الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحن و التراث

مصطفى عبداللاه
باحث

(Mustafa)

2022 / 5 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التراث هو الإرث الذي تركه لنا الأجداد يحكي لنا كيف عاشوا وكيف كانت رؤيتهم للأمور والحياة ، والتراث بدوره لا ينفصل عما قبله من تراث أدنى منه زمنا ، ولا يوجد تراث ظهر بشكل إعجازي أو ساقطاً من السماء ، بل هو امتداد لما قبله وبناء عليه وافقاً لمتطلبات عصره (السياسية و الأجتماعية و الأقتصادية) ، فلا يمكن أن نفهم ظهور والفكر و الدين والحضارة إلا من خلال الإرث الذي سبقها ، فظهور الحضارات لا يفهم الا من خلال سابق قبل ذلك من اكتشاف للزراعة وبداية الاستقرار وبناء القبائل ثم المدن ثم الممالك ثم الدول ، ولا يمكن أن نفهم سبب ظهور العقائد الدينية بنصوصها المؤسسة لها إلا من خلال دراسة الواقع الذي سبقها و أدى اليها، فلا يمكن فهم عقيدة الخلود المصرية (العقيدة الأوزيرية) وأسباب نشأتها إلا من خلال ما حدث قبيل ظهور تلك العقيدة من طغيان للملوك واحتكارهم للخلود الأبدي و تسخير المصريين لبناء المقابر العملاقة من أجل الخلود فيها الأمر الذي تطور إلى ثورة مصرية انتهت بظهور وهيمنة عقيدة الخلود الأوزيرية التي لا تفرق في خلود الأرواح بين الملوك وعامة الشعب ، و أن تكلمنا عن أسباب ظهور اليهودية ونصها المقدس التأسيسي ( العهد القديم ) وجب علينا دراسة الواقع الذي عايشه الشعب اليهودي قبل ذلك من تدمير مملكة يهوذا وسبي الشعب بأكمله في عهد نبوخذ نصر مما أدى فيما بعد إلى ظهور ما يعرف بالتوارة التى تأثرت بالعقائد السومرية والبابلية بل و أختراع تاريخ كامل لهم حتى يضعوا أنفسهم في مصاف الأمم ، والمسيحية التي هي أمتداد للفكر اليهودي ظهرت تمرداً على جمود الشريعة اليهودية في ظل أوضاع مؤسفة تحت الأحتلال الروماني بل وتأثرها الشديد بالعقائد والمفاهيم الدينية الرومانية ، وأن تحدثنا عن الدين الأسلامي فلا يمكن فهمه و فهم شريعته الا في ظل الوضع العربي في شبه الجزيرة أن ذاك الذي كان يتطلع الى دولة مركزية واحدة تجمعهم بدلاً من التناحر والتفكك القبلي الأمر الذي ادئ الى أنتظر النبي المنتظرالذي سيوحد تلك القبائل بأمر من الله لان الوعي العربي ادرك أن هذا لان يحدث الى بصيغة النبؤة، وقد حدث بظهور الصادق الأمين النبي الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، وما تلى ذلك من تدوين لتراث أسلامي ليلبي حاجة الدولة الأسلامية الجديدة ، وما حدث في تلك الدولة من ترجمة للتراث اليوناني والبناء عليه الأمر الذي أستعان به الأوروبيون بعد ذلك قبيل عصر النهضة ، وعليه فأن لا يمكن أن ندعو الى هجر التراث والتقليل من شأنه فلابد أن نراعي الإطار الزمكاني الذي نشأ فيه ذلك التراث والأغراض التي نشأ من أجلها ، ولكن تكمن المشكلة عند من يريد أن يقف في وجه عجلة التاريخ من يطالب بمحاولة إعادة نموذج الماضي والسير على خطى الأجداد ، فبدلاً من أن نقرأ التراث وفق ظروف نشأته أصبحنا نقتطع التراث من جذوره وسياقه وندعو الى السير خلف هذا التراث بدلاً من تطويره ، فالتراث و أي تراث مهما كان فكري أو ديني هو أبن ظروفه وسياقه فلا يمكن أن نقف عنده لأننا بذلك نقف أمام عجلة التاريخ بل أول ما نقف ضده هو مفهوم التراث ذاته ، فالتراث وكما صرح دكتور سيد القمني قبل ذلك هو موضع للمعرفة وليس مصدراً لها ،مشكلتنا ليست في التراث بدل في طريقة تعاطينا مع ذلك التراث ، وأن كل دعوة تدعو إلى هجر التراث والتخلص منه لا تختلف كثيراً من تلك التي تدعو إلى تقديسه والسير على دربه فالاثنين يفكرون بنفس الطريقة ويتعاطون مع التراث بما لا يحتمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح


.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة




.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا


.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س




.. كل يوم - د. أحمد كريمة: انتحال صفة الإفتاء من قبل السلفيين و