الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكيان العلمانوي الفرنسي عاريا

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2022 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الضجة المثارة، في فرنسا، حول اللاعب السينغالي "إدريسا غاي" الذي رفض ارتداء قميص رياضي يدعم المثليين، تفضح الكيان الفرنكفونوي، على الملأ العالمي، و تؤكد على نزعته الشمولية التي يخفيها بمساحيق (فلسفية) منتهية الصلاحية !
و لكي ندرك عمق الهوة الإيديولوجية السحيقة التي سقط فيها الكيان الفرنسي، يجب أن نتذكر أن هذه الضجة ليست مثارة بسبب تعبير اللاعب، بشكل صريح، عن رفضه للمثلية، و هذا حقه الطبيعي قبل أن يكون حقا ثقافيا تفرضه قيم التعددية و الاختلاف و تحميه الآليات الديمقراطية، هذه الضجة مثارة - يا للعجب- بسبب رفض اللاعب دعم المثلية !
فبأي منطق طبيعي - حتى قبل أن نتحدث عن المنطق الثقافي- يحق لأي جماعة أن تفرض على جماعة من غير جنسها الثقافي دعم معتقداتها بالقوة ؟!
من حق الفرنسيين أن يكونوا مثليين، و من حقهم أن يّشرِّعوا في برلمانهم قوانين تسمح بالحرية الجنسية لقاصرات(هم)، هذه بلادهم و هم أدرى بشعابها و ليس من حق أي دولة/مجتمع التدخل قي خصوصيتهم الاجتماعية. لكن، هل من حقهم فرض خصوصيتهم الاجتماعية على غيرهم باعتماد منطق حداثوي متهافت يدعي حماية التعددية و الاختلاف ؟!
قيم التعددية و الاختلاف أكبر من هذا التزيبف الذي يروجه النموذج العلمانوي الفرنسي و يردد صداه، عندنا، دراري الفرنكفونية الذين يتفاخرون بنطق(R) على الطريقة الباريسية prononce ( R) à la parisienne !!!
قيم التعددية و الاختلاف قبل أن تفرض على الغير احترام خصوصيتنا، تفرض علينا كذلك احترام خصوصية هذا الغير، هي حق و واجب، في نفس الآن، فإذا مارسنا الحق و تملصنا من الواجب ندخل مجال التزييف الإيديولوجي.
و هذا ما ينطبق على النموذج الشمولي الفرنسي الذي يسعى إلى تنميط كل من يطأ التراب الفرنسي ضمن قالب معد مسبقا على طربقة سرير بروكست ( كلما قصر الجسم مددناه بالقوة و كلما طال الجسم عمدنا إلى قص أطرافه.. المهم أن يلائم الجسم السرير و ليس العكس !!! )
هذا المنطق الشمولي، يتجاوز أذاه حالة هذا اللاعب التي ليست معزولة أو استثناء بل تمثل القاعدة، ليس في فرنسا فحسب و لكن في الشتات الفرنكفوني كذلك، فالكائن الفرنكفوني رغم سواد بشرته فهو ينافس سيده الأبيض حينما يتفنن في ارتداء الأقنعة الببضاء للإيهام بكونه حاملا للأصالة الفرنسية و أبعد عن الهجنة hybridité الإفريقية التي تنطق حرف R بحرف الراء على الطريقة الإفريقية à l africaine !!!
كما حلل ذلك فرانز فانون بمنتهى العبقرية السيكو- سوسيولوجية في كتابه الرائد "بشرة سوداء أقنعة بيضاء" peau noire Masques blancs .
لذلك، يتميز فرنسيو الداخل و فرنكفوني الشتات بوقاحة لا مثيل لها في تاريخ البشرية، حينما يعتقدون أن من حقهم تنميط العالم و تحويله إلى ديكة تصيخ بنفس النبرة و تنفخ ريشها بنفس الطريقة !!! ظنا منهم أنهم مركز الكون و النموذج الأمثل الذي يجب على العالم اقتداؤه، و هذا متخيل Imaginaire ليس إلا !
الفرنسيون، على الحقيقة، ليسوا سوى منتوج صناعي قريب العهد بالحضارة بعدما خرجوا، في وقت متأخر، من جلباب أجدادهم الغال Nos ancêtres les gaulois الذين كانوا يعيشون حياة البدو الرحّل الذين يفتقدون لحياة الاستقرار بله الحضارة ! لذلك، خرج بعضهم ليشكك في هذا الأصل حتى و يدعي أن الفرنسيين ورثة حضارة الأندلس كما ذهب إلى ذلك J.Pruvost في كتابه "أسلافنا العرب" Nos Ancêtres les arabes .
فأي دروس في الحضارة يمكن للفرنسيين، الطارئين على التاربخ، تقديمها إلى الحضارات العريقة من الإسلامية إلى الكونفشيوسية إلى الزرادشتية و الفرعونية، و هي حضارات تمتلك من التراكم ما يؤهلها أن تتجسد كخصوصية/براديغم معرفي تمتلك رؤيتها الخاصة للعالم ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا