الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التكوين الكوني و الهندسة الإلهية المقدسة

اتريس سعيد

2022 / 5 / 18
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما تجلى الوعي المقدس (العقل الكوني) في دائرته الأولى صاحب هذا التجلي ثلاثة مقاطع صوتية (أ - و - م) {الضمة بين كلمة كُن أمر الرب بينهما} حتى نتمكن من تخيل الفكرة جيداً تصور أن المقاطع الثلاث تحدث صوتياً حيث يتكرر كل مقطع خمسة مرات، حينها يمكننا تخيل الإنفجار الذي إنتهی بالحرف (م) ولكن بقوة التردد.
هذا التجلي مثل في نفس الوقت عملية إزاحة للوعي العظيم المقدس (العقل) من مساحة معينة إلى تجسيد فعلي، مخلفا وراءه بالطبع الظل، وبعد إكتمال الدائرة السماوية الأولى أصبح للمتجسد مساحة وقياسات، و عمق، وسعة، من هذه النقطة الكونية الأولى في الوجود والكينونة أطلق عليها كلمة هندسة على الخلق وصانعه، لتمثل فيما بعد مجمل عملية الخلق التي إنتهت بالبيضة الكونية الأولى وزهرة الحياة، فكلها تحوي أرقام وعوالم لها معاني ولغة كونية مقدسة لها مقاطع، ولها تردد رنيني يتفاعل مع المنظومة بشكل متكامل، ولها تردد صوتي موسيقي يعكس كل إشارة في الكون.
يبدو الأمر صعباً للغاية عند الحديث عن عمل هذه المنظومة بشكل متناغم ومتناسق، لكن الحقيقة أن الأمر أبسط من ذلك بكثير، فالكثير من الشواهد الحية سواء للكائنات (بشر، نباتات، حيوانات، أحجار) أو حتى للمجرات السماوية والدوائر الملكية والأكوان بشكل عام، تصادفنا في حياتنا اليومية البسيطة، وترسل لنا إشارات واضحة لطبيعة عمل هذه المنظومة الكونية، لكننا نحاول إبعادها عن أنظارنا أو في الكثير من الأحيان نتجاهلها.
وعند إكتمال الدائرة الكونية الأولى تجد أيضاً ثالوث مقدس لا يمكن تجاهله (الروح، النفس، الجسد) فهو يشكل الأساس في هذه الهندسة الخفية المقدسة، وقبل دراستهم للروح والجسد درس الحكماء القدماء مسألة التجلّي وأبعاده و قياساته حتى يتمكنوا من وضع إطار عام لعلم نوعي شكّل قفزة في تقدمهم الروحي والنفسي فيما بعد
وقاموا بتصنيف كل جزئية من هذه المنظومة فوضعوا إسم لكل عالم من العوالم السبع (المادي، النجمي، العاطفي، العقلي، السببي، الحدسي، الروحي) وإضافة إلى أسماء هذه العوالم صنفوا لكل عالم لونه الخاص في منظومة قوس قزح (أحمر، برتقالي، أصفر، أخضر، أزرق، نيلي، بنفسجي) وكذلك تردده الرنيني الخاص بكل عالم من العوالم السبعة و وضعوها في أوكتافات سبعة على الآلة الموسيقية.
لذلك هناك نغمات (معزوفات موسيقية طافية على كينونة كل عالم من العوالم السبع، يقابلها غدد في جسد الكائن تتناغم مع كل نغمة تخص العالم الذي تمثله وتجعل حواسنا تتفاعل معها بطريقة لا نتمكن من سبر أغوارها، بالإضافة إلى أن هذه الغدد يدخل في تركيبها عدد من المعادن، لكل غدة معدن نفیس، لكل غدة لون ينبعث من حجارة كريمة ( أشعة ) تتناغم معه دون أن يدرك المرء أسبابه.
كذلك هناك روائح لكل عالم يستخرجها الإنسان من الأزهار أو المعادن لتعبر عن روح كل عالم من العوالم السبع ومنظوماتها الكونية المتناغمة، لهذا السبب أطلق الحكماء القدماء على الهالة التي تحيط بالغدد إسم الشاكرا، وكشفوا أن سر تطوير القدرات الروحية للمرء تتسلسل في العالم من الأسفل إلى الأعلى عبر تفعيل هذه الشاكرات أو الهالات في الغدد بادئ ذي بدء، بعدها تنسجم العملية بأسرها مع هالة الجسم أو كما سموها بـ (الأورا)، وهي عملية تمثل الجانب الحاسم في الإنتقال إلى عوالم أسمى.
وسموا هذه الشاكرات بالتسلسل مع العوالم السبعة، مع الغدد السبعة، مع الألوان السبعة، مع الأعداد السبعة الزهرة الحياة، مع الأنغام السبعة، مع المعادن السبعة (الجذر - المادي) (السرة - النجمية) (الضفيرة الشمسية - العاطفي) (القلب - العقلي) (العين الثالثة - السببي) (الحنجرة - الحدسي) (التاج - الروحي)، هذه المنظومة التي تم إقفالها، أدرك الحكماء القدماء بعد وقوعهم في البعد المادي أهميتها ووضعوا العلاج المناسب لتخطيها، سواء من خلال الرياضة الروحية أو من خلال إكسير الحياة الذي كانوا يقوموا بتحضيره في معابد سومر أو أهرامات مصر وخلط جزء صغير منه مع تركيبة الطعام الإلهي المقدس التي كانت الوجبة الرئيسية لهم عبر العصور.
فقديماً وبالتحديد في العصور الأولى لبناء المدن السومرية بعد الطوفان كانت لهذه التركيبة الغذائية تأثير روحي سحري على المتواجدين في المعابد خاصة وللكهنة ويتم تقديمها أيضاً للخدمة أو للزيارة، فقد كان لها طقوس غاية في الدقة (تم نسيانها تدريجيا بمرور آلاف السنين) تتمثل في جمع ماء من العيون وخاصة في المناطق الجبلية لأنها كانت تحوي كميات لا بأس بها من الأحجار الطبيعية التي تعمل على تفعيل طاقة الماء وبرمجته على تبلور جزيئاتها، ويتم وضع هذه المياه في جرار (جرار فخارية) توضع تحت قباب وتكون في الثلث الأعلى منها لمدة أربعة أيام إلى سبعة أيام وبعدها يتم إعداد الطعام بهذه المياه وهذه الجرار وخلط كمية قليلة من زيت الذهب والفضة معها.
كانت هذه الوجبة الغذائية تغني الكثير من الممارسين للتنوير عن ممارسة الرياضة الروحية وكانت تؤهل غُددهم للعمل بطاقاتها القصوى، فالماء الحاوي لهذه الأحجار الكريمة مع زيوت الذهب والفضة كانت تجمع الثالوث الحاسم الذي تحتاجه الشاكرات للتفعيل، وكذلك كانت البصيرة الروحية تتقدم عندهم على الشعوب المحيطة بهم، وتعمل الطاقة العقلية بأقصى سرعتها إذا ما علمنا أن زيوت الذهب والفضة تفعل الكهرباء اللاسلكية في الدماغ المسئولة عن النشاط الفكري من خلال تفعيل الأوكسجين الأحادي الذرة المسؤولة عن العملية بأكملها في دماغ الإنسان.
لذلك كانت العملية أشبه بالهندسة الحسّية والموسيقية والفكرية والروحية، فهي تشمل كل المنظومة العاملة بدءاً من خلق الدائرة السماوية الأولى، و لعلمهم ويقينهم بأنها صناعة تفوق قدرات العقل البشري أطلقوا عليها إسم (الإلهية) وحتى نفهم طبيعة عمل هذه المنظومة الكونية المتناسقة لا بد من تعريفها في أول الأمر ودراسة الأسباب التي وقفت وراء إختيار هذه المعاني ومن إستخدمها للمرة الأولى على هذا الكوكب وما الهدف من إستخدامها ؟
والكثير من الأسئلة التي قد تشغل فكر القارئ أو الباحث عن الحقيقة الإلهية وسر وجوده على هذه الحياة الأرضية وعلمها الهندسي الكوني الخفي المقدس.
هذا العلم الذي سماه حكماء الهندسة المقدسة إختصاراً منذ القدم (بالعلم الباطن) أصبح لزاما علينا تقديمه للأجيال وإخراجه من الخفاء إلى العلن، وأخذه من مكتبة الكهنة ووضعه في متناول أبناءه وبناته من العامة، فهو الأمل الهادي لمئات الألوف من المتشوقين لمعرفة مصدر العلوم الإلهية وترجماتها ومعانيها والأسباب التي وقفت خلف كتابتها والإشارات الدالة عليها في المنظومة الكونية التي شكلت شرارة إنطلاق العلم الإلهي الخفي المقدس على يد القدماء والحكماء.
والتعريف به في هذه الظروف لم يأتي إعتباطأ بل خضع لظرف دقيق تكون الأجيال الحالية والقادمة بأشد الحاجة لفك الستار المغلف السميك الذي أحاط بسرية هذا العلم طوال الآلاف من الأعوام مرت على شعوب قديمة (ما بين النهرين) حملت معها الأسرار الخفية لكل العصور وعلموا العالم الأبجدية وكل ألوان المعرفة بدءا من سومر وما قبلها وحتى يومنا الحاضر.
لقد جسدت أشعة الحضارة الأولى في أريدو تلك الهندسة الكونية الإلهية الخفية المقدسة وعلومها بطريقة نوعية بقية القرون طويلة تعلو على مستوى الإدراك البشري وملكاته الفكرية وليس في سومر ومصر القديمة و جهات الأرض الأربعة إنتشرت هذه الهندسة الإلهية وتركت آثارها شامخة لا يستطيع أعتى العلماء فك طلاسم أسرارها، فهي قبل أن تكون حضارة كانت علم هندسي خفي مقدس غطى جهات الأرض بفكرة عالمية ولدت فيما بعد كل العلوم الكمية المنهجية التي تدرس اليوم في جامعات العالم المختلفة بأشكال وصيغ عديدة، وعندما فسر الحكماء القدماء نشوء الكون ومنظومته المعلوماتية بشكل دقيق توالت عليهم العلوم النوعية بأعمق أشكالها وأفرزت لهم هندسة عظيمة شكلت المحور الأساسي في أسرارهم الخفية التي تحولت فيما بعد إلى علم هندسي خفي مقدس يدرسه فقط من يصل أعلى درجات التحكم بالعقل والعاطفة ووضعوا شروطاً دقيقة لتوضيح الصورة بشكل كامل من أجل أن يتمكن المرء من دراستها وتقبل تعاليمها، فهذه الهندسة كشفت الغطاء عن التجلي الأقدس كونياً (العقل الكوني) وطريق تسلسل وولادة مسارات الطاقة والمجالات المغناطيسية والتردد الرنيني والنغمات الموسيقية والأعداد والأحرف في مكتبة الكون الرمزية، وحددت الشكل الذي تنتقل فيه الطاقة وتتولد فيه المادة في صيغة علمية نوعية لا يمكن سبر أغوارها بسهولة.
فكل شيء في كوننا الفسيح وفي أعقد المجرات الكونية والدهر شاملاً هو نتيجة فعلية لظاهرة التجلي ونشوء الكينونة التي شكلّت حجر الأساس في هذا العلم الألهي الخفي المقدس، فَتعلُّم مبادئها على أقل تقدير يُدخِل المرء في أصغر تفصيل من تفاصيل نشوء الكون ويفتح ملكاته الفكرية تدريجياً لتَقَبُّل هذا العلم بأوسع معانيه، لذلك تشكّل خطوة شرح هذه المبادئ تحدياً ليس سهلا كما يتصور البعض أو تحتاج إلى مغامرة تخضع لتجريدات ذهنية لا تصب في خدمة الحقيقة، بل هي بحاجة إلى إدراك وإحساس عميقين بهذه المبادئ بشكل روحي وفكري وذهني عميق قبل أن ندخل في خانة البعد التفصيلي لهذه المبادئ وجعلها تصب في خدمة القارئ والحقيقة على حد سواء.
ورغم أن العلم الهندسة المقدسة تضع نقطة حمراء أمام تعريف المقدس في عرشه إلا أن مستويات الوعي العليا ومن تمَكّن من الوصول إليها قربّت لنا ذهنية هذه الحالة الغير مشروطة بالنسبة لنا في مستوى الوعي الذي نعيش فيه، فهذه الحالة تتخلل كل ما في الطبيعة الكونية بعمق ليمثل الوجود المقدس بأسطع صورة.
وعندما وضع الحكماء الإلهيون أسس علمهم الخفي المقدس بدأوا بدراسة الجوهر الكوني وما تلاه من عملية تجلي وصولا إلى أصغر جسيم ذري في الكينونة فوضعوا في نظر الإعتبار ترتيب هذه الهيكلية في نسق أزلي بدءاً بالدهور، والمجرات الكونية، والأكوان، والمنظومة الشمسية القمرية، إنتهاء بالدائرة الملكية السماوية لكل كوكب وما يحيطه من أقمار، وما يصل إليه من تأثيرات على المنظومة النفسية و الروحية سواء في الأرض والسماء أو الكواكب أو للكائنات التي تعيش على الأرض، عبر مسارات طاقة تنقل هذه التأثيرات التي تشكل عملية غاية في التعقيد لتجليات الحالة الدهرية ودوائرها المقدسة ومدى قدرتها على ترك التأثير في الكائنات والمخلوقات في مستويات متدنية من الدوائر الخاضعة لها، هذه الآنية التي نسميها تجلي المقدس وعظمة تشابك وتداخل منظومته مثل الأساس المتين الذي قام عليه العلم الهندسي الألهي المقدس.

͜ ✍ﮩ₰ الماستر الأكبر سعيد اتريس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا