الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعوة إلى إحياء -الخلافة الإسلامية- بعيون غربية 1

جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية

(Jadou Jibril)

2022 / 5 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


محور : نظرة الغرب للإسلام

اتفق جملة من الباحثين الغربيين على الخصائص وأحكام قيمة بخصوص الخلافة الإسلامية والخليفة، من بين هؤلاء "باتريس جوردان" - Patrice Gourdin – وسنحاول في هذه الورقة عرض أهم ما ورد في كتاباتهم بخصوص الخلافة.
الفكرة 1: الخلافة مشروع شمولي

هل هناك قواسم مشتركة بين الفاشية والنازية والشيوعية والخلافة؟ وهل من المناسب الحديث عن "الفاشية الإسلامية" عن الخلافة؟

منذ بروز السلفية الجهادية ، لأول مرة، في سنة 2014 ، شرع أنصار هذا التفسير للإسلام في تنفيذ مشروعهم – الدولة الإسلامية المرتكزة على الخلافة - فعليا على أرض الواقع. لقد وفرت الأراضي المحتلة في سوريا والعراق المجال لاحتضانه. إنها مسألة إحياء "الثيوقراطية" التي بدأها النبي محمد وأكملها خلفاءه المباشرين ، الخلفاء الأربعة الأوائل: أبو بكر (632-634 م) ، عمر (634- 644 م) ، عثمان ( 644- 656 م) وعلي (656- 661 م).

إن الشمولية شكل من أشكال النظام الذي يستخدم الدولة لفرض أيديولوجية ، تزعج وتحكم - من جميع جوانبها - حياة الرجال والنساء في بلد ما. يهدف هذا النوع من النظام السياسي إلى بناء "إنسانية جديدة" من خلال القضاء على كل تمايز داخل "كل مقدس عظيم" ، قد يكون أمة أو عرقا أو طبقة. و جماعة المؤمنين هي (الأمة) ، التي تقوم الخلافة بإصلاحها وتوجيهها. وهناك جملة النصوص الإسلامية تجعل من الممكن – وبيسر- التعرف على الطبيعة الشمولية للخلافة. تبرز خصائص مشتركة في مختلف الأنظمة الشمولية ، منها ثلاثة أساسية: أيديولوجية شمولية ؛ الشكل الديكتاتوري للسلطة ؛ الممارسة الدائمة لتصفية المعارضين أو المخالفين.

فهل السلفية الجهادية تعتبر إيديولوجيا شمولية؟

يسعى المشروع الشمولي إلى إعادة تحديد جميع جوانب الحياة الجماعية والفردية لمكونات المجتمع الذي يهيمن عليه. للقيام بذلك ، يعتمد على:
- رؤية للعالم – سردية تفسر كل شيء - ،
- أيديولوجية حصرية ، لا تترك للأفراد أي مبادرة ، ولا إمكانية للتفكير الشخصي الحر ،
- لا حق في الفحص أو التمحيص النقدي العلني.

يوجد هذا في جميع الأنظمة من النوع الشمولي. وبهذا المعنى ، فإن الفاشية الإيطالية نظام شمولي ،الأمر نفسه ينطبق على النازية والشيوعية. وتتبع الخلافة هذا الخط، فالدعوة المحمدية لم تكن فقط دعوة إلى التوحيد وكشف بطلان عبادة الأصنام ، فإنها كانت أيضا وبالأساس- دعوة لتجمع أنصارها للمسك بزمام كل الأمور. إن النبي محمد طلب نصرة القبائل العربية لتجسيد هذا الدين في دولة إسلامية تحكم الأرض بشرع الله. فلم يكن النبي محمد نبيًا ورسولًا مثل نوح وإبراهيم فحسب ، بل كان أيضًا رئيسًا لدولة مثل داود وسليمان. في حالة الخلافة ، يُطلق على الإيديولوجيا الجامعة اسم السلفية – منهاج السلف. ويعتبر هذا المنهاج ، الطريقة الوحيدة للخلاص والنجاة.

برزت السلفية في نهاية القرن التاسع عشر في مصر ، وشاركت في البداية في التيارات الفكرية التي نشأت كرد فعل ضد حالة التبعية للدول الاستعمارية. وهكذا ، نادى جملة من الكتاب إلى ضرورة للإسلام الأصلي . فجمال الدين الأفغاني ، أقر في كتاباته سنة 1884، أن المشكلة تكمن في عيوب القادة الذين يبتعدون عن المبادئ الراسخة التي بني عليها الدين الإسلامي وفي الذين ينحرفون عن الإسلام وعن السبل التي اتبعها الأسلاف الأوائل. وهذا، لأن مخالفة المبادئ الراسخة والابتعاد عن المسارات المعتادة من الأمور الأكثر ضررًا للسلطة العليا. وقال: "عندما يعود أصحاب السلطة في الإسلام إلى قواعد شريعتهم ويصمموا سلوكهم على سلوك الأجيال الأولى ، فلن يمر وقت طويل قبل أن يمنحهم الله قوة واسعة ، قوة مماثلة لتلك التي تمتع بها الخلفاء الراشدين". إن جميع أنصار الخلافة يعيدون إنتاج هذه الأطروحة، مع جملة من "الإصرارات"، ولعل أهمها تلك الفكرة القائلة بابتلاء الشعوب المسلمة بسرطان المشرعين الذين جعلوا أنفسهم معادلين لله في جسد الأمة، فحرموا ما أذن به الله وجعلوا ما حرم الله شرعيًا وقانونيا.

ووفقًا للسلفيين ، فإن طريقة إعادة الاتصال بعظمة الإمبراطورية العربية الإسلامية في العصور الوسطى هي العودة إلى التقوى الأصلية ، والحماس الجماعي ، والتنظيم السياسي والاجتماعي الذي أثارته.
في البداية تم اللجوء إلى الوعظ المتمحور حول الممارسة الصارمة لأعمدة الإسلام الخمس وإصلاح الأخلاق الشخصية.

ثم ظهر، إلى جانب هذا التوجه، تيار اعتمد العمل الاجتماعي والسياسي: ففي سنة 1928 ، أسس حسن البنا (1906-1949) "جماعة الإخوان المسلمين". وعرّف نضاله على النحو التالي: "الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يرى السلطة السياسية ركيزة من أركانه. التطبيق الفعال بالنسبة له لا يقل أهمية عن توجه المبدأ. وقد جعل الرسول السلطة السياسية من جذور الإسلام. وفي كتب الشريعة الإسلامية ، تُحسب السلطة السياسية ضمن بنود العقيدة وأصول القانون ، وليس كعنصر من عناصر التفسير القانوني ، باعتبارها أحد فروع القانون. فالإسلام هو الأمر القضائي والتنفيذي ، كما هو التشريع والتعليم ، والقانون والمحكمة ، وليس واحدًا دون الآخر، أنه كل هذا دون التفريط في أي جانب.

واعتبر سيد قطب (1906-1966 م) ، أن هذا الالتزام غير كاف وغير فعال ، بل لا يتوافق كليا مع الإسلام. إذ كان لا بد من اللجوء إلى العنف لدحر أعداء الإسلام وبناء "مدينة الله" على كل الأرض. قال سيد قطب أن "الهدف النهائي للجهاد ليس بأي حال من الأحوال حماية منطقة ما. إنها بالأحرى طريقة لتأسيس "ملكوت الله" داخل إقليم ومن ثم ، -- من هذه القاعدة - التحرك في جميع أنحاء العالم [...] الإسلام لا يمكن أن يوجد دون تقدم ، من أجل إنقاذ الإنسان من العبودية إلى غير إله. لا يمكن أن يتوقف عند هذا الحد الجغرافي أو ذاك".
يدافع التيار السلفي الجهادي المعاصر عن هذا المفهوم الذي يتصور فقط حربًا لا ترحم حتى النصر الكامل أو الشهادة. ارتكازا على هذا الطرح أدان السلفيون الجهاديون الراحل "مرسي" وأتباعه بمصر، لانهم يدينون بصراحة المسار السياسي كطريقة للتغيير. وقد قال أحدهم بهذا الخصوص: "فضل الأبله – يقصد "مرسي" - التخلي عن طريق الصحابة في بناء الدول واعتماد مبادئ الثورة الفرنسية ، أو الأسوأ من ذلك ، الديمقراطية الوثنية. انظروا إلى هذا الأحمق "مرسي" وإخوانه الذين قادهم النموذج الديمقراطي إلى هاوية الردة قبل أن يقودهم إلى سجون السيسي الطاغوت ".
تهدف أي حركة سياسية ، استبدادية كانت أم لا ، إلى السيطرة على منطقة تنفذ برنامجها عليها.

على سبيل المثال ، تحت حكم "ستالين" ، قدم الاتحاد السوفياتي نفسه على أنه بلد السعادة. وهكذا ، في سنة 1936 ، ادعى مؤلفو التاريخ الرسمي للحزب الشيوعي أن الثورة البلشفية أوجدت مجتمعًا "لم يعرفه الجنس البشري أبدًا".
وهناك ادعاء مماثل في الصين عشية الاستيلاء الحزب الشيوعي على السلطة: "نحن لسنا قادرين فقط على تدمير العالم القديم ؛ بل سنكون قادرين أيضًا على بناء عالم جديد.
قبل الإعلان عن الخلافة ، ادعت "داعش" أنها توفر لأتباعها الملاذ الذي يرغبون فيه بشدة.

وظلت دعاية "داعش" تصر على خصوصية المنطقة التي تسيطر عليها وتأمر بالعودة إلى الأرض الوحيدة التي من المفترض أن يعيش فيها المؤمن الصادق بمشيئة الله: "أي مسلم مخلص يهاجر إلى إحدى مناطق "الدولة الإسلامية" ، أرض الإسلام هذه ، وترك بلاد الكفر ، بقيادة أسوأ المشركين في هذا العالم ، الذين يشنون الحرب باستمرار على مجتمعنا. وتعلن أنه حان الوقت ليقوم دور المؤمنون بجورهم للتقدم واستعادة الأراضي وعدم ترك الطغاة يستريحون لحظة. واعتبرت الرحيل إلى تلك الأراضي قرب إلى الله، بل هو تقليد لهجرة الرسول إلى المدينة – يثرب - في 622 م ، قاعدة الانطلاق للحرب لنصرة الإسلام في شبه الجزيرة العربية.
تنتمي "الدعوة إلى إعادة إحياء الخلافة" إلى فئة "الدعوات المسيانية" - messianic - أي الحركات الدينية والسياسية التي تعلن عن بناء عالم أفضل. المخطط هو نفسه دائمًا: يتم الإعلان عن تحرير الإنسان وتحقيق سعادته من قبل "قائد كاريزمي" - باسم الله أو باسم مبدأ - مما يجعل من الممكن حشد الأفراد وجعلهم يقبلون التضحيات المطلوبة – وقد تصل إلى التضحية بالحياة -.

تقدم "دولة الخلافة" كأنها المكان الوحيد على الأرض حيث يمكن للمسلم أن يتبع الطريق السديد المؤدي للخلاص. وستمتد هذه المساحة المحدودة لتشمل إلى الكوكب بأكمله. علاوة على ذلك ، ووفقًا للإيديولوجيا السلفية الجهادية ، فإن هذه المسألة ليست غزوًا ، بل إعادة فتح: يجب أن تعود الأرض بالكامل إلى طاعة الذي خلقها أي الله. وبالتالي الخليفة إبراهيم ، فإن القتال المسلح وحده هو الذي يسمح بهذه العودة إلى الأمر الذي شاء الله أن يكون على الأرض.

وهكذا يرقى الجهاد ليشكل الركن السادس للإسلام. عبر التاريخ أكدت جميع الحركات الشمولية على ضرورة اللجوء إلى العنف لضمان انتصار قضيتها.
ومن جانبه أكد سيد قطب أن "إقامة حكم الله على الأرض ، ونزع السلطة من أيدي الطواغيت لإرجاع لشريعة الله، لن يتم بالمواعظ والخطب. إن أولئك الذين اغتصبوا سلطة الله على الأرض ليجعلوا عباده عبيدهم لن يتخلون عنها بنعمة الكلمة وحدها". وقد قال :"في أمة النبي محمد ، تعلمنا القتال جسديًا للدفاع عن ديننا وأنفسنا أينما كنا في العالم".

تستخدم الدعوة لإحياء الخلافة الدافع التعبوي الكلاسيكي للحركات الشمولية: منطق "نحن" و "هم" ، الذي يفصل جذريًا بين أصحاب "الحقيقة" وأصحاب "الزيف"، أي الفصل بين أولئك الذين يسمعون حقًا الدعوة للخضوع للإرادة الإلهية ، وجميع الآخرين الذين يعتبرون "أهدافا مشروعة" لأنهم لا يستجيبون لهذا الأمر أو يعارضونه.
بالإضافة إلى الحرب التقليدية ، مارست "داعش" حربًا ثورية كما حددها ونفذها "لينين" و"ماو تسي تونغ" على وجه الخصوص. في سنة 1905 ، نشر لينين مقالاً بعنوان "في حرب الحزبيين" ، أوضح فيه: "من الطبيعي والحتمي تمامًا أن تتخذ الانتفاضة شكلاً أعلى وأكثر اكتمالاً ، شكل حرب أهلية طويلة الأمد تجتاح البلاد بأكملها. [...] لا يمكن تصور هذه الحرب إلا على أنها سلسلة من المعارك العظيمة القليلة ، التي تفصل بينها فترات طويلة إلى حد ما ، وكتلة من المناوشات الصغيرة بينهما ". في هذه المواجهة ، الغاية تبرر كل الوسائل: الماركسية لا تتنصل مطلقًا من أي شكل من أشكال النضال". وبالتالي ، فإن ممارسي الحرب الثورية ، بالإضافة إلى المعارك التقليدية ، لا يترددون في تنفيذ جميع أشكال العنف الأخرى عندما يكون بإمكانهم تعزيز "القضية". بالإضافة إلى حرب العصابات والأعمال الإرهابية والتعذيب والمذابح ، يوجد اليوم القرصنة الإلكترونية أو محاولة استخدام أسلحة دمار شامل. كل هذا ينعكس في استراتيجية أصحاب دعوة إحياء الخلافة، وهذا نموذجا من دعايتهم : "يا موحّد الله لا تفوّت هذه المعركة أينما كانت ، هاجم جنود وأنصار الطغاة وجيوشهم وشرطتهم ومخابراتهم وعملائهم. اجعلوا الأرض ترتجف تحت أقدامهم ، واجعل حياتهم مستحيلة ، وإذا استطعت أن تقتل كافرًا أمريكيًا أو أوروبيًا أو أي شخص آخر من الكفار في حالة حرب ، أو من الدول التي تحالفت ضد الدولة الإسلامية ، فتوكلوا على الله واقتلوه بأي وسيلة. لا تستشير أحداً ولا فتوى من أحد. سواء كان الكافر مدنيا أو جنديا ، فكلهم لهم نفس الحكم ، وكلاهما كافر ، وكلاهما في حالة حرب. دمائهم وممتلكاتهم مشروعة". من أجل تبديد أي تردد ، يكشف دعاة إحياء الخلافة الأسس الدينية التي ، في نظرهم ، تثبت شرعية اغتيال الكفار ، إذ يصرحون : "مراجعنا القرآن والسنة (أي الأحاديث التي تعتبر صحيحة) حسب فهم أفضل الأجيال (الصحابة ومن تبعهم في القرون الثلاثة الأولى للإسلام) والأئمة الدين الذين تبعوهم.

كما يصرون على أن "جهاد الهجوم" - الذي يتمثل في غزو أراضي الكفار لاعتناق الإسلام أو الخضوع لشرع الله - ليس شرعيًا فحسب ، بل هو واجب كما أقر بإجماع علماء الإسلام. ويستدلون على ذلك بالقرآن - سورة التوبة ، الآية 29 ، سورة الأنفال ، الآية 39. إنهم يقرون أن هناك "علاقة سببية بين الكفر وشرعية القتال ، بل واجب القتال.

إن الدعوة لإحياء الخلافة ترفض – جملة وتفصيلا مبادئ السلامة الإقليمية وسيادة الدولة - المنصوص عليها في القانون الدولي المعاصر - و لن تنتهي معركتهم إلا بعد "احتلال" الكوكب بأكمله وتحويل جميع سكانه إلى الإسلام في نسخته السلفية. فخطابهم صريح: "أما الذين يريدون جوازات سفر وحدود وسفارات ودبلوماسية ، فلم يفهموا أن أنصار دين إبراهيم يكفرون هذه الأصنام الوثنية ينكرون الديمقراطية والعلمانية والقومية وأنصارها وكذلك كل ممارسات وطقوس هذه "الديانات الباطلة" ومستلزماتها. نريد استعادة الدولة النبوية ودولة الخلفاء الراشدين الأربعة. ليس دولة الأمة روبسبير ، أو نابليون …".
__________ يتبع ____________________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي