الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارثة التعليم المؤدلج

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2022 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



يعتبر قطاع التربية والتعليم، واحداً من هم القطاعات الذي توليه الدول المحترمة والقوية اهتماماً خاصاً نظراً gما له من انعكاس وأهمية استراتيجية قصوى على مستقبل ومناعة وبقاء هذه الدول في الوقت الذي يجري فيه تدمير التعليم، عامداً متعمداً، وبأسلوب مبرمج ومخطط وممنهج، في الدول الفاشلة والمفلسة والساقطة والمنهارة.
ومن هنا، هل تعلم يا "أخ" أن أطفال المدارس في الدول الحقيقية المحترمة التي تقدّس الطفولة وتلتزم بمواثيق الأمم المتحدة ومنظمة "اليونيسكو" يحصلون على وجبة غذاء مجانية يومية ةتقدّم له مزايا تفضيلية وتسهيلات لوجستية وإغراءات معنوية لتوفير يوم دراسي أنموذجي يخرج الطفل بنهايته بحصيلة علمية وزاد معرفي واعتداد نفسي في عملية بنائه التربوي والتعليمي، وهذا مفتاح لمعرفة، ومؤشر بسيط على ماهية وبنية وطبيعة، البيئة التعليمية هناك؟
أما في دول "الزبالة" والقمامة والعمامة والزعبرة والهوبرة الفارغة والترللي والهومالالي و"النص كم" ومحميات اللصوص وزرائب الحثالات الزعران أشباه الأميين ومرابع الجنرالات (جماعة تالت ابتدائي شحط) فلا يولى التعليم أي أهمية، ويكاد فيها المعلم أن يكون "كراكوزا" ومع الاعتذار من شوقي، وتتم سرقة مخصصات وزارات التربية وحقوقهم كأطفال وتتنكر الدول هنا لأبسط التزاماتها لهم بتقديم البيئة التعليمية المناسبة من تدفئة وإنارة ومستلزمات مدرسية ووسائل توضيحية وبنية تحتية ويزربون في أماكن غير صحية ويحرمون من أدنى متطلبات البيئة التعليمية المثالية ونتيجة للإجراءات الفاشية والممارسات القمعية والعنجهية والفوقية السلطوية تتم سرقة حتى البسمة من على وجوه هؤلاء المساكين العزّل الأبرياء كما من على وجوه أولياء أمورهم؟
ولقد عملت في التدريس لفترة وجيزة في بداية حياتي العملية، واكتشفت مبكراً عبث ولا جدوى العملية، من خلال البيئة التعليمية المتواضعة، التي كانت غنية، أحياناً، بالكم لكنها فقيرة جداً، في معظم الأحيان، بالكيف، ناهيكم عن تواضع البنى التحتية التي لا توفر أدنى شروط الانتاج المعرفي والتربوي والعلمي، لدرجة أنك قد تكون في مدرسة تضم 3000 طالب من دون وجود "مكبر صوت"، صعوداً لوجود مختبر علمي، أو مرسم، ولا قاعة موسيقية أو أداة موسيقية على مستوى "طبل" أو "دربكة"، وملاعب رياضية وكرات ووو وانعدام للإنارة ووسائل التدفئة حيث كنت أرى بعض الطلاب "يحتكّون" ويلتصقون، ببراءة، ببعضهم كي يحصلوا على بعض الدفء الذاتي في بيئة جبلية باردة شبه متجمدة شتاءً... أما المناهج التربوية الدينية "الفاشية" والإيديولوجية التلقينية والتحريضية والتعبوية الظلامية التي تفتقر للمعرفة والمعلومة، وكان يحقنون، ويـَحشُون بها أدمغتهم البريئة، فكانت كافية لتدمير نفسية أي طفل وزرع كل نوزاع الحقد والشرور في نفسيته الغضة البريئة الطرية، ولم أك حقيقة مدرساً أو معلماً يؤدي رسالة تثقيفية وإبداعية نبيلة للأجيال قدر ما كنت شاهد زور على عمليات "تدجين" و"ترويض" وبرمجة وغسل دماغ جماعي وجريمة تجهيل وتزوير للحقيقة والتاريخ والأخطر من كل ذلك، قلب خبيث وشرير للقيم والمفاهيم وتزوير إجرامي للواقع كانت تمارس على هؤلاء الأطفال المساكين والغاية الوحيدة منها الحصول على كائن "روبوت" مؤدلج و"موجه" غير منتج ولا واع أو مبدع، أما عن عمليات التسرب والتسريب الهائلة التي كانت تتم من قطاع التعليم لقطاعات أخرى، بسبب الفقر والقلة والجوع والفاقة والحرمان وعدم القدرة على تحمل نفقات اليوم الدراسي ( مواصلات، طعام، مستلزمات مدرسية) وبكل ما في ذلك من انتهاك لحقوق الطفولة وللقانون الذي يقضي بمنع تشغيل الأطفال واستغلال براءتهم وجهدهم في أعمال مضنية وقاسية، فذاك جرح لا يمكن فتحه، ووجع لا تمكن ملامسته أو الاقتراب منه نظراً لمرارته ولفظاعته وبشاعته حين كنت أكتشف وأصادف أطفالاً خبرتهم عباقرة في مراحلهم المدرسية وقد تحولوا لـ"شوفيريه" و"بائعي يانصيب" ومفترشي بسطات بقدونس وكزبرة وجرجير ...
اليوم، وبكل أسف، وصلت فيه الأمور إلى منزلقات سحيقة وهاويات كارثية مرعبة مردية ورديئة لا يمكن فيها حتى الرجوع لتلك البيئات المتواضعة لكن حتى "المثالية"، ربما، التي كانت موضع تذكرنا وشكوانا، وأوردتها في بطن ومتن هذا المقال...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليسنكو
بارباروسا آكيم ( 2022 / 5 / 25 - 01:04 )
و الله شيء مؤسف ما وصل اليه النظام التعليمي في هذه المنطقة البائسة
و تحديداً جمهوريات الموز العربي

على كل حال التعليم هو جهة الوحيدة التي لا يمكن و لا يجوز ادلجتها
و إلا سينتهي الأمر بقرقوز يشبه قرقوز الطاعون السوفيتي ليسنكو الذي كان ..
يحول الخيار الى طماطم
و يحول الأرز الى حنطة
و يحول الفودكا الى عصير برتقال
و اشياء من هذا القبيل من المسخرة

مرة هذا ليسنكو اصدر من خلال سيده الأمي قرار بأعتقال واعدام كل العلماء الذين لم يتبرؤا من افكار البرجوازي يوهان كريكور مندل !!
و بسبب افكاره الحمقاء مثل سيده الأمي الذي عينه مات ملايين الناس بسبب الجوع

وبناءا عليه
يجب أن يكون التعليم جهة مستقلة تماما لا تعبث بها الأهواء و الأديولوجيات

تحياتي و تقديري

اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط