الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصل الصراع الديني الدنيوي.. أطماع بشر!!

حسام علي

2022 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


في أوروبا، جرى الاتفاق حين ولادة المسيحية، أن لا تأخذ الكنيسة على عاتقها، سوى الاهتمام في مجال الفكر والعقيدة، وأن تدعي لنفسها الحصرية في الروحيات دونما المساس بأي مجال يدخل في العمل السياسي الدنيوي أبداً. لكن، ولأسباب خصت تبدل أوضاع أوروبا المادية والاجتماعية وما مرت به من حركتي نهضة دنيوية وإصلاح ديني، زجت الكنيسة نفسها يوماً بعد يوم في الشأن السياسي ومجرياته وأحداثه المتطورة المتسارعة. وقد لاحت أولى بوادر تدخل الكنيسة في شؤون السياسة حينما تمت ترجمة ذلك ببعض التدخلات من قبل سلطة البابا والتي مهدت فيما تلى لمواجهات ومشاكل دينية، بابوية، من جهة، وبين الكتلة السياسية الحاكمة آنذاك، الدنيوية، من جهة أخرى. وهذا ما سمي أو تم تصنيفه بـــ الانحراف الديني.
في الاسلام كذلك، بعد أن أسس النبي محمد ص، مدينته، وكان أول ما شرع به، هو تغيير اسمها من يثرب الى مدينة الرسول. ثم تلا ذلك، ترسيخ القوانين الاسلامية تباعاً والخاصة بمدينته والمسلمين، ترجمها في ذلك الوحي المنزل بالآيات القرآنية التي اكتملت فتضمنت دستور الاسلام الأوحد ولا غير سواه، ألا وهو القرآن الكريم. ثم جاء من بعده، خلفاء راشدون، ليحملوا الراية من بعده، أو لنقل ليحملوا الرسالة الدينية من بعده، على أمل الحفاظ على الامانة المحمدية لئلا يصاب المجتمع بأمراض مشابهة لأمراض الجاهلية من جديد. بل اصاب المجتمع الامراض من جديد حين أصيب بعض حاملي الراية أنفسهم ومن بعدهم في العصور الاسلامية الاخرى، بالانحراف الديني، أيضاً.
لكن، بعد مرور اوروبا بالنهضة والإصلاح، اشترك مفكرون وقتذاك لكلا الطرفين، بالوقوف عند بعض الممارسات التي تتم بإسم الدين ومؤسسته، فكانوا يعيدون النظر وأحيانا يبدون الاعتراضات بشأنها، ما أضعف مكانة البابا وموقع الكنيسة، على حد سواء. فتعرضت الكنيسة الى هجمات من قبل فئات مجتمعية، منها فئات متدينة حريصة كانت على بقاء المسيحية كمنهج صالح لا يجوز تحريف مفاهيمه. وفئة من الدنيوييين العلمانيين، حاولوا جاهدين إبراز الاحترام الواجب للدين المسيحي الحقيقي من جهة، ومن جهة أخرى القضاء في ذات الوقت على أية دعوى دينية منحرفة تعارض المواقف والمطالب والتحركات الدنيوية. فطفت نزاعات مشهورة حينها على سطح العلاقات المجتمعية في عموم اوروبا.
بينما في غالب الدول الاسلامية خاصة في الوطن العربي، فقد أولت جماعات دينية مختلفة الارتباطات والعلاقات، أهميات خاصة لولوج الدين في السياسة، على أمل المحافظة على إحياء أفكار دينية ذات أنماط تنم عن معتقدات واجتهادات شخصية لا تمت جيداً بالعقيدة الاسلامية بصلة بدرجة لازمة، حين دخلت منذ آماد، مرحلة الانحراف الديني، وتمكنت من الإبقاء على حالتها، لتشكيل بؤر دينية سياسية فيما بعد، طالما حرصت على تبني مشاريع بالقوة من أجل تنمية وترسيخ وجودها وتوسيع مشاركاتها في الحياة السياسية. بل أصبحت هناك مؤسسات دينية تمارس حقوقاً سياسية، رسمياً، بعد إدراج مضامين نشاطاتها في دستور البلاد والاعتراف بدورها الديني والدنيوي على حد سواء.
على هذا الأساس، نرى أن الصراع الأبدي الأزلي ما بين الدين والدولة، أو الدينية والدنيوية، هو صراع قائم للفوز بكلتا الكفتين في آن واحد، كفة الدين والتمسك بضرورة اتباع وصايا المراجع الدينية في المجتمع، وكفة الدنيا، لنيل ملذاتها والتمتع بشهواتها، وفي هذا الحال يمكن القول أن عصرنا الحاضر، بات يمر بأخطر المراحل التي من الصعب جدا علاجها، خاصة وأن الانحراف الديني قد شهد تطورات خارقة، تبعاً لتطور طبيعة الأطماع وتنوعها، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. العراق اليوم، نموذجاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال