الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادئ وآليات تشكل الجسد المادي في هذا العالم

اتريس سعيد

2022 / 5 / 21
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن عملية الخلق حصلت في البداية خارج نطاق المكان و الزمان، أي في عالم الأفكار والأنماط الأولية، وقد إختار (الخالق جل وعلا) مسرحاً كروياً لعمله، الشكل الكروي هو أبسط الأشكال وأكثرها كمالاً، الكرة هي التعبير النهائي للوحدة والكمال والتكامل، لهذا يعتبر الشكل الكروي عموماً الممثل الهندسي للواحد المتجلي، للوحدة الجامعة، للشمولية، للبساطة، وكذلك للتناظر.
يمثل هذا الشكل أيضا الرحم اللامحدود للكون المتجلي
و الذي يرمز له في المخطوطات بالدائرة، هذه الكرة تشبه تماماً فقاعة الصابون، حيث تخلقها حالة توازن بين قوی دافعة من المركز وبين قوی دافعة نحو المركز، هذا المركز و المحيط الخارجي يمثلان أقطاب متعاكسة حيث بينهما تنبعث قوى متمددة وأخرى متقلصة، كافة النقاط على محيط الكرة قابلة للوصول بشكل متساوي من منظور المركز الذي منه يتأصل كل شيء، كافة الأشياء تحاكي مبدأ الإحتواء الكروي الكامل، الذرات، الخلايا، البذور، الكواكب، الأنظمة النجمية إلى آخره.
الشكل الكروي هو الشكل الأول والوحيد الذي تم خلقه في الوجود، الشكل الكروي هو النتيجة النهائية لكل النشاطات، داخل هذا الشكل الكروي خُلِقت الأشياء، مهما بدا شكلها غير ذلك، الأشياء تولد وتنمو وتتطور داخل الشكل الكروي. الأشياء النامية تظهر في البداية من لا شيء، ثم تنمو إلى قمة الكمال، لكن ما تلبث أن تبدأ بالزوال والعودة ثانية إلى اللاشيء، بحركة إيقاعية متناسقة ومتناغمة، اللاشيء لا يعني الإختفاء إلى الأبد بل هو حالة إختفاء وقتي تتبع كل ظهور وقتي، وهذا الأخير يكون مسبوقا بإختفاء وقتي و هكذا.
أما الدائرة، فهي تمثيل هندسي ثنائي الأبعاد للشكل الكروي، تعتبر الدائرة عبر التاريخ الثقافي القديم أيقونة تمثل الوحدة التي يتعذر إدراكها فكرياً أو وصفها بكلمات، هي تمثل الإنجاز غير المجزأ للكون.
كافة الرموز والأشكال الهندسية الأخرى تعكس المظاهر المتنوعة للكمال المكتمل والعميق لشكل الدائرة أو الكرة، عند مركز الكرة أو الدائرة يوجد نقطة مركزية، هذه النقطة لا تحتاج إلى أي من الأبعاد لكنها رغم ذلك تشمل كل الأبعاد. عند هذه النقطة بالذات تكاثف محتوى البيضة الكونية بعد تلقيحها من قبل النفس الإلهي.
كيفية حصول التلقيح للبيضة حصل بتكاثف للمحتوى من محيط البيضة إلى مركزها.(سأشرح الميكانيكية في وقت لاحق) لكن حركة الخلق أدت إلى نشوء عامل الزمن حيث راحت عملية التكاثف في مركز البيضة تتكرر على الدوام، المسيرة اللولبية المتكررة للمحتوى نحو التكاثف في المركز أدت إلى نشوء دوامتين متعاكستين تلتقيان في مركز الدائرة مما أدى إلى حصول حالة نبض دائم في المركز، هذه الحالة النابضة في مركز الكرة ولدت ما نسميها الشمس المركزية.
النمط الأولي للشيء هو حالة إفتراضية لذلك الشيء وليس له وجود مادي بعد، وفقاً للطبيعة التراكبية للكون، أي: " الجزء يمثل الكل والكل يمثل الجزء".
نستنتج أن كل نقطة في الكون المتجلي هي بؤرة مركزية تتمحور حولها كافة المبادئ التي ولدت في المكان والزمان، الكائن الأسمى (جل جلاله) هو تجاوزي ومتأصل بشكل مطلق، هو متجاوز الأشياء لكنه بنفس الوقت متأصل في كل الأشياء وعلى كافة المستويات (من المجرة الكونية نزولا إلى الذرة)، علينا إدراك "الكل" الكامن في كل شيء بصفته الكائن المتواجد في كل مكان وكل زمان، لهذا السبب علينا التسليم بأن كل نقطة في الكون المتجلي تمثل شمس مركزية قائمة بذاتها، وهذا يعني بالتالي أن كل نقطة في الكون المتجلي تمثل مركز للوعي، أينما يوجد مركز تكاثف للمحتوى الكوني لا بد من وجود وعي، وقد رأينا كيف أن الوعي الذي يقصده الحكماء هو مبدأ الشمس (الممثلة برمز العين)، وبالتالي، فإن كافة أشكال الحياة "الفردانية" هي عبارة عن "شموس"
(مراكز إنبعاث للوعي) بحيث تمثل إنعكاسات مختلفة للشمس الكونية المركزية، بالتالي عندما يتحدث القدماء عن الشمس ويشرحون مظاهرها وقواها المختلفة فالأمر لا يقتصر على الشمس الكونية المركزية، أو تلك التي تقبع وسط نظامنا الشمسي، بل يشمل كل الشموس في الوجود، أي كافة الكائنات الفردية في الكون، وهذا لا يستثني الجسيمات الذرية التي هي أيضا تعتبر شموس دقيقة، ما ينطبق على الشمس الكونية ينطبق على باقي الشموس في الوجود.
إذاً، وفقاً للفكرة السابقة التي تتحدث عن الطبيعة التراكبية للكون بحيث كل نقطة في رحابه تمثل بؤرة مركزية تتمحور حولها كافة المبادئ التي ولدت في المكان والزمان، نجد أن أهم مظاهر المبدأ الشمسي المتجلي هو الفقاعة دائرية الشكل التي تمثل الوعاء الذي يحوي نشاطات النواة الشمسية، بما أن عملية التكاثف في العالم التجاوزي حصلت داخل مساحة كروية الشكل (سماها الحكماء البيضة الكونية) فهذا بالتالي يجعل كل نشاط شمسي في العالم المتجلي يحصل ضمن إطار دائري الشكل وقد سميتها فقاعة ومن هنا جئت بمفهوم الفقاعة الشمسية، ذلك تماهياً مع نموذج البيضة الكونية القابعة في العالم التجاوزي.

͜ ✍ﮩ₰ الماستر الأكبر سعيد اتريس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح