الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


{ خَرَابُ - مظفّرِ النّواب - }

علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)

2022 / 5 / 23
الادب والفن


قد أعلمُ ياصاحُ أَنَّ مقالتي هذهِ جُنُبٌ، وَلن تغتسِلَ بِمَاءٍ من أدبٍ مُحدثٍ بإضطرابِ، ورُبَما لن تَسْتَعْسِلَ رضىً وإعجاباً من أحبابِ ومن صحابِ،
بيد أنهُ معلومٌ يا صاحُ أنَّ الهِجاءَ فنٌّ جرى بهِ لسانُ شاعرٍ غاضبٍ مُعَلعَلَ الأعصابِ ، فَقصَفَ طَرْقاً وبَرْقَاً بهِ خصيمَهُ ودونَ عِتاب،
ولاشَكَّ أنّهُ باتَ بينَ أيدينا أرثٌ ل (شاعرٍ) أسمهُ "مظفّرُ النّواب"، وعلى الرّفوفِ سيُخَلَّدُ إرثُهُ لقادمٍ من أعقابٍ ومن أصلاب،
ولَعلّهُ رحمهُ اللهُ - إن رحلَ موحداً ولم يُغضِبِ رحمةَ الوهّابِ - قد زعمَ أنّهُ في فنِّ (الهِجاءِ) فطحلٌ ونابغةٌ دون إرتيابِ، أو...
هكذا لَفَحَهُ فنَفَخَهُ فصَيّرَهُ مَن كَفَّ خُفَّهُ عن تلالِ بلاغةِ ألأعرابِ، ومَن جَفَّ جُبُّهُ مِن زلالِ فَصاحةٍ، ومن نحوِ وإعرابِ.
ولاريبَ يا صاح أنَّ الأدبَ بئرٌ، ماؤهٌ عاكسٌ لسُمُوِّ أمَّةٍ بِإقتِضَابِ،
ولئن كانتِ الأمَّةُ في عُلُوٍّ، جاءَ أدبُها كدُرَرِ يسيلُ لأجلِها ماءُ اللعابِ،
ولئن كانتِ الأمَّةٌ في دُنُوٍّ جاءَ أدبُها كسُرَرِ (جمع سُرّة) لعجائزٍ بعِلَلِ وأتعابِ، أو كصُرَر (جمع صُرّة) من دنانيرَ مُمَزَّقةٍ ل " أولادِ قحابِ ".
وإذاً...
فكيفما كانَ هوى أمَّةٍ، كانَ أدبُها تُبَّعاً لهُ في كتابٍ أو في خِطابِ. والحقَّ أقولُ؛ الذَّنبُ هاهُنا ماهوَ بذنبِ (أبنُ بني النّوابِ) ،
رغمَ أنَّ نبالَ لَغوهِ تَجَرَّأت فَفَقأَت عُيُونَ بَيَانٍ غيرَ مُفَصَّلٍ بِتَحَشرِّ الأقشَابِ، وطَفَّأَت جُفُونَ كِيانٍ غيرَ مُخَصَّلٍ بِتَكَشِّرِ الأنيابِ،
وأقبلَ (شعرُهُ) محمولاً على ثَرثَرَةٍ مَا تَداوَلَتها مِن قَبلُ فصاحةَ الأَنسَاب،
ومجبولاً على جَرجَرَةٍ مَا تَنَاوَلَتها شيبةٌ من أَحسَابٍ ولا شبابِ، فلا لَمعَ في شعرهِ، ولا فيهِ نَفعٌ، ولا صوابِ.
وإنّما الذَّنبُ ذنبُ مَنِ إستَلقوا على غُثاءٍ وعَواءٍ بإرتيابِ، وما إستبقوا ذَرَّةً من سَناءٍ لبِناءٍ من سلفٍ على هضابِ،
فضاعَ منهُم نبيلَ البنانِ، وأصيلَ البيانِ، وجميلَ خطاب،
وما ذاكَ إلا انّ فِكرَهُم مُتَقَلقِلٌ في سَرَفٍ من سَرابِ،
وذِكرُهُم مُتَخَلخِلٌ في خَرِفَ من رِهَابِ،
وأضحى مُبلِساً مُفلِساً غيرَ مُتَلَمِّسٍ لشدَى كتابٍ، وغيرَ مُتَحَمِّسٍ لندى آدَابِ،
فأمسى فكرُهُم لا يَعرِفُ (الوسادةَ) من اللحافِ في إحتجابِ،
وذِكرُهُم لا يَغرِفُ من حكمةٍ بزغت من عقابٍ أو ثَوَابِ.
وهاهوذا البيانُ في أمّتِنا قد باتَ كَطَنينٍ لِفَوجٍ مِن ذُبَابِ،
وإذ وجوهُ النّاسِ في الفوجِ مُكبكَبةٌ بترحابِ،
وكلُّ تراهُ مُكَبكَباً، مَن أرتدى ربطةَ عُنُقٍ، ومن إعتدى عليها وإهتدى لجلبابِ.

أوَليسَ جميلاً ياصاح أَن يُصَفَّى الفَاهُ من حشوٍ ومن لَغوٍ بإسهابِ؟
وأن يُوَفّى المِيثاقُ إنِ النّاسَ خَاضُوا فِي شغَبٍ ولَغْب بإنجذابِ؟
فيعودُ الفاهُ كرَّاً الى لآلئِ أولينَ من أولي حُلُمٍ وألبابِ،
فيَتَلَهَّجُ ببيانِ تفاخرٍ لهمُ بأحسابِ وألقابِ،
ويَتَغَنَّجُ بتغزّلٍ لهمُ بعيونِ المَحْبُوبِ والأهدابِ،
ويَتَبَلَّجُ بمديحٍ وثناءٍ لهمُ على فنونٍ الحربِ في الصّعابِ،
ويَتَخَلَّجُ بفصيحٍ من هجاءٍ آسرٍ حرفُهُ، ساحرٌ ذرفُهُ على مدى الأحقابِ،
وهاكُمُ قبسٌ من لمساتِ ل(هجاءٍ) آسرٍ للُّبِّ وخلّابِ،
كي نعلمَ ما أصابَ مضاربَ شعرِنا من إنقلابٍ، وما أرابَ محاربَ نثرِنا من إغترابِ؛
أَبـا سَـعـيـدٍ لَنا في شاتِكَ العِبَرُ * جـاءَت وَمـا إِن لَها بَولٌ وَلا بَعَرُ
وَكَـيـفَ تَـبـعَـرُ شـاةٌ عِـنـدَكُم مَكَثَت ** طَعامُها الأَبيَضانِ الشَمسُ وَالقَمَرُ
لَو أَنَّهـا أَبـصَرَت في نَومِها عَلَفاً * غَـنَّت لَهُ وَدُمـوعُ العَـيـنِ تَـنـحَـدِرُ
أَبَت شَفَتايَ اليَومَ إِلّا تَكَلُّماً * بِشَرٍّ فَما أَدري لِمَن أَنا قائِلُه
أَرى لِيَ وَجهاً شَوَّهَ اللَهُ خَلقَهُ * فَقُبِّحَ مِن وَجهٍ وَقُبِّحَ حامِلُه
أظنُّ ألّا حاجةَ لك ياصاح بعرضِ شعرِ هجاءٍ معاصرٍ، وما من موجبٍ لإكْتِئابِ، ولكن هاكَ منهُ قبصةً من شعابِ؛
[القدس عروس عروبتكم، فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها؟ ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها؟
وسحبتم كل خناجركم، وتنافختم شرفا، وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض. فما أشرفكم، أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة؟ أولاد القحبة].
أفَرَيتَ البَوْنَ كم هوَ واسع ومجٍّ ويُعاب، والفرقَ كم هوَ شاسع وثجٍّ وفي تباب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با