الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوتين على خطى قياصرة الكرملين الحمراء

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 5 / 16
السياسة والعلاقات الدولية



استعمر الاتحاد السوفييتي المقبور وما يعرف اليوم بـ"روسيا، او كما أسماه ريغان بأمبراطورية الشر الحمراء، شعوب ودول اوروبا الشرقية، بموجب كعكة "يالطا" الشهيرة، وووراثة تركة ألمانيا النازية وتقاسم النفوذ في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وحكتها تحت همروجة ويافظة "الاشتراكية" وتوأمها الأجوف "النضال ضد الإمبريالية"، وأخواتها الشهيرات من الأممية وديكتاتورية البروليتارية وسواها من الأكاذيب التي سادت على مدى عقود طويلة ثقيلة كأداء كانت في الحقيقة عبارة عن استعباد واستعمار وسرقة لأحلام الشعوب وإجهاض لتطلعاتها وأحلامها، فصاروا أفقر شعوب الارض وأكثرها عوزاً بؤسا ورعبا وترديا وانهيارا وحرماناً، وحلّت المجاعة والقلة وندرة المواد والرشوة وتحكم المافيات وعم الفساد والقمع وعبادة الطغاة والقبضة الأمنية البوليسية وحكم العسكر والسلالات الإجرامية (تشاوشبسكو وهونيكر وفويتشيخ ياروزلسكي وتيودور جيفكوف واضرابهم) وكلهم كانوا بحماية الكرملين وإعطاء التفويض و"الكارت بلانش" للعائلات الوراثية لممارسة الطغيان والقمع والاضطهاد وتجبـّر الطغاة الذين ملؤوا سجون بلادهم ومعتقلاتها وأقبيتها وزنازينها بمواطنيهم من الأحرار والوطنيين الشرفاء والمناضلين والنخب الثقافية والفكرية والعلمية المناهضة للديكتاتورية والاستبداد وعبادة الافراد في هذه الدول ففر من فرّ منهم للغرب الإمبريالي حتى صارت ما كانت تعرف باوروبا الشرقية مضرب المثل بالانحطاط والتوحش والانهيار والفشل وسوء الإدارة وعندما تحررت هذه الدول والشعوب من نير الحكم السوفييتي مع سقوط جدار برلين في بداية التسعينات على يد المصلح غورباتشيف(غوربي الساحر كما كانوا يلقبونه بالغرب)، وتبنيه لما عرف في حينه بسياسات الغلاسنوست(السفافية) والبيروسترويكا ( إعادة البناء) الشهيرة، ورجوع هذه المنظومة وتوبتها "النصوح" عن السياسات الستالينية القمعية الديكتاتورية عادت هذه المنظومة للإقلاع، من جديد، وبعد التحرر من النير الأحمر، كطاقة بشرية خلاقة وهائلة ولحقت بركب الازدهار والتطور والارتقاء والنهوض من جديد وصارت دولا ديمقراطية محترمة متطورة مع شعوبها تعيش بامان واستقرار وبحبوحة وسلام وباتت واحات للديمقراطية والحياة الحرة الكريمة لشعوبها واحترام حقوق الإنسان وتداول السلطات السلمي وحكم القانون والدستور والعدالة الاجتماعية والمساواة.
تعود روسيا اليوم، ومن باب البوتينية، وتحت ذات الحجج الواهية والأكاذيب الفاضية إلى المربع الأول ونقطة الصفر، عبر تبني ذات الاستراتيجيات والسياسات السوفييتية الحديدية البائدة والفاشلة والمنهارة، والتي كانت السبب في دفن الاتحاد السوفييتي وزواله من الوجود وأفول الحقبة الحمراء مرة واحدة وإلى الأبد عن مسرح الحياة، بعد الخيار الانتحاري الأهوج بغزو أفغانستان الذي كان هدية من السماء للغرب لتحطيم وتدمير ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي وإزالته من الوجود. وقد عبـّر "القيصر"، وفي نوستالجيا وطنية مَرَضية، عن انزعاجه واستيائه لزوال الاتحاد السوفييتي واعتبره أسوأ حدث حصل له في حياته. وقد كان غزو أوكرانيا، ومحاولة ضمـّها بالقوة على النهج السوفييتي السابق، ذروة الاستراتيجية والعقدة البوتينية، وتتويجاً لسلسلة من عمليات الضم والغزو والإلحاق في جورجيا والشيشان والقرم وكازاخستان في تجسيد ومحاكاة مثلى للنهج السوفييتي القمعي الاستعماري، ناهيكم عن اتباعه لسياسات قمعية بوليسية أمنية ضد مواطنيه، واستئثاره المطلق بالحكم والسلطة والقرار حتى الموت، مع "أوليغارشيته" الخاصة، ومطاردته لكل الأصوات المنتقدة له، وتغييبها في السجون والمعتقلات، وتسميم واغتيال من كان خارج سلطته منتشياً بقوة أمنية ضاربة، وبـ"وهم نووي" فارغ ورثه عن أسلافه السوفييت لم ينفعهم في حماية حكمهم، ولم يطلقوا منه صاروخاً واحداً، كما لم يفلح الوهم النووي السوفييتي في التصدي لتقدم الإمبريالية ومنع سقوط جدار برلين وتهاويه أمام حجارة وقبضات شبان مدنيين عزلاء.
فهل تكون أوكرانيا مقتلة بوتين، ومقبرة لآلته العسكرية الجبارة، كما كانت أفغانستان ذات يوم، وهو يغوص ويغرق، اليوم، أكثر وأكثر، في الرمال الأوكرانية، في حرب استنزافية طويلة لا تبدو لها نهاية كما يستشف من قراءة وسير الأحداث، وقد أهدى بوتين الناتو، ذريعة أوكرانيا، كما أهداهم بريجينيف، ذات يوم، ذريعة وحجة أفغانستان للتدخل لاستنزاف هذا البلد والاقتصاص منه وتدميره عبر خوض حروب ضروس طاحنة بـ"الوكالة"، وسياسات انتحارية حمقاء، تتجدد وتتناسخ وتتوالد من أوكرانيا للقرم لجورجيا لأفغانستان وحبل الديكتاتورية والطغيان والاستبداد عى الجرار؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بوتن المغرور
بارباروسا آكيم ( 2022 / 5 / 17 - 10:02 )
و الله كان أمام روسيا فرصة حقيقية لتأكيد نفسها كقوة دولية صاعدة و مسؤولة و كانت هناك مؤشرات تشير الى هذا الإتجاه
لكن مع الأسف
هذه هي النتيجة حينما يحكمك شخص يعيش مراهقة متأخرة و يرفض المشورة و يعامل موظفيه كعبيد
و يبدأ يصور لنفسه على إنه وحش المرحلة و قائد الأمة و هذا الهراء الشرقي المتخلف

هل رأيت كيف كان بوتن يتعامل مع أحد مسؤولي جهاز مخابراته قبل غزو اوكرانيا ؟

إن أسوء خصلة يتصف بها القائد هي الغرور




يلة انشاء الله يوم مثل هذا اليوم لأردوغان و الخرفان
يوم لا ينفع لا مال و لا بنون

على الأقل بوتن إستطاع حتى هذه اللحظة من حماية الإقتصاد الروسي لكن في المقابل ماذا سيفعل الخليفة النابح لو تعرض لنفس الضغوط ؟؟
و كلنا نعلم بأنه لا يملك شيء بإستثناء النباح

تحياتي

اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة