الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا النخب القديمة تعادي مشروع قيس سعيد؟

عزالدين مبارك

2022 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية





لم يعد خافيا على الجميع ما وقع في تونس طيلة حكم النهضة لأكثر من عشر سنوات من التخريب الممنهج لأركان وأسس الدولة من أجل التمكين وخلخلة مفاصلها خدمة لأغراض شخصية ضيقة وسيطرة الحركة الإخوانية على السلطة والثروة تحت غطاء نظام برلماني هجين تحول بوجود الغنوشي على رأسه إلى مقر رئيسي للحركة ثم إلى سيرك وحلبة صراع إغريقية وديمقراطية شكلية مزيفة للتهريج والمغالبة تحت ظل دستور هجين قد على المقاس من أجل سيطرة الإسلام السياسي على السلطة والبلاد فلا هو يؤسس لنظام برلماني ولا لنظام رئاسي فقد فتت السلطة التنفيذية وجعلها خاضعة للبرلمان الذي تتحكم فيه النهضة بالكامل وخلق صراعات سياسية طاحنة بين الفرقاء السياسيين وصلت حد الاغتيالات وانتشار الفوضى مما أدخل البلاد في أزمة مستفحلة في غياب محكمة دستورية يمكنها الفصل في الخلافات التي وصلت إلى حد إفلاس الدولة واضمحلال كيانها.
وكنتيجة لهذا الوضع المتردي وتفاقم الأزمة الإقتصادية والإجتماعية هبت الجماهير الشعبية يوم 25 جويلية 2021 مطالبة بثورة تصحيحية وبنظام سياسي جديد فعال وينقذ البلاد من الوضع المزري الذي وقعت فيه البلاد فتلقف ذلك الرئيس قيس سعيد بكل شجاعة وأنقذ البلاد من حمام دم بإعلانه الحالة الاستثنائية استنادا على الفصل 80 من دستور 2014 وقد بارك الجميع هذه الخطوة الجريئة منظمات وطنية وأحزاب ونخب ماعدى النهضة ومن يدور في فلكها.
وخوفا من تمركز السلطة بيد الرئيس وهو يحكم بالمراسيم بعد تجميد البرلمان الذي وقع حله في ما بعد طالبه المجتمع المدني بالداخل وكذلك المجتمع الدولي بتحديد خارطة طريق مفصلة للعودة للحالة الطبيعية وهذا ما تم بالفعل أواخر سنة 2021 بحيث سينجز دستور جديد يتجاوز هنات دستور 2014 يستفتى عليه شعبيا في 25 جويلية 2022 ثم القيام بانتخابات برلمانية في 17 ديسمبر 2022.
وبعد أن توضحت الأمور وبدأ الشروع في ترتيبات إنجاز مسودة الدستور الجديد عن طريق لجنة استشارية يرأسها العميد والخبير في القانون الدستوري الأستاذ الصادق بلعيد اعتمادا على مشاورات مع المنظمات الوطنية وخبراء الدستور والقانون بالجامعة التونسية وكل كفاءة يمكنها الإفادة في الموضوع ظهر التردد والتشكيك والتململ وكأن هناك من ضغط على زر فجأة وإذا كان موقف النهضة والأحزاب التي تدور في فلكها معروفا مسبقا فلا يمكن تفسير مواقف الأحزاب التقدمية واليسارية وخاصة المنظمة النقابية والنخب الجامعية التي ارتأت عدم المشاركة في المشاورات الدستورية ومنهم من يدعو لمقاطعة الاستفتاء والانتخابات بعد أن رحبوا بكل قوة وهللوا وساندوا إجراءات 25 جويلية من سنة 2021.
فأغلب الظن وأرجحه أن النخب القديمة والفاعلة الآن على الساحة السياسية والمنظمات والأحزاب والتي عايشت و تفاعلت وتعاملت مع الأنظمة السابقة من بورقيبة إلى النهضة مرورا ببن علي تخاف من شعبية قيس سعيد واستقلاليته ونظافة يده وجرأته الغير مسبوقة فهي تتوقع أنه سيمضي إذا نجح في الاستفتاء وتم إرساء نظام رئاسي قوي في عملية تنظيف ومحاسبة واسعة النطاق للبلاد تطال الجميع وخاصة الأحزاب والمنظمات والنخب النافذة والتي استغلت مناصبها فتغولت وذلك على مدى عقود طويلة.
فمعاداة مشروع قيس سعيد بدون سبب جوهري واضح لا يعدو أن يكون إلا خوفا من احتمال محاسبة في المستقبل أو خضوعا لقوى أجنبية لا تحبذ وجود شخص على رأس الدولة التونسية لا يستجيب لإملاءاتهم ولا يسمح بالتدخل في شؤون البلاد الداخلية والدليل على ذلك تزامن مواقف النخب الأخيرة من الدستور والاستفتاء مع مواقف بعض الدول الغربية والضالعة في ما يسمى بالربيع العربي ومماطلة صندوق النقد الدولي في منح تونس ما تستحق من تمويل لإنقاذ اقتصادها من الانهيار والتي كانت المنظومة السابقة سببا فيه.
فهذه النخب الكسولة والتي تسترزق من الريع الإداري والكلامي في المنابر الاعلامية والمقاهي تنقصها مع الأسف الشجاعة الفكرية لتلتقط اللحظة الحاسمة وتدخل التاريخ من بابه الكبير تريد أن تعود بنا إلى الوراء إلى ما قبل 25 جويلية 2021 ودولة الغنوشي الإخوانية تاركة المجد والعزة لقيس سعيد فمن المحتمل بشعبية شبابه الجارفة أن ينتصر عليهم جميعا لأنه يعمل لمصلحة تونس العظيمة وهم يعملون لمصالحهم الخاصة وهذا هو ما يحدد النتيجة في النهاية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل