الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:12471 أيّ إيمان لا يقوم على الثوابت العقلية يُعتبر خرافة تستلزم الإثبات.

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2022 / 5 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


إنّ أغلب الحضارات في بدايتها تقوم على العلوم العسكرية وتستلهم مقومات نجاحها من التجارب السابقة، ولكن لا يمكن أن تظل الحالة القتالية مستمرة لأنها ستستنزف الطاقات البشرية والاقتصادية. كما وأنّ مع غياب الأمن والسلام لا تزدهر الزراعة ولا الصناعة ولا التجارة ولايزدهر العمران كمقومات للحياة البشرية الضرورية والهامة ولا حتى يمكن بناء دور للعلم والعلوم.
لهذا يتوقف القائد العسكري الناجح عن متابعة حملته العسكرية. ويبدأ بالدعوة إلى الاستقرار وبناء مؤسسات حياتيه.
لأنّ الحضارة قوة بشرية واقتصادية وعسكرية وعلوم ومؤسسات تُنتج إضافات للفكر البشري على المستويين العامودي والشاقولي.
ومن خلال تلك الدوائر نستطيع أن نرسم معالم وملامح الحضارات ومستقبلها. سواء أكانت الحضارات الإنسانية السابقة. أو حتى الحضارة الأمريكية والآسيوية والأوروبية اليوم.

إنّ قراءة ميدانية وعلمية لمحطات تلك الحضارات نقرأ تاريخ نهضتها ثم وصولها إلى الذروة وبعدها لا يمكن أن تستمر ( ما عدا الحضارة الصينية ) .
لأنّ حتمية انهيار أية حضارة كانت من البديهيات. كما تؤكدها مقدمة ابن خلدون. وعندما نقول بحتمية سقوط أية حضارة فلأنّ أيّ حضارة تحمل في طياتها ليس فقط عناصر نهضتها بل عناصر فنائها أيضا.
وإذا أردنا أن نعرف مدى تأثيرها الإيجابي على نفسها ومحيطها والعالم.
فيتوجب علينا أن نتعرف على منتجها الميثولوجي والمادي والثقافي الذي توحده عضوية وميكانيكية مع بعضه ومع العقل ومحمولاته.
وهذه الطريقة البحثية التي نؤكد عليها في قراءة الحضارات هي إحدى أنواع المناهج البحثية لمعرفة جوهر هذه الحضارة أو تلك . على أنّ قراءتها السليمة يجب أن تقوم على ثوابت البحث التاريخي والوصفي والتحليلي والمقارن. وأما رأينا في قراءة الوثائق والروايات والمصادر المعرفية عن أي موضوع كان. لا يمكن أن نرمي تلك الوثائق بسلاح العدمية المطلقة أو النسبية على الإطلاق. وإلا نحن نتعمد لتدمير العقل برمته وما خلفه لنا مع التأكيد بأنه لا وجود لمنجز تاريخي كامل وثابت .وليس هناك نص مقدس سواء أكان ذاك النص مكتشف أو غير مكتشف. كلّ ما هو مطلوب منا هو أن نتحقق من صحته بمنهجية علمية.ونؤكد على أن من سيُنجز هذه المهمة ليست العامة والدهماء والرعاع . إنما أولئك الذين بذلوا نذروا أنفسهم وأعمارهم للبحث للعلم والثقافة والتجربة والخبرات .إنّ غايتنا الوحيدة من ما نقوله تتمثل في هدف ٍ سام ٍ مفاده أن تهرب وتُهاجر شعوبنا من عقلية الشعوب التي اكتشفت النار وكانت تتوهم بأن البرق والرعد آلهة عليها أن تعبدها .كفانا خوفا ً لابل تخاذلاً فيما نحن عليه من مفاهيم خُرافية .
إنّ الكفر والخيانة والقتل والزنى والأفك .هذه العناوين لا تكون حكراً على منهجية دينية معينة. إنما عندما نُساير أصحاب الغيبيات في ترسيخ مفاهيم هي أقرب إلى الخرافات والكذب والحشو . فإننا نتعاون معهم على أن تبقى الأجيال تعيش على الوهم والكذب وتخسر آخرتها الوهمية كما تخسر حياتها الأرضية .
وفي هذا السياق فإنّ ّمشكلة العقل المشرقي الكأداء التي تقف دوماً أمام مشروع التنوير تتمثل في الدكتاتوريات الدينية العمياء التي تستغل العواطف الدينية لصالح مشاريعها التدميرية . وكذلك عقدة الخوف من الماورائيات والمجهوليات التي رسخوها في أعماق شخصيتنا المريضة. يُضاف إليها أوهام الموروث الديني الذي هو الآخر موضع شك فيما إذا سطعت عليه شمس النقد العلمي .
فإذا لم نتحرر من خوف الدين ومن سطوة أصحاب النظريات الدينية المشبعة بالتزمت والشوفينية لايمكن لنا أن نتوصل إلى أساس وجوهر النهضة العلمية والإنسانية التي من المفترض أن نبدأ العمل عليها. كما وأننا نُعطل في تخاذلنا وعدم اقتحامنا هذا المضمار .لأننا سنبقى نعيش في جزر معتقداتنا الخُرافية وستكون الحقائق العلمية والموضوعية المفيدة أمراً مستحيلاً لا يمكن الوصول إليه.
مع إقرارنا بفشل الجهود الفردية في هذا المضمار .أجل نحن لانملك القدرة على التصريح بما نفكر فيه بشكل فردي للأسباب الآنفة الذكر وغيرها .
فالطابور السادس جاهز لينعتنا بألف الخصال لابل الاتهامات جاهزة ومجهزة لديه وما عليه إلا أن يُعلنها للملأ .
من هنا تأتي أهمية التحضير لثورة علمية بيضاء يقوم بها المتنورين من أبناء المجتمعات المشرقية أنفسهم، ومن مختلف الديانات والمذاهب والمشارب القومية واللغوية ـ
والحقيقة التي نستنتجها ونستمد عناصرها والتي لاتقبل الجدل من خلال الأبحاث والمناهج العلمية والتاريخية .
يتبين بأنّ مجمل تراثنا الروحي هو عبارة عن بناء هرمي أساسه الخوف وعقد النقص.لهذا كان لابدّ من التمسك بأهداب الخرافة وسلوكية الشعوب التي سبقتنا .وما أنتجه الفكر الإنساني عبر مسيرته منذ ماقبل الميلاد وما بعده .
وأنّ قمة ما نتباهى به من تراث إذا وضعناه أمام النقد وبتجرد لرأينا جوهره يقوم على إمكانية السقوط الحر دون رحمة .وإذا ما سقطنا وسقط تراثنا وأنا على يقين من أنّ المسافة بيننا وبين سقوطه قريبة جداً لأنّ عوامل مساعدة تُهيء لذاك السقوط كالمخترعات والمكتشفات والفضائيات والميديا التي ستسرع من الهروب الجماعي من معتقداتنا وواقعنا المليء بالقتل والذبح والجوع والحرمان والأمراض والخيانات .
ولهذا علينا أن نُسارع في إنجاز مشروعنا المشرقي النهضوي القائم على أركان العقل ومقوماته .
وعلى الإيمان بنتاجات العقل النقدي وأساسيات تشكل الفكر الذي يؤدي دوماً إلى ثوابت من الصعب نسفها أمام مرآة النقد العلمي.
لأنّ بناء الأساسات السليمة للنهضة الحقيقية يجب ألا تقوم على الخوف ولا على التصديق بأقوالٍ أسطورية وخرافات زجوا بها في عقولنا على مدى آلاف السنين.
أخي القارىء .
أعتقد بأننا لم نعد في عهد الإرهاب الفكري وإنْ كنا نعترف بوجود جيوش له حتى اليوم لكننا على يقين قد تدمر كليا . أؤكد لكم بأن لاخوف ولا خجل ولا مفاهيم بقيت تتحكم في الإنسان وخاصة المتنور منه وليس الظلامي .
لهذا إن مكاشفة الواقع بأمراضه السرطانية أفضل من أن ينتهي ونحن لازلنا نُصلي دون أن ندري فيما إذا كانت صلاتنا حقيقية أم كذبة اخترعها لنا أسلافنا القُدامى .
إنكَ إذا أردت اليوم أن تتصل بصديق يبعد عنك ملايين الكيلومترات لايمكن أن تُصلي لله ويُساعدك على التواصل مع صديقكم .بل تلجأ للمنتج العقلي. وإذا أردت أن تسافر إلى قارات بعيدة تركب الطائرة وليس بركب البغال أو الجمال . وإذا مرضتَ فعلاجك يقوم به طبيب وصيدلي ومختبرات وليس بالدعاء والبكاء ولا بالتبخير وغيره من أساليب كانت عبارة عن استمرارية للطقوس السحرية في الثقافات التي سبقت الديانات ستشفى.
إنّ الثورة البيضاء التي ندعو إليها لايُنجزها مقال ولا من يُكفرون أصحابه بل بالتعاون والتفكير السليم بعيدا عن الخندقة لأيّ دين كان .
لندع الأديان وأصحابها ونُفكر بمشروعية الثورة العلمية البيضاء التي ستنقذ الأجيال للاحقة من التدمير الشامل لشخصيتها .
وعوضاً أن نلتهي بقال فلان وأورد علان ونقرأ كتاب السلف تعالوا نفكر بمنهجية علمية لنتخلص من حالة جعلتنا في مؤخرة أمم العالم .
نحن لسنا أقل ذكاء من الآخرين في العالم ، نحن نملك فكرا نيراً لو نحن عَمِلنا على نبش أساساته السليمة فلنتعاون على البر والتقوى الحقيقية ولندع كلّ واحد أن يعبد الله كما يريد أو يعبد الأصنام كما يريد لكن على أساس أن ينخرط في تيار النهضة والثورة العلمية التي هي ضرورة حتمية لمجتمعاتنا المشرقية التي أعتقد كفاها غباء وسلباً واغتصابا ودماء وقتلا.
وللقول متابعة....
اسحق قومي . ألمانيا في 21/5/2022م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء