن سؤال إن كانت رواسبها غير المندمجة (وغير القابلة للاندماج من دون شك) في حياة الحبّ التناسلية تتطلب الكبت، أم تفرغ شحنتها في انحرافات جنسية بفعل نكوص إلى نقاط تثبيت سابقة؟ ويأتي الجواب كحلٍ ثالث باستخدام هذه الرواسب الدافعية الفعّالة والجاهزة "في فاعليات إنسانية بصورة نوعية ذات قيمة في نظام المجتمع، والثقافة والحضارة. وهذا الحل ممكن عندئذ فقط، ذلك أنّ المراهق، والراشد يحتاز معلومات عن هذه الفاعليات بفعل التربية التي يتلقاها، ويحتاز المصادر الداخلية ليباشرها بفعل عملية نضجه. فجميع الموجودات الإنسانية، إذا استثنينا العصابيين والمنحرفين والمتخلفين عقلياً، ولديها الإمكان إذن لبلوغ التصعيد (التسامي)... والتصعيد (التسامي) من الناحية السيكولوجية الانتقال من الدافع، ذي المنشأ البيولوجي، إلى الحضارة، ونشاطاتها، ونتاجاتها. فكلّ ما هو إنساني، حسب فرويد، ذو مصدر جنسي. والحضارة ضرب من تحوّل الجنسية.(9)
ولفهم مسألة التصعيد (التسامي) علينا اللجوء إلى مفهوم الدعم. يقترح فرويد في نصه عن النرجسية فكرة: "الدوافع الجنسية تدعمها دوافع الأنا". (وذلك لا يفترض أنّ ثمّة فقط دعم الوظائف العضوية للوظائف النفسية، ودعم الأم والمحيط للرضيع، بل ثمّة دعم داخلي)، ويقابل اختيار الموضوع الجنسي الذي يدعمه الموضوع (الأم أنموذجه الأصلي) باختيار ذات أخرى بوصفها موضوع الحبّ، أو بالاختيار النرجسي كما يشرحه "دونه كايس": "يمكننا القول إنّ الدعم الذاتي مصدر النرجسية".
في تحليل "جام غيومان" لعلاقة "ليونارد دوفينشي" بالمكان، على سبيل المثال، يبيّن أنّ غياب السند الأبوي يدفع الرسام إلى أن "يدعم نفسه باستمرار بنفسه في سجل المرئي... أو في عمله التشكيلي الشخصي، أو في اجترار تقاني وعلمي لا نهاية له". "إنّ جسم الأم المتخيل، في هذا الضرب من المكان الانتقائي المرئي، هو الذي يُكتشف كل مرة أنّه السند"... هذا أحد أنواع العلاج الذاتي... ويكافح المبدع على هذا النحو ضد الاكتئاب وفقدان السند الحيوي (موضوع الحبّ، جماعة عمل، الخ) بدعم ذاتي داخلي قائم على إبداعه. وسيرورة الإبداع عمل داخلي من أجل إعادة التنظيم ناجم عن فقدان الدعم، ويؤسس دعماً جديداً."
لا يقتصر التحليل النفسي التطبيقي على أخذ التصعيد (التسامي) لدى المؤلف بالحسبان وعلى وضع وتوازٍ، في الغالب عرضة للنقاش واعتباطي، بين الاستيهامات التي يُفترض أنها وُجهت حياة هذا المؤلف، وبين العقدة اللاشعورية التي تُستشعر كأنّها تنظم عمله الإبداعي."(10)
ونتعرف في هذا الكتاب المهم إلى أننا نستطيع باتباع منهج التحليل النفسي أن نتوصل إلى المنابع الخفية للإبداعات المتخيلة. إنّ البحث في التحليل النفسي يحوز معطيات السيرة الذاتية التالية بوصفها المواد: مصادفة الأحداث، وتأثير الوسط من جهة، وارتكاسات فرد معين معروفة من جهة أخرى. "يرتكز البحث في التحليل النفسي على معرفة الآليات النفسية، ويسعى إلى أن يبني دينامياً شخصية الفرد بحسب ارتكاساته، ويكشف القناع عن قواها النفسية الأولية، وعن تحولاتها، وتطوراتها اللاحقة على حد سواء. وإذا أفلح في ذلك، فإنّ اتجاه شخصية معينة في الحياة يشرحه عندئذ تآزر الجبلة، والقدر، أي القوى الداخلية والقوى الخارجية. إنّ رجلاً عاش طفولة ليونار دوفينتشي، وامتلك مقدراته نفسها، كان يمكنه وحده في الواقع أن يرسم لوحتي الجوكندا والقديسة آن...".(11)
أما كتاب "الموهوبون" لــ رومي شوفان، ترجمة الأستاذ وجيه أسعد، والصادر عن وزارة الثقافة بدمشق، عام 1986؛ فينبهنا إلى أننا "نرتكب خطأ إذا أغفلنا الأطفال الموهوبين... ربّما يرى بعضهم أنّ الأطفال الذين شاء حظهم أن يكونوا من ذوي المواهب الممتازة ليسوا في حاجة إلى مساعدة... من المؤكد أنّ الطفل الموهوب جداً يبرز من دون جهد الجماعة في كثير من الحالات، ويشق طريقه في المجتمع بسهولة. لكنّ الأمور لا تسير دائماً على هذا النحو".
ولا أعرف شيئاً أكثر مجلبة للحزن من أن تتقهقر عبقرية كامنة تقهقراً بطيئاً... فالسأم في الصفوف التي يكرر فيها المعلمون مفهومات يتم تمثلها على الفور، يقتل الطفل الموهوب جداً... فقد يتخلى الطفل عن عبقريته، وهي حمل ثقيل جداً إن لم يعلّمه أحد كيف يتحمله.(12)
وينوّه الكاتب إلى أنّ "الاهتمام بالأطفال الموهوبين قديم جداً: ففي الجمهورية يقضي "أفلاطون" باصطفاء الأطفال الموهوبين حتى في أسر الفلاحين والصناع.
وفي القرن الخامس عشر، أسس السلطان "محمد الفاتح" مدرسة خاصة في السرايا، وكان يوضع فيها الأطفال الأكثر جمالاً، وقوة وذكاء، الذين كان يأتي بهم من الإمبراطورية كلها جامعون خاصون. واستوحى "جيفرسون" رئيس الولايات المتحدة الأمريكية من أفلاطون، حينما اقترح أن تُجمع في ولاية فرجينيا "أفضل العبقريات" في مدرسة خاصة، أطفال الفقراء، وأطفال الأغنياء على حد سواء. (13)
ويبين الكاتب كيفية اكتشاف المواهب، ويسلط الضوء على أطفال معجزة، ويذكّر ببعض الحالات الاستثنائية، ثم يتحدث عن الوسط الذي يترعرع فيه الموهوبون، وخلفياتهم الأسرية...
ثمّة مصادفات تقرر مصير المبدع... داروين، على سبيل المثال، درس الطب أول الأمر، ثم اللاهوت، دراسة ينقصها الاقتناع نقصاً فاضحاً. وفي يوم من الأيام، قال له الأستاذ هنسلو إنّ بإمكانه أن يبحر على وجه الاحتمال، بوصفه عالماً في الطبيعيات، على سفينة البيغل. وتردد الربان فيتزوري، الذي كان يقود السفينة، في استخدامه أول الأمر، لأنّ هيئته لم تكن ترضيه، ووافق أخيراً، نظراً لفقدان حلّ أفضل، وعندئذ أصبح داروين داروين.(14)
وفي فصل "خصومة الوراثة والبيئة من وجهة النظر التاريخية" يجري الحديث في هذا الكتاب عن دور الوراثة والوسط الاجتماعي في بروز العباقرة، مع لفت النظر إلى أنّ الطفل الموهوب يمكن أن يبرز حتى في الشروط الأكثر اتصافاً بأنّها منفرة... ليس للرجال المبدعين دائماً بنية جسمية ملائمة، ولا صحة جيدة، ولم توفرهم العاهات المختلفة... كان تولستوي يقارن وجهه بوجه غوريلا، ويؤلمه ذلك ألماً شديداً... وكان بتهوفن طفلاً قبيحاً، خالياً من الجاذبية، وعنيداً إلى درجة لا يمكن تصديقها.(15) ويفرد الكاتب فصلاً خاصاً تحت عنوان: "ماذا نفعل إزاء طفل موهوب؟" ويحدد روائز (معايير) الموهبة، ويفصل في الدراسات حول الطفل الموهوب جداً والأخطار التي يجب تجنبها لفتح الآفاق واسعة أمام الأطفال الموهوبين...
لقد قام الأستاذ وجيه أسعد بواجبه الإنساني، وأعطى وقدّم ما تقدمه مؤسسة، كأنّه يؤسس مدرسة في اختيار مواضيع الترجمة، وفي بحوث علم النفس التي ترتقي به إلى مصاف المفكر، الذي وضع نصب عينيه مهمة النهوض بوعي أبناء قومه، وفي ترجمته لـ"المعجم الموسوعي في علم النفس" الذي وضعه نوربير سلامي بمشاركة مئة وثلاثة وثلاثين اختصاصياً، في ستة مجلدات يقارب عدد صفحاتها ثلاثة آلاف صفحة، كأنّه يسير على خطى القاضي الفيلسوف "ابن رشد" - فرصة العرب الضائعة - في شروحاته لأرسطو التي حاول فيها أن يضع أجنة التفكير الفلسفي السليم في العقل العربي، والتي برهن فيها على مقدرة اللغة العربية استيعاب الفلسفة والعلوم، وتطويرها... فهل قُدّر عطاؤه، وكيف نستفيد من عطاء هذا الإنسان والمفكر النبيل؟
يعدّ أديبنا، كغيره من الأدباء والمترجمين الحقيقيين الذين يثرون المكتبة العربية بهذا الكم من المعارف ثروة وطنية حقيقية ينبغي تقديرها والاستفادة منها...
كل التقدير لجهود وزارة الثقافة بدمشق – الهيئة العامة للكتاب، ولاتحاد الكتاب العرب، وجمعية الترجمة التي تبنت أغلب أعماله، ونشرتها، وعلى قيامها بتنظيم هذه الندوة للتذكير بأهم أعماله، إنما يبقى السؤال ما السبيل للاستفادة من الأعمال المميزة التي قدمها، وغيره من المفكرين والمترجمين والأدباء والشعراء للمكتبة العربية وللقارئ العربي؟ وفي هذا السياق أود التقدم بالمقترحات التالية، التي تخص أعمال الأستاذ وجيه أسعد، وأمثاله من المترجمين والمبدعين:
- إنشاء صفحة إلكترونية في شابكة الانترنت الدولية باسم الأديب والمترجم وجيه أسعد من قبل محبّي كتاباته بالتنسيق مع وزارة الثقافة، واتحاد الكتاب العرب يديرها مسؤول متمكن من الاختصاص الذي خاض فيه الكاتب، في مجال علم النفس، تتضمن أهم أعماله، التي يعاد نشرها الكترونياً لتصبح في متناول القراء، وفتح باب النقاش في موضوعاتها... ومن المفيد أن تُرصد ميزانية سنوية لتمويل مثل هذه الصفحات...
- اقترح أن تقدم الهيئة العامة للكتاب في وزارة الثقافة ترجمته لـ"المعجم الموسوعي في علم النفس" إلى المؤسسات المختصة في جامعة الدول العربية لاعتماده، وتطويره، ليشمل فضلاً عن اللغات الأربع الأساسية التي اعتمدها المترجم عند تحديد الكلمات والمصطلحات باقي اللغات الرسمية للأمم المتحدة وهي الصينية، والروسية، والإسبانية، وتسهيل نشره في مختلف الدول العربية لتعم فائدته قراء العربية كافة، ومساعدة المترجمين من تلك اللغات...
- الاستمرار في تنظيم الندوات التي تبحث في ترجماته، ولا سيما التخصصية منها في مجالات علم النفس، وشؤون المرأة، ونظريات النقد الأدبي...
ما الذي أراد وجيه أسعد قوله للإنسانية عموماً، ولأبناء شعبه خصوصاً عبر هذا الجهد الإنساني والعطاء النبيل؟ وما هي وصيته؟
إنني أسمعه يوصي الشبيبة، وصية المبدعين الأزلية الشهيرة: "اقرأوا، اقرأوا، ثم اقرأوا"، ولتكن قراءتكم إنسانية، بعيداً عن التعصب، والمذهبية، والطائفية ولتشرّعوا نوافذكم لتهبّ إليكم رياح الثقافة من كلّ بقاع العالم، على ألا تقتلعكم من جذوركم، (كما قال غاندي)... كي تعزز إنسانية الإنسان، وتزداد الثقة به، ويرتقي الوعي الاجتماعي لبناء مجتمع ودولة علمانية متحضرة...
فلتخصص وزارات الثقافة، والتربية، والتعليم العالي يوماً كل عام للقراءة والبحث في أهمية وفائدة ما قدم الأديب وجيه أسعد، كما جميع المبدعين، وتخصيص جائزة لأهم بحث يُكتب في ترجماته، كي تتعزز وتتوسع الفائدة منها... هكذا نكافئ المبدعين على جهودهم وعطائهم!
الهوامش
(1) محمد الفاضل 1919 - 1977- محام ومدرس ووزير سوري، لُقِّبَ بعلاّمة القانون ومفخرة سوريا في مجال الحقوق، ولد في منطقة الدريكيش، محافظة طرطوس )قرية عين الجاش) وتلقى تعليمه الابتدائي في مدارس المنطقة، وتعليمه الإعدادي والثانوي في مدارس طرابلس وحلب.
مؤلفاته
وضع الفاضل عدداً كبيراً من الكتب أهمها:
- المذاهب السياسية وأنظمة الحكم
- القضاء الإداري
- العلاقات الدولية في العصر الحديث
- الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية
- الجرائم الواقعة على أمن الدولة
- الجرائم الواقعة على الأشخاص
- محاضرات في الجرائم السياسية
- محاضرات في تسليم المجرمين
- المبادئ العامة في التشريع الجزائي
- مبادئ الدفاع الاجتماعي
- الوجيز في أصول المحاكمات الجزائية
كما ألف باللغتين الفرنسية والإنكليزية كتباً وأبحاثاً في مختلف فروع القانون.
(2) وجيه أسعد: ولد في قرية عين الجاش (الدريكيش - طرطوس) عام 1927. مجاز في الفلسفة من جامعة دمشق عام 1953، والحقوق عام 1966. مدرس علم النفس التربوي وعلم الاجتماع في دار المعلمين بحلب 1954- 1957. مدير لعدة ثانويات في القطر. مدرس علم النفس التربوي وعلم الاجتماع في دار المعلمين باللاذقية، ومدرس الفلسفة وعلم الاجتماع في ثانوية جول جمال باللاذقية، 1963-1968. خبير اليونيسكو في علم النفس التربوي، 1968-1973. موجه أول في وزارة التربية 1974-1983. عضو جمعية الترجمة.
مؤلفاته:
(1) لأيديولوجيات، فرنانرد دومون، وزارة الثقافة، دمشق 1977.
(2) الانتصارات المذهلة لعلم النفس الحديث، بيير داكو، وزارة الثقافة، دمشق 1981.
(3) المرأة؟ بحث في سيكولوجية الأعماق، بيير داكو، وزارة الثقافة، دمشق 1981.
(4) انتصارات التحليل النفسي، بيير داكو، وزارة الثقافة، دمشق 1983.
(5) المجتمع الحديث في أبعاده الأساسية، مجموعة من المؤلفين، وزارة الثقافة، دمشق 1982 و 1983 (جزءان).
(6) تفسير الأحلام ، بيير داكو، وزارة الثقافة، دمشق 1984.
(7) علم النفس وميادينه، من فرويد إلى لاكان، الممارسة في علم النفس ونقده، عدة مؤلفين، وزارة الثقافة، دمشق 1985.
(8) دراسات إعلامية ، عدة مؤلفين، الأليكسو، تونس 1985.
(9) العقد، روجيه موشيلي، وزارة الثقافة، دمشق 1985.
(10) الموهوبون، رومي شوفان، وزارة الثقافة، دمشق 1986.
(11) التنويم المغناطيسي، الدكتور شرتوك، وزارة الثقافة، دمشق 1987.
(12) رواية الأصول وأصول الرواية، مارت روبير، اتحد الكتاب العرب، دمشق 1987.
(13) القلق والحصر، لوغال، وزارة الثقافة، دمشق 1988.
(14) النرجسية، عدة مؤلفين، وزارة الثقافة، دمشق 1989.
(15) طفولة الفن، سارة كوفمان، وزارة الثقافة، دمشق 1989.
(16) "التصعيد دروب الإبداع" – مجموعة من المؤلفين. ترجمة وجيه أسعد -وزارة الثقافة بدمشق عام 1996.
(17) – المعجم الموسوعي في علم النفس في ستة مجلدات – وزارة الثقافة – دمشق- 2001
تابع الهوامش
(3) رواية الأصول وأصول الرواية، مارت روبير، اتحد الكتاب العرب، دمشق 1987. ص56
(4) المصدر نفسه. ص9
(5) المصدر نفسه. ص36-37
(6) المصدر نفسه. ص40
(7) المصدر نفسه. ص52
(8) ميخائيل باختين – أسس الإبداع الفني عند دوستويفسكي – ترجمة مالك صقور – شاهر أحمد نصر – اتحاد الكتاب العرب دمشق 2016. ص160
(9) "التصعيد دروب الإبداع" –مجموعة من المؤلفين. ترجمة وجيه أسعد -وزارة الثقافة بدمشق عام 1996. ص10-15
(10) المصدر نفسه. ص19
(11) المصدر نفسه. 93
(12) الموهوبون - رومي شوفان - ترجمة وجيه أسعد – وزارة الثقافة – دمشق – 1986. ص6
(13) المصدر نفسه. ص15-16 - (14) المصدر نفسه. ص156 -(15) المصدر نفسه. ص159 -162








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا