الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المياه حق أساسي من حقوق الإنسان

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2022 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


أكدت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الثاني من تشرين الثاني 2002 ، في عهدها الدولي أن الحصول على كميات كافية من المياه للاستخدام الشخصي والمنـزلي حق أساسي من حقوق الإنسان مكفول للجميع. كما أكدت اللجنة أن "حق الإنسان في الماء لا غنى عنه من أجل حياة تليق بكرامة الإنسان. وهو يمثل متطلبا أساسيا لإعمال حقوق الإنسان الأخرى." ورغم أن هذا العهد ليس ملزما قانونا للدول التي صادقت عليه، فهو يهدف إلى تعزيز تنفيذ العهد وله بالفعل وزن وتأثير "القانون غير الملزم". وفي التعليق علي ما ورد في المادتين الحادية والثانية عشر من العهد الدولي شددت على أن الأطراف في العهد الدولي يجب أن تقوم تدريجيا بإعمال الحق في الماء الذي يكفل لكل فرد الماء الكافي، والزهيد التكلفة، والذي يسهل الحصول عليه فعليا، والمأمون والمقبول للأغراض الشخصية والمنـزلية. وينبغي لإعمال هذا الحق أن يكون قابلا للتنفيذ وعمليا، وأكد قرار اللجنة أن كفاية توفر المياه لا ينبغي أن تفسر تفسيرا ضيقا، بحيث تعني فقط الحجم والتكنولوجيات. إذ ينبغي معاملة المياه كسلعة اجتماعية وثقافية، وليس كسلعة اقتصادية بصفة رئيسية، مما ينم عن تحول صوب السياسات ذات الأساس السوقي التي تبين التكلفة الحقيقية للمياه، وتخفض الدعم، وتنطوي على إمكانية إشراك القطاع الخاص في خدمات الإمداد بالمياه.
تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أكثر مناطق العالم ندرةً بالمياه، ويزداد الوضع سوءا بسبب تأثيرات النزاعات وتغير المناخ والصعوبات الاقتصادية. فباتت أزمة المياه تشكل تهديداً لاستقرار المنطقة وكذلك للتنمية البشرية والنمو المستدام فيها.وبحسب إحصائيات عام 2011، فقد بلغت حصة الفرد الواحد من المياه العذبة حوالي ( 500) مكعب/سنة بعد أن كانت تقدر ب( 2000) مكعب /سنة، عام 1960. ويتوقع أن تستمر هذه الحصة في التراجع السريع والمخيف إلى أن تصل إلى ( 250 ) مكعب /سنة بحلول عام 2050 . وتسمى المنطقة العربية بمثلث العطش حيث تحتوي على أقل من( 7% ) من مخزون المياه العالمي، وعلى أقل من (1% ) من نسبة المياه الجارية (المياه السطحية). أما بالنسبة للأمطار التي تتساقط عليها، فهي لا تتجاوز( 2 % ) من المعدل العالمي.
يقدر العجز المائي في الوطن العربي نحو( 150 ) مليار متر مكعب في العام 2000 , منها في مصر على سبيل المثال أكثر من (13) مليار متر مكعب, وفي سوريا أكثر من مليار متر مكعب , ويعاني الأردن من عجز مائي كبير بحدود (20%) من إجمالي احتياجاته المائية. لذا يتوقع أن تكون المياه مصدر صراعات وربما حروب بين الدول ما لم يتم التصدي لها ومعالجتها على وفق مبادئ القانون الدولي بالحق والعدل .يتوقع المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة , ظهور عجز مائي في الوطن العربي بحوالي (261) مليار متر مكعب بحلول عام 2030 .
تستحوذ الزراعة المروية على موارد المياه في البلاد العربية بنسبة(88%) مقابل نسبة (6,9%) للاستخدام المنزلي و(5,1%) للقطاع الصناعي.يشير التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2001 إلى أن حصة الفرد العربي من موارد المياه المتجددة نحو (1000) متر مكعب , مقابل (7000) متر مكعب للفرد عالميا, ويتوقع التقرير انخفاض حصة الفرد العربي إلى (460) متر مكعب بحلول عام 2025, وهي دون مستوى الفقر المدقع وفق المعايير الدولية.

تعاني المنطقة العربية أيضاً من مشكلة توزيع المياه بين الدول والتي تعد من القضايا الشائكة خصوصاً أن حوالي (60 %) من المياه الجارية في المنطقة هي عابرة للحدود الدولية، كنهر النيل مثلاً، الذي مازال مصدر خلاف، حيث أوقفت في العديد من الأوقات دول المنبع(أثيوبيا، أوغندا، كينيا, تنزانيا، رواندا، بوروندي، الكونغو الديمقراطية وأرتيريا) التفاوض مع دول المصب( مصر والسودان) حول حصتيهما في مياه النيل. وكذا الحال في العراق حيث قامت تركيا بتنفيذ مشروع الجاب على مجاري نهري دجلة والفرات , ويشتمل المشروع على سبعة سدود على نهر الفرات وستة سدود على نهر دجلة.وقد تسببت هذه السود بحرمان العراق من حصته المائية المقررة بموجب الاتفاقات الدولية,الأمر الذي أدى إلى تصحر مساحات شاسعة من أراضيه الزراعية, وارتفاع نسب الملوحة فيها , مما يستلزم إعادة استصلاحها إذا ما أريد زراعتها ثانيا. وقامت إيران أيضا بتحويل مجاري بعض الأنهار مثل أنهار الكارون وديالى والوند إلى داخل أراضيها بدلا من وجهتها المعتادة نحو العراق, مما حرم مدن وقرى كثيرة من مواردها المائية دون وجه حق.
يقصد بالنهر الدولي : النهر الذي يقع مع روافده وفروعه في منطقة تخضع لسلطة دولتين أو أكثر، مثل نهر دجلة،الفرات في كل من تركيا وسوريا والعراق، والنيل في كل من أثيوبيا والسودان ومصر، أو هو الذي يشكل حدودا بين دولتين أو أكثر مثل نهر السنغال.حدد القانون الدولي عدد من المبادئ القانونية في موضوع تقاسم مياه الأنهلر الدولية , نوجزها بالآتي :
1.عدم جواز إعتبار دول المنبع مالكة بشكل مطلق للنهر,وعلى هذه الدول مراعاة حقوق دول المصب.
2.عدم جواز احداث منشآت او اعمال هندسية فى دولة المنبع من دون التباحث مع دول المصب او الدول المتشاطئة وحصول موافقة دول الحوض المسبقة قبل المباشرة باى جهد هندسي.
3.عدم القيام بأى عمل من قبل دولة المنبع يؤدى الى تغيير مجرى النهر والحالة الطبيعية التى كان عليها النهر المذكور.
4. يجب أن تتم استخدامات النهر الدولي على وفق الاتفاقيات والمعاهدات مع الاخذ بالمعايير الدولية وباتفاق الاطراف.
5.عدم جواز قيام دولة المنبع باى عمل يؤدى الى الحاق الضرر بالمصب او الدول المتشاطئة. وفى حالة حدوث ضرر وباى شكل من الاشكال فان دولة المنبع يلزمها الضمان.
6.فى حالة حدوث خلاف او نزاع حول تقسيم الحصص المائية فيجب اللجوء الى المفاوضات والتشاور وتشكيل اللجان الفنية لمعالجة ذلك وفى حالة عدم التوصل الى حل يتم اللجوء الى التحكيم او المحاكم الدولية.
ولمواجهة أزمة العطش التي نقترب منها شيئاً فشيئاً، ما فتئت اليوم تتعالى استغاثات الخبراء والمنظمات المختصة في العديد من الملتقيات والمنتديات الإقليمية والدولية، كما هو الحال في منتدى العالم العربي للبيئة والتنمية الذي انعقد في بيروت سنة 2010. وقد دعا في ختام أشغاله الحكومات العربية إلى اعتماد إصلاحات سياسية ومؤسساتية وخاصة قانونية تتيح من ثقافة تنحصر في تأمين مزيد من الإمدادات المائية من خلال مشاريع باهظة الكلفة إلى ثقافة تدير الطلب عبر تحسين الكفاءة وخفض هدر المياه وحمايتها من الاستعمالات المفرطة, ولكن دون تحقيق نتائج تذكر إذ ما زالت مشكلة ندرة المياه في البلدان العربية تسوء أكثر فأكثر , لاسيما في ضوء التغيرات المناخية الحادة التي يشهدها العالم اليوم جراء الإحتباس الحراري الحاد , وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط الي باتت تشهد موجات جفاف حادة غير مسبوقة , إن إستمرت دون معالجة ستحرق الحرث والنسل , وستشهد المنطقة مجاعات كبيرة بسبب النقص الغذائي الناجم عن إزدياد التصحر وإنحسار الأراضي الزراعية الخصبة جراء تناقص معدلات تساقط الأمطار في المنطقة وسوء إستخدام الموارد المائبة المتاحة وهدر الكثير منها . الأمر الذي يستلزم إعتماد سياسات مائية لترشيد إستخدام المياه بإعتماد وسائل الري الحديثة كالري بالرش أو بالتنقيط , وإنشاء السدود لخزن الفائض من المياه بمثابة خزين ستراتيجي لإستخدامه في أوقات شح المياه الحاد , وإختيار أصناف من النباتات التي لا تحتاج مياه كثيرة أو نباتات قابلة للنمو في الأراضي شبه الجافة أو المالحة , والسعي الجاد مع دول منابع الأنهار الدولية التي تعتمد عليها البلدان العربية كدول مصب, لتأمين حصصها المائية العادلة بموجب القانون الدولي ومراعاة مبادئ حسن الجوار وتقاسم الأضرار إن دعت الحاجة ذلك.
وفي ضوء ما تقدم لابد أن تتخذ البلدان العربية إجراءات حازمة لتنمية مواردها المائية وإدامتها بصورة مستمرة,نوجزها بالآتي :
1.ترشيد استهلاك الموارد المائية للأغراض الزراعية بإتباع أساليب ومنظومات ري حديثة مثل منظومات الري بالتنقيط, والري بالرش, واستنباط سلالات وأصناف جديدة من المحاصيل التي لا تستهلك مياه كثيرة, وتتحمل درجات عالية من الملوحة.
. تخزين المياه الفائضة عن الحاجة, بإنشاء السدود والخزانات للاستفادة من الفائض. 2
3.تقليل الفاقد من المياه عن طريق التبخر والتسرب أثناء نقلها أو استخدامها في الأغراض المختلفة.
4. الاستثمار في مشاريع تقنية تحلية مياه البحار والمحيطات والسعي إلى خفض تكاليفها.
5. التوسع بمعالجة مياه الصرف الصحي وتشجيع استخدامها للأغراض الصناعية والزراعية.
6.عقد الاتفاقات الدولية بين دول الأنهار المتشاطئة بما يضمن التقسيم العادل لهذه المياه على وفق قواعد القانون الدولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عودة على النشرة الخاصة حول المراسم الرسمية لإيقاد شعلة أولمب


.. إسرائيل تتعهد بالرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق وسط دعوا




.. بتشريعين منفصلين.. مباحثات أميركية لمساعدة أوكرانيا وإسرائيل


.. لماذا لا يغير هشام ماجد من مظهره الخارجي في أعمالة الفنية؟#ك




.. خارجية الأردن تستدعي السفير الإيراني للاحتجاج على تصريحات تش