الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعدد الزوجات بين العلمانية والدين

ماجد الحداد

2022 / 5 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ترددت يومين قبل كتابة هذا المقال التحليلي لحساسيته ، وطرحه في اتوموسفير من التعصب والقولبة الدينية والايدلوجية لدى الشرق اوسطيين عموما والمسلمين خصوصا متدينيهم وعلمانيهم .
لكن وجدت انه لا مانع لوضع نقطة نظام في هذا الامر .

استغرب من كثير من الزملاء العلمانيين وكلي احترام لهم ولمجهودهم ولما يقدمونه من تنوير _ وليس كلهم _ بدلا من مطالبتهم انه يجب تنحية الحكم الديني عن الحياة الاجتماعية المشتركة كما تنادي به العلمانية في مثل قوانين الأسرة. ووضع قوانين مدنية جديدة تناسب هذا العصر ومكتسبات المرأة فيه .
او حتى يتبنون فكرة تعطيل العمل بالنص الديني كما يطالبون دائما بالاقتداء بفعل عمر ابن الخطاب في تعطيل النصوص الغير مناسبة لكل عصر وللظروف الحالية .
وأرى ان كلام رجال الأزهر حيال الامر والذي يسخر الجميع منهم كلام في مكانه الديني ولن يتزحزح . لأن النص واضح . كل ما يمكن لرجل الدين ان يفعله هو ان يوافق على ((( الإفتاء بتعطيل العمل بالنص لا بتغييره او ترقيعه ))) .

وتلك من مزايا العلمانية فهي تتحرى ما يفيد المجتمع في موقف ما وظرف ما بناء على معطيات علمية واجتماعية هي ما تحدد اختيار لقانون بعينه ، وتترك الدين في حاله .
لأن العلمانية ليست منوطة بتغيير الدين بل دراسته ووضع دوره الحقيقي للعلاقة بين الإنسان وربه فقط .
( انتم اعلم بشؤون دنياكم ) .

ولذلك سأحاول توضيح الأمر ((( دينيا ))) مادام الجميع يصر على استخراج الحل من الدين وليس من الواقع المعاش الآن .
ولأن العلم له راي مختلف عن كل هذا الهرج ، ولكن يحتاج لمقال بحثي مطول لن يلتفت اليه إلا المختصين ، ولأن الدين يلهب مشاعر الجميع ويثيير اهتماهم .

كثير ما نجد من يجتزؤون نصوصا دينية واضحة لا جدال فيها بأي ترقيع أو تاويل . ليس لأن النص واضح وضوح الشمس فقط . بل لأن كل الظروف الانثروبولوجية المحيطة بزمن النص تؤكد على قصد النص في التعدد . وهي ثقافة عند العرب وعند غيرهم في فارس ومصر والاغريق واسكندافيا والشرق الاقصى حتى اليابان إبان الحرب العالمية الثانية _ كل ثقافة وكل شعب بطريقة _ ولم تكن جديدة على الابراهيميات كما يعلم الجميع في التوراة . لكن ما فعله القرآن هو انه جعل التعدد بعدد محدد بدلا ما هو عدد مطلق . لكن اعاد اطلاقه في غير الحرائر بعدد مطلق في ملك اليمين !!! .
فعند التعامل مع النص الديني يجب ان تعامِل اسباب النزول ولغة قومه وحالتهم الثقافية والانثروبولوجية وحال من يؤمنون بهذا النص وكلام المؤسسة الدينية التي ترعاه ، ولا تطلب منهم المستحيل ، مثلما يحاول المثليون في بعض الدول اجبار الكنيسة على الاعتراف بزواج المثليين . مخالفة بذلك نصوصا صريحة في الكتاب المقدس يرعاها الآباء والبطاركة والمؤمنون بها بدلا من الاكتفاء بالزواج المدني .

تعالَ لنقرأ الآية :
"وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا" (3) سورة النساء
والسبب في تلك الاية قولان كما قال القرطبي كلاهما يتفقان على الحفاظ على اموال اليتيمة التي في حِجر وليها . وتم تقليل عدد الزيجات من الحرائر التي هي قد تصل لعشرة اما اولهما :
" حدثنا الحسن بن الجنيد وأخبرنا سعيد بن مسلمة قالا. أنبأنا إسماعيل بن أمية، عن ابن شهاب، عن عروة قال: سألت عائشة أم المؤمنين فقلت: يا أم المؤمنين، أرأيت قول الله: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء "؟ قالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة تكون في حجر وليها، فيرغب في جمالها ومالها، ويريد أن يتزوجها بأدنى من سنة صداق نسائها، فنهوا عن ذلك: أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا فيكمِّلوا لهن الصداق، ثم أمروا أن ينكحوا سواهن من النساء إن لم يكملوا لهن الصداق ".
وأما التفسير الاخر :
" حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن سماك قال، سمعت عكرمة يقول في هذه الآية: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى "، قال: كان الرجل من قريش يكون عنده النِّسوة، ويكون عنده الأيتام، فيذهب ماله، فيميل على مال الأيتام، قال: فنـزلت هذه الآية: " وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء " .
وكلا التفسيرين يتناسبان مع سياق الآية ويفسر نصفها الاخر عن ملك اليمين وتوضيح السبب الحقيقي وراء تحديد لاربعة كأقصى حد ، وترك ملك اليكيم بأعداد مطلقة في كلمة " و ذلك أدنى ألا تعولوا " .
يعني كل القضية تخفيف الالتزام على الزوج او عائل اليتيم " .

يعني ان خاف الرجل عدم العدل في زوجاته الحرائر فليكتفي بواحدة ، او يتمتع بكل ملك يمينه من الإماء بغير شرط عددي كما يشاء . لكن لا يتزوج حرة الا واحدة ان خاف تحقيق العدل . لان الحرة لها مهر و نفقة والتزامات رعاية وكسوة ... الح غير الأََمَة ملك اليمين.

والاجتزاء النصي منهم ايضا في استخدام آية :
" وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا " (129) سورة النساء .
الفاء رابطة لجواب شرط مقدّر ، وكلمة (لا) ناهية (كل) مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه أضيف إلى المصدر (الميل) مضاف إليه مجرور .
اما عن الفاء في كلمة ( فتذروها كمعلّقة ) الفاء في فتذروها _ اي فتتركوها _ فاء السببية .
وفي تفسير الاية واسباب نزولها :
" قد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا ابن أبي شيبة ، حدثنا حسين الجعفي ، عن زائدة ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة قال : نزلت هذه الآية : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) في عائشة . يعني : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن ، من حديث حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل ، ثم يقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " يعني : القلب .
لفظ أبي داود ، وهذا إسناد صحيح ، لكن قال الترمذي : رواه حماد بن زيد وغير واحد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة مرسلا قال : وهذا أصح .
وقوله ( فلا تميلوا كل الميل ) أي : فإذا ملتم إلى واحدة منهم فلا تبالغوا في الميل بالكلية ( فتذروها كالمعلقة ) أي : فتبقى هذه الأخرى معلقة " .

إذا السبب الحقيقي في السماح ببعض الميل وليس كل الميل في الا تذروها كالمعلقة _ موضحة بقاء السببية _ يعني لا هي متزوجة ولا هي مطلقة ، وبالتالي تلك الآية لا تنسخ الآية الاولى في ( انكحوا ما طاب لكم من النساء … (…
وهذا هو الناسخ والمنسوخ الذي نرفضه جميعا اليس كذلك ؟
لماذا سنعتمد الآن فكرة النسخ في تلك الاية بالذات ونعترض على نسخ آيات آخرى بدلا من تبني التعطيل والتفعيل لأحكام الآيات حسب الظروف ؟

العللمانية لا تبحث عن تغيير الدين او تركه او للدعوة للإلحاد
العلمانية تدعو لتحكيم العلم اولا ومصلحة الإنسان حسب ظروفه ، وحماية كل انسان له معتقد من تغول احدى المعتقدات الاخرى للمواطنين عليه ، او تغول سلطة دين او رجل دين على مجتمع متنوع الأديان والطوائف والأيدولوجيات .
سيحترم المتدين العلمانية عندما يجدها تعطيه حلولا افضل ، وتساهم في رفاهيته وراحته دون الحرج الذي قد يضعه امامه رجال الدين بالإلتزام بأحكام لا تناسب عصره ، وفي نفس الوقت سيحترم العلمانية اكثر عندما يحدها رغم ذلك تحافظ على دينه دون المساس بقدسية نشأته القديمة التي توارثها .
أما عن راي الابحاث العلمية في قضية التعدد فهي لن تعجب لا العلماني الغير باحث ولا المتدين الدوجمائي كالعادة .
لذلك هذا ليس وقت نشره . وسينشر في وقت لاحق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد