الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الدعاة الجدد

عطا درغام

2022 / 5 / 28
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


لعل المتأمل للمشهد الديني الإسلامي في مصر حاليا يقف بدهشة مبالغ فيها أمام المشهد الكلي،وأمام التفاصيل أيضًا في صدارة المشهد يبدو الدعاة الجدد كأهم ظاهرة إسلامية يشهدها المجتمع المصري حاليًا بعد انحسار نشاط التنظيمات الراديكالية العنيفة ومراجعاتها الفكرية التي أعلنت فيها عن تخليها عن العنف كوسيلة لتغيير المجتمع.
وفي ضوء حالة من الركود يشهدها المجتمع علي مستويات السياسة والاقتصاد والمجتمع المدني أيضًا وفي ضوء حالة الحصار المفروضة علي جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها جماعة تفتقر للشرعية علي المستوي السياسي الرسمي.
في ضوء كل هذا تبدو ظاهرة الدعاة الدينيين الجدد كجزء مهم جدًا من المشهد الديني والاجتماعي وربما السياسي في مصر.
وفي خلفية المشهد سنري العديد من التفاصيل ذات العلاقة بالمكون الرئيسي للمشهد( الدعاة الجدد) هذه التفاصيل عديدة ،هذا مايُغري بمحاولة وضعها في سياق واحد..بدءًا من شعار السينما الجديدة الذي رفعه مجموعة من الكوميديين الجدد في آواخر التسعينيات قاصدين به ذلك النوع من الأفلام الذي يخلو من مشاهد الجنس والقبلات والعلاقات المحرمة اجتماعيًا ،ويعتمد بشكل رئيسي علي الإضحاك، ومرورًا بصيحات الطب الإسلامي والعلاج بالحجامة والطب النبوي التي يشارك في التنظير لها علماء يحملون شهادات علمية يعتد بها ،ويستجيب لها جمهور ينتمي للشرائح العليا من الطبقة المتوسطة ، وهو جمهور لا ينقصه الوعي ولا المال للاعتماد علي الوسائل الطبية الحديثة للعلاج.
لكن هناك ما يُغريه باتباع ذلك النوع من العلاج ربما ضمن حالة حنين كلي لماضٍ مثالي يشَّكل مهربًا من واقع مظلم..من التفاصيل في المشهد أيضًا أشياء أخري مثل فرق الموسيقي الإسلامية والأفراح البرجوازية التي تكتسي بالصبغة الدينية ،وعروض الأزياء الإسلامية التي تنظمها عارضات أزياء ومقدمات برامج يعلمن المرأة كيف تكون متدينة وجذابة في الوقت نفسه.
وكيف يمكن أن تُغري الرجال دون أن تتورط في مخالفات دينية فيما يتعلق بالمظهر الشرعي للمرأة، فضلًا عن ظاهرة المعالجين النفسيين والاجتماعيين الإسلاميين الذين يتلقون شكاوي المراهقين والشبان المتدينين ويخبرونهم كيف يمكن أن يحلوا مشكلات الحب والغيرة وخلافات الآباء مع الأبناء في إطار إسلامي.
ورغم أن النصائح من هذا النوع قد لا تختلف سواء كان الإخصائي النفسي إسلاميًا أم لا ، إلا أن إصرار الطرفين علي منح ما يتحدثون عنه صبغة إسلامية يفتح الباب أيضًا للتساؤل حول الدافع لذلك..وبالقرب من ذلك أيضًا يمكن أن نلمح ظواهر مثل الريجيم الإسلامي والصالونات النسائية الإسلامية التي استبدلتها الكثير من نساء المجتمع الراقي بجلسات النميمة في حدائق النوادي الكبيرة.
وبشكل أو بآخر فإن الاقتصاد يبدو حاضرًا بقوة في كل تفاصيل هذا المشهد الديني الجديد سواء عبر رجال الأعمال الذين يتولون رعاية ودعم وتقديم الدعاة الجدد أو عبر شركات الكاسيت الإسلامي التي يملك الدعاة الجدد أجزاءًا منها،والتي تحقق أرباحًا طائلة من خلال أرقام مبيعات كبيرة لمجموعة من الدعاة الجدد مثل عمرو خالد الذي كانت مجموعاته هي الأعلي مبيعا في معرض القاهرة الدولي الكتاب.
ويبدو الاقتصاد حاضرا أيضًا ،وبقوة من خلال الخطاب الديني الذي يوجهه الدعاة الجدد لجمهورهم،وهو خطاب يبارك الثروة ،ويجعلها دليلًا علي رضا الله ،ويعتبر أن تنميتها هي فعل من أفعال التقرب إلي الله .
وإذا دققنا النظر في الجمهور نفسه سنجد أنه جمهور كبير ومتعدد ، لكن النسبة الغالبة والحضور الأكبر يبقي للشبان والشابات المنتمين للشرائح العليا من الطبقة الوسطي وهم مؤهلون تأهيلًا علميًا جيدًا،ومعظمهم مهنيون ناجحون يعمل معظمهم في مجالات البنوك وشركات الاتصالات والفروع المصرية للشركات الغربية وبشكل أو بآخر؛ فإن هؤلاء يشكلون النخبة القادمة في مصر- وإذا كان الأمر لا يخلو من دلالة سياسية ؛فإنه أيضًا يعني أن الاقتصاد يبقي حاضرًا وبقوة لدي كل أطراف اللعبة (الرعاة والدعاة والجمهور).
من هم الدعاة الجدد؟! وفيم يختلفون عن غيرهم من الأزهريين الذين نعرفهم جميعا؟ وما الموضوعات التي يطرحونها ؟! وهل أصبح ظهورهم المطرد يشَّكل ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل؟!
يحاول هذا الكتاب الذي يحمل عنوان (ظاهرة الدعاة الجدد) للكاتب وائل لطفي، أن يقدم لنا إجابات شافية، وأن يحدد تعريفات جامعة لهذه الظاهرة التي طرأت علي المجتمع المصري في الآونة الأخيرة،واستطاعت أن تفرض نفسها علي الساحة نظرًا لاطرَّدها: إذ إن أولئك "الدعاة الجدد"..استغلوا جميع الوسائل المتاحة لنشر أفكارهم ،وتمكنوا من التعامل مع أدوات الحداثة ومنجزات التكنولوجيا الحديثة،ومع نتائج العولمة علي المستوي الاتصالي والمعرفي؛ فتوغلوا في الفضائيات ومواقع الإنترنت.
والمؤلف في هذا الكتاب يحاول أن يرصد ويحلل تلك الظاهرة ،ويؤكد علي أن هؤلاء الدعاة الجدد يختلفون شكلًا ومضمونًا عن أولئك الدعاة التقليديين؛فلا يلتزموا بزيهم التقليدي،ولا بلغة الخطاب التراثية القديمة،ولا بالموضوعات-التي يصفها المؤلف- بانها قد تهم المتحدث أكثر مما تهم السامع،كما أن المؤلف وهو يرصد هذه الظاهرة يؤكد علي أنهم (الدعاة الجدد) دعاة أخلاقيون في المقام الأول؛يتبنون فكرة الإصلاح من أجل المجتمع؛لانهم يهدفون للوصول إلي مجتمع متدين،دون مخاطرة الانضمام لجماعة من الجماعاتنودون لن يتصدي لما هو سائد أو العداء مع (أي أنهم يتحمسون لفكرة الإسلام الاجتماعي وليس السياسي)،وأنهم يقدمون دروسهم بأسلوب جديد يعتمد علي الإلقاء بطريقة درامية متميزة تصل بالمتلقين إلي درجة عالية من المتعة والتشويق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران