الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاشة مهرجان كان السينمائي - فيلم - توري ولوكيتا - قصة مؤثرة حول الصعوبات التي يواجهها المهاجرون عند وصولهم إلى أوروبا

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2022 / 5 / 27
الادب والفن


شاشة مهرجان كان السينمائي

فيلم " توري ولوكيتا " قصة مؤثرة حول الصعوبات التي يواجهها المهاجرون عند وصولهم إلى أوروبا

علي المسعود

عاد الاخوان لوك وجان بيير داردين إلى مدينة كان ، وقد سبق لهما الحصول على السعفة الذهبية مرتين ، حدث هذا في عام 1999 عن فيلمها "رويتا " ، والثانية عام 2005 عن فيلم " الطفل " . يعود الأخوان هذه المرة بقصة مؤثرة عن الاتجار بالبشر في بلجيكا ، والذي سبق له وأن تناولها في فيلمه " الوعد " عام 1996 . ألأخوان جان بيير داردين ثنائي صناعة أفلام بلجيكي وهما يكتبان وينتجان ويخرجان أفلامها معًا ، ويشار إليهما مجتمعين باسم الأخوين داردين . تُظهر أفلام الاخوان داردين الشباب على هامش المجتمع - المهاجرين والعاطلين عن العمل وسكان الملاجئ. هذه الهوية الفنية التي نتعرف إليها في الحال هي التي جعلت من هذين البلجيكيين صاحبي هوية سينمائية فريدة داخل ما يمكن أن نسميه سينما الواقعية الاجتماعية الحديثة . آخر فيلم لهم هو "الشاب أحمد "، الذي شارك في فعالية مهرجان كان لعام 2019 وفاز بجائزة أفضل مخرج . وناقش تأثير الجماعات الاسلامية المتطرفة على عقول الشباب . في فيلمها الجديد – توري ولوكيتا – الذى عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي يوم الثلاثاء الماضي ، الذي يدور حول اثنين من المهاجرين الذين وصلوا مؤخرًا إلى أوروبا. سيضطر الاثنان إلى التكيف مع صعوبات الحياة في البلد الجديد من خلال اللجوء إلى الحيل غير القانونية ، والتي تصطدم في عدة مناسبات بواقع قاسي ومثير للاشمئزاز. توري (بابلو شيلز) ولوكيتا (مبوندو جويلي) هنا شقيقان مزعومان وقعا ضحيتين لاستغلال العمالة المفرط والاعتداء الجنسي والاتجار بالمهاجرين في المجتمع البلجيكي. وكلاهما جاء من أفريقيا. لوكيتا مراهقة صغيرة وتبلغ من العمر 16 عامًا ، وهي من الكاميرون وتحاول إرسال الأموال القليلة التي تكسبها لعائلتها. من ناحية أخرى ، توري طفل يبلغ من العمر 11 عامًا ، وهو من بنين التي هرب منها بعد أن كان ينظر إليه على أنه ابن ساحرة. قصتهم هي قصة صداقة حتى لو تظاهروا بأنهم إخوة. حياتهم الجديدة في بلجيكا مليئة بالصعوبات. تتعرض لوكيتا للاضطهاد من قبل الكنيسة الأفريقية التي أحضرتها إلى هناك ، فهي بحاجة إلى وثائق تصريح الإقامة الذي حصلت عليه توري بالفعل. يستغلا كلاهما من قبل لطاهي في المطعم حين يستخدمهما كسُعاة لتجاره بالمخدرات . وهما سجناء شبكة تهريب البشر ويتم استغلالهما. المعضلة التي تواجهه الاثنان هو الحصول على المال لتمويل أوراقهما وسداد أموال المتاجرين بالبشر وحتى الكنيسة لم يسلموا من إستغلالهم . مع عدم وجود خيارات أخرى ، ويعملون لدى طاهٍ ، بيتيم (ألبان أوكاج) ، الذي يستخدم المطعم الذي يعمل فيه كغطاء لأعمال البيع المخدرات. توري ولوكيتا هم من يقوم بتوصيل الطلبات إليه ، وينزلون أكياسًا بيضاء صغيرة من الحشيش أو الكوكايين في الشقق كما لو كانوا يقومون بتوصيل البيتزا. كما أنهم يغنون الكاريوكي في المطعم ، ويؤدون أغنية تقليدية لجذب الجمهور ، وهي رمز مؤثر لبراءتهم . يقدم الفيلم لأول مرة لوكيتا وهي تجلس في مكتب الهجرة البلجيكي وتجيب على الاسئلة التي تتعلق عن حياتها في بنين ، وأسباب قدومها إلى أوروبا وعلاقتها مع توري الأصغر ، الذي تدعي أنه شقيقها. من الواضح أنها تخفي شيئًا ما ، ولتجنب نوبة الذعر ، يكفي أن نقول إن كلا الطفلين يجدان نفسيهما في مواقف خطيرة للغاية مع أشخاص أكثر خطورة ...بهدف تمثيل دراماتيكي للاستغلال والمشقة التي يتعرض لها النازحون .
توري ولوكيتا" الفيلم الجديد الذي كتبه وأخرجه جان بيير ولوك داردين ، يتم تصوير كل شيء كما لو أن شخصًا ما كان يتابع الأطفال بكاميرا ، مما يمنح الفيلم مصداقية أكثر ، توري (بابلو شيلز) ولوكيتا (جولي مبوندو) أطفال مهاجرون يعيشون بمفردهم في مدينة غير مسماة في بلجيكا. إنهم من بنين والكاميرون ، وهم يقدمون أنفسهم على أنهم أخ وأخت ، اللذين التقيا على متن القارب القادم من غرب إفريقيا ، هما حقًا مثل الأخ والأخت. إنهم يعيشون معًا في منشأة تابعة للدولة ويهتمون ببعضهم البعض ، تحاول لوكيتا إقناع موظفي الهجرة البلجيكية بقصة هروبها وإضطهادها كي تحصل الاقامة وبالتالي يمكنها العمل بوظيفة تؤمن لها حياتها مع أخيها توري وكذالك ، هدفها هو إرسال الأموال إلى والدتها في الوطن في بنين وتامين احتياجات مدراس واخوتهم وادوية والدتهم (لديها خمسة أشقاء في الكاميرون) ، لأن هذا هو السبب الكامل لمجيئها في المقام الأول. . عندما رفض طلب اللجوء في المقابلة الثانية ، تشعر لوكيتا باليأس، وتقبل عرض العمل الذي قدمها لها رئيسها الذي يملك نشاط تجاري في زراعة الحشيش مقابل تزويدها أوراق مزورة ، وفي منطقة بعيدة ومعزولة ، لكنه في الأساس سجن بدون اتصال بالعالم الخارجي ، وعندما تفشل موافقة الدولة على أوراق العمل ويرفض طلبها، يكون خيارها الوحيد هو الحصول على أوراق مزورة من خلال رئيس العمل الطاهي "بيتيم "، توافق على العمل لمدة ثلاثة أشهر ، معصوبة العينين خارج المدينة إلى مبنى مخصص لزراعة نباتات الماريجوانا ، تم تجهيزه بشكل متقن ليكون بلا نوافذ. مجرد المساحات الداخلية الضيقة والخانقة - الممرات المظلمة السميكة بالعزل ، و سرير متسخ وميكروويف ، ندرك أن المكان سيكون مخبأ ـو زنزانة ، إخوة وصداقة حميمية تربط توري مع لوكيتا لذا يظل يبحث عنها ، وفي الحين ذاته يواصل عملية ايصال المخدرات الى الزبائن حتى يعثر عليها في احدي المزارع . وحينما يقررا الهرب ، تاتى رصاصة أحد الشركاء في المزرعة والذى لا يريد ان ينكشف أمره وتصيب الفتاة لوكيتا، مقتل لوكيتا ، هذه الخاتمة وكأن المخرجان يفتحان النهاية على كارثة إخري سيذهب اليها هذا الصبي . هذه التحفة السينمائية للاخوين داردين تمثل سينما الصدمة وسينما النقد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لمعاناه والم وغربة وعذابات المغتربين من كافة الجنسيات ، والذين يتورطوا في الاعمال الغير قانونية أو في الجريمة من اجل البقاء والعيش والحصول على الاوراق الرسمية . ومن خلال حكاية "توري ولوكيتا" تنكشف لنا الرسالة التي أرادا الاخوان داردين إيصالها في هذا الشريط السينمائي ، وهي :( أن أوروبا التي تتبجح في الحريات والديمقراطية وحقوق ألانسان تسد أبوابها بوجه هؤلاء المهاجرين الباحثين عن السلام والامان فيها ، ومن ناحية أخرى ، ومن ناحية أخرى تجبرهم على اللجوء إلى اللاشرعية من أجل البقاء . ويصبحوا فرائس للعصابات أو الجريمة المنظمة) . نظرة لوك وجان بيير داردين إنسانية وكريمة. إنهم يعلمون أن مستقبل توري ولوكيتا مظلمة مثل بشرتهم ، وأن فرصهم في عيش حياة عمل قانونية ولائقة ضئيلة ، إن لم تكن معدومة تقريبًا ، لكنهم يظهرون لنا أن هناك جانبًا آخر من جوانب حياتهم أيضًا: نزاهتهم ، قوتهم الحيوية ، تضامنهم المتبادل ، إيمانهم بمستقبل أفضل ، التفاؤل الذي يحتاجون إليه لمواصلة العيش - دون الانهيار - في الظروف التي يعيشون فيها. هذا هو السبب في أن هذا الفيلم المدمر والمتفائل في نفس الوقت (بدون أي تلميح للعاطفة) يجعلنا نرى بطريقة مختلفة الواقع الذي نعيش فيه والذي لا نرى منه في كثير من الأحيان سوى أفظع الوجه وأكثرهم همجية ، متناسين كل شيء. جمال وكل القوة الحيوية التي بها يدافع الضحايا عن الأرض الوحيدة التي لا يمكن أن تؤخذ منهم . يصور الاخوان داردين افلامهما بشكل واقعي ، فهما ليسا ناقلان للحياه علي الشاشه، بل انهما يخلقان الحياه علي الشاشه كما فعلاً تقتنصها أعينهما ومشاعرهما، تاثر الاخوان داردين في مسيرتهما الاخراجيه بنشاتهما ، فخلقا أفلاماً عن أٌناس مهمشين فعلاً . يرسم الاخوان داردين في مهرجان صورة مؤثرة وصادمة لواقع اللاجئين القادمين الى أوروبا غير المرحب بهم . يظل الأخوان داردين صادقين مع أنفسهم في تصوير(توري ولوكيتا ) وهم معتزين بكرامتهم ، ويلتقط إيماءاتهما في عالم قاسٍ ، وقبل كل شيء ، يُظهران دائمًا إصرار البراءة في نظرهما. إنه إثبات لتلك البراءة في عالم خالٍ من البراءة حيث يوجد مفتاح الفيلم. يتخطى ألاخوان داردين كل السينما الاجتماعية ويثبتا مرة أخرى أنهما صناع أفلام رائعون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى