الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقرير حول مشاركة الدكتور مصطفى العبد الله الكفري في يوم التعاون الاقتصادي البولندي – العربي

مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق

2022 / 5 / 19
الادارة و الاقتصاد


تقرير حول مشاركة مصطفى العبد الله الكفري في يوم التعاون الاقتصادي البولندي – العربي
مدير مكتب الاستثمار في أعمال المنتدى الاقتصادي
وارسو 10/9/2004 – بولندا
استنادا لقرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 5112 تاريخ 15/8/2004 المتضمن ايفاد كل من:
- السيد مصطفى العبد الله الكفري – مدير مكتب الاستثمار
- السيد بسام السباعي – معاون رئيس هيئة تخطيط الدولة
بمهمة رسمية للمشاركة في فعاليات (يوم التعاون الاقتصادي البولندي – العربي) ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي (بولندا – الشرق) في مدينة كرينتسا – بولندا. سافر الوفد إلى بولندا منتصف ليل 8-9 أيلول 2004 وتم الوصول إلى مدينة كرينتسا مساء 9 أيلول 2004.
وقد شارك في المنتدى الاقتصادي (بولندا – الشرق) وفود تمثل حوالي 35 دولة من مختلف دول العالم ووصل عدد المشاركين حوالي 1500 شخص.
في حفل الافتتاح ألقى رئيس جمهورية بولندا الكسندر كفاشنيفسكي كلمة أكد فيها على ضرورة اتباع سياسة الأبواب المفتوحة وبخاصة في اتجاه حلف الناتو ودول الاتحاد الأوروبي.
وضمن فعاليات المنتدى افتتح وزير الخارجية البولندي يوم التعاون الاقتصادي البولندي العربي في العاشر من ايلول وشارك فيه العديد من الدول العربية (سورية، السعودية، لبنان فلسطين، تونس، الأردن، الكويت، المغرب، مصر، الجزائر).
شارك في فعاليات يوم التعاون الاقتصادي البولندي العربي رئيس مجلس الوزراء البولندي ووزير الخارجية ووزير الاقتصاد وعدد من الشخصيات السياسية والفعاليات الاقتصادية البولندية. أكد الجانب البولندي على ضرورة وضع صيغ جديدة للتعاون بين بولندا والدول العربية وبخاصة بعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي.
ربطت بين بولندا والدول العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن سنين مديدة من التعاون المثمر، تشجع الطرفين (البولندي والعربي) على جعل هذا الملتقى بداية مرحلة جديدة في العلاقات الاقتصادية بين بولندا والدول العربية في الفترة القادمة.
- اندماج الاقتصاد البولندي بالاقتصاد العالمي:
يعد مرور أكثر من 14 عاما من التحولات الاقتصادية التي حدثت في بولندا منذ عام 1990 وبخاصة ما يتعلق في بناء قاعدة اقتصاد السوق الحرة وتقوية دور القطاع الخاص، ودخول بولندا العديد في المنظمات الدولية مثل:
منظمة التجارة العالمية، منظمة التنمية والتعاون الأوروبي، حلف الناتو، الانضمام للاتحاد الأوروبي بهذا كله نجد أن بولندا قد اندمجت بالاقتصاد العالمي. وأضحت الاستراتيجية الجديدة للحكومة البولندية تتضمن العمل تسريع خطوات التنمية الاقتصادية لبولندا مع بداية القرن الواحد والعشرين.
1- مكانة بولندا في اقتصاديات العالم:
بولندا بلد أوروبي يتمتع بمساحة كبيرة وعدد كبير من السمان واقتصاد قوي. وقد زاد نصيبها ودورها في الاقتصاد العالمي في الفترة الأخيرة، وأكبر المؤشرات على ذلك هو النمو وزيادة معدل الدوران الديناميكي لإنتاج البلاد.
خلال الفترة من 1990-2000 وصل متوسط معدل النمو إلى 4.6% ومن الواضح إن ذلك كان أعلى من متوسط المعدل العالمي آنذاك (2.7% طبق لبيانات البنك الدولي).
وقد زادت قيمة اجمالي الناتج القومي بشكل واضح في بداية فترة التحول في عام 1990 ووصلت إلى حوالي 59 مليار دولار أمريكي (طبقا للسعر الرسمي للدولار في هذا الوقت) وفي سنة 2001 وصل الدخل القومي إلى مستوى 176.4 مليار دولار.
إن النمو الديناميكي لإجمالي الناتج القومي جعل مساهمة بولندا في اجمالي الناتج العالمي تقفز من 0.3% حتى تصل إلى 0.5% في عام 2000.
كما نلاحظ أيضا أن معدل سرعة نمو الانتاج الصناعي البولندي أكبر من المعدل العالمي وفي الفترة خلال السنوات 1990 -2000 وصل متوسط معدل نمو الانتاج الصناعي العالمي إلى 1.5% في حين وصل هذا المعدل في بولندا إلى 4.2%.
وبالنسبة لإنتاج العديد من السلع والصناعات المختلفة تعتبر بولندا على رأس هذه الدول، ومن ضمن المنتجين العشرة الأوائل في العالم. وتأتي على رأسها المواد التالية:
الكبريت، الفحم الحجري، والفحم البني، وفي المرتبة الثانية يأتي حامض الكبريتيك، الاسمنت، الصلب الخام، أجهزة التلفزيون، سيارات الركوب وسيارات الشحن، والطاقة الكهربائية.
تعتبر بولندا منتج عالمي للعديد من المنتجات الزراعية على رأس هذه المنتجات الجوادر، والبطاطس، وبنجر السكر (الشمندر) وقطعان الخنازير ومنتجات الحليب حيث تحتل المركز العاشر من بين أكبر الدول المنتجة لتلك المواد. وتأتي بولندا أيضا من ضمن الدول العشرين الأوائل في العالم من حيث إنتاج الشعير والقمح والسكر واللحوم.
في السنوات 1991-2000 تسارعت ديناميكية النمو التجاري بين بولندا والعالم بشكل واضح وذلك عن معدل نموه العالمي (حسب السعر العالمي للدولار في هذا الوقت) وصلت نسبة صادرات بولندا إلى معدل 6.3% في حين وصلت نسبة الواردات إلى 6.5% (وذلك حسب بيانات منظمة التجارة العالمية) مع ذلك متوسط الزيادة السنوية في الصادرات البولندية إلى 8.3% وعليه فان ديناميكية الاستيراد ظلت تقريبا أكثر من ضعفي نسبة التصدير ووصلت إلى 15.5% والنتيجة أن نصيب بولندا من نسبة الاستيراد العالمي زاد من نسبة 0.3% في سنة 1999 حتى وصل إلى نسبة 0.7% في سنة 2000، الأمر الذي أعطى بولندا المركز السابع والعشرين في قائمة الدول المستوردة على مستوى العالم في حين زاد نصيب بولندا من نسبة التصدير العالمية من 0.4% في سنة 1999 حتى وصل إلى نسبة 0.5% في سنة 2000، (الأمر الذي أعطى بولندا المركز الخامس والثلاثين في قائمة الدول المصدرة) وبالرغم من الركود الذي ساد التجارة العالمية في عام 2001 سجلت بولندا زيادة في الصادرات بالنسبة لعام 2000 والتي بلغت 14.0% في حين زادت الواردات بنسبة 2.7%. إن تطور الاقتصاد البولندي المتسارع استوعب الوفر في الواردات الاستهلاكية والاستثمارية.
إن عملية الخصخصة التي جرت في بولندا جذبت اهتماما كبيرا من قبل المستثمرين الخارجيين الأجانب. أثر ذلك بدرجة كبيرة على زيادة حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة القادمة إلى بولندا. وشكلت بولندا أكبر مستفيد مباشر من الاستثمارات الخارجية في دول وسط وشرق أوروبا، ومنذ عام 1996 كانت بولندا تحصل كل عام على أكبر نسبة تدفق لهذه الاستثمارات. ويعد عام 1997 هو عام الذروة من ناحية قيمة الاستثمارات الخارجية المباشرة التي تدفقت نحو هذه المنطقة، ويأخذ المستثمر الخارجي في اعتباره بخصوص زيادة رأس المال الموجه للاستثمار في بولندا الوضع الاقتصادي الكبير والشامل ومستوى التنمية الاقتصادية في بولندا، وكذلك الاصلاحات الاقتصادية الكبيرة التي تتم في بولندا بالإضافة إلى حقيقة قبولها في عضوية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وفي حلف الناتو وعضويتها القريبة المتوقعة في الاتحاد الأوروبي وكذلك المستوى العالمي للائتمان في بولندا والذي وصل إلى المستوى العالمي.
2- التقييم الداخلي للاقتصاد البولندي:
بالرغم من التسلسل البطيء في النمو الاقتصادي في السنوات 2001-2002 فما زال ينظر إلى بولندا كبلد ناجح، وذو اقتصاد مستقر وسياسة ثابتة، وتشير التنبؤات إلى معدل تنمية جيدة تشير إليها تقييمات المنظمات الاقتصادية الدولية، والمؤسسات المالية، والمراكز العالمية ومؤسسات صناعة الرأي التي تظهر في النشرات الاقتصادية العالمية حيث تلفت هذه الجهات الأنظار نحو كبر حجم السوق البولندي وموقعه في وسط أوروبا والنظام المالي الجيد – ومناعته في ومواجهة الأزمات. وقد لاقت الاصلاحات التي تمت على بنية الاقتصاد البولندي، وخاصة تلك التي تمت في نظام المعاشات وعملية التحول المتقدمة تقديرا عاليا.
إن هذا التقييم عن الاقتصاد البولندي تم تقديمه من خلال المنظمات العالمية والمؤسسات المالية مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.، وصندوق النقد الدولي، والمصرف الدولي والمصرف الأوروبي للبناء والتنمية ويقيم خبراء المصرف الأوروبي للبناء والتنمية الاقتصاد البولندي بشكل ايجابي وخاصة ما بذلته كم جهد من أجل التحولات الوظيفية مثل تلك الاصلاحات التي تمت في مجال الصناعة، السوق، البنية الأساسية (الاتصالات والسكك الحديدية.. الخ) بالإضافة إلى المؤسسات المالية.
كما تم تقييم الاقتصاد البولندي من قبل صندوق النقد الدولي. حيث ذكرت تلك المؤسسة أن ازدهار الاقتصاد في الأسواق العالمية سوف ينعكس أيضا على بولندا في النصف الثاني من عام 2002. وفي السنوات التالية لذلك ستصل بولندا إلى معدل نمو سنوي يتراوح ما بين 4- 4.5%، وذلك بفضل الاصلاحات التي يتم تطبيقها من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي كما أن نتيجة انخفاض نسبة التضخم في بولندا ستكون في صالح المستهلك البولندي وتعمل على زيادة قدرته الشرائية. أما زيادة الصادرات وتنشيط نسب الاستثمار فإنها ستعمل على تخفيض نسبة الفائدة واضعاف الزلوتي البولندي.
إن ترتيب وتصنيف الشركات الناجحة يعتبر ذو أهمية كبيرة في تقدير وضع الائتمان بالشكل الصحيح وتقييم ربحية الاستثمار بين الشركات ذات الشهرة والمشهود لها، وتضع الوكالات المتخصصة في تقييم الوضع الاقتصادي مثل ستاندارد آند بور Standard & Poors وخدمات مودى للمستثمرين Moody s Investor Service وفتش أى بي سي ايه Fitch IBCA بولندا في مصاف الدول مثل جمهورية التشيك والمجر واستونيا، حيث تعتبرهم وتقدرهم كدول ذات اقتصاد جيد ومقبول وأنها مؤمنة جزئيا ضد التهديدات المتوقعة.
في ترتيب الشركات من ناحية درجة نجاحها، فان أكثر الدول منافسة كما ورد في "تقرير المتنافسين العالمي 2001-2002" المعد عن هذه السنوات، تصنف بولندا في المركز 41 من بين 75 دولة معترف بها من ناحية مؤشر الاتجاه العام التنافسي وكذلك طبقا لمؤشر النمو التنافسي CCI – Current Competitiveness Index وكذلك من ناحية التنافس في معدل النمو كما يشير إلى ذلك مؤشر النمو التنافسي GCI-Global Competitiveness Index يأخذ المؤشر بعين الاعتبار محيط الأعمال واستراتيجية سوق الشركات في حين أن المؤشر الثاني يقيس توقعات النمو الاقتصادي المتوسط المدي، ومن ضمن هذه القياسات تلك التي تتم عن طريق تقييم مستوى التقدم التكنولوجي وأيضا تأثير المؤسسات العامة على الاقتصاد.
أما الدورية التي تصدر كل شهرين والمسماة السياسة الخارجية (Foreign Policy ) وشركة أ. ت. كيرني ( A.T.Kearney Inc ) من خلال أسلوبها في التصنيف العولمي قامت بتقييم عدد 62 دولة من الدول ذات مستوى التطور العالي، والدول ذات المستقبل المشرق في السوق، وقد تم احتساب هذا المؤشر على أساس 4 عوامل مفصلة وهي: الاندماج الاقتصادي، الاتصالات الشخصية، تكنولوجيا المعلوماتية، والمشاركة في النشاط السياسي، وعليه فقد احتلت بولندا المركز السابع والعشرين في هذا التصنيف.
وفي التصنيف الذي أجرته المجلة الأمريكية المسماة المستثمر المؤسساتي Institutional Investor احتلت بولندا المركز السادس والثلاثين من ضمن 150 دولة وحصلت على 59.6 نقطة من الحد الأعلى للنقاط البالغ 100 نقطة، ولكن هذا التصنيف كان على أساس البيانات التي قدمها الاقتصاديون العموم للمصارف العالمية المشهورة وشركات التأمين. وهذا يعني أن هذا التصنيف حسن وضع بولندا ووضعها في مرتبة أعلى درجتين وحصلت بذلك على نتيجة أفضل بنسبة 0.4 نقطة بالمقارنة مع التصنيف السابق.
أما المجلة البريطانية الشهرية المعروفة تحت اسم Euromoney والتي تقدم سنويا في كل من شهر مارس (آذار) وسبتمبر (أيلول) تصنيف للدول التي تلاقي ترحيب من قبل المستثمرين فقد أخذت بعين اعتبارها في هذا التصنيف العوامل التالية: درجة المخاطرة السياسية في هذه البلاد، ومؤشر الديون لها، ودرجة وفاء هذه الدول بالتزامات خدمة الدين.
في آخر تصنيف والذي صدر في شهر مارس (آذار) من سنة 2002 احتلت بولندا المركز 41 من بين 85 دولة جرى تقييمها، الأمر الذي يعني ترقيها لأربعة مراكز بالمقارنة مع التصنيف الذي تم في السنة السابقة، وسبعة مراكز بالمقارنة بالتصنيف الذي تم في شهر سبتمبر (ايلول) من سنة 2001 وحصلت بولندا على تقدير بلغ 65.81 نقطة (النقاط القصوى 100 نقطة) وبذلك زادت نقاطها عن السنة السابقة بنسبة 2.41 نقطة.
في التقرير الصادر عن Economist Intelligence Unit تحت عنوان توقعات الاستثمارات في أوروبا الشرقية. تم تقديم تصنيف لدول أوروبا الوسطى والشرقية من ناحية درجة الجذب للاستثمارات الأجنبية، حيث حصلت بولندا على 7.07 نقطة من الحد الأقصى وقدره 10 نقاط عن الفترة 2001-2005، وبهذا جاءت في المركز الثالث بعد أستونيا والمجر.
ويعد ليخمان برذرز Lehman Brothers واحد من أهم المصارف الاستثمارية ذات الشهرة الكبيرة والذي قيم بشكل ايجابي استقرار الاقتصاد البولندي حيث قام بتقييم السوق المتفتحة عن طريق ما يسمى بمؤشر الاستقرار، والذي يضع في اعتباره قبل كل شيء العوامل السياسية والاقتصادية والتي تسمح باعتبار إذا ما كان البلد مستقر وقابل لمواجهة المخاطر المالية وكذلك العجز في الخامات والأشياء المشابهة، وعلى أساس هذا التصنيف حصلت بولندا على المركز الثاني مباشرة بعد المجر، وحصلت بذلك على 72 نقطة من 100 نقطة.
وتظهر التقييمات المذكورة أعلاه أن توقعات النمو الاقتصادي المفيد يجعل من بولندا شريك جيد في الأعمال في كثير من أشكال التعاون الاقتصادي.
3- الاتجاه العام للسياسة الاقتصادية الخارجية:
إن الفكرة الرئيسية للسياسة الاقتصادية الخارجية لبولندا هي تقوية الروابط الداخلية للاقتصاد البولندي واعداده للاندماج في الاقتصاد العالمي بشكل قوي، وهذا سمح بتقوية وتأمين عملية الإصلاح الاقتصادي والتي بدأت بين السنوات 1989-1990، وعلى هذه الخلفية أمكن تثبيت نموذج اقتصاد السوق وكذلك تقليل الفوارق بين مستويات التنمية، بالمقارنة مع الدول الصناعية، إن السياسة القائمة على زيادة الاندماج في الاقتصاد العالمي أدن إلى زيادة انفتاح الاقتصاد البولندي ومع زيادة الانتاج القومي في السنوات 1990-2000 بنسبة 43.1% فان الاستيراد وفقا للأسعار الثابتة زاد في هذه الفترة أكثر من خمس مرات، في حين زاد التصدير بمعدل مرتين.
إن الاندماج في الاقتصاد العالمي سيضمن أيضا زيادة الأمان في البلاد حيث أصبحت هناك نية لتحقيق الانضمام إلى النظام الأمني الأوروبي الأطلسي، وتوج ذلك بدخول بولندا لحلف الناتو في سنة 1999.
وبأخذ تلك الأهداف في الاعتبار فان تنفيذ وتحقيق السياسات الخارجية الاقتصادية لبولندا ستعمل على التكامل على المستوى الداخلي والخارجي، فعلى المستوى الداخلي فقبل كل شيء تأمين ظروف تمكن من التعاون الاقتصادي الدولي بشكل أكبر، وعلى المستوى الخارجي فان النشاط الاقتصادي عليه أن يؤمن الظروف الداخلية للاندماج في الاقتصاد العالمي وذلك عن طريق إنشاء قاعدة للقوانين والمؤسسات المنظمة لكافة النشاطات على كافة المستويات المحلية والاقليمية والدولية.
إن النشاط الداخلي يستهدف أيضا زيادة مجال التنافس الدولي للاقتصاد البولندي وكذلك زيادة قدراته على سرعة ومرونة التطبيع مع الظروف المتغيرة والتحولات في البنية الاقتصادية وفي البيئة الخارجية. أن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك الهدف كان في تصفية نظام التخطيط الشامل والاقتصاد المركزي ومركزية الإدارة، واحتكار الدولة للنقد الأجنبي، وفي نفس الوقت ادخال المبادئ والقوانين التي تؤمن حرية الاقتصاد (من ضمن ذلك إنشاء شركات جديدة – قبل كل شيء شركات خاصة – كي تقوم بممارسة نشاطها طبقا للنظام الجديد والدخول في النظام الاقتصادي الحر).
يسيطر القطاع الخاص على التجارة الخارجية بنسبة 85% وفي الحين الذي كان رأس مال القطاع الخاص يمارس نشاطه في البداية في القيام بعمليات الاستيراد بشكل عام ومزاولة العمليات الاقتصادية السهلة، الآن أصبح يقوم بعمليات أكثر تعقيدا وبدرجة أكبر في عمليات التصدير وأصبح القطاع الخاص يلعب دورا متساويا في كلا المجالين.
بالإضافة إلى ذلك فمن الناحية العملية تم اعطاء كامل الحرية للشركات الأجنبية لممارسة نشاطها الاقتصادي في بولندا، ففي بداية التحولات الاقتصادية في بولندا كانت رؤوس الأموال تتحرك بحذر في السوق البولندي. ولكن منذ عام 1993 بدأ التدفق السريع لهذه الأموال في التحرك نحو بولندا حيث بلغت الاستثمارات الخارجية في السوق البولندي في عام 1993 ما قيمته 105 مليون دولار أمريكي. ووصلت في عام 1995 إلى 6832 مليون دولار أمريكي، في حين أنه في عام 2001 وصلت إلى 57 مليار دولار أمريكي تقريبا. وهكذا أصبحت بولندا الملتقى الأكبر للاستثمارات الخارجية في وسط وشرق أوروبا. بحيث بلغت نسبة الاستثمارات في بولندا 36% من اجمالي التدفق المباشر للاستثمارات الخارجية وأكثر من ¼ اجمالي تلك الاستثمارات وبقدر ما تدفقت الاستثمارات الأجنبية تسبب ذلك أيضا في زادة الاستيراد عامة وفي خلال سنتين زاد ديناميكية الصادرات البولندية بنفس المقدار.
وفي عام 2000 كانت الشركات ذات رؤوس الأموال الأجنبية تساهم بنسبة 56.2% من قيمة الصادرات البولندية بشكل عام (أي نسبة الصادرات لتلك الشركات زادت بقيمة 4.6 نقطة % عن العام السابق) كما زادت نسبة الواردات 54% من اجمالي الاستيراد العام للبلاد (هبطت نسبة الواردات بقيمة 1.6% عن العام السابق) في حين هبطت نسبة مساهمة هذه الشركات في الرصيد السلبي للميزان التجاري حيث انخفض من 62.0% في سنة 1999 إلى 50.5% في سنة 2000.
أثمر تغيير النظام الاقتصادي في بولندا إلى خلق ظروف مناسبة لخلق ونمو المنافسة، كما لعبت السياسة الخارجية الاقتصادية في هذا المجال دورا جوهريا. إن البنية الاقتصادية التي ورثتها لبولندا عن نظام التوجيه المركزي كان تشبه بناء هرميا مقلوبا، وسيطرت على هذه البنية الشركات الكبيرة التي أنشئت على أساس يكاد يكون احتكاريا، أما الشركات المتوسطة فقد ظلت على حالها ولم تتطور، إن اختراق هذا النظام تسبب في حرية الدخول إلى نظام السوق بمؤسسات جديدة تتنافس مع الشركات الاحتكارية الكبيرة التي كانت قائمة والوسيلة التالية لإحداث مثل هذا الاختراق للنظام المركزي هو اطلاق حرية الاستيراد وذلك في نفس اللحظة التي بدأ لديها سلطة واسعة بشأن منع خلق أي تنظيمات احتكارية الأمر الذي يعمل على تنمية حرية المنافسة، ومع مرور الزمن وخاصة في الفترات التي ساءت فيها الأوضاع الاقتصادية أكثر كان ذلك يزيد من الضغوط على الحكومات التي تعاقبت بهدف تقوية درجة حماية السوق ضد الاستيراد وخاصة بالنسبة للمنتجات الزراعية الأمر الذي أدى إلى نتائج معينة حسنت من الأوضاع إلى حد ما. مع ذلك فان الدور الأساسي للاستيراد ظل موجودا كأداة لمنع الاحتكار الاقتصادي الغير طبيعي.
إن تطبيق حرية النشاط الاقتصادي ساعد أيضا على تطوير وتنمية الشركات المتوسطة والصغيرة، الأمر الذي عدل من وضع الهرم المقلوب وجعله في الوضع الصحيح. ولا شك أن لذلك معنى بالنسبة للسياسة الاقتصادية الخارجية، حيث تستطيع الشركات الصغيرة والمتوسطة أن تتفاعل بشكل سهل ومرن للغاية مع التغيرات في الأوضاع الداخلية والخارجية في الطلب على الواردات. وبالرغم من التقدم الذي تم احرازه، ففي سنة 1999 كان على عاتق الشركات الصناعية الكبيرة (التي كانت توظف أكثر من 250 عامل) توظيف 70% من العمالة وتحقيق ناتج للبيع بنسبة 76.4% بالرغم من أن هذه الشركات كانت تمثل فقط 22.6% من عدد الوحدات الاقتصادية القائمة بالنشاط في هذا القطاع، كما أن التسهيلات الممنوحة من أجل البدء في النشاط الاقتصادي عملت على تسارع عملية الخصخصة في اقتصاد البلاد.
من أهم العوامل الداخلية التي تتضمنها السياسة الاقتصادية الخارجية للدولة هي العمل على التمهيد للتحولات التي تجري على الهيكل والبنية الاقتصادية.
دمشق أيلول 2004 م
مدير مكتب الاستثمار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة


.. تراجع الذهب وعيار 21 يسجل 3160 جنيها للجرام




.. كلمة أخيرة - لأول مرة.. مجلس الذهب العالمي يشارك في مؤتمر با