الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زُهوركِ وحدها الحقيقيَّة

ملاك أشرف
كاتبة ادبية

2022 / 5 / 29
الادب والفن


(1)

أبحثُ عن سببٍ واحدٍ لكي أعودُ إلى البيتِ
وفي كُلِّ مرّةٍ أعود دون أسبابٍ؛
لأنّي يجب أن أعودَ وأغلقُ البابَ
فأترك النّافذة مُشرَعةً لِيتطايرُ ما بي بسبب الهَوَاء
وأحبُ الزِّحام الّذي يؤخرني عن العودةِ وإغلاق ذلك الباب،
وأحيي الإشارة الحمراء الّتي تعرقل سَيرنا
وذلك السّائق المُتَهور الّذي يغلقُ الشّارع ويُسبب الفوضى، والإبْطَاء
أكون في هَالَةِ تأمل للسماءِ والزّهورِ وأَزِقة المدينة
أمّا عقلي فيكتبُ تلك القصيدة غير القابلةِ للاِنتهاء
وفي الأخير أصلُ للبيتِ وأغلقُ ذلك الباب،
فيتمنى الفُؤاد لو أنّي قد مت في الزِّحام
وأغادرُ الحياة..
لكنّ يتذكر أنه يرغبُ بالموتِ في البحار،
فاطمأن للفكرةِ وراحَ يقرأ وأهملَ الزِّحام
حيثُ بعدها تحوّل التّأمل إلى تَحدِيقٍ
لذلك القفرُ
وبلوغ شأوي المُحدِق
أعرفُ إن الأماكن الّتي سافرتُ لها وأشعرتني بالغُرْبةِ
هي اليوم تمنحني الأمان ولن تكونَ مَنْفاي،
هذا البيت والفناء هما من باعاني
بعد أن ظنّنتُ أنّي لا أُباع ولن أرتحلَ يومًا مهما حاولَ الزَّمان
ورغم كُلّ هذا أتطلعُ لزيارة البحرِ وملء داخلي فرحًا واِمتنانَ
لكي أرحلُ وأنا أزهو كالبحارِ وفُؤادي يُحققُ المُراد

(2)

أحملُ بين يدي العديد من الزّهورِ
الّتي قد تكون مُهداة من أحدٍ ضمن دائرة مشواري
وفي النّهاية أعودُ خالي الوِفاض
لا أحملُ شيئًا سوى يدي الخاويتين
أترك الزّهور على الطّاولةِ
لعابرٍ حزينٍ أو منسيّ،
للرياح الّتي تهبُ بغتة فتحملها وتطوفُ بها في الأرجاءِ
وحين تسأليني عن زهوركِ
فستكون معي قد عادتْ للبيتِ
هي وحدها من تعودُ وتكتنفها تلك الحُجرة
فتزهرُ ويصبحُ فيها ضياءً
من شدّةِ الوجيفِ ولمعةُ العينِ الأَغُر!
زُهوركِ وحدها الحقيقيَّة
وما أعطاهُ الآخرين كذبة نِيسان،
نِيسان الّذي باتَ قريبًا جدًا
قريبًا جدًا كما نحنُ الآن

(3)

سأبقى جالسًا في المقهى المُعتاد
وأضعُ زهرةَ الكرنب وأتخيلها في براغ،
في حين إن الكرسي سيبقى ساكنًا دون حِراكٍ
وأطلبُ من كُلِّ مارٍ أن يتركهُ وشأنهُ؛
لأنّ لديّ موعدٌ ما،
موعد كأنّهُ في مقاهي ستراسبورغ
بعيدًا عن صخبِ هذا المقهى الهالِك
الّذي سيغدو كمثلِ تلك المقاهي
أن حضرتي في الموعدِ المُبجلِ،
ورمقتُ البهاءَ، المُماثل لاوفيليا
أو الّتي يُقال عنها الرَّزَانَ
لا تتركيني،
لا تتركيني أعودُ إلى ذلك البيتِ
من دونِ زهرةٍ أو لقاءٍ؛
فأغلقُ البابَ وأعالجُ ذاتي التّعسة
بالقراءةِ والتّخلي عن براغ وستراسبورغ
وإقناع الفُؤاد إن هُناك زهرة تحملها الرّياح
وتعودُ مرّةً أُخْرى وتطرقُ الباب
ذلك الباب المُغلق الّذي أغرقني
في الظّلمات، وحَرمَ الزّهور من الإتيَان.
وحدهُ البحر مَن سيمحي ما كانَ
ويُرضي الفُؤاد، الّذي باتَ يُشبَهَني بنِيسان
ولا يُصدق إنّني يومًا سوف أَتَخَلى
وأغادرُ الحياة..
لابدّ أن أعودَ وأغلقُ البابَ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب