الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنجار العراق: تمرد عسكري لقوات اليبشة ام تصدع خطوط الصراعات الإقليمية.

يوسف محسن

2022 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


سنجار العراق:
تمرد عسكري لقوات اليبشة ام تصدع خطوط الصراعات الإقليمية.


صحفي استقصائي وباحث عراقي اصدر (موسوعة الحرب الأهلية الطائفية في العراق ... ميليشيات شيعية وسنية وسلفيون جهاديون وقوميون نزاع الأيديولوجيات الشوفينية المسلحة (2017-2003) 4 مجلدات ، يركز في اعماله البحثية على موضوعات الطائفية وسياسة الهوية والنزاعات الدينية والجماعات المسلحة . [email protected]


التطورات الاخيرة التي حدثت في قضاء سنجار العراقي جاءت على خلفية قيام قوات وحدات مقاومة سنجار (اليبشة) (بالكردية: Yekîneyên Berxwedana Şengalê‏) اختصارا (YBŞ) بشن هجوم مسلح استهدف آمر لواء بالجيش بالعراقي. وقطع عدد من الطرق التي تربط ناحية سنوني وخانصور مع المجمعات والقرى المجاورة، ونصب حواجز على هذه الطرق، ومنع الحركة بين هذه المناطق، على الرغم ان وحدات مقاومة سنجار (اليبشة) تنتمي الى الفوج الـ80 للحشد العشائري، التابع لهيئة الحشد الشعبي. والمرتبطة ايديولوجيا بحزب العمال الكردستاني، حيث قتل جندي وأصيب اثنان بجروح من القوات الاتحادية خلال الاشتباكات وهم منتسبين لقيادة عمليات غرب نينوى. في حين أعلنت سلطات إقليم كردستان العراق أن أكثر من 4 آلاف شخص نزحوا من قضاء سنجار المجاور إلى داخل حدود الإقليم الشمالي نتيجة الاشتباكات.
منذ تحرير القضاء من تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش) لا يزال الوضع الأمني في سنجار هشا، إذ يشهد معقل الأقلية الإيزيدية، التي تعرضت للقتل والتهجير و حملة ابادة جماعية و الاغتصاب والاختطاف والاسترقاق،على يد تنظيم الدولة، اشتباكات متفرقة بين الجيش والمقاتلين الإيزيديين، وتتهم وحدات حماية سنجار الجيش بأنه يريد السيطرة على منطقتهم وطردهم منها، في حين يريد الجيش العراقي تنفيذ اتفاقية بين بغداد وأربيل، تقضي بانسحاب حزب العمال الكردستاني والحشد الشعبي وجميع المسلحين من القضاء. من اجل (إرساء الاستقرار وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها). وكان آخر تعداد سكاني لقضاء سنجار (84,338 نسمة) وفق إحصاء العام 2014، أغلبيتهم من القومية الإيزيدية وأقلية من العرب والتركمان.
تقع سنجار في الأراضي المتنازع عليها وهي من المناطق المختلطة عرقيا في شمال العراق، منطقة مجزأة بخطوط صدع عرقي وطائفي وقومي، إذ أنها موضع نزاع دستوري بين بغداد واربيل، وقريب من الحدود السورية – التركية. والمدينة العراقية الأخيرة الواقعة على الطريق السريع التجاري 47 الذي يربط بين الموصل وسوريا. وثالث أكبر الأقضية العراقية مساحة وتقع على بعد 110 كيلومترات غربي الموصل و50 كيلومترا من الحدود السورية، إذ تحدها محافظة الحسكة من جهة الجنوب الغربي. موقعها الإستراتيجي المشرف على حدود مشروعين كرديين (إقليم كردستان) في العراق و(روجآفا) في سوريا، ودخول حزب العمال الكردستاني التركي وتشكيل ميليشيا محلية تعرف باسم (وحدات مقاومة سنجار) في العام 2014 مرتبطة ايديوجيا بهذا الحزب، وانتشار الجماعات الشيعية المسلحة (كتائب الإمام علي)، و(كتائب حزب الله) و(لواء الطف)، و(سرايا الخراساني) لتأمين الطريق الذي يربط الجماعات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني بين العراق وسوريا. فضلا عن هيمنة الحزب الديموقراطي الكردستاني في العراق على اجزاء من القضاء، والنزاع التركي – الايراني، جعلها مكان للفوضى والتنافس والنزاع من قبل الجماعات المحلية والقوى الأجنبية والمنظمات الإجرامية والمتمردين للهيمنة والتنافس ويعد جزء من النزاع العربي الكردي إلايزيدي الشيعي، في ظل صراع إقليمي جيوسياسي تركي إيراني اميركي متعدد الأبعاد لتقاسم النفوذ والثروة النفطية في شمال العراق. حيث يسيطر حزب العمال الكردستاني التركي على جبل سنجار بمفرده، رافضا أي مشاركة لقوات أخرى معه، ما يجعل الجيش العراقي غير قادر على الوصول إلى الجبال المحيطة بالقضاء. وعلى الرغم من ان الجماعات الشيعية ناشطة في المدينة، لكن الإدارة الداخلية تتبع وحدات حماية سنجار، التي تعد الذراع المحلي لحزب العمال الكردستاني. وجاء اتفاق سنجار (9 تشرين الأول 2020) هدفه الرئيسي المتمثل بإخراج (حزب العمال الكردستاني) وقوات (الحشد الشعبي) من سنجار نتيجة تآكل شرعية الطبقة السياسية العراقية ، والأزمة الاقتصادية- الاجتماعية، ومنازعة صعود الميليشيات المسلحة لسلطة الدولة، فضلا عن تأثر العراق بمشروع الهيمنة الإيراني- التركية وصراعات المحاور الإقليمية والصراع الإيراني- الأمريكي. حيث شهد العراق انقلابا في التحالفات الداخلية والخارجية بعد الانسداد السياسي نتيجة الانتخابات المبكرة الاخيرة وعدم تشكل حكومة واستمر حكومة تصريف الاعمال، وتقارب مصالح تركيا مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وحكومة إقليم كردستان، بينما تتزايد المؤشرات على تحالف بين الحشد الشعبي المدعوم من إيران وحزب العمال الكردستاني المسيطر في سنجار.

المجتمعات الايزيدية
تعرض اليزيديون والأكراد في سنجار الى معاملة وحشية على يد حكومة البعث خلال سبعينات وثمانينات القرن المنصرم، فنزح سكان الأرياف إلى قرى جماعية بائسة عرفت بالمجمعات. وبعد سقوط صدام حسين، بقي معظم اليزيديين داخل هذه المجمعات التي كانت قد تحولت إلى بلدات ووقعت تحت السيطرة السياسية والوصاية الأمنية لـ (الحزب الديمقراطي الكردستاني)، القوة الكردية المهيمنة في الجزء الشمالي من (إقليم كردستان العراق). أما المناطق الريفية في سنجار فقد تولت الفرقة الثالثة للجيش العراقي ضبط الأمن فيها كما يوضح مايكل نايتس. في حين كان الأيزيديون هدفًا لحملة تعريب نظمها نظام (البعث) تحت مسمى الإصلاح الزراعي منذ 1969. وتعرض الأيزيديون مرارا للاعتداءات بسبب معتقداتهم، قام صدام حسين بترحيل الإيزيدين بالقوة من منازلهم التقليدية بالقرب من جبال سنجار إلى قرى اسمنتية البناء في مناطق فقيرة بالموارد ، ومنحهم أسماء عربية و أجبرهم على التحدث بالعربية و ليس الكردية .هذا فقط أحد الأمثلة على التاريخ الطويل لإضطهاد الإيزيدية و التي غالبا ما تنبع من سوء فهم لدينهم . ولا يتفهم الكثير من جيران الإيزيدين للإختلاف الأساسي بين قصتهم و أسطورة الشيطان. في العام 1975 ولغرض إخماد الصراع المسلح للأكراد بقيادة مصطفى البارزاني الذي كان يُدعم من شاه إيران محمد رضا بهلوي وقع العراق اتفاقية الجزائر مع إيران، للتفرغ لمواجهة المتمردين من الأكراد واليزيديين، ومواجهتهم بعدة عقوبات ومنها القمع والتهجير وتدمير القرى وإبعاد السكان والترحيل. كان حجم النزوح في الشمال خلال منتصف عقد السبعينات يحدث في معظمه في منطقتي شيخان وسنجار على الرغم من أنه شمل أيضا مناطق أخرى تمتد الى بلدة خانقين. أدت الإجراءات القمعية ضد التمرد الكردي التي نفذتها الحكومة بعد اتفاقية الجزائر عام 1975 إلى اشتباكات جديدة بين الجيش العراقي والمتمردين الأكراد في عام 1977. وفي عامي 1978 و 1979 أحرقت 600 قرية كردية وهجرت نحو 200 ألف كردي إلى أجزاء أخرى من العراق. ركز برنامج التعريب على نقل العرب إلى محيط الحدود العراقية – السورية، كانت الحكومة البعثية مسؤولة أيضا عن إخراج 70 ألف كردي على الأقل من النصف الغربي من الموصل ما جعل غرب الموصل منطقة عربية سنية كاملة. وفي سنجار في أواخر العام 1974 أمرت لجنة شؤون الشمالية بمصادرة الممتلكات وتدمير معظم القرى اليزيدية واستيطان السكان بالقوة في المدن الجماعية الإحدى عشرة التي تحمل أسماء عربية والتي شيدت من 30 إلى 40 كيلومترا شمالا أو جنوب سنجار أو أجزاء أخرى من العراق. هدمت ودمرت حوالي 137 قرية إيزيدية في هذه العملية. بالإضافة إلى ذلك عربت خمسة أحياء في مدينة سنجار وفي العام 1975. أُخلي 413 مزارعا كرديا مسلما ومزارعا إيزيديا من أراضيهم من قبل الحكومة وألغيت عقودهم الزراعية وحل محلهم مستوطنون عرب. في شيخان في العام 1975 تعرضت 147 قرية من أصل 182 قرية للتشريد القسري في حين سلمت 64 قرية للمستوطنين العرب في السنوات التالية. تم تشيد سبع مدن جماعية في شيخان لإيواء النازحين الأيزيديين والكرديين في القرى العربية. في عقد التسعينيات استؤنف توزيع الأراضي على المستوطنين العرب واستمر التوزيع حتى سقوط نظام البعث في عام 2003. في التعدادين العراقيين لعامي 1977 و 1987 أجبر اليزيديون على التسجيل كعرب ومنذ منتصف السبعينيات من القرن الماضي كان التحدث بالكردية محظور. كان الأساس القانوني لتدابير التعريب البعثي هو قرار مجلس قيادة الثورة رقم 795 الصادر في عام 1975 والمرسوم رقم 358 لعام 1978. حيث سمح بمصادرة ممتلكات وبطال سندات الملكية التي ينتمي إليها الأكراد والأيزيديون وتأميم أراضيهم تحت سيطرة وزارة المالية العراقية وإعادة توطين المنطقة من قبل العائلات العربية.


تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش )
يعتبر قضاء سنجار الواقعة غرب الموصل موطنا تاريخيا لأغلبية ايزيدية الى جانب قسم من العرب السنة وعدد من التركمان والمسيحيين. وكان القضاء تحت سيطرة حكومة الاقليم الكردي منذ سقوط النظام البعثي العام 2003 وملفها الأمني بيد البيشمركة حين هاجمها مسلحو داعش، بدا تنظيم الدولة شن هجومه في 3 آب 2014 على مدينة سنجار وسيطر عليها بالكامل، ثم ارتكب إبادة جماعية ضد سكان المدينة الإيزيديين، وتم قتل 5000 من الرجال وأسر سبعة آلاف امرأة وطفل، رافقها نزوح جماعي للسكان الأيزيديين لجبل سنجار. وتم العثور على أكثر من ثمانين مقبرة جماعية، ومازالت 2800 من النساء والفتيات الإيزيديات في عداد المفقودات. (حيث تكفر بعض الملل والمذاهب الاسلامية الإيزيدية ولا تعترف بها ضمن الأديان السماوية الثلاثة). وما زال 360 ألف شخص يعيشون في مخيمات للنازحين، ويتهم اهالي سنجار ان بيشمركة الحزب الديمقراطي الكردستاني هم من سلم القضاء الى داعش حيث تم إصدار أمر للبيشمركة بالانسحاب دون إطلاق رصاصة واحدة، وقد لعب مقاتلون تابعون لحزب العمال الكردستاني التركي الجناح السوري دورا كبير وأمنت هذه القوات ملاذا آمنا للمدنيين اليزيديين في جبل سنجار، (هذا الملاذ هو عبارة عن طية جبلية محدبة تمتد على طول أربعين كيلومترا وتقع على ارتفاع 700 مترا تقريبا فوق السهول المحيطة بالقضاء) واستطاعوا فك الحصار عن آلاف الأيزيديين عندما اقتحمها التنظيم، شكل اليزيديون (وحدات مقاومة سنجار) التي تلقت الدعم من الجناح المسلح لـ (حزب العمال الكردستاني) و(وحدات حماية الشعب) الكردية السورية المجاورة، مؤلفة من 3500 عنصر من متطوعين أيزيديين للدفاع عن المدينة قبل أن يتم إلحاقها رسمياً بقوات الحشد الشعبي وهي مرتبطة أيديولوجيًا بحزب العمال الكردستاني .
بدأ تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد (داعش) وشن ضربات جوية على مقاره بالعراق وسوريا، وبالتزامن مع ذلك تقدمت قوات البيشمركة الكردية مدعومة بعناصر حزب العمال الكردستاني (pkk) وميليشيات (الحشد الشعبي) ما أدى إلى فك الحصار عن جبل سنجار وتحرير سنجار في 13 تشرين الثاني 2015 ، حيث سيطرت قوات البشمركة الكردية التي يقدر عددها 7500 التابعة لإقليم كردستان العراق ووحدات حماية الشعب الكوردية (ypg) السورية ، بمشاركة الحشد الشعبي والميليشيات الإيزيدية وعناصر حزب العمال الكردستاني، وبإسناد من القوات الأمريكية وتقاسمت هذه القوى السيطرة على المدينة وترتيب أوضاعها الأمنية والعسكرية في ظل غياب تام لقوات الجيش العراقي والحكومة المركزية ببغداد.
وقد استطاع حزب العمال الكردستاني بعد تحريرها من السيطرة على هيكلية المدينة من ثم الانسحاب من مركز القضاء العام 2018 والتموضع في جبل سنجار بعد أن استطاع هذا الحزب من فرض نفوذه الأمني والسياسي فضلا عن العسكري في مختلف مناطق وقرى القضاء. كما وظهرت ميليشيا يزيدية أخرى (قوة حماية إيزيدخان) التي عملت بشكل منفصل بعض الشيء عن (حزب العمال الكردستاني) قبل أن تقع في النهاية تحت سيطرة البشمركة التابعة لـ(الحزب الديمقراطي الكردستاني). تعرضت مدينة سنجار الى الشتات المجتمعي بعد العام 2003 وسقوط النظام البعثي حيث تم استبعاد مجموعة كبيرة من العشائر من القرى التابعة لسنجار بحجة أنهم سكنوا هذه المنطقة من أجل تعريبها وفي العام 2015 تم تفريغه من أغلب القبائل العربية (السكان المسلمين) بعد استعادته، من تنظيم الدولة لاسيما أولئك الذين يرتبطون بعشائر اتهمت بمساندة حملة (التنظيم) ضد الإيزيديين. في كتاب (الفرمان الأخير) يوضح الباحث سعد سلوم طبيعة المجزرة الإيزيدية فيقول (شكل سبي النساء الإيزيديات واغتصابهن من مقاتلي داعش نوعا خاصا من الهجوم، أستخدم كوسيلة للتطهير العرقي لتحقيق أهداف تتعدى مجرد الاعتداء على النساء واستخدامهن كسلعة في سوق نخاسة في القرن الحادي والعشرينكان استخدام النساء في الحرب بهدف الترويع والاذلال الجماعي لأقلية دينية والحط من كرامتها، وأيضا بهدف التأثير على التكوين العرقي لهذه الأقلية، وبذا ينتمي هذا الفعل إلى سلسلة (الفرمانات) التي حاولت استئصال الإيزيدين وتغيير عقيدتهم والتأثير على تكوينهم العرقي والديني المتميز) ادى استعادة سنجار العام 2015 الى تنافس جهات فاعلة عراقية وغير عراقية ، فضلاً عن عسكرة الاهالي وتفتيت النخب ومنع عودة النازحين.

الاستفتاء الكردي
شهدت المناطق المتنازع عليها التي تتألف من 14 منطقة إدارية موزعة على محافظات كركوك، نينوى، ديالى وصلاح الدين، تغييرات أمنية وسياسية كبيرة منذ حزيران 2014 بعد انهيار الجيش العراقي، حيث خضعت معظم تلك المناطق لسيطرة داعش، بعد ذلك تمكنت قوات البيشمركة من توسيع مناطق نفوذها قبل أن تعود القوات التابعة للحكومة الاتحادية مسنودا بالحشد الشعبي جراء التوتر بين الإقليم والحكومة الاتحادية على خلفية استفتاء الاستقلال العام 2017. على الرغم ان البرزاني أعلن بشكل متكرر أن هذه المناطق باتت الان كردستانية وستبقى في أيد كردية. في 16 أكتوبر 2017 انسحبت قوات البشمركة الكردية من سنجار دون قتال واستعادت الحكومة العراقية السيطرة عليها بعد حشد عسكري عراقي مدعوم من قبل إيران وتركيا إستمر 48 ساعة على حدود المدينة، وذلك إثر اعتراض بغداد على استفتاء حق تقرير المصير الذي تم إجراءه بإقليم كردستان العراق بنهاية 2017 وأسفر عن موافقة أغلبية سكان الإقليم على الانفصال عن العراق وإعلان دولة مستقلة ما آثار مخاوف من تقسيم العراق. الأمر الذي أدى انسحاب البشمركة من كافة المدن العراقية التي انتشرت فيها خلال محاربتهم لتنظيم داعش، وبقيت سيطرت ميليشيات الحشد الشعبي وعناصر العمال الكردستاني فقط علي سنجار، وهذا الوضع لم يؤدي لاستقرار سياسي أو أمنى بالمدينة لأنه تم استبدال احتلال داعش للمدينة باحتلال الميليشيات، التي ارتكبت عدة جرائم ضد سكان المدينة منها قيام الحشد الشعبي باضطهاد السنة والتغير الديمغرافي ضدهم، كما اتخذ حزب العمال الكردستاني مقرات له في سنجار ما هدد الأمن القومي العراقي والتركي نظرا لميول الحزب الإنفصالية، وذلك في ظل غياب أي موقف عراقي رسمي ضد تلك الممارسات.
وقامت الحكومة العراقية بتنصيب مسؤولين جدد في قضاء سنجار مكان المسؤولين المنتخبين الذين انسحبوا من المنطقة إلى محافظة دهوك عند تقدم القوات العراقية. وتوجد حالياً إدارتان محليتان لسنجار، إحداها تم تعيينها من سلطات الحكومة الاتحادية، والثانية هي الحكومة المنتخبة والتي تقوم بتسيير أعمالها من محافظة دهوك. يقول مايكل نايتس ولكن ما حدث بعد ذلك ربما قد فاجأ الأتراك. فلبضع سنوات كانت الرواية السائدة في أنقرة وأربيل هي أن بغداد وطهران تدفعان الأموال/الرواتب لـ(وحدات مقاومة سنجار) وتدعمانها عبر مطار القامشلي الخاضع لسيطرة (وحدات حماية الشعب). ومع ذلك، عندما تقدمت قوات (الحشد الشعبي) نحو جنوب سنجار، ظهرت أدلة على تضارب الأهداف. فقد بدأت وحدات (الحشد الشعبي) في استدراج المجندين اليزيديين بعيداً عن (وحدات مقاومة سنجار)، بينما بذل (حزب العمال الكردستاني) و(وحدات حماية سنجار) كل ما في وسعيهما لمنع انتقال هؤلاء العناصر. وكما أشار ماثيو باربر، (هناك مجال واحد يتفق فيه الخصمان اللدودان (الحزب الديمقراطي الكردستاني) و(حزب العمال الكردستاني) وهو أنه ينبغي إبعاد سنجار عن بغداد. وكانت رسالة (حزب العمال الكردستاني) إلى السكان اليزيديين المحليين (أنتم ليسوا جزءاً من العراق).

اتفاق سنجار او التطبيع
أتفاق سنجار وقع بين بغداد وأربيل في 7 تشرين الاول 2020 وكان يقضي خروج قوات ميليشيات الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني والعناصر الإيزيدية من المدينة التي سيطروا عليها منذ العام 2015 بعد تحريرها من قبضة تنظيم الدولة (داعش). و ينص على إدارة القضاء من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك ثم إحلال القوات الفيدرالية العراقية (الجيش والشرطة الاتحادية وجهاز المخابرات) ما يؤدي لإعادة تبعية سنجار مباشرة إلى الحكومة الاتحادية ببغداد. على أن تتم إعادة سكان المدينة من العرب والكرد والمكونات الأخرى من دون استثناء وإبعاد المجاميع المسلحة، على أن يتم تعيين 2500 من الشرطة المحلية بالتشاور بين أربيل وبغداد للإشراف على الأمن الداخلي للقضاء، وتعيين إدارة جديدة للقضاء جاء ذلك بعد ان قام عناصر حزب العمال الكردستاني (PKK) بمنع قوات الجيش العراقي من دخول مدينة سنجار وفرض السيطرة الأمنية فيها وذلك بدعم عسكري وسياسي من الحشد الشعبي الشيعي، وتضمن اتفاق إعادة الاستقرار في سنجار نقاطاً إدارية وأمنية وخدمية عديدة، على أن يتم الاتفاق بشأن الجانب الإداري مع حكومة كردستان ومحافظة نينوى، مع الأخذ بعين الاعتبار مطالب أهالي البلدة، وإدخال كل ما هو أمني ضمن نطاق وصلاحيات الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة الإقليم، أما الجانب الخدمي فسيكون من مسؤولية لجنة مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ومحافظة نينوى. ولم ينفذ من الاتفاق أي بند بل ربما يكون هناك صعوبة كبيرة في تنفيذه لرد فعل الحشد الشعبي ونجاح عناصر حزب العمال الكردستاني (pkk) في سنجار من منع قوات الجيش العراقي من الدخول الى القضاء في 11 آذار 2021، وشن هجمات على قوات البشمركة الكردية في محافظة دهوك في تشرين الثاني 2020 وتدمير أنابيب نفط، ومن ثم الرافض غير الرسمي من الحشد الشعبي لكون سنجار تؤمن لها الخط البري الرابط بين إيران وسوريا ولبنان مرورا بالعراق، وصعوبة انتخاب قائمقام جديد للقضاء الذي يدار فعليا من قبل إدارة متطوعة من (الحشد الشعبي) منذ العام 2017، بعد انسحاب إدارة سنجار المنتخبة إلى دهوك، ورفض اهالي القضاء (خدر رشو درويش)، لأنه مقرب من حكومة آربيل، ومن ثمه الانقسام الإيزيدي وقد انتقد أمير الإيزيديين في العراق والعالم نايف بن داود (ينقسم الإيزيديون على أميرين: نايف بن داود وحازم تحسين بيك)، حكومتي بغداد وأربيل لأنهما لم يأخذوا رأى المكون الايزيدي في الاتفاق، وأكد أن إعادة قوات البيشمركة الكردية إلى سنجار مرفوض، كما أعلنت بعض الجماعات الأيزيدية في سنجار رفضها الاتفاق، باعتباره محوا لدورها في حماية المنطقة من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وهذا يعقد الموقف لأن أغلبية السكان الايزيديين يتهمون الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة أربيل بأنهم تخلوا عنهم ولم يدافعوا ) عنهم وتخاذل البشمركة الكردستانية خلال إبادة تنظيم الدولة (داعش ورحبوا بتواجد عناصر حزب العمال الكردستاني في المدينة لأنه دافع عنهم وساهم في تحرير القضاء كما أن أهالي سنجار لا يقبلون بعودة تبعيتهم السياسة لبغداد ويطالبون بإنشاء إدارة محلية مستقلة غير خاضعة لأي جهة مع الحفاظ على الجماعات المسلحة الايزيدية الخاصة بهم لحفظ الأمن بالمدينة. ومن ثم الرفض من المكون العربي (يمثل في المدينة 40-45% وهناك خلاف حول نسب تمثيله في سنجار)، عن نظيره الإيزيدي وعدم إشراكه في إتفاق سنجار، وعدم عرضه على البرلمان للتصديق عليه. ووصفه البعض الاتفاق بالتطبيع مع حكومة أربيل، والتنازل عن سنجار لصالح الأكراد، فضلا عن ذلك ان مقاتلو الحشد الشعبي المتحالفون مع حزب العمال الكردستاني والايزيديون الذين تنص الاتفاقية على وجوب طردهم من سنجار، هم من السكان المحليين في المنطقة، الداعم الوحيد للاتفاق يأتي من تحالف القبائل العربية السنية المتمركزة في الأراضي المتنازع عليها بين بغداد وأربيل.

خريطة الفاعلين السياسيين والميليشيات في سنجار
تتسم الخريطة السياسية لقضاء سنجار بقدر كبير من التشرذم، وتعددية مراكز القوى، وفهم هذه الخريطة المعقدة ضروري لفهم كيف تدار اللعبة السياسية في العراق، وطبيعة التوازنات القائمة، لطالما جعل موقع سنجار الاستراتيجي منها موقعًا للمنافسة بين القوى الاقليمية والمحلية، وكيف بجري التلاعب بالجماعات المسلحة المتنافسة، فمنذ العام 2014 كما يقول مايكل نايتس، يشهد قضاء سنجار صراعا متعدد الأوجه من أجل السلطة بين مختلف الفصائل التي حاربت تنظيم (الدولة الإسلامية). وتشمل هذه الجماعات، أكراد العراق، والحكومة العراقية، وعناصر (قوات الحشد الشعبي) المدعومة من إيران، و(حزب العمال الكردستاني) التركي، و(وحدات حماية الشعب) الكردية السورية، والعديد من الفصائل اليزيدية المتحالفة مع مختلف الجهات الفاعلة. وهناك عدد من الميليشيات العسكرية المسيطرة على الوضع الأمني بسنجار مناصفة مع عناصر حزب العمال الكردستاني الكردي.
- فصائل حماية سنجار: اليبشة اهم الفصائل المرتبطة بحزب العمال الكردستاني (PKK)، وحدات مقاومة سنجار (بالكردية: Yekîneyên Berxwedana Şengalê‏) اختصارًا (YBS) او الحشد الايزيدي ويضم أكثر من ألفي مقاتل يتقاضى نصفهم رواتب من الحكومة الاتحادية العراقية، هي تابعة لـ(لواء الفتح المبين)، وبدوره جزء من قوات (الحشد الشعبي) وعناصرها عراقيين من أهل سنجار، ولذا يؤكدون حقهم في التواجد بالمدينة وحمايتها ويرفضون إخلاء مواقعهم العسكرية، ، وبعد توقيع (اتفاق سنجار) تم تغيير اسمها إلى (لواء 80 ) ، ويبلغ عددها (3500 مقاتل)، وتتسلم هذه القوات رواتبها من هيئة (الحشد الشعبي) وتابعة لها رسميا. وقد تم نقل (فصائل حماية سنجار) التابعة للحشد الشعبي المرتبطة بحزب (العمال الكردستاني) من موقع إلى آخر، في حين ينص الاتفاق على إخراجهم من كامل جغرافية قضاء سنجار. تتمركز هذه القوة في مجمع خانصور وبعض قرى الجنوب والشمال، ومن أبرز قياداتها زرادشت شنكال.
- فضلاً عن مجموعة أخرى من الفصائل المسلحة الإيزيدية المنضوية تحت ما يُعرف بـتحالف سنجار، مثل وحدات نساء إيزيدخان، ووحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة، ويضم هذا التحالف أيضاً اليبشة، وتقوده قوات حزب العمال الكردستاني التركي.
- هناك فصيل حماية المرأة في سنجار وحدات نساء ايزيدخان (بالكردية: Yekinêyen Jinên Êzidxan أو YIS) يضم نساء فقط. الفصيل العربي الوحيد في سنجار يسمى (النوادر) ويضم (250) مقاتلا من ابناء عشيرة شمر يتقاضون رواتبهم من الحكومة الاتحادية ويقاتلون الى جانب وحدات المقاومة. وعلى الرغم ان (فصيل النوادر) يحظون بدعم زعيم جيش الصناديد السوري حميدي ادهام الشمري المتحالف مع (PKK) في سوريا، الا ان تأثيرهم محدودا جدا على الارض، بينما الفاعلية الحقيقية للفصائل الايزيدية التي تمسك بزمام الأمور في أجزاء واسعة من سنجار خاصة جنوب وغرب الجبل، مستفيدين من خبرة مقاتلي حزب العمال الكردستاني وفي الإشراف على تدريب المقاتلين الايزيديين.
- الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني يشكل المعسكر المضاد، ولديه من مقاتلي البيشمركة وعناصر جهازي الأمن (الاسايش) والاستخبارات الى جانب الكوادر الحزبية نحو عشرة آلاف، يسيطرون على الجزء الشمالي والشرقي من الجبل ويستحوذون على اهم المناصب الإدارية فيه.
- ثمة طرف اخر مهم تمثله (قوات حماية ايزيدخان) قوات حماية إيزيدخان وهو أكبر فصيل إيزيدي مسلح تأسس العام 2014، وهو موجود في وسط وشمال سنجار بقيادة حيدر ششو.الجناح المسلح لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس التقليدي لحزب بارزاني.
- الجبهة القومية للإيزيديين؛ يتموضع هذا الفصيل في منطقة جنوب سنجار، وهو قوة إيزيدية موحدة بقيادة نايف جاسو.
- فوج لالش الإيزيدي أو (لواء الحسين) بقيادة الخال علي وهو فصيل تابع لكتائب الإمام علي في هيئة الحشد الشعبي، وهم موجودون في مركز سنجار، وبعض قرى جنوب المدينة.
- حزب (العمال الكردستاني) مصنف كمنظمة إرهابية في كل من تركيا والولايات المتحدة وبعض دول الإتحاد الأوروبي. ويخوض منذ العام 1982 معارك منفصلة في جنوب تركيا متواجد في سنجار منذ العام 2013، عبر قوات (واي بي جي) (قوات وحدات حماية الشعب الكردية) السورية التابعة آيديولوجيا له ، وتعد رسميا من الفصائل التابعة لـ(الحشد الشعبي). ويقدر عدد عناصر الحزب بعشرات الآلاف داخل سنجار والعراق. ويتلق الحزب دعما مباشرا من قوات (سوريا الديمقراطية – قسد) . وكذلك يتلق دعما لوجيستيا من إيران لكونه ورقة ضغط إقليمي على تركيا التي تصنف الحزب بكونه عدوها الأول. وقد استغل الحزب الإضطرابات الإقليمية في سوريا والعراق وأعاد تنظيم صفوفه وترتيب أوراقه وأصبحت جبال قنديل وسنجار مقرات دائمة له. وقد استفاد حزب العمال الكردستاني من الموقع الاستراتيجي لسنجار القريبة من الحدود السورية، في الربط اللوجستي والعسكري مع المجموعات الكردية التابعة على الجهة المقابلة في الشمال السوري. وقد أسس حزب العمال الكردستاني التركي في سنجار منظومة كاملة تضم العديد من المؤسسات والكيانات السياسية والإجتماعية والثقافية، بدءا من إعلان المجلس التأسيسي لشنكال، مرورا بتأسيس حركة حرية المرأة في إيزيدخان (TAJÊ)، وإنشاء أكاديمية الشهيد عفرين و"اكاديمية الشهيدة بنَفش لتأهيل الشابات والشباب الإيزيديين سياسيا وتنظيميا، وفتح مدارس باللغة الكردية اللاتينية وفق منهاج خاص يتوافق مع الفكر الأوجلاني، وتسجيل حزب الحرية والديمقراطية الإيزيدي (PADÊ)، وربما ليس انتهاءً بتنظيم 3 دورات تدريبية لـ قوات الاسايش الإيزيدية، لتولي حماية النقاط والحواجز. ولذا فإنه من مصلحة تركيا تنفيذ اتفاق سنجار بكافة بنوده لأنه سيعمل على إخراج عناصر الحزب من المدينة وسيطرة القوات الحكومية عليها.
وهناك عدة قوى سياسية وعسكرية تسيطر على مدينة سنجار حاليا ، وهي تنقسم سياسيا وإداريا إلي إدارة قضاء سنجار التي يديرها (محما خليل) قائممقام سنجار عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ويمارس مهامه من خارج المدينة، وتحديدا من مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق. وهيئة إدارة سنجار، ويديرها فهد حامد عمر، وهي جزء من الإدارة الذاتية الديمقراطية التي شكلها حزب العمال الكردستاني التركي، وتمارس عملها في مركز المدينة، وتحظى هذه الإدارة بدعم الفصائل الإيزيدية الموجودة في المدينة، إلى جانب هيئة الحشد الشعبي.


سنجار العشائر والايديولوجيا والسياسية
المجتمع الإيزيديين منقسم عشائريا وايديولوجيا وسياسيا ، فهناك 4 فصائل رئيسية تلك المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني، وتلك المتحالفة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، والقوميين اليزيديين وتلك المتحالفة مع قوات الحشد الشعبي والعراق الفيدرالي. تلك الإنقسامات تعتبر عميقة لدرجة وجود منافسة شرسة بين أمراء الإيزيديين، الامير تحسين سعيد علي ومقره في شيخان يدعمه الحزب الديمقراطي الكردستاني، والامير نايف داود بك ، ومقره في سنجار يحظى بدعم الفصائل الثلاثة الأخرى المتحالفين بشكل وثيق. ولا يمكن إغفال التداخلات الإيديولوجية بين القوميين اليزيديين والمتحالفين مع قوات الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني. فالفصائل الثلاثة تعارض إدارة سنجار من قبل حكومة إقليم كردستان، ويحاولون تحقيق حلمهم بإقامة إدارة ذاتية للأيزيديين داخل العراق ويعتقدون أن هويتهم تتطلب إدارة محلية وعسكرية. حيث ان المعسكر المؤيد لحزب العمال الكردستاني لديه وجهة نظر أكثر غموضا عن الأكراد الإيزيديين لأنهم يرون أنفسهم جزءاً من (الأمة الكردية) في مع الإعتراف بهويتهم المميزة. فالمقيمون في سنجار، والذين يقدر عدّدهم بنحو 100 ألف، وكذلك الذين هاجروا إلى الخارج، ويقدر عددهم بما يتراوح بين 100 و 110 آلاف، هم في الغالب من أنصار المجموعات الثلاث الحليفة في حين أن أولئك الذين لا يزالون يعيشون في مخيمات النازحين داخليا في محافظة دهوك، والذين يقدر عددهم بأكثر من 200 ألف شخص، يدعمون في الغالب الحزب الديمقراطي الكردستاني كما أن هناك عدد أقل من الاتحاد الوطني الكردستاني يدعم الأيزيديين،
تنقسم الجماعات المسلحة الإيزيدية بين الإنتماءات الإيديولوجية السابقة، فهناك أربعة أفواج من الحشد الشعبي، كلّ منها يتألف من 150 مقاتلاً (فوج لالش بقيادة خال علي - فوج شهداء كوجو بقيادة طالب جاسو نجل زعيم قبيلة ماديكان نايف جاسو- الفوج الرابع بقيادة ديجوار فقير - الفوج 79 بقيادة الشيخ مروان). إضافةً إلى ما سبق، تضم قوات YBŞ حوالي 1600 مقاتل بما في ذلك القوات الخاصة وحوالي 400 مقاتلة تشكل فوج ما يعرف بـYJS وهناك ما بين 700 و 1000 عضو من (أسايشا إيزيدكسان)، وظيفتهم الأساسية هي حراسة نقاط التفتيش بين المدن، ويعرف كل من YBŞ و YJS و Asayisha Ezidxan معا باسم تجمع سنجار الديمقراطي المستقل (MXŞD)، وتتمركز وحدات YBS خارج سنجار بينما تتمركز أسايشا إيزيدكسان داخل سنجار وقد ارتبطت في قوات الحشد الشعبي العشائري. ويتراوح عدد الإيزيديين المدعومين من الحزب الديمقراطي الكردستاني بين 2300 و 2500 مقاتل، 2000 منهم يعتبرون جزءً من قيادة سنجار بقيادة قاسم شيشو الذي ترتبط قواته مباشرة بمقر بارزاني وتحت قيادته حوالي 200 من البيشمركة تتمركز في قبر شرف الدين. ، إضافة إلى 500 مقاتل يعرفون باسم قوة حماية أوزدكسان بقيادة حيدر شيشو، إضافة إلى الجماعات الإيزيدية، يتمركز نحو 2000 جندي عراقي في سنجار (اللواء 15 و 20 من الجيش الاتحادي)، و 400 من الشرطة الاتحادية، وأكثر من 10000 من قوات الحشد الشعبي من قوات بدر والنجباء وعصائب أهل الحق وكتائب سيد الشهداء وكتائب حزب الله.
ويرى بعض المحللين أن الرؤية الإدارية لحزب العمال الكردستاني تمكنت من جذب العديد من الإيزيديين، لأنها تشبه الإدارة الذاتية التي يتصورونها، وتنحصر بشكل من أشكال الحكم الذاتي أو الكانتون، تحميها مليشياتهم المسلحة مع سلطة إدارية كافية لإدارة شؤونهم الخاصة. ولا يختلف نظام الكوميونات التابع لحزب العمال الكردستاني كثيرا عن الهيكل الإجتماعي في سنجار. فإيديولوجية حزب العمال الكردستاني اليسارية والمؤيدة للأقليات تروق لكثير من الشباب الإيزيديين، على عكس الشخصية القومية الكردية المحافظة للحزب الديمقراطي الكردستاني. تعود التحالفات بين القوميين الإيزيديين وأنصار حزب العمال الكردستاني وقوات الحشد الشعبي جزئياً إلى العداء المشترك بينهم تجاه الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما أن فصائل الحشد الشعبي و YBS على وجه الخصوص ليست متقاربة فحسب، بل متشابكة في كثير من الحالات، سنجار مجتمع قبلي إلى حد كبير وقد لعبت القبائل دورا رئيسيا في الشؤون الإيزيدية وتنقسم القبائل في ميولها السياسية نظرا لأن كل قبيلة لديها العديد من المشايخ، فأكبر قبيلة في سنجار هي قبيلة الهبابات التي تدعم في الغالب المجموعات الموالية لحزب العمال الكردستاني ويشكل أعضاؤها نسبة كبيرة من مقاتلي YBŞ و Asayisha Ezidxan.
كما أن رئيس بلدية سنجار بالإنابة، فهيد حميد، يعتبر جزءا من الإدارة الذاتية المتحالفة مع حزب العمال الكردستاني والمتحالف بشكل وثيق مع الحشد الشعبي وينتمي إلى قبيلة الهبابات. وهذه القبيلة تقطن في الغالب داخل مدينة سنجار والمناطق المحيطة بها. ومن القبائل الكبيرة الأخرى في سنجار، ( قيران والفقرا وخالطة وسيموكيان)، وتدعم قبيلة قيران التي تقع في الغالب في مجمعات الجزيرة جنوب غرب سنجار بشكل كبير YBS ، وكان شيخ القيراني البارز، خضر حاج ميرزا ، ضمن وفد زار بغداد للوقوف ضد اتفاق بغداد وأربيل وحث المسؤولين العراقيين على إضفاء الطابع الرسمي على دمج YBS في قوات الأمن العراقية. كما أن قبيلة خالطة متحالفة بشكل أساسي مع YBS و PMF والقوميين اليزيديين، في حين أن قبيلة الفقرا التي لعبت دورا رئيسيا في الدفاع عن سنجار ضد التوغلات التركية في القرن التاسع عشر، منقسمة بشكل صارخ، فأحد أكثر الشيوخ نفوذا، خالد دخيل سيدو، متحالف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن شيوخ الفقرا الآخرين مثل نايف شامو خديدة (حفيد الزعيم الإيزيدي الشهير حمو شارو في القرن التاسع عشر)، وشامو خديدة عبده الذي يقود فرعا آخر، يدعمون YBS ، PMF. آخر القبائل الخمس الرئيسية، سيموكيان المتحالفة بغالبيتها مع الحزب الديمقراطي الكردستاني على الرغم من أن جزءا صغيرا منهم يقف مع الاتحاد الوطني الكردستاني.
وتتعمق الإنقسامات أيضاً بين القبائل اليزيدية البارزة الأخرى، فعلى سبيل المثال تؤيد قبيلة رشكان، ومعظمهم من )تل بنات( جنوب شرق سنجار قوات YBS وزار رئيس بلدية رشكان عمر عجاج بركات بغداد للتعبير عن معارضته لاتفاق بغداد - أربيل، في حين أن قبيلة شيركان قريبة من الاتحاد الوطني الكردستاني وشيخهم عمر كابو عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني، وتدعم قبيلتا مهيركان وحسكان الحزب الديمقراطي الكردستاني على نطاق واسع، أما قبيلة الزندان، التي يتولى شيخها خديدة حسين بشار منصب عمدة بلدة الوردية في جنوب غرب جبل سنجار، فتمتد بولائها لقوات YBS وقوات الحشد الشعبي.
تسليح الأقليات القومية والاثنية
كانت حرب تنظيم الدولة ( داعش 2014 – 2017) أحد الاسباب الكبرى في تسليح الأقليات القومية والاثنية وذلك بسبب فشل الحكومة العراقية الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان في حماية مناطقهم، قبل أن يتم دمج تلك الميليشيات المسلحة مع قوات الحشد الشعبي وتسليمهم مهاما أمنية في مناطقهم التي تمت استعادتها. تشكلت مجاميع مسلحة من المسيحيين، الايزيديين، الشبك والكاكائيين ودمِج بعضها فيما بعد مع الحشد الشعبي مثل، لواء الشبك، كتائب بابليون، وحدات حماية سهل نينوى، وحدات مقاومة سنجار (اليبشة)، قوات حماية إيزيدخان والحشد التركماني. يقدر عدد مسلحي الحشد الشعبي بـ164 ألف عنصر، 110 آلاف منهم من الشيعة، 45 ألف سني و 10 آلاف شخص من الأقليات. بشكل عام، يمكن تقسيم جماعات الحشد الشعبي إلى ثلاث فئات: تتكون الفئة الأولى من الفصائل المتحالفة مع إيران، والـتي تـتـبـع عـقـيـدة ولايـة الـفـقـيـه وتمتثل للمـرشد الأعلى للثورة الاسلامية علي خامنئي. وتتألف الفئة الثانية من عدد من الفصائل ذات القيادة العراقية، والتي تشمل جماعات العتبات الموالية لآية الله علي السيستاني، أما الفئة الثالثة فتتألف الفئة من وحدات محلية منبثقة من مجتمعات مختلفة في شمال العراق وهي ترتبط بالفصائل المتحالفة مع إيران. يوضح مايكل نايتس أن اليزيديين في سنجار ومنذ العام 2003 سقوط النظام البعثي لم يكونوا مساندين لسيطرة (الحزب الديمقراطي الكردستاني) على سياستهم المحلية، ولكنهم كانوا بحاجة ماسة إلى الحماية الكردية كونهم واقعين بين المحاور الإرهابية في تلعفر والبعاج والحدود السورية. ومنذ الفشل الذي منيت به البشمركة التابعة لـ (الحزب الديمقراطي الكردستاني) العام 2014، سعت الميليشيات اليزيدية المهجنة ، إلى تحقيق استقلالية أكبر في حكمها المحلي، كما أنشأت مجلس إدارة ذاتي خاص بها بمساعدة (حزب العمال الكردستاني) وهذا يثير القلق لدى كل من الأتراك و(الحزب الديمقراطي الكردستاني). تنامي القوة العسكرية لـ (حزب العمال الكردستاني) داخل (إقليم كردستان العراق).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في