الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الإنسان غبي: ما هو الغباء؟

داود السلمان

2022 / 5 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الإنسان هو بحدّ ذاته مشكلة، وتكُمن هذه المُشكلة من كونه، يخلق مشكلته بنفسه، ثم يبحث عن حلول جذريّة لها، بل ويتعلق بأوهام يتصوّر أنّ هذه الأوهام، هي حقائق يركن اليها، فيقيسها على عالمه الحاضر، ليداري بها خيباته، وهذا هو قمة الانحدار والشرود الذهني، والتيه الفكري.
كل إنسان يحمل بذرة الـ "غباء" داخل نفسه وتعيش معه هذه البذرة حتى تنمو وتكبر، فدرجات الغباء متفاوتة بين شخص وآخر، قد يكون أحدهم يحمل عشر درجات وآخر أكثر من ذلك، إذ يصل إلى ستين بالمئة، وأحيانا أكثر. إذن ثمة تفاوت بين من يحمل "الغباء" ومرد ذلك يعود ربما للعامل الوراثي، وبعضه يكون مكتسب، أي يكتسبه الشخص عن طريق أجداده وآباءه أو عن طريق أقرانه، وكذلك يحصل عليه من المحيط الذي يعيش فيه، وخصوصًا الشخص الذي يساير أشخاصًا يحملون درجة معينة من ذلك الداء، أي الغباء، ويكون معديًا بالتلقين أو بالتأثر، وبطريقة الانجذاب إلى الشخص المؤثر، بالكلام المعسول وبطريقة الالقاء وحتى بالحركات اليدوية وبالتأثير النفسي، وبغيرها.
والسؤال: هل يمكن معالجة الغباء والقضاء عليه؟، والجواب: نعم. لكن يجب أن يكون المصاب بهذا الداء على استعداد تام لأخذ العلاج لاكتساب الشفاء، وقبل هذا أن يشعر داخل نفسه بأنه فعلا "غبي" مصاب، ويرغب بالتخلّص النهائي من هذا المرض الوبيل، وعليه أن يأخذ الدواء رويدًا رويدًا، لا على شكل دفة واحدة، لأن العلاج بدفعة واحدة قد يؤثر على استعداده النفسي، فتكون النتيجة معكوسة، وفيه قد يصاب بشلل فكري، أو عوق ذهني، يؤثر بالتالي على وعيه.
يقول دوستويفسكي: "صحيح أن أحدًا لا يزرع حمقى وأغبياء، ولكن الحمقى والأغبياء ينبتون من تلقاء أنفسهم من دون أن يزرعهم أحد!".
وذلك، أن بعض الناس يتغابون، أي أنهم لا يريدوا أن يتعلموا ويتزودوا بالعلم والمعرفة، فهم، بمعنى آخر، سُعداء في جهلهم مسرورين في غبائهم، إذا تعلموا سينصدمون بجدار الوعي فيدركون الحقيقة، و"الحقيقة" دائما هي مُرّة المذاق، كما يقولون، لا تُستساغ.
إن من يعرض عن المعرفة والتعلم، وأن لا يصغي الى نداء العقل، حتمًا سيصاب بالجهل والغباء، أو بالأحرى هو بالفعل مُصاب بالغباء بدون أن يعرف ذلك. وخذ بعين الاعتبار، إن الكثير ترعبهم الحقائق فيخافون النتائج التي قد يُفاجئون بها، حيث يمحى ما هو راسخ في اذهانهم، من أشياء تعلموها منذ نعومة اضفارهم، ويعتقدون أنها حقائق راسخة، وإن استمعوا الى نداء العقل فراحوا يقرأون ويتعلمون وينقبون، سيفقدون ما رُسخ في أذهانهم، وهم مرتاحون ينامون مطمئنين، وأكيد أن ذلك سينبههم عن غفلتهم. وقد رأيت كثير من المتعلمين يشعرون بهذا الشعور ذاته، لا فقد البسطاء من الناس فحسب.
والغباء، كمفهوم، هو قلّة الوعي والقصر في الاستيعاب، فالشخص الغبي لا يدرك ما يجري في عالمه الذي يعيش فيه، وأن وعى لا يدرك أو يستوعب القضايا التي تحيط به وبعالمه، خصوصًا القضايا التي تتعلق بمصيره وبمستقبله، وما تأول إليه حياته بعد الفناء أو قضية الموت، والقضايا الميتافيزيقية والايمانية التي تصب في خانة الدين، فهو يخاف النقاش فيها والتعرّض اليها، ويتهم الذين يخوضون فيها باتهامات، هو نفسها ليجهلها ولا يعرفها.
دوستويفسكي أنتبه إلى خطورة هذا الأمر، فحينما يرى أن الأغبياء ينزرعون من تلقاء أنفسهم، هو أنهم لديهم استعداد للعيش والبقاء في التغابي، خصوصًا إذا وجدوا الأرض الخصبة لإنباتهم، أو الحاضنة التي تركب بهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإيراني يحتفل بيومه الوطني ورئيسي يرسل تحذيرات جديدة


.. زيلينسكي يطلب النجدة من حلفائه لدعم دفاعات أوكرانيا الجوية




.. الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة 14 جنديا جراء هجوم لحزب الله الل


.. لحظة إعلان قائد كتيبة إسرائيلية عن نية الجيش اقتحام رفح




.. ماذا بعد تأجيل الرد الإسرائيلي على الضربة الإيرانية؟