الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرح الهندي : التراث والتواصل والتغير

عطا درغام

2022 / 5 / 20
الادب والفن


تأليف: نيمتشاندراجين
ترجمة: د.مصطفي يوسف منصور
مراجعة د. مني أبو سنة
تعمل أكاديمية الفنون علي نشر الثقافة الرفيعة وترجمة عيون الأدب العالمي وتربية الخيال وإثرائه، لما له من وظيفة حيوية تطور موقف الإنسان من العالم، وتشحذ تمرده ضد القولبة والشيخوخة.فالخيال خلف كل اكتشاف.
والتعرف علي بنية الخيال، فمسار الثقافة الإنسانية هو مفتاح كل دراسة لعلم الإنسان بما فيها الفنون، التي تجسد وتحمل بنية خيال مجتمعاتها،وهذه الإصدارات تنشد التعرف علي إبداعات الخيال في الثقافة الإنسانية.
ويأتي كتاب (المسرح الهندي:التراث والتواصل التغير ) للكاتب نيميشاندراجين و ضمن إصدارات أكاديمية الفنون.
وهذا الكتاب عبارة عن نسخة معدلة ومسهبة لثلاث محاضرات ألقاها المؤلف في جامعة ساجار، ويُقسم الكتاب إلي ثلاث فصول.
يتناول الفصل الأول نشأة وازدهار المسرح الهندي، ويذكر الكاتب قلة المعلومات التي وردت عن المرحلة البدائية والأولية للنشاط المسرحي في الهند، ورغم ذلك فقد بدأ النشاط المسرحي مع الطقوس الدينية السحرية البدائية أو مع الطقوس الاجتماعية والرقصات الشعائرية والاحتفالات..إلخ
وتوجد إشارات متكررة إلي الغناء والرقص والآلات الموسيقية والمواد التزينية والملحقات المسرحية في العصر الفيدي، كما توجد إشارات للدراما وللراقصين والموسيقيين كما في الرامايانا فالميكي ، وكذا المهبهارات، والماركانديا بورانا.
وتأسيسًا علي كل هذه الإشارات يؤكد الكاتب علي أن العناصر المسرحية كانت رائجة قبل ألف عام ، ومع ظهور أكثر الظروف الاجتماعية والثقافية المناسبة؛فإنه اكتسب النشاط المسرحي تدريجيًا تنظيمًا أكثر وأشكالًا أكثر تعقيدًا مثل الدراما والمسرح السنسكريتي.
ويكشف تحليل العرض المسرحي السنسكريتي عن أسلوب مرن يؤكد علي قدرة ومهارة المؤدي في خلق عالم سحري،وليس عرضًا مسرحيًا سطحيًا،ومن المحتمل أن هذا الإدراك لقوة فن التمثيل ليس موجودًا في أي ثقافة مسرحية أخري. وقام هذا المسرح علي أساس قوي وهائل من النظرية والممارسة أخذ في التفسخ تدريجيًا في القرن العاشر بعد الميلاد.
وبعد ألف عام ،أخذ النشاط المسرحي مكانته ليس في اللغة السنسكريتية وإنما في اللغات الإقليمية المختلفة مثل تاميل، وكانا دان واللغات الأخري في الجنوب حيث كانت أداة التعبير الإبداعي، وأيضًا للغات التي انبثقت من اللهجات البراكريتية والأبابرنشا، وأصبح لها شخصيتها الخاصة بها، وصار النشاط المسرحي الكامل مقيدًا فقط باللغة المحلية الخاصة بكل إقليم او مقاطعة. وقد استمر هذا حتي اليوم.
خلال هذه الفترة كتبت مسرحيات باللغة السنسكريتية، كما يشير كتاب"الناتيا شسترا" من تأليف بهاراتاموني، ويشير بوجود نشاط مسرحي مستمر ومنتظم في أجزاء مختلفة من الهند
وتأتي المرحلة التالية للمسرح الهندي التي تناولها الكاتب في الفصل الثاني، ويشير فيه إلي أنها مرحلة الانحطاط والاضمحلال مقارنة بالمسرح والدراما السنسكرينية، وقد بني هذا التقييم علي أساس معيار ضيق وأحادي البعد، ومسرح هذه المرحلة باللإضافة كونه حيويًا وخياليًا متعدد الأساليبن إلا أن يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة الناس التي يستمد منها قوته.
ولم يظهر في هذه المرحلة كاتب مسرحي في أي من اللغات الإقليمية له عمل يمكن اعتباره دراما وفقًا لأي تعريف، أو يتصف بالصفة الإبداعية أو يكون ذا مستوي وأهمية مثل المسرحيات السنسكريتية.
وكانت الأعمال المسرحية في اللغات الإقليمية في مرحلة العصر الوسيط لم تقم علي أي عمل درامي ، وإنما علي مخطوطات مسرحية مادتها مستمدة من الملاحم المختلفة والحكايات الشعبية والأشعار والأغاني وغيرها من المصادر، واتجهت المسرحيات المكتوبة في هذه الفترة تقريبًا إلي أن تكون نصوصًا للمسرح ومخطوطات عروض مليئة بالشعر والغناء، ومزودة بالموسيقي والرقص.
وجدير بالذكر أن مسرح العصر الوسيط كان مسرحًا دينيًا تقريبًا منذ البداية ارتبط بصورة أو بأخري بالمؤسسة الدينية وطقوسها واحتفالاتها ،ولقد ظهر العديد من الصيغ المسرحية وتطورت في المعابد، حيث صارت في نهاية الأمر جزءًا من الطقوس الدينية الدائمة أو المؤقتة أو الطقوس العادية أو الخاصة التي كانت تقدم في الناتيامانداباسن ،ولم تكن صورة النشاط المسرحي منذ القرن العاشر وحتي القرنين الثالث عشر والرابع عشر لم تكن واضحة أو محددة لكن الأنواع المختلفة للعروض المسرحية استلهمت قصيدة "جيتاجوفيندا" المعروفة للشاعر"جايا ديفا".
وخلال القرن الخامس عشر وحتي السابع عشر، خلقت حركتي الباكتي عددًا من الأساليب المسرحية أو قامت بإحياء الأساليب المعروفة، ومن العروض المسرحية في تلك الفترة( "أنكيانات" في آسام و" بها جافاتاميلا" و" كريشتاتام " في كيرالا و"كوتشيبودي"في أندرابراويش و"راسليلا"و"راميلا" في أوتاربراديش.وهي جميعًا تشبه الطقوس الدينية.
وفي نفس الوقت ،ظهرت الصيغ المسرحية التي بصورة أساسية ليست دينية وموضوعاتها ومحتواها علي نطاق واسع-اجتماعية وسياسية- ، وذلك مثل :ال"تاماشا"،ال"بهافاي"، "ماتش"،"خيال"،"سانج"، "سوانج"،"ناوتانكي"، "نقال"،"بهاندباثرا"،"كارايالا" ، وأشكال أخري عديدة، بالإضافة إلي قصص مثل"ساتياهاريش تشاندرا"،و" نلا دامايانتي" وغيرها.
ولكن الأكثر أهمية من القصص أو الأحداث المختارة هو المعني والبناء الخاص بهذه المسرحيات، وعلي نطاق واسع يمكن ملاحظة وجود مستويين للمعالجة.ففي العروض المسرحية التعبدية الرئيسية مثل الراسيلا والانكيانات او الراميلا، يوجد عادة تأكيده إلي حد ما علي الوجدان ، وذلك بسبب أن الشعر المستخدم فيها يكون بصفة عامة فعلاًا ومثير للمشاعر.
وأكثر السمات الهامة والمميزة في الأشكال المسرحية التي ظهرت هي الشعبية الكبيرة والفذة لها في أقاليمها الخاصة، ومن ناحية أخري ارتباطها ارتباطًا حميمًا بالجمهور المحلي
كما لعب هذا المسرح دورًا قياديًا في الحفاظ علي الأقاليم المختلفة والجماعات المختلفة لنفس الإقليم، والطبقات والطوائف الاجتماعية للمكان نفسه متحدة ومترابطة والحفاظ علي الحوار المستمر بينهم جميعًا.
وعلي الرغم من أن هذا المسرح بسبب تناقضاته الداخلية وضآلة التشجيع والرعاية الخارجية له كان في حالة ركود إلا أنه حديثًا وعلي الأرجح مع ازدياد النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي قوة ومع ثقافة مختلفة كلية حصل علي موطيء قدم في الريف، وقد بلغ هذا الوضع ذروته باستقرار الحكم البريطاني في الهند في القرن التاسع عشر
ويتناول الفصل الثالث المسرح الهندي في العصر الحديث، ويؤكد فيه الكاتب أن المسرح الهندي نشأ في ذلك العصر تحت تأثير الثقافة الغربية كان مختلفًا كليًا في كل هذه المظاهر؛لأنه اتخذ شكلًا محاكيًا لمسرح غريب يختلف أساسًا في رؤيته للعالم وفي توجهه الجمالي.
ويري أن المسرح الهندي في العصر الحديث تقليدًا كاملًا، وكان أنصاره وممارسوه من الأرستقراطيين الهنود الذين لم يقبلوا فقط السيطرة السياسية للإنجليز، وإنما قبلوا سيطرتهم الثقافية والاجتماعية. وعلاوة علي ذلك بدأ المسرح الجديد وازدهر أولاً في المدن أو المستعمرات التي أوجدها الإنجليز والحكام البريطانيون، أو حيث توجد المراكز التجارية الصناعية أو الإدارية، وهذا هو السبب في المدن الحديثة مثل كلكتا وبومبي وبعض المناطق في مدارس أكثر مما في الأقاليم الأخري ، ومع انتشار واندماج الحكم البريطاني وصل هذا المسرح تقريبًا إلي كل الهند.
وفي اللغة البنجالية كان النمو والتوسع الكامل للمسرح الحديث قاصرًا علي كلكتا التي كانت المركز الرئيسي لشركة الهند الشرقية،. وبدأ خطوته الأولي في القصور الكبيرة أو حدتائق المنازل المنتشرة، وصار أكثر تقدمًا وفعالية في الهند.
وفي عام 1940 وفي فترة أقل من مائة عام حمل عدد من الممثلين الموهوبين المسرح البنجالي إلي قمة مجده ومن هؤلاء: جيريشن تشاندرا جوش، آوأردنيدو مصطفي،وآمريتال باسو،وسورنيدراناث جوش، وشيشر بهادوري.
وتأثر المسرح البنجالي بالأدب الإنجليزي وخاصة شكسبير ، ومن الذين ظهروا من منتصف القرن التاسع عشر وحتي نهاية الأربعينيات في القرن العشرين " دينبادور ميترا" ،وجيري تشاندرا جوش" نود.ل. روي"،و" كشيرودبراساد فيديافينورد"،و"رابيندرانات طاغور"،و" سانشين سينجويتا"،وفانمات راي"، وآخرون وقد كتبوا مئات المسرحيات للمسرح الجديد،وفقًا لنماذج مسرحية لشكسبير وموليير وإبسن وبرناردشو وآخرين.
استمدت المسرحيات من الأحداث الأسطورية الهندية والحكايات الشعبية والأحداث التاريخية،إضافة إلي المواقف الاجتماعية المعاصرة،وقد توجد احيانًا أصداء من حكايات المسلمين أو حكايات الغرب في هذه المسرحيات..
وبجانب المسرح البنجالي ظهر المسرح الماراتي علي يد وراو كولهانكار "،و" جانباتراو جوشي"،و"جلنباتراوا بهاجافات"، و" كيشافراو بونسلي"، ولعبوا دورًا في إحداث قبول واحترام للمسرح الماراتي بصورة واسعة .
وفي المنطقة الغربية تأثرت اللغة الجوجاراتية بالمسرح الغربي الوافد، وذلك بسبب نفوذ وتأثير البارسين الذين تلقوا التعليم والثقافة الغربية، وقد ساهم البارسيون في تأسيس الفرق المسرحية المحترفة علي النمط الغربي وقدمت مسرحياتها في جوجارات .
وبعد الاستقلال في خمسينيات القرن الماضي بدأ التغير يحدث في أسلوب المسرح الهندي وموضوعاته، وظهرت ترجمات كاملة للمسرحيات الغربية وتقديمها علي خشبة المسرح، وإبداعات هندية غير مسبوقة في المسرح الهندي .
وفي الستينيات بدأ المخرج الشاب حبيب محاولاته لصياغة أسلوب جديد مميز قومي للمسرح، فلجأ إلي المسرح السنسكريتي والمسرح التقليدي، وتدريجيًا اتجه المسرحيون الآخرون في هذا الاتجاه للنشاط المسرحي بإمكانياته ومظاهره في الكتابة المسرحية والإخراج والتمثيل وحرفية خشبة المسرح والعلاقة بين الممثل والمتفرج والنقد المسرحي.
ويشير الكاتب إلي أن المسرحيات السنسكريتية أحد أشكال استمرارية تقاليد المسرح الهندي، بعد قرون جزءًا حقيقيًا في الحياة المسرحية الهندية، وتحاول استكشاف واكتشاف أسلوب إبداعي للعلاقة الوثيقة بين المسرح السنسكريتي والحياة الهندية اليوم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با