الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسبقية بطرس عامل فرقة لا وحدة

ألفى كامل شند

2022 / 5 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أسبقية بطرس عامل فرقة لا وحدة

يرى عدد من اللاهوتيين الكاثوليك والأرثوذكس، هناك قضية جوهرية واحدة فقط تفرق بين الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية، وهي مسألة أسبقية بطرس . وجاء في وثيقة" رافينا “و التى صدرت في الجلسة العامة العاشرة للجنة الدولية المشتركة للحوار اللاهوتي بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية الشرقية التي عقدت في الفترة من 8 إلى 14 أكتوبر 2007 في رافينا / إيطاليا أن كلا من الشرق والغرب يقبلان سيادة أسقف روما على المستوى العالمي ، ولكن توجد اختلافات في الفهم حول كيفية ممارسة الأولوية وحول أسسها الكتابية واللاهوتية.
هناك اتفاق عام بين علماء الكتاب المقدس على التمييز الذي كان لبطرس بين تلاميذ يسوع ، مما جعله التلميذ الأبرز والأكثر تأثيراً في الاثني عشر خلال خدمة يسوع وفي الكنيسة الأولى , وكان أباء الكنيسة أمثال باسيليوس وغريغوريوس نزينزي، ويوحنا ذهبى الفم يرون ان لبطرس مكانه كبيرة بين التلاميذ ، لكن لم يقل لأحد منهم ان هذا الامتياز حق ألهى .
يعتبر الكاثوليك ان ما وجهه السيد المسيح فى انجيل متى 16 : 18 لبطرس:" أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ." . هو تكليف لرعاية الكنيسة كلها، ويعطى خلفاءه الأساقفة (البابوات) روما، أسبقية على الأساقفة الآخرين، والحكم على الكنيسة بأكملها.
ويدللون على ذلك أن يسوع غير إسم بطرس لصفا، تغيير الاسم هذا دائمًا إلى بعض التغيير في المكانة (على سبيل المثال ، من أبرام إلى إبراهيم ، ويعقوب إلى إسرائيل ، وشاول لبولس) وقال يسوع أيضًا لبطرس في الآية 19 ، "سأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات ". كانت المفاتيح رمزًا للسلطة، خاصة بالنسبة للشعب العبري ففي سفر الرؤيا نقرأ أن لديه "مفاتيح الموت والجحيم" ، ولا تزال رمزًا للسلطة في ثقافة اليوم ، وتمنح مفاتيح المدن امتيازا لحاملها . وغالبا تمنح لاشخاص عظماء تقديرا لهم ، و لما قدموه من خدمات جليلة للمدينة.
وتذهبت احدى التفسيرات، إن الأهمية التى تبؤها بطرس ترجع إلى رغبة السيد المسيح أن يكون عامل وحده للجماعته (الكنيسة) ، يرعى أخوته ، ويحافظ على ماتسلموه من تقليد والوحدة بينهم ، وليس عن محاباة أومكأفاة أرضية. فعلى مستوى قدرات بطرس، ربما لاتؤهله للقيادة ولا تلائم اختيار أسقف فى العصر الحديث فهو كان الأكبر بين التلاميذ وأوّل اختيار ليسوع فى نواة تأسيس جماعة لتلاميذه (الكنسية الأولى)، وأكثر التلاميذ غيرة ومحبة لمعلمه . لكنه أقل التلاميذ علما وثقافة و حنكه ودبلوماسية، عُرف بالتهور والاندفاع والغلظة فى مواقف عدة ذكرها الكتاب المقدس.
ويرى المعارضون ، ان المشكلة لا تكمن فى الأسبقية ، وإنما فى مفهوم و طبيعة هذه الاسبقية التى تكّرس السلطة الفردية والمركزية وهو ما يطالب البابا فرانسيس في أول وثيقة مهمة يكتبها بشأن دور الكنيسة بالحد من تمركز سلطة الكاثوليكية في الفاتيكان، ونمط إدارة لايناسب حياة الشركة وعصرنا الحالى ، وتشبه إلى حد كبير المطالبة بالخلافة فى الوقت الراهن فى الفكر الاسلامى وتحصر حق التعليم وإعلان العقيدة والحكم فى أيدى باباوات روما ، وشراكة إيمان مع بقية الكنائس الاخرى ، تشبه الشراكة بين روما والكنائس الكاثوليكية الشرقية ، التي سبق ووصفها أحد البطاركة الكاثوليك أبان أنعقاد المجمع الفاتيكانى الثانى ، ليست أكثر من "مستعمرات بابوية" .
حلم الاسبقية الرسولية:
داعب حلم الأسبقية التلاميذ أثناء ملازمتهم المسيح. فقد ورد في انجيل متى 20:20 - أن أم أبني زبدي طلبت من المسيح أن يُجلس ابنيها واحداً عن يمينه والآخر عن يساره في ملكوته.أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَانِ. أَتَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الْكَأْسَ الَّتِي سَوْفَ أَشْرَبُهَا أَنَا، وَأَنْ تَصْطَبِغَا بِالصِّبْغَةِ الَّتِي أَصْطَبغُ بِهَا أَنَا؟» قَالاَ لَهُ: «نَسْتَطِيعُ" وبالفعل قتل يغقوب سنة 62م بأمر من الملك هيردةس الحاكم الرةمانى (اعمال الرسل 12 : 102). ولكن مرقس 10 :35 يقول إن ابني زبدي هما اللذان طلبا هذا الطلب. لكن كانت على الاسبقية فى الملكوت السمائى.
ويستند المعارضون على أسبقية بطرس، أنه لا توجد شواهد أو دليل كتابى أو تاريخى ترجع الى حقبة الرسل والكنيسة الاولى تدعم هذا الرأي. ويبدو من سفر أعمال الرسل ان التلاميذ الاثنى عشر ، ومنهم بطرس كانوا لايمتلكون أى سلطة ، إلا السلطة التعليمية ، وكانوا يهربون من الكرامة الرسوليّة. وكانت المجامع المسكونيّة، هى صاحبة القرار في شئون الكنيسة الأولى . فعلى الرغم من أن بطرس هو السائد في الفصول الأولى من سفر أعمال الرسل، إلا أن يعقوب "شقيق الرب" أول أسقف أو بطريرك لكنيسة اورشليم الأم ، فهو من تولى أمور كنيسة أورشليم حتى إستشهاده سنة 62 م. . وكان هو المتحدث الـخير ، و صاحب الحكم النهائي فى مجمع أورشليم، وهو ما أتفقوا عليه (بشأن المتحولين من الأمم والممارسات اليهودية مثل الختان ) ، كما ذكره بولس فى رسالة غلاطية الاصحاح الثانى قبل بطرس ويوحنا عندما دعاهم "أعمدة الكنيسة ". ولم يعلم فى رسالته الأولى بالتسلسل الهرمي الروماني ، ولكن جميع المسيحيين هم كهنة ملكيون.
ونقرأ فى لوقا ٢٢:‏٢٤–‏٢٦‏ ‏" وكانت بينهم [الرسل] ايضا مشاجرة مَن منهم يُظن أنه يكون اكبر.‏ فقال لهم (المسيح) ملوك الامم يسودونهم والمتسلطون عليهم يُدعون محسنين.‏ وأما انتم فليس هكذا.‏» (‏لو كان بطرس «الصخرة» هل يكون هنالك ايّ شك في مَن منهم الأكبر ؟‏.
هذا التفويض أو الاسبقية لبطرس جلب على الكنيسة ويلات الانقسام، وجلب على باباوات روما عديد من التحديات. . وكانت مسألة الاولوية محل خلاف فى مجمع نيقية وانطاكيا والقسطنطينية الأول .
نشأة الخلاف حول أسبقية روما:
بعد أن دب الضعف في الإمبراطورية الرومانية رأى الإمبراطور ثيودوسيوس(379-395م) الحل بتقسيم الإمبراطورية الرومانية بين أبنائه إلى قسمين؛ القسم الشرقي، وأطلق عليه الإمبراطورية البيزنطية. والقسم الغربي باسم الإمبراطورية الرومانية الغربية.
أسس الامبرطور قسطنطين الكبير عاصمة جديدة لتكون عاصمة للامبراطورية البيزنطية محل قرية أغريقية يقطنها صيادين، اسمها "بيزطة" حبتها الطبيعة بموقع فريد .راعى فى تشيدها الطابع المسيحي حيث باتت الديانة الرسمية الجديدة وأطلق عليها أسم روما الجديدة. ثم سميت فيما بعد "القسطنطينية".
كانت القسطنطنية فى القرن الثاني عشر الميلادي، تعتبر من أكبر وأغنى مدن أوروبا في العصور الوُسطى وكان يُضاهيها حينها في المستوى "قرطبة" في أسبانيا. ومركز مسيحى يماثل الاسكندرية وانطاكيا، وبها عقد مجمع القسطنطنية الاول، وروائع الكنوز المسيحية من كاتدرائيات روعى فى العمارة أبروعا كاتدرائية آيا صوفيا وايقونات رائعة ومخطوطات هامة، وتمت الترجمة السبعينية للكتاب المقدس من العبرية الى اليونانية اللغة الرسمية للامبرطورية البيزنطية.وباتت تنافس روما فى الاهمية المسيحية . .فحيثم يقيم الامبرطور توجد السلطة الدينية الأعلى .
ظل النزاع حول السلطة فى البداية، فقد كانت القرارات الهامّة تتّخذ من قبل المجامع المسكونيّة. وقد كانت قرارات نيقية (في سنة 325) وأفسس (سنة 432) وخلقيدونية (سنة 451) بالخصوص حاسمة لأنّها تضمّنت معالم العقيدة المسيحيه.
إحتجت روما على تنامى دور الفسطنطنية المسكوني، متعللة بإرث الرسول بطرس الذى بشر و لقي الشهادة في روما، وحيث يوجد قبره بحق الاولوية .وهذا ما استند إليه أسقف روما داماسوس الأوّل (336-384) وسيريسيوس (384-399)، عندما أعلنا أنّهما، باعتبارهما خَلَفًا لبطرس ووريثين له، تحقّ لهما أيضا سلطاته.
ولتأكيدهذا الاستحقاق، صيغت فى القانون الروماني. الآتي:"الكرسيّ الأوّل" أي الكرسي الرسولي،"لا يمكن أن يحكمه أحد". وفضلا عن ذلك ظهرت حينها فكرة السلطتين في الأرض، الروحيّة والدنيويّة، حيث تأخذ السلطة الروحيّة المقام الأوّل في شخص البابا، لأنّ البابا يتحمّل المسؤليّة يوم القيامة عن خلاص البشر كلّهم.
ومغ ان مجمع خلقيدونية عام 451 م ، عقد للبحث فى طبيعة المسيح ، الا انه تم تقييد صلاحيات بطريرك القسطنطنية بما يتمشى مع أسبقية بابا روما ، ومنح أسقف روما مقعد الشرف ونال أسقف القسطنطينية المركز الثاني تكريماً. . وايستخدم الحاضرون ألقابًا مثل "أقدس الله ومحبوبه" و "رئيس أساقفة روما الكبرى والبطريرك المسكوني" .
أُجبر بابا الكنائس اليونانية في جنوب إيطاليا على الامتثال للممارسات الليتروجية (الطقوس) اللغة اللاتينية . وإذا لم يلتزم أي منهما بقرارته ، أُجبروا على الإغلاق. ، وسحب منح من البطريرك ميخائيل سيرولاريوس البيزنطى لقب " البطريرك المسكوني " وأصر على ان يعترف بأن بابا روما رئيس جميع الكنائس. ردًا على ذلك ، أمر البطريرك القسطنطنية ميخائيل الأول سيرولاريوس بإغلاق جميع الكنائس اللاتينية في القسطنطينية و تطور التنافس إلى نوع عقائدى لاحقا .
سقوط القسطنطينية فى قبضة العثمانيين:
واجهت الإمبراطورية البيزنطية غزوات من قبائل أسوية وقبائل جرمانية ، وثورات داخلية أنهكت قوتها ، وامتدت انظار الفتوحات الاسلامية مُنذ أوائل العهد الأُمويّ خلال خلافة مُعاوية بن أبي سُفيان. واستمرَّت حتى بعد اثنتا عشرة مرة غزت ، قام بها المسلمون منها خمس مرات من قبل ، الأمويين واثنان من قبل العباسيين، وخمس مرات من قبل العثمانيين وهم فى الاصل قبائل من الرعاة المغول أعتنقوا أغلبهم الاسلام استوطنوا اسيا الصغرى المنطقة المسماة "تركستان الشرقية" حيث اقاموا ممالك وامارات ونجح السلطان محمد الثانى العثمان بجيش ضخم ىسنة 1453 ميلادية من احتلالها وتغيير أسمها الى «إسطمبول» أي «أرض الإسلام ومنذ ذلك الحين أراجعت مكانة القسطنطينية المسيحية ، لكن احتراماً لهذه الرمزية التاريخية وافق الروس وبقية أرثوذكس العالم على اعتبار بطريرك اسطنبول «الأول بين متساوين»، أي على رأس بقية البطاركة الأرثوذكس الـ14 المنتشرين في مختلف أرجاء العالم.
قبل هذا الفتح الإسلامي جرت أحد أهم المحاولات لحل النزاع بين القسطنطينية وروما، لتوحيد الكنيستين تحت سلطان البابا في روما، لكن الاتفاق الذي عقد قبل أربعة عشر عاما من الغزو الاسلامى لم يصمد أمام رفض الاكليروس البيزنطى . يروي المؤرخ الأمريكي ول ديورانت أنه لما عاد الإمبراطور اليوناني وحاشيته إلى القسطنطينية (بعد إتمام هذا الاتفاق)، قوبلوا بالإهانات والشتائم، فقد رفض رجال الدين والشعب الخضوع إلى روما"، وما إن انتصر اتجاه الاتحاد بالقوة في العام السابق للفتح 1452 حتى تجنب الشعب الاتصال بالكنيسة الكبرى ولَعَن رجال الدين المعارضون للاتحاد كل من يؤيدونه ورفضوا أن يغفروا ذنوب كل من حضروا قراءة المرسوم، وأهابوا بالمرضى أن يموتوا دون تناول القداس بدل أن يتناولوه من يد قس "اتحادي"، ورفض بطارقة الإسكندرية، وإنطاكية، وبيت المقدس (قرار الاتحاد) ساعتها "قال الرجل الثاني في الإمبراطورية البيزنطية القائد الأعلى لوكاس نوتار: إنني أفضل أن أرى عمائم الأتراك في القسطنطينية على أن أرى قلنسوات رجال الدين اللاتين" .
هكذا، سقطت القسطنطنية، بعدما أنهكها الصراع مع روما ، وحطمت الحملة الصليبية الرابعة حصونها المنيعة التى أشتهرت بها ودمرت المدينة وهى فى طريقه لاسترداد بيت المقدس من المسلمين قبل الغزو العثمانى بسنوات قليلة يقال عندما علم البابا الرومانى ذلك حرم الجيش الصليبي كنيسيًّا كما سقطت من قبل الاسكندرية من جراء الاضطهاد المذهبى البيزونطى وسهل الطريق أمام الفتح الاسلامى دخول مصر فى القرن السابع الميلادى .
الانشقاق الكبير:
أنتقل الإنقسام الرومانى السياسى إلى أنقسام كنسى ، أنتهى بإنفصال الكنيستين سنة 1054م ، حمل فى الظاهر الخلاف حول لغة الليتروجيا. والعمل بمرسوم الإمبراطور البيزنطي ليو (726م) تحريم أستخدام الأيقونات، ويقضي بإزالة التماثيل والصور الدينية والصلبان من الكنائس والأديرة والبيوت على أنها ضرب من الوثنية متأثراً بدعوة المسلمين لإزالة هذه التماثيل التي بالكنائس في داخل الدولة الإسلامية.
حيث تصدى لهذه الدعوة البابا جريجوري الثاني، ثم خَلَفه البابا جريجوري الثالث. فما كان أمام القيصر البيزنطى إلا نزع الكراسي الأسقفية في صقلية وجنوب إيطاليا من سلطة البابا الدينية والقضائية وجعلها تحت سلطان بطريرك القسطنطينية واستمر الوضع إلى أن جاء الإمبراطور قسطنطين الخامس )
(741 – 77م وازدادت الثورات اشتعالاً ضد دعاة اللاأيقونية، فعقد مجمعاً في القسطنطينية لتبرير سياسة تحريم الصور والأيقونات وقد رفضت روما حضوره ولم يحضره سوى ثلاثمائة وأربعين أسقفًّا تحت رئاسة بطريرك القسطنطينية ليقضي بتحريم تصوير المسيح في أي شكل وكذلك تحريم عبادة صور القديسين وتحريم طلب الشفاعة من مريم لأن كل هذا من ضروب الوثنية ولكن هذه القرارات لم تدم طويلاً
العامل الأهم للانشقاق ، كان حول مسألة انبثاق الروح القدس من الأب وحده ، فعارضه كالعادة بابا روما وقال: إن انبثاق الروح القدس من الأب والابن معاً، ولم تكن المجامع المسكونية تطرقت لهذه المسألة من قبل وعقد لذلك مجمع القسطنطينية الرابع (869) م, (مجمع الغرب اللاتيني) الذي تقرَّر فيه أن الروح القدس منبثقة من الأب والابن معاً وأن جميع المسيحيين في العالم خاضعون لمراسيم بابا روما وأن من يريد معرفة ما يتعلق بالديانة المسيحية وعقائدها عليه برفع دعواه إلى بابا روما. وتقرر عزل فوسيوس بطريرك القسطنطنية وحرمانه وأتباعه إلا أن فوسيوس استطاع أن يعود إلى مركزه مرة أخروفي عام (879) م ، عقد المجمع الشرقي اليوناني (القسطنطينية الخامس) ليلغي قرارات المجمع السابق، ويعلن أن الروح القدس منبثقة من الأب وحده، ويدعو إلى عدم الاعتراف إلا بالمجامع السبعة التي آخرها مجمع نيقية (787) م.
وهكذا تمَّ انفصال للكنيسة الشرقية تحت مسمى الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية أو كنيسة الروم الأرثوذكس برئاسة بطريرك القسطنطينية عن لكنيسة الغربية التى تميَّزت باسم الكنيسة البطرسية الكاثوليكية وبذلك انتهى عهد المجامع المسكونية.
تعززت سلطة البابا بعد أن أصبحت الإمبراطورية عاجزة عن فرض سيطرتها على الممالك والامارات الاوربية، بحكم كونه خليفة بطرس الرسول وأسقف مدينة روما عاصمة العالم الروماني.، وبفضل تنظيمها الكنسي الدقيق . ففي عهد البابا غريغوريس السابع (1073-1885)، لخّص القرار البابوي لسنة 1075 سلطة البابا في سبعة وعشرين مبدأ أساسيّا فهي تمتدّ من كونيّة رئيس الكنيسة إلى سلطة عزل الأساقفة من مناصبهم أو إعلان قوانين جديدة، وصولا إلى حدّ ادّعاء امتلاك الحقّ في عزل القياصرة . ووجوب الطاعة من جميع البشر. فأصبحوا يقضون في الخصومات، والمنازعات ُ التي تجري بين الكنائس المختلفة - من جهة - وبين رعاياها، وستفتون في كل الأمور، باعتباره ووصيّا على الرسالة المسيحيّة حريصا على الخلاص الروحي للبشر جميعا، . لا يمكنه القيام بسلطته، إلاّ متى كان معصوما وأرفع مقاما. وهو ماتم إعلانه كعقيدة في الدستور العقائدى فى المجمع الفاتيكانى الاول سنة 1870 ميلادية 1. كعقيدة إيمانية "أن أسقف روما هو خليفة القديس بطرس هامه الرسل ومؤسس كنيسة روما وهو ينعم بنعمة "العصمة" عندما يعلن بشكل إعلاني ونهائي وبصفته السلطة العليا في الكنيسة عقيدة أو تعليما يهدف إلى إنماء وحماية وفهم "الإيمان المستقيم". ويوضح كتاب التعليم المسيحى للكنيسة الكاثوليكية أن عصمة البابا لا تتعلق بحياته الشخصية، فالبابا يخطئ ويمارس سر التوبة ويعترف عن خطاياه، ولكن تتعلق فقط بإعلان البابا لعقيدة أو لتعليم كنسي بصفة نهائية ومن فوق "كرسي روما" وبصفته أسقف وبابا الكنيسة . وجاء المجمع الفاتيكاني الثاني يثّبت هذه العقيدة في المادة 25 من دستور عقائدى.
ويقول المطران سليم بسترس أسقف بعلبك للروم الكاثوليك ،ا ن الأساقفة (عامة) يتمتعون بالعصمة في حالتين فقط الأولى: عند اتفاق الأساقفة المنتشرين في العالم مع خليقة بطرس على عقيدة معينة، والثانية : عند انعقاد المجامع المسكونية. أما الأسقف المنفرد فيمكنه أن يضل ويهلك.. بشكل أو بآخر ، فأن فكرة عصمة الأسقف الروماني كانت موجودة في الكنيسة الغربية حتى في العصور القديمة وكانت دائمًا موضع اهتمام خاص.
وفي القرن السادس عشر (سنة 1529) قام الراهب الكاثوليكى مارتن لوثر بثورة ضد السلطة البابوية (أطلق عليها ثورة (الإصلاح)، اعترضا على بعض الممارسات البابوية. حيث إنتقد لوثر بيع صكوك الغفران، وأصرّ أن البابا ليس له سلطة على المَطْهَر، وأن خزانة الكنيسة لا أساس لها في الكتاب المقدس ، ووجوب الاعتماد على الكتاب المقدس مصدراّ وحيدًا للعقيدة الصحيحة ، وان الإيمان بأن يسوع هو الطريقة الوحيدة لاستغفار الخطايا ، لا الأعمال.وأطلق على أتباعه لقب المحتجين (البروتستانت). وحدث داخل الكنيسة البروتستانتية، فيما بعد انقسامات كثيرة أفرزت طوائف عديدة.
ولا تعترف الكنائس البروتستانتية بأسبقية بطرس، وان ماجاء فى قول السيد المسيح فى انجيل متى الاصحاح الثامن عشر " انت الصخرة وعلى هذه الصخرة سأبنى كنيستى" فإن الكنيسة لاتبنى على الإعلان والاعتراف بيسوع إنه أبن الله الحّى، وإنما بنعمة الخلاص .
الخاتمة:
مع التسليم بأهمية بطرس فى حياة بدء الدعوة المسيحية، إلا ان هناك خلافا على طبيعة ومفهوم أسبقيته بطرس وخلفاءه، كتابيا ولاهوتيا، أدى الى الى تمزيق وحدةالكنيسة، وتقف الان عائق أـمام الوصول إلى الوحدة المنشودة . ينصح وبولس رسول الأمم، "إِنْ كَانَ طَعَامٌ يُعْثِرُ أَخِي فَلَنْ آكُلَ لَحْمًا إِلَى الأَبَدِ، لِئَلاَّ أُعْثِرَ أَخِي." (1 كو 8: 13). ومن ثم لايحق للكنيسة الكاثوليكية الرومانية مطالبة الكنائس الأخرى قبول أسبقية بطرس، كما تفهم هى ، والانطواء تحت رئاستها ، وقبول قرارات المجامع التى عقدتها بمفردها وقراراتها
ولقد نطورت سلطات البابوية وممارسانها فى ظروف سياسية خاصة، و حدد لها المجمع الفاتيكانى الثانى سلطات واسعة، وثبتت فى المجمع الفاتيكانى الثاني ، ترى الكنائس الاخرى أنها لايتفق مع دستور المسيحية أى الكتاب المقدس ، ترتب عليها ممارسات عكرت صورة رجال الدين فى العصور الوسطى .
ومن منظور كون أسبقية بطرس تقليداَ كنسيا، فقد شهدت السدة البابوية تطور عبر التاريخ ، حيث أقر مجمع لاتران الثاني (1139م) "الوعيد بالبقاء عازبًا شرطًا أساسيًا للبابوية" .بعد ان تقلده أربعة باباوات متزوجين ، كحال بطرس "العلنا ليس لنا سلطان ان نجول باخت زوجة كباقي الرسل واخوة الرب وصفا (١ كو ٩: ٥). ومن جهة التسسل فى الخلافة الرسولية الرومانية ، فمن الثابت كسره فى مراحل تاريخية معينة ، وكان هناك بابوان فى وقت واحد فى الفترة من العام 1305 وحتى عام 1417 بسبب الصراع بين روما والتاج الفرنسى واحد فى روما والثانى فى أفنينون جنوب شرق فرنسا ، وتعترف الكنيسة الكاثوليكية اليوم بشرعية كلا البابوين خلال تلك الفترة.
واليوم يكر السيد المسيح لما قاله بطرس ليس ثلاث مرات فقط، بل كل يوم ـ، أتحبني، جمع خرافي الذى فرقهم النزاع على الاسبقية الرسولية.


المصادر :
- ويل ديورانت ، قصة الحضارة، الناشر المنظمة الغربية للعلوم والثقافة، بيروت 2007
- د. شتيفان فاينفورتر ، البابا والسلطة السيتسية ، ترجمه من الالمانية محمد المهدى
- نيقولو باربارو: الفتح الإسلامي للقسطنطينية، ترجمة ودراسة د. حاتم الطحاوي، عين للدراسات والبحوث، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م. ص35 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص