الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدليل : قصة قصيرة

صبيحة شبر

2022 / 5 / 20
الادب والفن


الدليل
اوقفت عددا من سيارات الاجرة :
- هل توصلني الى المدينة الموعودة ؟
- وأين تكون ؟ آسف ، لااعرف الطريق
يطول بك الاستفسار ، وجميع من اوقفت سياراتهم ،ابدوا الأسف الشديد لجهلهم بالطريق ، وصفوا لك االمدينة ، ورسموا لك خارطة لها ، واخبروك انها مكان سعيد أهله ، لايعرف التعاسة من عرف ناسه ، لايصل التعب اليهم ، ولا يعرف طريقهم الارهاق ، واطنبوا في الوصف والثناء، تودين ان تذهبي الى هناك ، علك تجدين ما بقيت طوال عمرك تبحثين عنه ولا طائل ، الامن وطمأنينة النفس ما اعياك الحصول عليهما ، كل من سمع بمرادك ضحك عاليا :
- انه مطلب يسير ، كلنا نعرفه ،كيف فشلت في العثور عليه؟
وقفت سيارة الاجرة بجانبك ، ابتسم سائقها حين وجهت له السؤال :
- انا اعرف الطريق ، استقلت سيارتي احدى الأسر مساء الامس ، وقدتهم الى هناك
تبدو عليك علائم الفرح الشديد ، فيسارع السائق :
- اعطيني كل ما في محفظتك اليدوية
توافقين على الفور ، تنطلق السيارة بك ناهبة الطرق باقصى سرعتها
- كنت في الامس اسير على الطريق نفسها ، اعرف كل تضاريسها ومحلاتها ، وأسواقها ، وكل الساكنين في ازقتها ، وأشجار عوائلهم ، وبناتهم اللائي خسرن العائلة واولادهم المتزوجين والعزاب ، كيف انك لاتعرفين عنها شيئا ؟
- فارقتها منذ زمن طويل ، ولم اعد أتذكر من معالمها شيئا
- جئتك في الوقت المناسب ، سوف اوصلك الى هناك بسرعة لاتحلمين بها ، ولكن لاضير بالاستعانة ببعض اهلها علهم يرشدوننا الى الطريق الصحيح ، انا اعرفها جيدا ، وحتى ازيل اي شك في نفسك، وتثقين بكلامي ، فانا دليل ماهر ، لاتخفى علي الطرق ، واي مكان يريد من يستقل سيارتي اوصله اليه، هؤلاء الرجال يبدو انهم من اهل المدينة ، سوف أذهب اليهم وأستفسر عن المكان
يعود السائق متجهما :
- كيف لايعرف الناس موقع المدينة ، جئتها بالأمس وأعرفها تمام المعرفة ، سأوصلك الى المكان الذي ترومينه ، ولن أدعك تتركين سيارتي الا بعد الوصول الى مرادك ، هاهم شرطة المرور ، انهم حتما يعرفون الطريق ، سوف أسالهم ، هم يعرفون كل المدن ، والطرق الموصلة اليها ، وجميع السبل المرتبطة بها ، سوف يخبرونني هل اتوجه يسارا ام يمينا ، وهل اسير بهذا الشارع حتى نهايته ؟ ام اعرج على يمينه ؟ ام ان اليسار اكثر ضمانا واقرب الى المبتغى ، سوف استفسر وأعود لأوصلك الى المكان الذي تطلبين
- شرطة المرور يقولون ان التوجه يسارا يوصلنا الى المدينة الموعودة ، انهم محقون ، تذكرت ، امس توجهت يسارا ، واوصلت العائلة الى المنطقة التي ارادوها ، ولكن كيف ؟ شرطة المرور لاتعرف الطريق ، الشارع مسدود ، كيف زعموا ان التوجه يسارا يوصلنا الى مرادنا ويحقق لنا الطموحات ؟ هؤلاء المتجمعون هنا من أبناء المحلة ، وهم يعرفون مسالك الطريق جيدا ، سوف أستعين بهم ، اننا قريبون من المدينة التي تتوجهين اليها ، لاشك في كلامي ، أتيت الى هنا بالأمس ، وكانت الأسرة معي ، اعرف كل الطرق ، واستطيع ان اذهب بك الى المكان الذي ترغبين ، سكان المدينة ينصحوننا بالسير يمينا ، سوف اوصلك الى المكان الذي تتوقين اليه ، اعرف الاتجاه الذي يجب علي أن أسلكه ، اليمين سوف يجعلك تصلين الى المكان المرغوب ، لاعليك ، سوف تصلين بعد دقائق ، لن اتركك قبل الوصول ، لقد وعدتك وانا انفذ الوعود واحترمها ، الانسان باحترام الوعود ، انها الطريق الصائبة ، ألم أقل لك ؟ انك ستصلين بعد دقائق الى ما ترغبين به من اماكن ، جئت الى هنا بالأمس ، اعرف هذا الشارع المتعرج جيدا ، لقد مررت بهذه الأبواب ، وهؤلاء اللاعبون بكرة القدم اعرفهم جيدا ، كانوا بالأمس حين مررت من هنا ، وأوصلت الأسرة الى المكان الذي طلبته ، لاتخشي ان تتأخري ، ستصلين في الوقت المحدد ، ولن اتركك قبل ان تصلي الى ما تحبين ، هذا الطريق ليس غريبا امام عيني ، رأيته قريبا جدا ، ألم اخبرك أنني مررت من هنا أمس ؟ أعرف بكل الطرق وكل الشوارع المؤدية الى المدن القريبة والبعيدة ، من حسن حظك انني انطلق بك الى المدينة المطلوبة ، ولكن ماذا أرى ؟ ان الشارع مسدود أيضا ، هل اذهب بك الى المكان الذي وجدتك به حين ركوبك ؟ ولكن نقودك انتهت ، لقد شاهدت معي كل معالم المدينة ، صحبتك في رحلة طويلة ممتعة لم تكوني تحلمين بها ، لكني اعرف الطرق جيدا ، وأستطيع ان اكون دليلا ناجحا لكل الراغبين في الوصول الى المدن المرغوبة بأبخس الأثمان



19 ماي 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانو مصر يودعون صلاح السعدنى .. وانهيار ابنه


.. تعددت الروايات وتضاربت المعلومات وبقيت أصفهان في الواجهة فما




.. فنان بولندي يعيد تصميم إعلانات لشركات تدعم إسرائيل لنصرة غزة


.. أكشن ولا كوميدي والست النكدية ولا اللي دمها تقيل؟.. ردود غير




.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع