الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أوهام الكاتب مصطفى محمود

داود السلمان

2022 / 5 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


للكاتب مصطفى محمود عدّة كتيبات صغيرة الحجم، يناول فيها موضوعات فكرية شتى، فهو يكتب قصص قصيرة، وبعض الكتابات الفكرية وما يتعلق بالحياة وبالوجود وبالموت وبالحساب وبالعدل الإلهي، وكذلك عن الايمان وعن الإلحاد، وعن الجنة والنار، وعن الله وعن الوحي، وغير ذلك.
ففي كتابه "رحلتي من الشك إلى الإيمان" يعترف محمود بأنّه كان يؤمن بالعلم، وقد ودرس العلم في أرقى الجامعات، وكان متولع جدًا بالقضايا العلمية، وما ينتجه الغرب على مستوى جميع العلوم والتقنيات والتكنولوجيا، وبدأ بالطب حيث درس ذلك في أحدى الجامعات المصرية، وأنّه كان مُغرم بالعلوم الى حدّ العبادة، بحسب اعترافاته في كتابه المشار إليه.
وفي سنواته الأخيرة، انقلب محمود فكريًا، إذ أعترف على نفسه بأنّه كان شكاكًا، وأن شكه هذا غير مبنيًا على أسُس علمية، كما أدعى، وأنّه بالتالي بحث ونقّب وتأمل فعاد إلى رشده وأعلن إيمانه! فترك الماركسية – التي كانت تسري في دمه - وعاد إلى حظيرة الإيمان، كما يرى.
فهو يتعجب بالذين ينظرون الى الكون وإلى الوجود، فيرون السماء المرتفعة، والدقة المتناهية للكواكب والنجوم والشموس والأقمار، والمجرات التي هي بمليارات المليارات، وكُلها تعمل بدقّة وبنظام متكامل، وفي الأرض آلاف الحيوانات المفترسة، والطيور والحشرات، وانواع النباتات والأشجار، وكذلك الهواء، وتبادل أدوار الليّل والنهار، والجبال والتلال والبحار والانهار والوديان؛ وكثير جدًا من المخلوقات التي هي بالمليارات، وجميعها تعمل بدون توقف، وكلها تسير بقوانين ثابتة ودقة متناهية، لا تزوغ ولا تخرج على النظام الذي تسير على وفقه، وكذلك الغريزة التي وُضعت في الحيوانات، فهي تعمل بدقة وبدون رقيب، ولا تخطأ ولا تغير نظامها الذي يسيّرها.
ثم يسئل: من الذي خلق كّل هذا الأشياء؟، ومن الذي وضع تلك القوانين بهذه الدقة؟، وخلقها من لا شيء، أي من عدم، ومن الذي خلق الإنسان ونفخ فيه الروح؟، وعلمه كيف يعمل، وكيف ينتج، وكيف يفكر، وكيف يتكاثر، وكيف يكسب قوته، ومن الذي وضع فيه كل هذه الغرائز جميعها؟، كغريزة الجوع وغريزة الشبع، وغريزة التجانس بهدف الكل تكاثر؟، والحفاظ على النوع، وغير ذلك الكثير كما يذكر في كتابه.
يقول: أليس ذلك هو الله الذي خلق كل ذلك، وابدع ذلك وافاض الوجود من عدم؟. ويضيف عجبي لمن يرى ذلك ولا يعترف بوجود ذلك الخالق المُبدع الجبار.
وإلى هنا الكلام سليم.
لكن الكلام غير السليم، أنّه يعتقد أنّ الذّي أبدع ذلك هو نفسه الذي ألف كتب ثلاث مقدسة!، يكذب بعضها بعضًا، ويتجنى بعضها على بعض، والذين يؤمنون بها ايضا يكفر بعضهم بعضًا ويقتل بعضهم بعضًا...! كيف يصح ذلك، وهو الخلاق العليم؟!.
والرجل لم يدر في خلده، ولم يخطر على باله، ولم يفكر ولو هنيهة، بأنّ الذي أبدع كل تلك الأشياء العظيمة والامور الجسيمة، هو ليس من الضرورة بمكان، هو نفسه الذي ألف تلك الكتب، بكل تباينها، لأسباب آنفة الذكر، بل ولا ثمة دليل على ذلك.
وطالما إنّ العلم أثبت وبالدليل أن الكون تولّد عن انفجار عظيم، وفي هذا أدلة علميّة وبراهين عقليّة، ولم يكذّب بها إلّا الذين في قلوبهم زيغ، من الذين يؤمنون بالغيبيات، وما وراء الطبيعة، وليس لنا معهم كلام، بطبيعة الحال، فلهم قناعاتهم وللذين يؤمنون بالعلم ايضًا لهم قناعات.
وثمّة كثير من أهل العلم قد لا يتناغموا مع رأينا هذا، ولهم الحق مما لا ريب، فيقولون وما دليلك على أن الذي خلق هذا الاشياء العظيمة وابدعنا من لا شيء، هو إله بعينه، وهو الصانع الحقيقي لتلك الاشياء؟!، بل جاءت من خلال الانفجار العظيم.
نعم، نحن نرى أنّ وراء ذلك الوجود صانع، وهذا الصانع لا نعرف ماهيته، وقد نكون على خطأ، فنحن لا نقرّ اقرارًا، بل نعتقد اعتقادًا.
وعليه، نعذر مصطفى محمود على ما ذهب إليه، فهو بَحث وتوصل إلى ما توصل إليه، وقد نكون جميعنا على خطأ ويأتي اليوم الذي يكشف به العلم حقيقة الاشياء، التي هي اليوم مغيبة عن الجميع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست