الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ارق ازلي

ميثم سلمان
كاتب

(Maitham Salman)

2006 / 9 / 15
الادب والفن


يغدو الهواء الساخن ويروح مع (مهفة) الجريد التي يرفرفها عبد الحسين فوق جسد عائشة المنشغلة برجاء الرب لنفخ تيار الحياة في عصب المروحة المعلقة فوقهما. يتضاعف القيظ في الليالي عندما توصد الأبواب والشبابيك تخوفاً من الاقتحامات الليلية لتغدو الغرف كحمامات بخار في زمن يصعب النوم فيه على أسطح المنازل هرباً من رشقات المطر القاتل .
يتفاقم أرقه حينما تهدر الدقائق وهو لم يقبض بعد على لحظة نوم ؛ فقط سويعات تبقت قبل بدء عمله في مخبز الزهراء . أما عائشة الغارقة في تعرق جسدها الواهن فقد يئست من توسلاتها وقالت بصوت مفخخ بالأسئلة والظنون : كيف لا يمكن له أن يبعث الروح في آلة بسيطة وهو القادر على كل شيء؟
- الخنوع فراش وثير وآمن وهو ما نريده وسط هذا اللهيب , والتساؤل فراش من شوك, قال لها .
حاول تسكين روح زوجته المربكة ، قامعاً توتره ، ومقترحاً بدء حكاية يشتركان معاً في سردها وكأنهما يمارسان طقوس استحضار النوم .
الزوج : كان هناك شاب يدعى عبد الزهرة عليوي يسكن في مدينة بابل ويدرس في جامعة بغداد. عاد عبد الزهرة ذات يوم لقريته بعد نهاية العام الدراسي و استقبله أخوه وأخته مع أطفال الجيران بالسؤال عن علبة (زنود الست) التي اعتاد جلبها من بغداد في كل مرة يأتي بها للبيت كما كان يفعل أبوه قبل أن يجدوه بلا زنود ولا أفخاذ مع أشلاء أطفال ونساء ورجال في احد الأسواق الشعبية. أمطرته أمه بالقبلات وذهب للقاء عمر وحسن الذين ينتظرانه على أحر من الجمر لتسلم دفعة جديدة من منشطات المخيلة, المتضمنة صور زميلاته البغداديات .
الزوجة : كادت سعدية تجن من انتظار عبد الزهرة فهي لا تستطيع البقاء أطول في البستان تخوفاً من اكتشاف أخوتها لغيابها عندما يعودا من المزرعة . أحست بخطواته تدوس الأحراش وهو يقترب من شجرة أسرارهما. انهالت عليه بالقبل المبللة بدموع الحنين والحرمان وغدا جذوة من شوق . مص كل سوائلها ولما تزل رطبة تنضح عشقاً.
الزوج: غطت سعدية فتحة الشرف بأيادي قلقة بينما زحلق عبد الزهرة خرطومه بين ساقيها ليطفأ حريقه , وجذبها أليه بخشونة وهو يرتعش شبقاً. كان عمر وحسن يراقبانهما من بعيد قابضين على لحمهما الناتئ بشغف مما أثار فضول بكر الملقب بالفحل اخو سعدية الأكبر والأكثر تشدداً ورعونة . اقترب بكر من العاشقين وصعق برؤية أخته سعدية في حضن عبد الزهرة. رفع منجله الحاد للأعلى عازما قطع رأسيهما .
مسحت عائشة العرق من جبينها وأحست بلهيب الغرفة يزداد . أطلقت دفعة هواءٍ حارٍ كأنه دخان محصور منذ قرون لإعلان تذمرها مما آلت إليه الحكاية وقالت : تحدت سعدية أخيها واعترفت بحبها العارم لعبد الزهرة الذي ستفديه بدمها فهو أغلى ما تملك وهو من ستعيش معه للأبد . مد عبد الزهرة يده لبكر الفحل طالباً يد أخته منه ومفصحاً عن استعداده لعمل أي شيء من اجل نيل المغفرة.
سخر الزوج من رومانسية عائشة وقال بتهكم : واقعنا يحتم على بكر الفحل أن يضرب عنق أخته وعشيقها غسلاً للعار سيما أن عبد الزهرة اسم مرفوض لدى قبيلة بكر الفحل . لكنه استجاب أخيراً لرغبة زوجته بأن يجعل الحكاية اقرب قليلا للحلم , وأدلى بشطره من القص : وضع بكر المنجل في مكانه واكتفى بإشباع عبد الزهرة ضرباً وتوعده بالذبح إن رآه ثانية و اقتاد سعدية للبيت ليجلدها هناك بحزامهِ ولم تنفع كل توسلات أمه وأخاه بالكف عن ذلك.
الزوجة: أفلحت أم سعدية وأخوها بإنقاذها من أيادي بكر الفحل وتسكين سورة غضبه العارم , كما إنهما عددا محاسن وميزات عبد الزهرة التي تجعله أفضل شباب القرية مما جعل بكر يغفر لها ولعشيقها.
الزوج: سرعان ما انتشر الخبر في كل أرجاء القرية والقرى المجاورة فغدت الفضيحة أكثر درامية ,حيث تقول آخر نسخة من الحكاية كما تناهت إلى مسامع إحدى العجائز أن سعدية كانت تمارس العهر مع عبد الزهرة وعمر وحسن حتى نفخوها , والآن أهلها يبحثون عن الأب الحقيقي للجنين حتى يذبحوه, ووصلت نسخ مختلفة من هذه الحكاية إلى مسامع أعمام بكر فعيروه وهددوه بالطرد من القبيلة إن لم يذبح أخته وعشيقها غسلا للعار وحفاظا على شرفهم ,مما زاد من انتفاضة بكر العشائرية ؛ فقرر قتل سعدية مع عشيقها أمام القرية مستعيداً الهيبة والاحترام لعائلته وليؤكد فحولته بين الرجال .
تقلبت الزوجة في فراشها من شدة الحر ومن مسرى الحكاية ؛ وحاولت إنقاذ القصة من مخيلة زوجها المنقوعة بالدماء والمقدسات وأصوات المفخخات كي تهنأ بحكاية ترخي جسدها وتجذب نوماً سريعاً بلا كوابيس ؛ واستأنفت ألحكي : ولإيقاف سريان هذه الإشاعات وبإلحاح من أخيه وأمه وأبيه الراقد بفراش الموت وافق بكر الفحل بأن يزوج أخته من عبد الزهرة ,وان يمنحهم بعض المال كي يقضوا شهر العسل في دولة مجاورة بعيداً عن جحيم الحروب المحلية والمستوردة التي تعصف بالبلاد.
الزوج: كانت موافقة بكر الفحل مشروطة بتغيير اسم عبد الزهرة حيث اسمه غير مقبول لدى أعيان القبيلة, وألا سيكون مصيره الذبح.
قطعت عائشة تدفق الحكاية بصيحة معبأة بالنفور والأرق والرفض : لماذا لا يحق لها العيش مع عبد الزهرة فهي تعشقه ؟ وما شئنها هي برفض القبيلة لأسم زوجها ؟
امتعض عبد الحسين من صياح زوجته وصرخ بغضب قابضاً على (المهفة) بقوة : أنتِ حقاً ساذجة وغبية , ألا تدركين أننا عجينة من القبيلة والطائفة والحرب والثأر والفحولة حيث لا ينفعُ بعد كل هذا الهراء .
الزوجة: أنت تهينني!
.... الزوج: طز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با