الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توفيق بكّار في عيون دارسيه

إبراهيم العثماني

2022 / 5 / 24
الادب والفن


مقـــــــــــــدّمة:

ليس من اليسير الكلام على كلام توفيق بكّار(1927-2017)، والحديث عن أستاذ ملأ الجامعة وشغل المثقّفين، واستعراض مسيرة حياة حافلة بالعطاء الثريّ والنّشاط الدّؤوب والإضافة المتميّزة. فالرّجل نذر حياته لخدمة الثّقافة العربيّة والأدب التّونسي تدريسا ونقدا وتعريفا به داخل حدود الوطن وخارجها، واقتطع ستّة عقود من عمره قسّمها بين أسوار الجامعة بحثا وتأطيرا والمنابر الثّقافية يحاضر ويجادل، يترأّس الجلسات العلميّة ويغني النّقاشات الأدبية ويعرّف بالأعلام المنسيّة ويشجّع الحركات التّجديديّة.
توفيق بكّار ناقد مبدع يتصدّر قائمة نقّاد الأدب بتونس (1) وتأتمّ صفوة النّقاد العرب به وتحتكم إلى علمه(2). وليست كتاباته مراجع ضروريّة كلّما تعلّق الأمر بأثر أدبيّ درسه فحسب بل أصبحت مادّة تُدرس وتُحلّل، ويبحث النّقاد في السّمات المميّزة لها والفكر الّذي تصدر عنه والأهداف الّتي ترومها. وهكذا تجمّع متن نقديّ كُتب قبل رحيله، متن يسمح لنا بأن نجلو صورة بكّار متعدّدة الأوجه. ففيه حديث عن نقده ولغته والإيقاع في كتاباته وجوانب من سيرته.

1– محطّات من مسيرة توفيق بكّار المهنيّة:

تضمّنت دراسة الأستاذ خالد الغريبي (3) إشارات سريعة إلى جوانب من حياة بكار والفكر الّذي يحمله.فقد تحدّث عن مكان ولادته (تونس العاصمة) وأماكن الدّراسة (مدرسة خير الدين الابتدائيّة وليسي كارنو) وانتقاله إلى فرنسا (1955-1960) وحصوله على التّبريز هناك ثمّ عودته إلى تونس للتّدريس بمدرسة ترشيح الأساتذة المساعدين ثمّ التحاقه بكلّية الآداب بتونس (ص 42). كما ألمح الأستاذ خالد، باقتضاب،إلى تجربته الحزبيّة، وفهمه للماركسيّة وعلاقتها بالإسلام ولم يعتبره " ماركسيّا بالمعنى الحرفي للكلمة وإنّما أدرك أنّ "الماركسيّة هي فلسفة ورؤية للمجتمع ورؤية للتّاريخ ورؤية للإنسان في الكون"(4).
ولئن اكتفى الأستاذ الغريبي بهذه الإشارات فقد استعان حسين الواد(5) بالتّاريخ ليستحضر لحظة حاسمة أحدث فيها توفيق بكّار منعرجا في مسار تدريس الأدب بالجامعة التّونسيّة إذ كان رائدا في إدخال المناهج الحديثة إلى الجامعة (1969) رغم اعتراض البعض على هذه "البدع". وذكر الواد خَصلة أخرى لا يعرفها إلاّ الطّالب الّذي تتلمذ لبكّار. فلمّا أشرف على بحثيه الجامعيّين الأوّلين" كان يحرص على مناقشة التّصوّر العام والأفكار وجزئيّات التّركيب"(ص46). وأشار الواد إلى أنّ أوّل بحث استعمل المناهج النّقديّة الحديثة هو بحثه الموسوم ب"البنية القصصيّة في رسالة الغفران" بإشراف الأستاذ توفيق بكّار. وهكذا كان له الفضل في إرساء"تقاليد جامعيّة في التّدريس والدّراسة والبحث والتّأطير تجاوز إشعاعها حدود البلاد التّونسيّة" (ص46).
لكنّ بكّار لم يقصر جهوده على البحث والتّأطير داخل أسوار الجامعة ولم يقطع صلته بما يمور في المجتمع بل اختار أن يكون مثقّفا فاعلا يعرّف بأعلام الثقافة التّونسيّة من قبيل المسعدي والشابي والدوعاجي وخريف وفنّانيها من نحو حاتم المكي والسهيلي والقريشي. وقد آلى على نفسه أن يكون مجدّدا في كلّ ما يكتب وما يقول، يرفض القوالب المحنّطة والمناهج المتكلّسة. لذلك استأثر منهجه النّقدي بأهمّ مفاصل الدّراسات الّتي اتخذناها متنا لبحثنا ومنطلقا له.

2– مقوّمات منهج توفيق بكّار النّقدي:

أ – بكّار ناقدا:

الحديث عمّا يميّز منهج الأستاذ بكّار النّقدي حاضر بدرجات متفاوتة وتراوح من الاقتضاب إلى الإطناب ومن الإشارة إلى الإفاضة.فقد لاحظ حسين الواد وهو يدرس "شعريّات عربيّة"، غياب الحديث النّظري عن المناهج النقديّة الحديثة رغم اطّلاع بكار على كتابات أصحابها في الغرب وتمثّلها، وعزا هذا الإحجام إلى أنّ الأستاذ بكّار" لا ينظر إلى المناهج إلاّ من حيث هي وسائل يستعين بها النّظر في ممارسة النّصوص.فالنّص يستدعي المنهج وليس المنهج هو الّذي يتسلّط على النّص."( ص 47). واستنتج أنّ المناهج الحديثة شأنها شأن المناهج التّقليديّة تضيق عن النّصوص. ومن ثمّ تبدو هذه المناهج جميعها قاصرة عن الإيفاء بوفرة النّصوص.
ولئن بدا كلام الواد مقتضبا اقتضاب الفاتحة الّتي وطّأ بها بكّار"شعريّاته" مكتفيا بما أوحت به هذه المقدّمة فإنّ نور الدّين الجريبي (6)، وهو يقارب نصوصا قصصيّة قديمة، ظلّ يعود إلى المسائل النّظريّة كلّما توغّل في التّحليل واستنتج فرادة الأستاذ توفيق بكّار في مقاربة هذه النّصوص. لذا كانت قراءته قراءة المنوّه بعمق ثقافته،المشيد بسعة اطّلاعه على النّظريات النّقديّة الحديثة و المثني على كيفية توظيفها. وقد تُرجم هذا الإعجاب في عديد الفقرات من نحو قوله "...تمثّله المدهش والذّكيّ لآليّات المنهج الإنشائي" (ص 76) أو قوله "إنّ تمثّل المنهج الإنشائي واضح في تطبيقات بكّار، فهو قد هضم مختلف آلياته واستوعبها حتّى أصبحت ملكا له ينتقي منها ما يلائم النّصّ ويُظهر منها مرونة كبيرة في التّعامل معها" (ص76). ويستشهد بتجاوز بكار منهج تودوروف القائم على تقسيم النّص إلى خبر وخطاب وتصرّفه في بعض عناصره أثناء تحليله مقاطع "مثل الرّجل الهارب من الموت" من كتاب كليلة ودمنة لابن المقفّع، ويُضيف في مناسبة أخرى قائلا:" لقد حلّل النّاقد المقامة المضيريّة تحليلا رائعا انطلاقا ممّا يؤكّده الإنشائيّون" (76ص).
وهكذا يستنتج نور الدّين الجريبي تمثّل النّاقد بكّار المنهج البنيوي وتوظيفه"توظيفا يهدف إلى إبراز ماتنطوي عليه النّصوص القصصيّة العربيّة القديمة من قيمة قصصيّة" (ص74)، والتّصرّف فيه وتجاوز اقتصاره على أدبيّة النّص وذلك بطرح البديل المتمثّل في تنزيل الأثر المدروس في البيئة الّتي تفرزه والنّظرفي علاقته برؤية كاتبه الّذي "يقدّر" له أن يكون على هذه الشّاكلة دون غيرها وينفخ فيه من روح عصره فيتأصّل فيه. فالنّص عند توفيق بكّارليس بنية منغلقة على نفسها مكتفية بذاتها بل هو منفتح على آفاق رحبة أسهمت بشكل أو بآخر في نشأته ولم يجد أفضل من البنيويّة التّكوينيّة لقولدمان لسدّ هذه الثّغرة المنهجيّة.ف"تحليل الدّلالة الاجتماعيّة أو الثّقافية يعضد تحليل البنية الشّكليّة.فهما عملان متكاملان يساعدان على الاقتراب من وفرة النّص" (ص 78). وتجلّى هذا التّحليل في نصّي "كلام بكلام للجاحظ و"المقامة المضيريّة" للهمذاني.
خلاصة القول، المناهج عند الأستاذ توفيق بكّار تتفاعل وتتجادل وتتكامل فتخصب الشّروح وتُغني المقاربات وتنمّي الجدل.فهل ظلّت المقاربات تكرّر بعضها البعض أم حمل بعضها الجديد؟
لعلّ أهمّ ما يميّز دراسة الأستاذ خالد الغريبي هو استعانتها بمداخلة شفويّة (7) حدّد فيها الأستاذ بكّار علاقة النّقد بالإبداع واستعرض أهمّ عناصرها وهنا تكمن طرافتها الأولى. أمّا الطّرافة الثّانية فتتمثّل في تقصّي النّاقد أنواع القراءات الّتي اشتغل عليها الأستاذ توفيق بكّار في هذا الكتاب وتحديد خصائصها.فقد لاحظ الأستاذ الغريبي أنّ توفيق بكّار فصّل الحديث عن مصطلحي النّقد والإبداع ومابينهما من اتّصال وانفصال مفهوما (الإبداع خلق واختراع والنّقد تمييز وتثمين وتقييم)،اختصاصا ورتبة (المبدع كاتب مؤسّس مقامه الأوّل والنّاقد كاتب معقّب مقامه الثاني)، ووظيفة (الإبداع تخييل وتشكيل وتعبير، والنّقد تحليل وتعليل وتخيّل وتقدير)،و أداة( الإبداع هو كلام الفنّ والنّقد هو كلام الفكر) (ص44)، إلاّ أنّ هذا الاستقلال يظلّ نظريّا حسب رأي بكّار ذلك أنّ "الإبداع في صميمه نقد، نقد للعالم الّذي نحيا وللأدب الّذي نقرأ وللأشكال الّتي نصوغ" (ص45)، والنّص يقنع بالبرهان كما يقنع ببلاغة البيان،والمبدع يبدع النّاقد بقدرما يبدع النّاقد الكاتب...إلخ"( ص45).
هكذا استحال النّقد إبداعا وتماهت أحيانا الوظائف وتفاعلت نصوص النّقد مع نصوص الإبداع.
ولم يكتف خالد الغريبي بالحديث عن علاقة النّقد بالإبداع عند الأستاذ توفيق بكّار بل دقّق النّظر في المنهج الّذي اتّبعه في قراءة النّصوص الّتي انتقاها في "شعرّياته" فتبيّن له أنّ بكّارا لا يستأنس بقراءة واحدة ولايتقيّد بمنهج وحيد فكانت القراءات تتبادل المواقع أحيانا من نحو الاستعاضة عن"القراءة الحداثيّة للتّراث"ب"القراءة التّراثيّة للحداثي"، وخلص إلى القول بأنّ أربع قراءات تميّز هذا الكتاب استعرضها تباعا وسنوجز القول فيها. فالقراءة الجدليّة الحلوليّة هي "جدلية أفقية بين الكاتب والقارئ وعموديّة بين أسفل النّص وأعلاه"(ص 48)، وأضاف إليها ما أسماه الفرنسيّون"القراءة الحلوليّة" أي الذّوبان في النّص المقروء وذاته الكاتبة"( ص 48). أمّا القراءة التّوحيدية فقد استعار خالد الغريبي تسميتها من كلام توفيق بكّاربعد شرحه قصيد"ياطائرالبان لعنترة إذ خلص إلى القول"فالمغنى والمعنى حركتان متعاقبتان مدّا وجزرا" ثمّ أضاف:"أخشى أن يكون هذا القصيد قد استجاب إلى النّظريّة التّوحيديّة استجابة تفوق الحدّ" (ص 48). وتتمثّل "القراءة الحداثيّة للتّراث" في تجديد القراءة لنصوص التّراث ب"مرجعيّات حديثة متّصلة باللّسانيات وعلم الأصوات وعلم النّص والإنشائيّة البنيويّة والتّوليديّة عموما"(ص 48). وليست القراءة التّراثيّة للحداثي" إلاّ بحثا عن نصوص غائبة ترسّخت في الذّاكرة وتتردّد أصداؤها بين السّطور.ولاأدلّ على ذلك من"لحن غجريّ" لمحمود درويش الّذي"يصدى بأصوات القديم، إلى أوّل المعلّقات ينمى نسبه العريق فيه وقوف واستيقاف على"لاأثر،بكاء بلادموع" (ص 48).
هكذا يبيّن خالد الغريبي أنّ الأستاذ توفيق بكّارليس سجين المنهج الجدلي الّذي اختاره هو نفسه وسمّى به جلّ نصوصه بل ظلّ يبتدع من النّص المدروس المنهج الملائم.فلا إسقاط ولاتعسّف، ولاقوالب جامدة ولا فهم متكلّسا.فالمناهج إحياء للنّصوص وليس قتلا لها.
أجمعت دراسات نور الدّين الجريبي وحسين الواد وخالد الغريبي على أنّ قراءات بكّار للتّراث القصصي والتّراث الشّعري قراءات مبدعة خلاّقة أتت" بما لم يأت به السّابقون" وخلّصت النّقد العربي من الانطباعيّة والمزاجيّة وأحدثت فتحا مبينا في عالم الأدب وعالم النّقد على حدّ سواء، وبيّنت أنّ الإفادة من مناهج النّقد الغربيّة ممكنة إن أجاد النّاقد العربي توظيفها واحترم خصوصيّة تراثه.
لكنّ دراسة نصوص توفيق بكّار لم تقف عند هذا الحدّ. فثراؤها وعمقها وتنوّعها أتاح للدّارسين الكشف عن جوانب أخرى.

ب – لغة الكتابة عند توفيق بكّار:

في الحقيقة كلّما فرغنا من دراسة ونظرنا في أخرى تجلّت لنا جوانب جديدة من خصائص الكتابة عند الأستاذ بكّار. ذلك أنّ التّجديد عنده جامع شامل يبدأ بالمنهج عند البعض وينتهي باللّغة عند البعض الآخر. لذا قصر وديع بن إبراهيم كلامه(8)على اللّغة المستعملة في"شعريّات عربيّة"،وأسلوب الكتابة وفهم الكاتب لظاهرة الشّعر، ودون مقدّمات أعلن الدّارس إعجابه بالأستاذ بكّار منذ مفتتح الدّراسة. ومن ثمّ سيطرت لغة العاطفة والوجدان،وأطلق العنان لمشاعره الجيّاشة للتّعبير عن تقديره للأستاذ بكّار وللحديث عن عمق تفاعله مع القصائد الّتي يدرسها، وانزاح خطاب النّاقد من عالم الأدب إلى عالم الحبّ (عشق وظمأ ووصال وارتواء). فعشق المتيّم المعنّى لا يضاهيه إلاّ عشق بكّار للنّصوص وبراعته في قراءتها. فالنّصوص تسكر وتفتن وتسبي كما تفعل الغواني
وليست هذه التّوطئة إلاّ مقدّمة للحديث عن لغة تميّزت بتأصّلها في عصرها وبقدرتها عل تجديد نفسها وإزالة ما يَشينها،تمتَح من عالم الصّبابة والوجد ومناخات العشق والعشّاق. لغة بكّار حسب وديع بن إبراهيم غانية تتجمّل وتتطرّى وتتغنّج وتنتقي من الفساتين أجملها ومن الجواهر أثمنها لتغري حبيبها. فهي"آسرة فاتنة،نضت عنها قميص المعهود من الألفاظ والصّيغ والكليشيّات البلاغيّة الجوفاء...اللّغة هي معشوقة بكّار الأولى:تغويه ويغويها،تراوده ويراودها، تفتنه ويفتنها.."(ص 30).
وبعد هذه المقدّمة تتبّع وديع بن إبراهيم مفهوم الشّعر عند بكّار وحاصر تعريفاته الّتي توزّعت بين ثنايا النّصوص وتقصّى مقوّماتها وسماتها واستنتج أنّ الأستاذ بكّار"يرى الشّعر في النّصوص كائنا حيّا نابضا له أحوال وصفات، وله أطوار وأسرار" (ص 31). والتّعريف/ القطب الّذي انطلق منه بكار حسب وديع بن إبراهيم هو أنّ الشّعر سرّ( إظهار وإضمار،ضياء وظلال،جهر وهمس). وقد تفرّع عن هذا التّعريف كلّ ما يَسم الشّعر من اختزال وغموض وصمت وانزياح وتخييل وتنغيم...
وبما أنّ للشّعر أطوارا وأحوالا فللكتابة أيضا أسرار. فهي قصّة "في صياغتها سرد وقصّ تكتفي بكلّيات الأفعال دون تفصيل، وتروي مغامرة عشق- يغير فيها بكّار على مفردات الغزل،فيها ما في قصص العشّاق من سعي وصدّ ووصل وهجر وبنّة وأنّة" (ص32). وهي أيضا جسد ولذّة.ذلك أنّ "النّصوص معشوقة والقصيدة جسد: يستعير لها بكّار من مفردات الجسد ما به تستوي حسناء فاتنا لها قوام وجيد ونهد وخصر" (ص32). ومن ثَمّ تستحيل الكتابة شعرا ولذّة على لذّة حسب كلام النّاقد الّذي يلاحظ حضور المعجم الغزلي بكثافة والاستعارات المستوحاة من أعضاء المرأة "وكأنّ بكّار يكتب بجسده وحواسّه. فأدنى لذّته لذّة حسّية وأرقاها لذّة روحيّة عميقة"( ص32).
ولا تنحصرالكتابة عند بكّارفي الجسد واللّذة وسردهما.فالرّجل عميق الثّقافة واسع الاطّلاع على قصص العشّاق والغزل في الشّعر العربي.لذا تحضر في شرحه نصوص تختزنها الذّاكرة ويستدعيها المقام، وتنفتح الكتابة عنده على الفنّ التّشكيلي،و"كتاب الحياة ولغة اليومي والدّارج من العبارات والألفاظ، وهذا اللّون من التّضمين أصبح علامة دالّة على أسلوب بكّار وجماليّة كتابته"( ص33).
توفيق بكّار لا يجدّد المناهج والمقاربات فحسب بل يجدّد لغة الكتابة وأسلوبها.لذا ظلتّ دراساته معينا لا ينضب كلّما قلّبتها كشفت عن سرّ من أسرارها، وأقنعت بعمق مخزونها.ولحسين العوري رأي في هذا الشّأن.

ج – الإيقاع في كتابات بكّار:

اختار الأستاذ حسين العوري دراسة نقطة مخصوصة هي الإيقاع (9) باعتباره سمة مهيمنة في كتابات توفيق بكّار. وقد لاحظ أنّ الإيقاع يتّخذ في كتاباته بعدين اثنين: بعدا إجرائيّا تقتضيه طبيعة النّص المدروس ( الإيقاع الشّعري) وبعدا اختياريّا يأتيه الأستاذ لذّة وافتتانا(ص36). وسنركّز كلامنا على البعد الثّاني لنجلو جانبا آخر من خصائص الكتابة عند الأستاذ بكّار.ذلك "أنّ الانشغال بالإيقاع في النّثرمن المسائل المستجدّة نسبيّا بحيث يُعدّ الكلام فيه بكرا أو كالبكر" (ص39).
واستأنس الأستاذ العوري في بحثه هذا بالأركان الثّمانية الّتي خلص إليها المسعدي في دراسته الموسومة ب"الإيقاع في السّجع العربي"( الازدواج/القافية/ التّعادل عدديّا بين فقرتي السّجعة/ مراعاة طول الفقرتين/ التّرديد/ التّوازن/ المقابلة/ تطويع التّركيب النّحوي لخدمة التّركيب الإيقاعي) (ص ص39،40،41)،وتتبّع نصوص الكتاب ليدعّم كلامه بشواهد تستجيب لكلّ ركن من هذه الأركان. ولم يكتف بذلك بل تساءل عن المسوّغات الّتي دفعت بكّارا إلى"تجشيم نفسه مشقّة الإيفاء بوظيفة إبداعيّة (إنشائيّة) في النّص همّه الأوّل والأخير دراسة أدبيّة نقديّة" (ص41). ورأى أنّ هناك مسوّغات ثلاثة حفزته إلى تبنّي هذا الاختيار وهي ذاتيّة بالأساس من قبيل "إيمان الأستاذ بكّار بعدم الفصل بين النّقد والإبداع، بين العلم والفنّ"(ص41) أو"الاستجابة لهاجس الإبداع والالتذاذ بجمال الصّورة وإيقاع التّركيب..." (ص41) أو الاستعانة بمخزون الذّاكرة والثّقافة المترسّخة فيها وتوظيف هذا التّراث توظيفا جيّدا.
تلك هي، باختزال، الإضافة النّوعيّة الّتي قدّمتها هذه الدّراسة الّتي اشتغلت على مسألة دقيقة تحتاج إلى معرفة دقيقة بنظريّة الإيقاع الّتي قد لا تحظى باهتمام الكثيرين من الكتّاب. لذا ختم الأستاذ العوري كلامه منوّها بإبداع بكّار قائلا:"بكّار شيخ من شيوخ بلاغة العصر..كان نصّه إبداعا على الإبداع يرهف الحسّ ويهذّب النّفس ويربّي العقل..." (ص41).
ولعلّ ثراء المدوّنة النّقديّة عند الأستاذ توفيق بكّار جعلت الدّراسات تتعدّد وتتنوّع ولاتكرّر نفسها بل رأى فيها البعض مشروعا نقديّا يكون منطلقا لسدّ الفراغ الحاصل في النّقد الأدبي العربي الحديث. وهو ماذهب إليه نور الدّين الفلاّح.

3 - توفيق بكّار والمشروع النّقدي:

لاحظ النّاقد نور الدّين الفلاّح (10) أنّ المشروع النّقدي عند توفيق بكّاريقوم على جملة من الجدليّات والثّنائيّات من نحو الوجدان والعرفان والشّكل والدّلالة والقدم والحداثة والنّظريّة والتّطبيق واللّعب والسرّ،واستنتج أنّ هذه الجدليّات مترتّبة على كيفيّة قراءة بكّار النّص الأدبي. لذا توقّف طويلا عند مفهوم القراءة عنده وأبرز أهمّ خصائصها قبل أن يعود إلى الحديث عن مقوّمات كلّ جدليّة من هذه الجدليّات.
وحسب رأي الأستاذ الفلاّح فلا يمكن الحديث عن الجدليّة دون الحديث عن لحظة تأسيس العلاقة بين"الذّات العارفة أي القارئ وموضوع المعرفة أي النّص الأدبي" (ص6). فالنّص يتمّ الوعي به حدسا – وهو ما يسمّيه النّاقد البعد الوجداني- ثمّ ينتقل الفعل النّقدي من صعيد الوجدان إلى صعيد العرفان. والقراءة النقديّة إحياء للنّص وتأسيس للقارئ، وهي قائمة على التّأويل وفكّ رموزه وتفجير طاقته الشّعرية الكامنة فيه وتنمية طاقته الإيحائيّة. وفي كلمة هي الكشف عن أسراره وتجلية مخفيّاته. ومن نتائج هذه القراءة الابتعاد عن الارتساميّة السّاذجة من ناحية وتجنّب السّقوط في العلمويّة البائسة من ناحية أخرى.
وقد قادته جدليّة الوجدان والعرفان إلى الحديث عن جدليّة الشّكل والدّلالة فبيّن أنّ الفصل بين البنية الشّكليّة والبنية الدّلاليّة فصل منهجيّ تقتضيه أساليب التّحليل، فلا استقلال لإحداهما عن الأخرى، وكلّ تحليل للشّكل"هو في نفس الوقت توليد لدلالات النّص وتفجيز لمعانيه"، والشّكل هو الحامل لحركة النّص والمعبّر عن الدّلالة العميقة الكامنة فيه و"ليس شئئا محايدا فيتعاطاه الكاتب بأمان بل إنّ له في حدّ ذاته دلالة"(11)،وله دور خطيرا في تشكّل الدّلالة"
وينتقل من الحديث عن الجدليّة القائمة بين الشّكل والدّلالة إلى الحديث عن جدليّة القدم والحداثة ويتّخذ المسعدي نموذجا للتّدليل على كلامه، ويستشهد ب"حدّث أبو هريرة قال..." الّذي زاوج بين شكل تراثيّ قديم هو "الحديث" وانفتح على نص إبسن النّرويجي فكان نصّا متجذّرا في الأصالة منفتحا على روح العصر.وهذه المزاوجة" أفقدت الشّكل نقاوته التّراثيّة وجعلت النّص مشدودا إلى عالمين موتّرا بين ثقافتين."
وما كان لبكّار أن يدفع بالنّقد الأدبي قدما في تونس ويحقّق مثل هذه "الفتوحات" لو لم يكن مختلفا عن غيره من النّقاد العرب الّذين يقلّدون المناهج النّقديّة الغربيّة تقليدا أضرّ بالدّراسات الأدبيّة. فهو"دائم الحذر لايطبّق مفهوما إلاّ بعد التّثبّت في منابته المعرفيّة وتحديد صلاحيّاته الإجرائيّة على المتن العربي". فهو يستأنس ببعض المفاهيم لكنّه ينسّبها ويطوّعها لخدمة النّص العربي."
وبما أنّ تراثنا النّقدي المعاصر يخلو من نظريّة الأدب والنّقد معا ف"النهاجية الّتي توخّاها بكّار في دراسة الأدب العربي هي في ما آراه المدخل الصّحيح لاستنباط نظريّة حديثة في الأدب والنّقد" (ص6). ومن شروط هذه النّهضة النّقدية الّتي ينشدها الأستاذ الفلاّح القطع مع عقليّة تقديس الوافد من الغرب من ناحية وذهنيّة الحنين إلى أصالة ولّى زمانها من ناحية أخرى.
وهكذا يثني النّاقد على الجهد الّذي بذله توفيق بكّار لبلورة منهج نقدي يلائم خصوصيّة الأدب العربي، ويعتبره مثالا يُحتذى وقدوة يأتمّ النّقاد به "ولعلّ مزيّته تتمثّل في وقوفه بتواضع العالم وشجاعة الباحث فوق أرض التّجريب والاختبار وهي لعمري الأرض الصُّلبة الوحيدة الّتي يمكن أن تتأسّس عليها نظريّة حديثة في الأدب والنّقد"(ص6).
أجمع هؤلاء الدّارسون إذن على أنّ إضافات توفيق بكّار لا تعدّ ولا تُحصى، وعلى أنّ أفضاله على الجامعة والدّرس الأدبي وتأطير الطّلبة والنّقد في تونس علامات تجاوز إشعاعها حدود الوطن. ولكنّ للعملة وجها آخر. فانتقاده سبق تقريظه وبدأ منذ سبعينات القرن العشرين رغم أنّه لم يدم طويلا.

3 - توفيـــــــــــــق بكّــــــار ومنتــــــــــقدوه:

كثيرا ما تُقابل حركات التّجديد بالنّفور والتّحفّظ والرّفض، أو الازدراء والتّهجين فيتجنّد المناوؤون لها بحثا عن عيوب هي حسنات عند غيرهم، ورفضا لأساليب هي ضرب من ضروب التّجاوز عند أصحابها وتشنيعا على رموز هم في الحقيقة حملة راية التّجديد. وتوفيق بكّار رمز من رموز التّجديد.فهو وحركة الطّليعة الأدبيّة بتونس (1968-1972) صنوان متلازمان ارتبط اسمها به واستمدّت أسسها من دروسه وتنظيراته. وبما أنّ لكلّ تجديد أنصارا ومناهضين في آن فقد تباينت المواقف منها وتقييمات جناحها الشّعري "في غير العمودي والحرّ"، ومن كان سندا لها إن تلميحا وإن تصريحا. "فأشعار الطّاهر الهمّامي لحن جديد ينزاد إلى الشّعر التّونسي الحديث وهو سمفونيّة لا تكتمل لن تكتمل" (12) حسب تعبير توفيق بكّار. لكن هذه الإضافة سرعان ما تستحيل خواء وسباتا دام سنوات هي عمر حركة الطّليعة حسب تعبير محمد صالح الجابري (13).وشعراء الطّليعة، هذا الجيل الّذي كان له موعد مع التّاريخ (14) حسب تعبير بكّار أضحى أصواتا جديدة مستهجنة" عشّشت في ظلال هذا الصّمت،ورفعت عقيرتها بالدّعوى إلى شعر"تجريبي" وأعلنت دونما تهيّب أوخشية انتهاء جيل من الشّعراء ألصقت به كلّ ما يَشين ويغيظ.."(15).
هكذا كان توفيق بكّار حاضرا بالغياب واكتفى الجابري بالرّد عليه تلميحا لا تصريحا وأبان عن موقف يرفض التّجديد ويتشبّث بالموروث
ولا يختلف موقف محي الدّين خريف كثيرا عن موقف الجابري. فهو لا يعتبر شعراء الطّليعة جزءا من المسار الشّعري في تونس إذ يقول:" في هذه الحقبة بالذّات ظهرت في تونس جماعة غير متقيّدة بحدود ودخلت السّاحة بدون إدراك لمفهوم الحمل الفنّي فجاءت بسلخ من الشّعر خال من الصّناعة الفنية،منفصل عن التّراث، غامض في التّصوّر والرّؤية الحضاريّة" (16).
يمثّل الجابري وخريف وغيرهما تيّارا نقديّا كلاسيكيّا ومحافظا يعتبر حركة الطّليعة الأدبيّة نشازا وخروجا عن المألوف وتشويها لمسار شعري متأصّل في ثقافته العربيّة الإسلاميّة ومشدود إلى منابعه الأصليّة قديما وحديثا،ويرى في الأجيال الشعريّة السّابقة النّموذج الأمثل والأفضل ومن الضّروري الاقتداء بها.
ولئن صبّ هذا التيّار جام غضبه على الفاعلين دون أن يسمّي المشجّعين فإنّ الجماعة الّتي تحلّقت حول مجلّة" الباحث"( تيّار ذو نزعة بعثيّة) أدانت الحركة ومن يقف وراءها.ومن البديهي، في هذه الحالة، أن توجّه أصابع الاتّهام إلى الأستاذ توفيق بكّار إذ جاء في أحد الملفّات المخصّصة للشعر التونسي، وهو يتحدّث عن حركة الطّليعة، ما يلي:" وقد كان للجامعة وللأستاذين توفيق بكّار وصالح القرمادي تأثيرا كبيرا[ كذا !] في طلبة قسم العربيّة وقد شنّا حملة تشكيك شملت كلّ ما هو عربي وكان هذا ردّ فعل سلبي على هزيمة حزيران 1967. شجّعا [ كذا !] الأستاذان هذا التيّار ودعّماه بتدريسه في السّنة الرّابعة نهائيّة (قسم العربيّة) في الوقت الّذي لم يقع تدريس شاعر كبير كبدر شاكر السيّاب أو شعراء المقاومة الفلسطينيّة. والمقدّمة الّتي كتبها توفيق بكّار لديوان الحصار تؤكّد رعاية هذا الأخير لهذه الحركة الشّعريّة" (17.)
وهذا الكلام ليس حديثا عن الشّعر ولاهوتقويم لشعرية مدوّنة هذه الحركة بل هو موقف إيديولوجي مجانب للصّواب لا يدين الأستاذ بكّار وشعراء الطّليعة الأدبيّة بقدر ما يدين أصحابه، وهو فهم غير سليم لعلاقة المحلّي بالقومي. فالمسألة، في جوهرها، هي كيف يتفاعل الشّعر مع الواقع ويواكب تحوّلاته ويعبّر عن ديناميكيّة الحياة بجماليّة مخصوصة. والأستاذ توفيق بكّار متجذّر في الثّقافة العربية الإسلاميّة ومنفتح على ثقافة الآخر ومواكب لأحدث إبداعاتها. وتلك آثاره تدلّ عليه.

خاتمــــــــــــــــــة:

تلك هي جوانب من شخصيّة توفيق بكّار الإنسان والأستاذ والنّاقد استقاها طلبته وزملاؤه لاحقا من دروسه وكتاباته وعلاقته بهم وحبّهم له وكأنّ ما كتبوه ردّ جميل. وهو في الحقيقة إشادة بقامة من قامات الأدب التّونسي الخالدة تنضاف إلى قائمة الرّموز الثّقافيّة الّتي أفنى الأستاذ بكّار عمره في التّعريف بها والإعلاء من شأنها حتّى لا يغمرها النّسيان ويلفّها الإهمال.
توفيق بكّار كاتب مبدع وناقد متميّز وحداثي بلا منازع أرسى دعائم الحداثة في الدّرس الأدبي في الجامعة التّونسيّة ووثّق ذلك حسب ما جاء في مقال صدر له منذ منتصف التّسعينات إذ يقول:" فالمطلوب منّا أن نكون عربا محدثين لا أشباح غرب مضحكين، واختراع ذاتنا من جديد يتوقّف على مدى باعنا في الإبداع، إبداع الأشياء، إبداع الأسماء، إبداع العلوم والفنون، فإن لم نبدع بدعوا بنا وقد فعلوا بعد. وللحديث صلة في دراسة مطوّلة عن الحداثة في الأدب: حركة" التّجديد الأدبي" في تونس نموذجا"(18) (ص ص49-50).

المــــــراجـــــــع:

1) خصّت صحيفة "أخبار الأدب" (المصريّة) الثّقافة التّونسيّة بملف متنوّع الفقرات واختارت من وجوه النّقد الأدبي أربعة أسماء هي، على التّوالي،توفيق بكّار ومحمود طرشونة ومحمد صالح بن عمر ومحمد اليعلاوي- 8 نوفمبر 1998 ص11.
2) انظر كلمات...في الرّواية العربيّة وفي الحائز على جائزة القاهرة للإبداع الرّوائي عبد الرحمان منيف- التّقرير النّهائي للجنة التّحكيم جائزة القاهرة للإبداع الرّوائي. وتتكوّن هذه اللّجنة من يمنى العيد- رضوى عاشور- محمود أمين العالم- الطيب صالح- توفيق بكار- فيصل درّاج- فتحي غانم- عبد الحميد حواس، مجلّة "الطّريق" ( اللبنانيّة) العدد2- السّنة السّدسة والخمسون-آذار- نيسان/ مارس- أفريل 1998 ص ص132-133.

3) خالد الغريبي: توفيق بكّار ناقدا مبدعا- الحياة الثقافية" عدد133 مارس 2002.
4) الشّاهد مأخوذ من كتيب" مع توفيق بكّار في الموجود والمنشود" إنجاز حسن بن عثمان، دار سراس للنّشر، تونس 1990 ص17
5) حسين الواد: نظرات في "شعريّات عربيّة" لتوفيق بكار، " الحياة الثّقافيّة"، عدد125 السنة26،ماي 2001.
6) نور الدين الجريبي: قراءة النّص القصصي القديم من منظور بنيوي: أعمال توفيق بكّار نموذجا- مجلّة" الآداب" ¾- آذار( مارس)،نيسان ( أبريل) 1996 –السّنة44
7) مداخلة شفوية للأستاذ توفيق بكار استشهد بها الأستاذ خالد الغريبي
8) وديع بن إ براهيم: عشق النّصوص وكشف الأسرار(قراءة في "شعريّات عربيّة" لتوفيق بكار) "الحياة الثّقافية"، عدد124، السّنة26،أفريل 2001
9) حسين العوري: مسألة الإيقاع في بعض كتابات الأستاذ توفيق بكّار، الحياة الثقافية، عدد178، ديسمبر 2006.
10) نور الدين الفلاّح: جدليّة الوجدان والمعرفة في تجربة توفيق بكّار النّقديّة - الكتابة الأدبيّة تقوم في رأيه على اللّعب والسرّ – جريدة"الصّباح" الثلاثاء 4ديسمبر1990
11 الشاهد لبكار من مقال صدر1986 بمركز الأبحاث العربية -بيروت
12) تقديم توفيق بكّار لديوان الحصار للطّاهر الهمّامي- الدّار التّونسية للنّشر 1972ص12.
13) محمد صالح الجابري: دراسات في الأدب التّونسي- الدّار العربيّة للكتاب- ليبيا-تونس 1978.
14) توفيق بكار: م.س.
15) الجابري: م.س.
16) ندوة الأقلام في تونس: التيّارات الجديدة في الشّعر التّونسي - مجلّة "الأقلام" (العراقية)- عدد12 ، 1980
17) ملف الاتّجاهات الشّعرية في تونس إعداد بوجمعة الدّنداني، عبد المجيد بن عمر، الصّادق الهيشري، مجلّة "الباحث" (التّونسيّة)- العدد الثّاني- السّنة الثّانية أكتوبر 1981.
18) توفيق بكار: عن الحداثة في المجتمع والثّقافة-اسم الحداثة دون صورتها وجسمها- ورقات ثقافية- العدد9- السّنة الأولى- الجمعة 11/3/1994، أعيد نشر هذا المقال في مجلّة"البديل عدد4/5 السّنة الثّانية2013. والشّاهد مأخوذ من المجلّة.

نُشرت هذه الدّراسة بمجلّة" الفكريّة"( تونس)/ السّنة الخامسة- العدد34- ماي-جوان 2017 ص ص 51-56.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية في اللغة الانكليزية


.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر




.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة


.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي




.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة