الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذي القرنين خرافة ام حقيقة تاريخية؟

باسم عبدالله
كاتب، صحفي ومترجم

(Basim Abdulla)

2022 / 5 / 19
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ذي القرنين
خرافة ام حقيقة تاريخية؟

ننتقل للجزء المكمل لسورة الكهف بعد ان عرجنا لقصة اصحاب الكهف، وهذه القصة الثانية في السورة، من القصص التي اشار اليها القرآن على انها من نتاج الوحي الإلهي. القصة تبدأ من الفقرة 83 الى الفقرة 98 فلقد اخبرنا القرآن ان ذي القرنين بنى سداً محكماً حجز فيه شعب يأجوج ومأجوج اذ كانوا يتسببوا الأذى والخوف للأقوام الأخرى. بحسب السورة القرآنية، اطلق عليه لقب ذي القرنين بما له من قوة عسكرية وسعة حكمة. فلقد جاب الشرق والغرب بحملاته وحروبه حتى قيل انه الأسكندر الاكبر او كورش الكبير، فليس هناك اتفاق على شخصية ذي القرنين. بحسب القرآن ان الله اعطاه القدرة مكّن له الأرض حتى وصل بجيوشه متجهاً غرباً فوصل الى عين حمأة ففي النص القرآني ” وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًاً ..” واضح من النص ان ذي القرنين بلغ مغرب الشمس ” فوجدها ” تغرب في بئر ذو طين اسود ساخن، فكلمة وجدها تنطبق على الامور التي تقع ضمن الرؤيا، لهذا عندما بقي ذي القرنين في سيره تجاه الشمس ظاناً انه وصل اليها لان الشمس من بعيد تبدو له خلف الشفق او البحر وكأنه شعاع يتلألأ بلون بشفق احمر، او انها سقطت في حوض البحر، حتى بدت وكأنها في بئر فلا يكاد يرى وكأن المغيب قد اطبق عليه فخالها بلون اسود وهي لحرارتها في بؤرة من طين ساخن، لكن النص لم يكتف بهذا الخطأ العلمي في تصور ان الشمس وقعت في البحر او هي قرص صغير غطته مياه البحر بل رأى عندها قوم. ذلك ان العلوم في القرن السابع الميلادي انعدمت فيها المعرفة فيسوغ ما يراه المرء من تأملات انها حقيقة بما تراه العين. بحسب الفكرة الإسلامية ان الأرض مسطحة، لهذا اذا سار الإنسان باتجاه الغرب او الشرق فسيصل الى نهايتها، وهناك سيجد الشمس تنزل عند المغيب الى اعماق البحر، وعلى البعد تبدو للناظر قرصاً صغيراً. كما عرفنا من التفاسير ان رؤيا الشمس في بئر ذو طين حمئة مجرد خرافة لا صحة علمية لوجودها. اما كون ذي القرنين ان يعذّب القوم او ان يتخذ فيهم الحسنى فهذا تجاوز على القدر الإلهي وهو امر ديني غير مستساغ في تاريخ العقيدة الدينية. اتجه ذو القرنين شرقاً فوصل من مشرق الشمس وما ان اكمل المسير حتى وجد قوماً يعيشون بين جبلين كانت لهم لغة خاصة، طلبوا منه المساعدة، هي انهم يخافوا من قوم يأجوج ومأجوج، ان يبني لهم سدأ ليمنع عنهم وصول تلك الأقوام، وقد تمكن عبر خبرته الهندسية في بناء السد. جمع الحديد حتى وصل به الى اعالي الجبلين فأوقد النار وسكب عليهما النحاس كي يصبح اكثر صلابة فغلق الفجوة التي يخرج منها قوم يأجوج ومأجوج بهذا تمكن من تأمين شرهم على القوم الذين اشتكوا اليه الخوف منهم. معنى القصة والعبرة منها انه كان الحاكم الصالح والعادل فعمل الخير لشعبه. فلم يستغل منصبه، بل كان يعامل المظلومين بالرفق والاحساس، وقد استمد العون من الله بحسب النص في سورة الكهف. توثق التوراة تأريخ مأجوج الخرافية في سفر التكوين من الاصحاح 10 “ وَهذِهِ مَوَالِيدُ بَنِي نُوحٍ: سَامٌ وَحَامٌ وَيَافَثُ. وَوُلِدَ لَهُمْ بَنُونَ بَعْدَ الطُّوفَانِ. بَنُو يَافَثَ: جُومَرُ ومَاجُوجُ وَمَادَاي وَيَاوَانُ وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ وَتِيرَاسُ. وَبَنُو جُومَرَ: أَشْكَنَازُ وَرِيفَاثُ وَتُوجَرْمَةُ ... مِنْ هؤُلاَءِ تَفَرَّقَتْ جَزَائِرُ الأُمَمِ بِأَرَاضِيهِمْ، كُلُّ إِنْسَانٍ كَلِسَانِهِ حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ بِأُمَمِهِمْ. وَبَنُو حَامٍ: كُوشُ وَمِصْرَايِمُ وَفُوطُ وَكَنْعَانُ. وَبَنُو كُوشَ: سَبَا وَحَوِيلَةُ وَسَبْتَةُ وَرَعْمَةُ وَسَبْتَكَا. وَبَنُو رَعْمَةَ: شَبَا وَدَدَانُ وَكُوشُ وَلَدَ نِمْرُودَ الَّذِي ابْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ .. ” اما الذي انقذ اليهود من عبودية بايب وفارس، الملك والمسيح كورش ذو القرنين بحسب سفر دانيال 8 ” في السنة الثالثة من ملك بيلشاصر الملك، ظهرت لي أنا دانيال رؤيا بعد التي ظهرت لي في الابتداء. فرأيت في الرؤيا، وكان في رؤياي وأنا في شوشان القصر الذي في ولاية عيلام، ورأيت في الرؤيا وأنا عند نهر أولاي. فرفعت عيني ورأيت وإذا بكبش واقف عند النهر وله قرنان والقرنان عاليان، والواحد أعلى من الآخر، والأعلى طالع، أخيرا رأيت الكبش ينطح غربا وشمالا وجنوبا فلم يقف حيوان قدامه ولا منقذ من يده، وفعل كمرضاته وعظم. وبينما كنت متأملا إذا بتيس من المعز جاء من المغرب على وجه كل الأرض ولم يمس الأرض، وللتيس قرن معتبر بين عينيه، وجاء إلى الكبش صاحب القرنين الذي رأيته واقفا عند النهر وركض إليه بشدة قوته. ورأيته قد وصل إلى جانب الكبش، فاستشاط عليه وضرب الكبش .. ما يكون في آخر السخط. لأن لميعاد الانتهاء. أما الكبش الذي رأيته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس والتيس العافي ملك اليونان، والقرن العظيم الذي بين عينيه هو الملك الأول وإذ انكسر وقام أربعة عوضا عنه، فستقوم أربع ممالك من الأمة، ولكن ليس في قوته. وفي آخر مملكتهم عند تمام المعاصي يقوم ملك جافي الوجه وفاهم الحيل وتعظم قوته .. ” كذلك ورد في سفر عزرا الاول ” وفي السنة الأولى لكورش ملك فارس عند تمام كلام الرب بفم إرميا، نبه الرب روح كورش ملك فارس فأطلق نداء في كل مملكته وبالكتابة أيضا قائلا: هكذا قال كورش ملك فارس: جميع ممالك الأرض دفعها لي الرب إله السماء، وهو أوصاني أن أبني له بيتاً في أورشليم التي في يهوذا .. ” كذلك يورد المعنى نفسه في سفر عزرا 5 وسفر عزرا 6 بما يدل على قوة كورش ملك بابل. يورد الاصحاح 38 في سفر حزقيال ” وكان إلي كلام الرب قائلا يا ابن آدم، اجعل وجهك على جوج، أرض ماجوج رئيس روش ماشك وتوبال، وتنبأ عليه وقل: هكذا قال السيد الرب: هأنذا عليك يا جوج رئيس روش ماشك وتوبال وأخرجك أنت وكل جيشك خيلا وفرسانا كلهم لابسين أفخر لباس ... ” يقتبس العهد الجديد في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، الاصحاح 20 من العهد القديم “ فقبض على التنين، الحية ورايت ملاكاً نازلاً من السماء معه مفتاح الهاوية ... فصعدوا على عرض الأرض ليجمعهم للحرب الدين عددهم مثل رمل البحر جوج ومأجوج ، الارض وابليس ... فنزلت نار من عند الله من السماء واكلتهم الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت ..”
اقتبس الإسلام الرواية مستخدماً حرف النداء ” يا ” بالخطأ فجعل الأسم ” ياجوج ” بينما الاسم الصحيح في كل روايات العهد القديم ” جوج ” وليس ياجوج. لو تفحصنا النص بدقة، الإصحاح 10 في سفر التكوين ان ماجوج من سلالة بني نوح. ومن خلال سلالته صارت امم الأرض وكثرت، وبحسب سفر دانيال 8 في الرؤيا التي عاشها رأي كبشاً له قرنان ينطح غرباً وشمالاً وجنوباً .. فله من القوة لا ينقذ احد من قوته. جاء الى الكبش صاحب القرنين الذي رايته .. اما الكبش الذي رآه ملوك مادي وفارس ..” كيف نفسر هذا النص؟ فهذه الرؤيا اسست الخيال الأسطوري لشخصية ذي القرنين، فصار الشخص الذي غلب الكبش شكلاً رمزياً لممالك الأمم في الأرض ينطح بقرنيه الشرق والغرب انتصر عليه صاحب القرنين، بهذا تجسدت شخصية ذي القرنين في الخيال الأسطوري لرؤيا دانيال. فهذه الخيالات في الرؤيا انتجت معتقد اسطوري لعمل قوة خارقة لقائد او ملك، لكن في سفر عزرا الأول يؤسس رؤيا دانيال الأسطورية ان كورش ملك فارس كانت له جميع ممالك الأرض دفعها اليه إله السماء. ذو القرنين صار الملك كورش، اذ بحسب النص اعطاه الله ممالك الأرض فصار كورش ملك فارس وبابل. في سفر عزرا اتضحت الرواية الأسطورية اكثر ان الملك كورش كان ذو القرنين الذي ملك ممالك الأرض، في سفر حزقيال تطورت الرؤيا الاسطورية تنطلق قوة الملك كورش على جوج ارض ماجوج رئيس روش فالرواية الخيالية اصلا في سفر دانيال تصف حالة حرب لقائد قدير يحارب ارض مأجوج، فما علاقة هذه الرؤيا الخرافية في الوحي الإلهي اذا كانت اصلا قد اسست على رؤيا شخصية لأحد اصحاب اسفار العهد القديم؟ تاريخياً تظهر امامنا شخصية اخرى الاسكندر المقدوني من اكثر الشخصيات شهرة في التاريخ القديم، عندما انتصر على الفرس فصار يدور شرقاً وغرباً حتى وصل الى الهند وافغانستان اي ان الاسكندر نقل حضارة الأغريق غرباً الى بلاد الشرق، فلقد حفلت بذكره قصص العهد القديم وكذلك نجد ذكره في الاساطير المسيحية حتى امتد الى التراث الإسلامي من خلال سورة ذي القرنين ومنها انتشرت الأحاديث النبوية والتفاسير لجعل تاريخه الماضي يندرج في معتقد الوحي الإلهي. لعل شخصية الأكسندر المقدوني تعادل في تأثيرها على التاريخ القديم شخصة الملك كورش، حتى ان غزواته غذت الروح الأسطورية للأديان الإبراهيمة فتحول الاسكندر المقدوني الى بطل اسطوري مؤيد من الله، وان المؤرخ الذي عاصر الاسكندر ” كاليسثينس الاولينثوسي ” اطلقوا عليه لقب ” المزيف ” لأنه ادخل القوى الخارقة وجعل منه بطلاً اسطوريا فوق العادة. كتاب ” قصة الأسكندر ” انحدرت اصلاً من اليونانية في مدينة الاسكندرية بمصر ، لكن تمت اعادة كتابة القصة لغات شرقية مختلفة من ضمنها اللغة العربية. اقتفينا الآن جذور المعتقد الغيبي في اصل تاريخ جوج وماجوج والملك كورش الى تاريخ الاسكندر المقدوني وكلاهما تأسس فيها المعتقد اللاهوتي، فلا غرابة ان ينتقل المعتقد الغيبي للإسلام لأن الروايات الإسلامية في القرآن اقتبست روايات العهد القديم وادرجتها كلياً وبلا تردد على اساس عقيدة الوحي الإلهي. قد نجد الدليل القاطع على اثبات ان قصة ذي القرنين ثم اقتفينا اثرها في الاصل التوراتي لكنها ترجمت للنص السرياني ليعقوب السروجي، فلقد ذكر المؤرخ الالماني ثيودور نولدكه المتوفي عام 1930، ان الرواية بعد ترجمتها نسبت الى يعقوب السروجي الذي توفي عام 521 ، اي قبل ولادة النبي محمد عام 571 ميلادي، لهذا يبقى احتمال اقتباس القصة وارداً فيها نجد نفس القصة الموجودة عن ذهاب ذي القرنين الى يأجوج ومأجوج وبناء السد عليهم الى آخر الرواية.
القائد العسكري المسمى الاسكندر الكبير سمي كذلك الاسكندر المقدوني و الاسكندر ذو القرنين، كان من اشهر ملوك مقدونيا والقادة العسكريين في التاريخ، واليه قد تنسب قصة ذي القرنين، وقد اسس اكبر امبراطوريات العالم القديم شرقاً وغرباً، فقد تسلم قيادة جيوش اليونان في حملة على بلاد فارس وتمكن من طردهم والسيطرة على نفوذهم، لكن هذا القائد لم تكن له علاقة بالوحي الإلهي، مثل براعته في قيادة الحروب، فقام بتوحيد الشرق والغرب من خلال قوته العسكرية التي امتدت الى الهند، فالنص القرأني ” مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا “ لم يكن بسبب الإرادة الإلهية انما بقدرته العسكرية البارعة حتى وفاته وهو مطلع شبابه. ارسطوبولس لم يذكر في مؤلفاته ان الاسكندر المقدوني حجز شعباً داخل سد منيع، يقدرون بأعداد لا حصر لها تفوق البشرية بكثير. امامنا مؤرخ يوناني شهير، سترابو Strabo المتوفي عام 24 قبل الميلاد، عالم جغرافي وفيلسوف، له مجلدات عديدة وقد قام بتوثيق رحلاته شرقا وغرباً في موسوعته الشخصية ” التاريخ الجغرافي ” لم يذكر عن الاسكندر المقدوني حادثة تاريخية تتعلق ببناء سد حجز فيه شعباً هائل العدد.
في تفسير للطبري للآية 94 لسورة الكهف، قال: حدثنا بحر بن نصير، قال: اخبرنا ابن وهب قال: ثني معاوية، عن أبي الزاهرية وشريح بن عبيد: أن يأجوج ومأجوج ثلاثة أصناف: صنف طولهم كطول الأرز، وصنف طوله وعرضه سواء، وصنف يفترش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى فتغطي سائر جسده. فهذه الاوصاف الخرافية للكائنات الاسطورية من اين استند رواة الحديث؟ بحسب جامع البيان في تفسير ىي القرآن للطبري، ج 16 ص 12 واصفاً ذي القرنين : ” ... كان شاباً من الروم فجاء فبنى مدينة مصر الاسكندرية فلما فرغ جائه ملك فعلا به في السماء ففال له مذا ترى فقال ارى مدينتي ومدائن، ثم علا به فقال: ماذا ترى؟ ... فأتى به السد وهو جبلان لينان ... حتى جاوز يأجوج ومأجوج ثم مضى به الى امة اخرى وجوههم كوجوه الكلاب ” فهذا النص ليس له مرجعية في النص القرآني، فمن اين تسنى للطبري سيناريو الوحي.
قصص ياجوج ومأجوج كلها ضعيفة وكلها تتطابق مع الروايات الاسرائيلية التي تسرد نفس القصص الخرافية، المشكلة في تفسير وفهم الحديث النبوي في صحيح البخاري برواية زينب ام المؤمنين ” ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق ابهامه بالتي تليها، قالت زينب بنت جحش فقلت يا رسول الله اتهلك وفينا الصالحون قال نعم اذا كثر الخبث ” فهذا الحديث يتحدث عن حالة حصلت وهي وجود فتحة في الردم في رؤيا عاشاها محمد في منامه، وقد مرت مئات السنين ولم نجد ما يثبت صحة هذا الحديث ان سلمنا جدلاً انه حديث صحيح. يسعفنا العقل السليم من الوقوع في الوهم في خرافات قصص لا وجود يقيني وواقعي سوى انها لتقويض العقل، ففي اي بقعة في الارض تعيش تلك الجموع من مليارات الكائنات الغريبة كيف تمكن هؤلاء من احداث شق في السد ينفذوا منه وهم للأن باقون في مكانهم، ثم اين تطور العلوم في كشف ما ستر في باطن الأرض، فلم يعد هناك في اعماق الأرض والسدود ما يخفى عن العيون. اين هؤلاء وكيف يعيشون، اين يناموا وماذا يأكلون؟ فهذه الخرافيات كيف نواجه فيها العالم الغربي، احاديث كتبت او صيغت في فترات متعاقبة في التاريخ الإسلام وقد بقي لها الصدى والقبول مما جعلها تعيش كحقيقة ليومنا هذا.
ليس هناك شعوب خرافية اسطورية تحت الأرض، وليس هناك سد نذهب لفحصه كي نقف على حقيقة تلك الشعوب، نحن ضحية احاديث ونصوص توراتية وقرآنية لها اصول خرافية اقدم في التاريخ القديم، تاريخ المعتقدات الخرافية. جوف الأرض ليس فيه نمادج لمخلوقات خرافية بل توجد المعادن والبراكين والمياه الجوفية، ليس هناك اي احتمال لأي شعوب غير شعوبنا على الأرض، قد حان لعصر الوهم الزوال، فعقولنا تستحق الوعي وادراك الحقيقة، ليست اقل ثمناً من ان تكون قيادية لجعل الأرض خالية من الاوهام. الشخصية الثالثة التي استند عليها تاريخياً في احتمال كونها التي دارت عليها معتقدات اوهام ذي القرنين في العهد القديم، نارام سين، بدء حكم نارام عندما تمردت المدن البابلية، فأحكم القبضة على المدن من خلال حملاته العسكرية، فقاد حملة نحو الشرق في جبال زاغروس وامتدت حملاته شمالاً في اوركيش التي تسمى حاليا تل موزان في سوريا، التي ازدهرت في نهاية الالف الثالث قبل الميلاد. لقد شملت حملات نارام سين الى البحر المتوسط وجبال الارز، فهذا القائد العسكري قد بلغ مداه شرقاً وغرباً، حتى لقب بملك جهات العالم الاربع، إله اكد. فكان يتم القسم بإسمه في زمن سلالة اور الثالثة. وعلى مسلة نارام سين التاريخية يظهر بتاج الآلهة ذو القرون. تقاسمت تلك الشخصيات التاريخية عناصر تكون الخرافات التاريخية. لكن كل تلك الشخصيات التي انتشرت بجيوشها اقاصي الغرب والشرق لم يكن لها علاقة بالوحي الإلهي.
كيف تسللت القصص الخرافية والأساطير فتلبست بعض رجال التاريخ لباس المعجزات والقدرات الخارقة، وكيف نسجت تلك القصص بجنوح العقل الى عوالم الوهم والخيال فصنعت شخصيات دفعها خيال الموروث الروحاني الى تاريخ ادبي حافل امتد آلاف السنين؟ هناك بما يسمى أدب مصطلح ” الأبوكاليبس “ هو اعطاء اشخاص مختارين قدرات خفية خارقة بحيث تجعلهم قادرين على الهيمنة بمصير العالم، مصطلح يعني نهاية العالم، فالعالم بمعنى صار اختياراً دينياً لقدرات يقوم بها افراد مختارون، فصارت احلام الكتبة صنع شخصيات خارقة تحقق لهم احلامهم، فتم نسج الخيال لرؤى مستقبلية لمصير العالم ونهاية الكون، كل تلك الكتابات انطلقت اساساً من التوراة والاسفار المنحولة كحرب هرمجدون، يأجوج ومأجوج، سفر الرؤيا ليوحنا اللاهوتي، المسيح الدجال، فكلما حمي وطيس الحرب في الشعوب كلما ازدهر ادب نهاية العالم. فهذا التشبث ايحاء لوجدان عاش الاحداث ويريد ان يوحي للقارئ انها نبؤة تستلهم المستقبل وتركن اليه على انها حقيقة كونية مؤيدة من الإله. لم تثبت كتابات دانيال، ورؤيا حزقيال، ان الهدف من يأجوج وشعبه انهم اعداء لشعب اسرائيل ولا علاقة لهم بالهجوم عليهم بل ان اسفار اخرى تنبأت ان هؤلاء الاقوام سيخرجوا من السد بدافع نية التدمير، لكن هذه الرؤى لا تبتعد كثيرا عن رؤيا استفانونس او رؤيا يوحنا اللاهوتي، زاغت فيها العقول بعد ان هيمنت عليها اساطير الجهل والظلام، فصح علينا ان نضع عقيدة يأجوج ومأجوج في ملفات التاريخ كقصص تراثية لا علاقة لها بالوحي الإلهي. صفوة القول ان قصة ذي القرنين خرافية من المنتحل كاليسثينيس، والكتب السريانية التي روجت لهذه الخرافة، وكذلك في اسفار العهد القديم، فلو كان ليأجوج ومأجوج وجود لكان لهذا السد قد تم اكتشافه، فالعلوم التي اكتشفت المعادن في اعماق الأرض هل يصعب عليها اكتشاف سد نحاسي ضخم ومنيع فوق سطح الأرض؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكاية -المسجد الأم- الذي بناه مسلمون ومسيحيون عرب


.. مأزق العقل العربي الراهن




.. #shorts - 80- Al-baqarah


.. #shorts -72- Al-baqarah




.. #shorts - 74- Al-baqarah