الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكتابة النسائية من السنن الثقافي إلى النسق النقدي-قراءة في كتاب للدكتور عبد الرحيم وهابي-

عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)

2022 / 5 / 24
الادب والفن


الكتابة النسائية من السنن الثقافي إلى النسق النقدي
-قراءة في كتاب للدكتور عبد الرحيم وهابي-
د. ادريس عبد النور

أستاذ باحث بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فاس – مكناس /المغرب
أستاذ مادة اللغة العربية وعلوم التربية والنقد النسائي

ملخص
الكلمات المفاتيح: السرد النسوي- السرد النسائي- النقد الأدبي- السنن الثقافي-عبد الرحيم وهابي
إن دوافعي لقراءة هذا الكتاب الموسوم ب "السرد النسوي العربي من حبكة الحدث إلى حبكة الشخصية" للدكتور عبدالرحيم وهابي، يختلط فيها المعرفي بالشخصي حيث لا تشكل هذه القراءة إحاطة كلية بالوقائع النقدية للكتاب، كما أنها لا تدعي الإحاطة الشاملة لهذا النص المتميز والمرجع المهم في المجال، وقد أقف عند حدود ما هو معرفي لأركز على عناصر بعينها من حيث المساءلة باعتبارها تشكل نسقا فرعيا داخل البناء المعماري للكتاب، وقد يكون طموحنا في هذه القراءة هو تتبع المسار التي تشكلها ذات الناقد في الفعل النقدي.
Mots clés : narration féministe - narration féminine - critique littéraire - Sunan culturel - Abderrahim Wahabi
résumé
Mes motivations pour la lecture de ce livre intitulé "Le récit féministe arabe de l intrigue de l événement à l intrigue du personnage" du Dr Abderrahim Wahabi, dans lequel le savoir se mêle au personnel, car cette lecture ne constitue pas un briefing complet des faits critiques du livre, il ne prétend pas non plus couvrir de manière exhaustive ce texte distingué et la référence importante dans le domaine, et je me suis arrêté aux-limit-es de ce qui est cognitif pour me concentrer sur certains éléments en termes de responsabilité car ils constituent un sous-forme au sein de la structure architecturale du livre, et notre ambition dans cette lecture peut être de suivre le cheminement tracé par le même critique dans l action critique.
1- السنن الثقافي
من ناحية موضوع هذا الكتاب مخصص لدراسة السرد النسوي العربي، وهو قوام شائك يعود لكتابة المرأة وما مرت به من مراحل وتطورات متباينة، وبقدر ما لا يعنينا الدخول في تفاصيل هذه المراحل نقف على حافة المفهوم أدب نسوي عند الأستاذ عبدالرحيم وهابي ، حيث تطرق المؤلف لمواضيع متفرقة من كتابه وخاصة الإشارات التي جاءت أساسا كاقتباسات ، وهو يتحدث عن خصائص السرد المؤنث مصورا المغلق ومهتما بالتفاصيل الصغيرة للجسد الأنثوي وغرف النوم، و بهذا يمكن اعتبار الرواية النسوية العربية كما جاءت داخل المتن: " قناعا للسيرة الذاتية، تعتمد على البوح بحميمية الذات وأسرارها ... مع الاعتماد على الاستبطان، والتمثل لموضع الوجع لديها، فكتابتها نبض للقلب، وانفتاح على الداخل" ( 1).
ومن خلال استقرائنا لجل النصوص السردية التي اعتمدها المؤلف والتي يزخر بها الكتاب بما هي مجهودات جبارة لرصد خريطة الكتابة النسائية على امتداد العالم العربي، يبدو أن هذه الكتابة ما تزال مهووسة بيوميات متشرنقة داخل الجسد ولا تخلو من تكرار هذا المنظور على مستوى المنهج، فخطاب هذه السرود كما جاء على لسان جيرار جينيت يمكن ان يقول مرة واحدة ما وقع مرات لا نهائية حيث يقول: "على سبيل التبسيط يمكن القول أن حكاية أيا كانت يمكنها أن تروى مرة واحدة ما وقع مرة واحد، ومرة واحد ما وقع مرات لا نهائية، ومرات لا نهائية ماوقع مرة واحدة، ومرة واحدة ما وقع مرات لا نهائية"( 2).
لا بد أن نضع نصب أعيننا واقعة منهجية اعتبرها أصلا في مقاربتي كتابة المرأة وهي تتعلق بكتابة الرجل حيث لا يمكن أن نضعها مقياسا للكتابة المحتذاة وإلا سنقيس كتابة المرأة كهامش بالنسبة لمركزية الرجل.
وإذ نتبنى ونقترح مصطلح "الكتابة النسائية" نعتبر أن هذا المطلح يقوم فقط بدور تصنيفي، فهو يمكننا من رصد خصوصيات هذه الكتابة على اعتبار أن مصطلح الكتابة النسائية يؤكد بالخصوص على أن للمرأة الكاتبة تصورا مختلفا للمسكوت عنه بمقدار الفروق الفردية بين الجنسين، واعتقد أن اللبس الحاصل في رنين المطلح والمفهوم ماهو إلا نتيجة للخلط المنهجي الحاصل بين صيغتيتن: صيغة (الأنثى والكتابة) وصيغة (المرأة والكتابة).
فالصيغة الأولى (الأنثى والكتابة) تركز على أهم خاصية لدى المرأة وهي الأنوثة وتلخص المرأة في صفتها الجنسية ولاتجعل الدائرة تتجاوز الطرح المقتصر على الأنوثة والذكورة في بعدهما الطبيعي، أما بالنسبة للصيغة الثانية (المرأة والكتابة) فإنها تستند على مخرجات مقاربة النوم الاجتماعي وتعتبر في المرأة الجنس و الكيان و الشخصية القائمة على البناء الثقافي حيث الكتابة واجهة تحررية من التصورات السائدةـ فالقول بكتابة إبداعية نسوية/نسائية تمتلك هويتها وملامحها الخاصة يفضي إلى واحد من حكمين:
أ‌- إما كتابة ذكورية بقلم مذكر أو مؤنث/قاسم أمين/ تمتلك هذه الهوية والكيان والخصوصية وهو ما يردها بدورها إلى الفئوية النسوية.
ب‌- وإما كتابة بلا خصوصية جنسية أي كتابة خارج الفئوية مما يسقط الجنس كمعيار للتمييز.
• هل مصطلح" الكتابة النسائية، داخل الممارسة الاجتماعية، يتمكن من خلاله الناقد معرفة حدود تواجد المخيال الذكوري في المنتوج الإبداعي النسوي على اعتبار أن التنشئة الإبداعية للأنثى كانت من مشملات الثقافة الذكورية؟
• هل صيغة المؤنث كافية لتحديد التصور النسائي للعالم؟
2- الناقد النسائي: حدود القراءة
يبدو أن الاهتمام بالكتابة النسائية يتطلب التسلح المعرفي بالقضايا الجندرية واللغوية خاصة أخذ الحيطة والحذر مما تنتجه اللغة من معاني تحجرت في المعجم الذكوري وهذا ما لمسته في ثنايا كتاب الدكتور عبدالرحيم وهابي "السرد النسوي العربي" وهو المختص في قضايا اللغة والتواصل وتحليل الخطاب وهو ينقش في وعينا النقدي ويصور المغلق وفاعلية الحواس وشاعرية الحلم وأزمة ميديا ويصور الجسد الآثم وعقدة البكارة ليحيك للجسد المؤنث قيمة ثقافية فكان المؤلف يصغي إلى الشفرات المؤنثة المبثوثة في النصوص السردية التي اعتمدها مدركا لإيحاءاتها، لا على مستوى البناء التشريحي الفيزيولوجي أو ببنائها الثقافي والاجتماعي.
3- النسق النقدي: النقد النسائي/النقد النسوي
إن الكتابة التي تكتبها المرأة عند الوهابي مفتوحة على مستوى التجنيس حيث استقطبت وجهات نظر متعددة /أدب نسائي/أدب أنثوي/أدب نسوي من حيث أن كتابة الجسد التي انخرطت فيها المبدعة يمتلك هويتين الأولى ساهمت في تأسيس الثانية وحددت ملامحها، فأصبحت كتابة الجسد writing bodyكما لمسها المؤلف من خلال استشهاداته والروايات التي قرأها مرتبطة أشد الارتباط بالخرق السوسيو- ثقافي حيث تتمثل الثقافة العربية جسد الأنثى بما هو موضوع ملتبس بسبب ثقل المحظورات التاريخية وطغيان ثقافة التحريم على آليات الإبداع,
وليس اعتباطا أن يخصص الباحث الفصل الرابع للحديث عن الجسد والجسد الأنثوي خاصة ليقف على حقيقة مفادها أن هذا الجسد قبل تسريده كان يرزح تحت وضعية بدئية لا تحيل إلا على ما هو وظيفي متعي يعود بالجسد إلا حالاته الملآى بالرغبات وأوهام الذات، وهي كلها تمظهرات تقع ضمن دائرة المحظور والممنوع والمحرم من طرف المنتفع (المذكر).
ولهذا كان الجسد الآثم محددا لهذا الفصل الذي حاول عبر صفحاته (127-161) أن يستعيد لهذا الجسد قيمته الثقافية بالرغم من أن الكتابة في الكثير من النصوص القديمة والحديثة كتبت أو حكت بلغة القاموس المذكر وليس بلغة الأنثى، وبالتالي فالنساء الكاتبات رغم تعددهن واحدة أي كلهن شهرزاد وكل الحكايات حكاية واحدة.
4- التلقي وآلية الدفاع الذكورية
وإذ يصرخ الجسد داخل النص منكتبا يتلصص المتلقي ليستمع بنتوءاته داخل الحقل الأدبي حيث تتمتع الكاتبة في جنس السرديات بحس فني مغاير يجترح من الكتابة بناءاته ودلالات نصية تتطلع على مستوى الأشكال والمضامين والاستطيقا إلى الحديث عن الذات بضمير المتكلم حتى تخال أن كتابتها إقرار واعتراف بشبهة النص وتأويلاته وكأن كتابة المرأة اعتراف صامت بما أن جسدها ذو قيمة أيروتيكية قي الثقافة الذكورية، " فضمير الغائب لا يملك سلطان التحكم في مجاهل النفس، وغيابات الروح، على حين أن ضمير المتكلم بما هو ضمير للسرد المناجاتي يستطيع التوغل في أعماق النفس البشرية" (3 ) حيث أن الأشياء الحميمة نكتبها ولا نقولها كما يقول هنري ميشو. ويشكل المجال العشقي أهم تيمة يحفل بها النص النسائي باعتبار أن حديث المرأة في العلاقات العاطفية يعد بمثابة خرق للمسكوت عند اجتماعيا حيث يصنّف الحب داخل الاعراف والعادات والتقاليد المجتمعية جريمة أخلاقية، ولم تهتم المرأة بالحرية في الحب إلا لكونه يحقق لها الاختلاف والتميز بالرغم مما يشكله من خرق وما يمثله من محظور في العرف الاجتماعي والقيم الأخلاقية الدينية.
ولم يكن لنسقية البناء النقدي عند الدكتور عبدالرحيم وهابي إلا أن يصل إلى نتيجة تحفل باستطاعة الكاتبة وعن طريق اللغة أن تستعمل بفنية التقطيع الفيزيولوجي لجسدها وهي تنيبه في الكتابة عن نفسها، حيث انكتب عنها داخل النص نظرا للعلاقة الخاصة والمتشكلة ما بين المرأة الذات والمرأة الكاتبة وما بين جسدها وموضوع الكتابة، وكأن على كل نص نسائي أن يحقق ذات الساردة بما هو ممتلئ بجينات شهرزادية يتم التفاعل معها بصيغة المفردـ قربته اللغة من عقل الرجل حيث نتج عن فعل التلاقي هذا ولادة الأنثى الرمزية بصيغة الجمع تملك فيه الكاتبة القول والفعل.
وإذ يتحدث الفصل الخامس من كتاب (السرد النسوي العربي) عن ما ورائية القص في السرد النسوي العربي يضع المؤلف يده على اشكالية تلقي المسرودة النسائية حيث توضع على المفترق بين الواقعي و المتخيل إذ " تغذو المسألة حساسة، عندما تربط بين ما تكتبه المرأة وبين ما تعيشه في الواقع، فأن تكتب المرأة عن تجربة المرأة وبين ما تعيشه في الواقع، فأن تكتب المرأة عن تجربة الحب، لا يعني أنها تنقل تجربة عاشتها في الواقع" ( 4)ليخرج الأستاذ عبدالرحيم وهابي بخلاصة يؤكد فيها ضرورة تخليص أدب المرأة من هذه المحاكمة الظالمة.
وحيث أن التفسير النقدي يؤكد جدل الانتقال بين ثوابت النص ومتغيراته المتعاقبة والمتزامنة، فالنص النسائي بهذا المعنى يتحرك في اتجاه خلق ردود فعل القارئ التي تكون حسب بيير زيما مستقلة عن سياق نشأة النص وغير مستقلة عن بنيته بمعنى غير مستقلة عن الثوابت الدلالية والأساليب السردية، أو قارئ خارج التخييل كما قالت سوزان لانسر.
فالقارئ هنا يأتي النص من خلال مرجعياته التي تحدد بدورها المعطيات النهائية لتفسير شفرات النص وهي مرجعيات تتمحور حول المركز حيث تلخص الانسانية في الرجل" فالإنسانية في عرف الرجل شيء مذكر، فهو يعتبر نفسه يمثل الجنس الانساني الحقيقي.. أما المرأة فهي تمثل في عرفه الجنس الآخر" ( 5).
وإذ يتطرق المؤلف إلى قضية الحبكة خاصة وهي بين حبكة الحدث وحبكة الشخصية، يركز مرافعته هاته لصالح هذه الكتابة وكأنني به يريد أن يؤرخ لمرحلة متأخرة من كتابة المرأة حيث قال : "لقد صار جسد المرأة في الكتابة النسوية مثقفا، يعرف حقوقه وواجباته، ويعرف كيف يحترم ذاته، ويستمتع بوجوده، ولم يعد سلعة، أو هدف... ولم نعد نجد في كتابة المرأة وصفا للجسد، بقدر ما صرنا نراه في حالة فعل، يتحرك، ويشعر، ويقرر ويعاني الكثير" ( 6).

رؤية وبعد نقدي متفرد وكأنه يميز بين:
1- النص التحرري
خناتة بنونة
إشارة وجود من أجل إثارة انتباه الآخر ومساهمتها في تحرير أخيها العبد
2- .نص التحرر عبر للجسد
ليلى بعلبكي
تم تطعيم الجسد كوسيلة خرق لسلطة الآخر.
3- نص يعيش داخل الجسد كمتغير ثقافي
رضوى عاشور في رواية ثلاثية غرناطة
وكأننا أمام هجنة تؤكد على تحدي التقاليد الذكورية عبر التناصات التاريخية لالتهام الآخر.

ولهذا تشتغل الساردة بالحكي وفق منطق يجعلها منفصلة عن المؤلفة "فما لا يستطيع البطل أن يقوله لا يستطيع المؤلف أن يخبر به"كما قال مارتن والاس في كتابه نظريات السرد الحديثة فما على المؤلفة للمسرودة النسائية سوى أن تتشبث بالحضور الواعي للساردة باعتبارها منتجة للنص من الداخل.
ولما يعجز المتلقي الذكر للمسرودة النسائية عن إعادة صياغة فعل الحكي الخاصة وتطعيم واقعيتها بالتخييل تمارس القارئة ما أسماه روبير اسكاربت بمطالعة هروب حيث تنضاف القارئات إلى جانب المتلقين بشكل كبير يقول "إن تصرف القارئات يبدو، في جميع الطبقات الشعبية، متجانسا أكثر من تصرف القارئين " ( 7).
خاتمة
إن النسق النقدي عند الدكتور عبدالرحيم وهابي في كتابه الموسوم بالسرد النسوي العربي من حبكة الحدث إلى حبكة الشخصية ومن خلال مجموع الفصول داخله، تشكل السند الرئيسي الذي تقارب من خلاله هذه الكتابة حيث تواجد مستويين:
يحدد الأول للأستاذ وهابي قدرته على الغوص في بنية السرد النسائي العربي من خلال رصده لسرود نسائية غطت خريطة العالم العربي ومن ذلك فإننا لا نستطيع أن ندرك ما يحتوي عليه الواقع إلا من خلال ما يجود به اللسان.
كما يتشكل الثاني في البناء النمذجي لهذه الكتابة التي تسمح لقارئ هذا الكتاب أن ينتقل من العالم الواقعي إلى عالم الممكنات .
وفي الأخير لا يمكن إلا أن نقول على لسان الشاعر ميشو " في غياب الشمس تعلم أن تنضج داخل نص نسائي"
المراجع
1. الأخضر بن السائح، سرد المرأة وفعل الكتابة 2012، دراسة نقدية في السرد وآليات البناء ، دار التنوير، الجزائر، ط1، 2012، ص 54..
2. جيرار جينيت، خطاب الحكاية بحث في المنهج، ترجمة محمد معتصم، عمر حلي، عبدالجليل الأردي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، ط1، 1996 ص 130.
3. عبد المالك مرتاض، في نظرية الرواية، ص 185.
4. عبدالرحيم وهابي ، السرد النسوي العربي، ص169.
5. سيمون دي بوفوار، الجنس الآخر، ص 6.
6. نفس المرجع السابق، السرد النسوي العربي، ص158.
7. روبير اسكاربت، سوسيولوجيا الأدب، 121








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على


.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا




.. فوق السلطة 385 – ردّ إيران مسرحية أم بداية حرب؟


.. وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز




.. لحظة تشييع جنازة الفنان صلاح السعدني بحضور نجوم الفن